الاثنين، مايو 14، 2012

النظام متوقف


كم من المرات أعزائي القرّاء ذهبتم لانهاء بعض المعاملات في جهات خدمية سواء كانت حكومية أو خاصة وتفاجأتم بأن نظام الحاسوب متوقف وبالتالي وجب عليكم الانتظار لفترات قد تتراوح بين بضع دقائق في أحسن الأحوال وأحيانًا كثيرة تجاوزت هذه المدة لساعات وربما كان عليكم الرجوع بعد يوم أو أكثر؟ للأسف فقد بدأت هذه الظاهرة تنتشر دون أن يحرك لها أحد ساكنا. طبعًا عادة ما يلقى اللوم على الحواسيب القديمة أو الأنظمة المركزية للدائرة أو خطوط الإنترنت التابعة للشركة الفلانية وربما بدأ الموظفون بالتذمر من الإدارات العليا وعدم تقبلهم للاقتراحات وكأن الموضوع خارج عن سيطرتهم .لا ندري هل الموضوع بيد شركات الإتصالات، أم بيد الجهة المطورة للنظام؟ أم خاص بالشركة ذات النظام؟ وأهم من كل ذلك، لماذا علينا نحن المراجعين أو المستهلكين تكبد أخطاء هذه الجهات خصوصًا مع عدم توافر البديل؟

دعوني استعرض لكم (على سبيل المثال لا التخصيص) موقفًا حصل لي مع شركة عمان للاستثمارات والتمويل الاسبوع الماضي. فهي الشركة المرخصة (حصريًا) لطباعة فواتير الماء والكهرباء، بالإضافة إلى توفيرها خيارات تسديد الفواتير بأنواعها. فبالرغم من توافر العديد من المنافذ الإلكترونية لهذه الشركة كموقع الشركة على الإنترنت وأكشاكها الإلكترونية لدفع أنواع الفواتير كالماء والكهرباء وغيرها، إلا ان ذلك لا يغني أحدنا من زيارة منافذ خدمات المشتركين بين الحين والآخر لتسوية بعض الإشكالات. فعداد البيت يظهر أرقامًا مختلفة عن الأرقام الفلكية التي تظهرها الفاتورة، لذلك وجب علينا التحقق من الأمر بزيارة أحد المنافذ والوقوف على الاسباب. لم أكن محظوظًا في زيارتي فقد تزامنت مع توقف النظام هناك. الامر الذي لم يسمح لموظفي قسم خدمة الزبائن باستعراض سابقات الدفع وغيرها من المعلومات. وبعد نقاش بسيط مع أحد الموظفين تبين أن الموضوع أكبر من كونه خللا فنيا. فهناك مشكلة مع الموظفين العدادين (الذين عليهم التأكد شهريًا من قراءات عدادات المنازل)، فهم عازفون عن العمل لاسباب عدة، مما حدا بالمختصين بالشركة بتوقع مبالغ الدفع مراعين المعدل الشهري لاستخدام المستهلكين بدلا من حسابها بالشكل الصحيح. السؤال هنا، لماذا ما زال علينا توظيف البشر في قراءة العدادات في ظل التطور الكبير للتقنية وحلولها ولعل أهمها هنا هو العداد الذكي القادر على إرسال القراءات بشكل لاسلكي يوميًا؟ هل بتنا لا نثق في التقنية بعد التوقف المستمر للأنظمة الإلكترونية بين الحين والآخر؟ أم أننا ننشد المصداقية وصحة المعلومات؟ فقد تبين أن هناك حالات قراءات خاطئة من قبل قارئي العدادات كما كان الحال معي، مما اضطرني لانتظار شهر آخر لحضور قارئ آخر آملا أن لا يخطئ هو الآخر. فعدم الدفع لعدة أشهر وبمبلغ كبير كالذي أظهرته تلك الفاتورة قد يتسبب في تعليق الخدمة دون ذنب.


الامثلة كثيرة إخواني القرّاء ومن المؤكد أنكم صادفتم مثل هذه المواقف في جهات أخرى. فهناك من يشتكي من أنظمة الوزارات الخدمية خصوصًا تلك التي تعمل من خلال بنايات غير مؤهلة مسبقًا للعمل الحكومي. الغريب أن ينتشر مثل هذا الأداء بين بعض الجهات الخاصة مع حرصها على كسب الزبائن. لذلك وجب اليوم التأكيد على بعض القضايا المهمة في هذا الجانب التي تعتبر من أساسيات العمل التجاري المهني. أولا: أرى أن مبدأ خدمة الزبائن يزداد كفاءة مع ازدياد التنافس التجاري. فكم من المرات نجد أنفسنا نسعى للشركات ونتكبد الكثير دون أن نرى من هذه الشركات ما يقابل هذا الجهد. فالمنافسة تجعل من الشركات أحرص على استقطاب الزبائن وخدمتهم، لذلك نرى هذا الجانب أضعف نسبيًَا في الجهات الحكومية مع وجود بعض الاستثناءات طبعا. فثقافة خدمة الزبائن لا يمكن لها ان تتطور معنا إلا اذا فعّلنا مبدأ المنافسة وألغينا الاحتكار .لذلك نطالب بتوفير البديل (المنافس) لشركة عمان للاستثمارات والتمويل وغيرها من الجهات التي قد تحتكر نوعا معينا من الخدمات أو المنتجات. ثانيا: ونخص هنا جميع الجهات التي تنوي فتح فروع جديدة أو منافذ خدمة للمستهلكين، بضرورة التأكد فنيًا من جاهزية هذا المبنى ليس فقط في احتضان أنواع المفروشات وعدد الموظفين والزبائن ولكن أيضا لمدى جاهزية هذا المبنى تقنيًا لعمل مختلف الأنظمة الإلكترونية الخاصة بالمؤسسة. فقد يكون المبنى بعيدًا عن خدمات الإنترنت فائق السرعة أو قد لا يحظى بتغطية كافية من شبكات المحمول اللاسلكية وغيرها من المتطلبات. وأخيرًا إخواني القرّاء، أنصح جميع الجهات العاملة بالسلطنة بضرورة تطوير مختلف خطط الطوارئ ليس فقط للتعافي من الكوارث وضمان استمرارية العمل بل حتى أيضا للنظر في كيفية التعامل مع مختلف أنواع المشاكل التي قد تتسبب في خسارة الزبائن أو عدم تقديم أفضل الخدمات لهم. فمن السذاجة اليوم أن لا تعي بعض المؤسسات ضرورة وضع التدابير الأمنية أو الفنية المناسبة والتي يجب أن تندرج تحت خطة واضحة لإدارة المخاطر المختلفة. كما ان على المؤسسات أن تدرس احتمالية وقوع المخاطر بشكل دوري والنظر في جدوى الاستمرار في تطبيق التدابير الأمنية أو الفنية الحالية أو استحداث تدابير أخرى. فليس من المنطقي أيضاً تطبيق تدابير أمنية أكثر كلفة من قيمة الأنظمة والبيانات المزمع حمايتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق