الثلاثاء، أبريل 12، 2011

مستقبل التجارة في السحاب


مع اشتداد حدة التنافس اليوم بين مختلف الشركات التجارية في ظل عصرالعولمة الذي نعيشه، أصبح هاجس معظم هذه الشركات هو كيفية التفوق على المنافسين بشتى الطرق المشروعة وأحيانا غير المشروعة. طبعا نقصد بالغير مشروعة هنا الطرق غير الأخلاقية والتي لا تعني بالضرورة أن تكون غير قانونية في بعض الأحيان للأسف. انظر مثلا كيف تتسابق الشركات العالمية اليوم في مقاضاة بعضها البعض في كل الأمور العلمية والعملية والذي من شأنه إحباط أو تأخير نمو هذه الشركات. فعلى سبيل المثال، استطاعت مؤخرا شركة جوجل الأمريكية شراء شركة (ITA) المتخصصة في برمجيات السفر العالمية بقيمة 700 مليون دولار بعد معاناة واحتجاجات طويلة في القضاء الأمريكي من العديد من الشركات التي تعمل في نفس المجال استمرت لأكثر من عشرة شهور. طبعا شراؤها لهذه الشركة يجعلها تقريبا تهيمن على سوق السفر الالكتروني في الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي تخشاه تلك الشركات الأصغر في نفس المجال. فالقانون في مثل هذه الحالات يحاول حماية الشركات الصغيرة والمتوسطة من طغيان الشركات الأكبر، بحيث بات الأفضل للشركات تصنيفها بالمتوسطة لتتلقى الحماية والعطف من الحكومة والجهات القانونية بدلا من تصنيفها بالكبيرة وتلقي سيل من الانتقادات والمحاكمات وربما الهجمات والسرقات. الشاهد هنا أن التنافس أصبح يشمل جميع جوانب الأعمال معتمدا في أغلب الأحيان على التقنية الحديثة والتسابق في تبني كل ما هو جديد أو ما من شأنه إكساب الشركات مزايا تنافسية سوقية.

عند النظر اليوم في التقنيات الحديثة وخصوصا تلك التي أحدثت تغييرات كبيرة وتأثيرات واسعة عالمية نجد معظمها ينصب في التقنيات المحمولة اللاسلكية. تطرقنا لجانب من هذه التقنية في مقالة سابقة بعنوان «اقتصاد برمجيات الهواتف الذكية» الذي أشرنا فيه إلى أهمية هذه التقنيات في نجاح معظم المؤسسات اليوم بحيث بات التجوال وثقافة المحمول تسيطر على أجواء العمل شئنا أم أبينا. من التقنيات الأخرى التي تعتبر من أفضل ما برز في عام 2010 وأصبح من (موضات) العمل التجاري اليوم إن صح التعبير هو تقنية حوسبة السحاب واستخداماتها المختلفة. فمن أكثر ما يؤرق عمل الشركات اليوم هو عملية شراء وإدارة البرمجيات والأجهزة المختلفة داخل المؤسسات بما تتضمنه هذه العملية من الحاجة إلى إجراء الصيانات الدورية والعمل على إحكام أمن المعلومات بشكل متواصل خصوصا كما أسلفنا مع ازدياد التنافس وحدة الهجمات المنظمة على الشركات الكبيرة. فمعظم مخترقي شبكات المعلومات يعمدون إلى تجربة مهاراتهم على الشركات الكبيرة للحصول على أكبر قدر من الشهرة. تأتي هنا حوسبة السحاب لتحمل هذا الكاهل عن الشركات بما يتيح لهم التركيز على الجانب التسويقي والابداعي في تطوير وعرض المنتجات المختلفة. فحوسبة السحاب هي أشبه بشركات تأجير المعدات ومستلزمات الأعمال والتي عادة ما تحتاجها الشركات في أوقات معينة ولفترات معينة بدلا من شراء ما لا نحتاج اليه دائما.

من أكثر ما يميز هذه التقنية هو القدرة والمرونة في موضوع التوسع في نطاق الحوسبة (Scalability)، وهو من الأمور المضنية حاليا لمعظم المؤسسات. فمع ازدياد حجم التعاملات التجارية داخل المؤسسات قد تحتاج الشركات لتطوير أجهزتها وقدراتها الحوسبية لتتماشى من زيادة الطلب بما يشمله هذا من استثمارات مادية غالبا ما تكون مكلفة على الشركة. ولكن ماذا لو نقص حجم العمل بعد ذلك أو تغيرت أهدافه؟ هل يعني ذلك خسارة الاستثمارات السابقة والتي ربما تضمنت تدريبات مختلفة للموظفين وتعيينات جديدة؟ مع حوسبة السحاب الموضوع يختلف بحيث بإمكان الشركات الترقية لنطاق حوسبة أكبر وقت ما تشاء والرجوع إلى نطاق أقل أو لا نطاق بالمرة وقت ما تشاء كذلك. أضف الى ذلك موضوع الدفع لهذه الخدمات تكون لقاء الاستخدامات والتي عادة ما تقاس بالفترة الزمنية والمزايا المستخدمة وحجم النطاق.

لتوضيح استخدامات هذه التقنية دعونا نستطلع استخداماتها في قطاع التعليم مثلا. أعلنت شركة مايكروسوفت في نهاية شهر فبراير الماضي حصولها على عقود من الحكومة الأمريكية لتوفير حلول تقنية السحاب في قطاع التعليم لـ 16 جهة تعليمية في الولايات المتحدة. تتضمن هذه الحلول توفير بريد الكتروني من خلال منتج (Microsoft Live@edu) لكل طالب ومدرس وموظف وكذلك لخريجي هذه المؤسسات بهدف تعزيز التواصل والمشاركة فيما بينهم. أضف إلى ذلك خدمة الحماية الالكترونية من ضياع رسائل البريد الالكتروني والحماية ضد الرسائل المزعجة وتوفير باقة برمجيات المكتب المتوفرة على الانترنت بحيث لا تحتاج هذه الجهات التعليمية لأكثر من أجهزة حاسوب واشتراكات في الانترنت. أما باقي عمليات أمن المعلومات وتطوير البرمجيات وصيانتها فسيكون من اختصاص شركة مايكروسوفت. من هنا نجد أن تقنية حوسبة السحاب ستساعد معظم الشركات التجارية في المستقبل خصوصا الصغيرة والمتوسطة لتجنب الاستثمارات الكبيرة في قطاع تقنية المعلومات والتركيز على أمور أخرى قد تكون أكثر أهمية. يبقى فقط موضوع الخصوصية الالكترونية والذي ان حُل ستتهافت جميع الشركات لتبني هذه التقنية.




هناك تعليق واحد:

  1. انا لحد الحين ما متخيلة هذه التقنية ولا اعرف يكيف سيكون مستقبل اي شركة اذا طبقت هذه التقنية.
    وما خفي كان أعظم

    ردحذف