كثيرا ما نسمع عن جرائم
أمن المعلومات الإلكترونية والتي تتضمن سرقة بيانات خاصة لزبائن من كبرى الشركات
العالمية وغيرها من الإنتهاكات الأمنية التي عادة وغالبا ما تشمل بيانات إلكترونية
فقط. كان من آخر وأكثر هذه الجرائم أو الإنتهاكات الأمنية جدلا في العالم هي ما
حصل لشبكة بلاي ستيشن (ٍPlay
Station) في
شركة سوني في ابريل الماضي والذي تسببت في تعطل الخدمة لمدة 23 يوما وتعريض حساب
اكثر من 100 مليون مشترك للخطر، بالاظافة الى إختراق 12.3 مليون بطاقة ائتمان. لا
يخفى على الجميع اهمية مثل هذه المعلومات وخصوصيتها لدى أصحابها ولكن قد يتسائل
البعض عن كيف يمكن لهؤلاء المجرمين وقراصنة المعلومات الإستفادة مادياً من مثل هذه
المعلومات. قد يقول قائل انهم يستطيعون الإستفادة من أرقام بطاقات الإئتمان لشراء
منتجات وحاجيات خاصة بهم الى ان يتم ايقاف هذه البطاقات، ولكن الأمر مغاير تماما
لذلك نظراً لسهولة التعرف عليهم من خلال متابعة اماكن عمليات الشراء والعنوان المستخدم
لإرسال البضاعة ان كانت العملية قد تمت من خلال مواقع إلكترونية (الإنترنت). الواضح
اليوم أن هناك منظومة إجرامية متكاملة خلف مثل هذه العمليات تشارك بشكل مباشر وغير
مباشر في العمل الإجرامي.
نشرت مجلة الميكانيكا
الشائعة (Popular Mechanics) في عددها الصادر في اغسطس
الماضي تقريرا عن الطريقة التي يتبعها محتالوا الانترنت لتحويل البيانات المسروقة
الى اموال والتي تبدأ بإستخدام شتى انواع البرمجيات الخبيثة (malware) والخدع التجسسية كالبرمجيات المضادة للفيروسات الزائفة وغيرها
للإستيلاء على اكبر عدد من حسابات المستخدمين في الإنترنت. بعدها يقوم هؤلاء
المحتالون بتجربة بطاقات الإئتمان في هذه الحسابات من خلال عمليات شراء صغيرة
للتأكد من صحتها ومن ثم الشروع ببيعها في ما يسمى بالنفايات الإلكترونية لبطاقات
الإئتمان (credit cards
dumps).
يقوم المشترون بطباعة بطاقات بلاستيكية جديدة مستخدمين فيها الأرقام المسروقة
والتي تتضمن رقم البطاقة المكون من 16 رقم بالإظافة الى رقم الأمان المكون من
ثلاثة ارقام. بعد يذلك يقوم هؤلاء بتوظيف من يسمونهم ببغال المال (money mules) للقيام بعمليات السحب من اجهزة الـ (ATM)
أو للقيام بعمليات شراء الكترونية وشحن البضائع الى عناوين مهجورة وبعد ذلك إعادة
بيعها للحصول على النقد. طبعاً عادة ما يتم توظيف بغال المال هؤلاء من خلال عروض
وظائف الكترونية تتطلب منهم العمل من البيت. يقوم بغال المال بعد الحصول على النقد
بتحويل المال الى حسابات خارج البلد او تحويلها الى نقد الكتروني من خلال بعض
المواقع كموقع بي بال (PayPal) وإي جولد (e-Gold) ليستطيع رب العمل (المحتال) الحصول على ماله.
من جانب آخر، يوجد هناك
شركات دعاية تهتم بالترويج لمنتجات الشركات الاخرى بشتى الطرق، من اهمها الإنترنت
لقلة تكلفتها المادية بالمقارنة مع بقية القنوات كالتلفاز والدوريات المطبوعة. أظف
إلى ذلك الإنتشار الواسع للإنترنت والذي يغطي مساحات شاسعة أكبر بكثير من تلك
المساحات التي تغطيها بقية القنوات الدعائية. لذلك تسعى مثل هذه الشركات لتجميع
اكبر قدر من المعلومات الإلكترونية الخاصة بالمستخدمين حول العالم كعناوينهم
البريدية والإلكترونية وارقام هواتفهم وغيرها. بعد ذلك تقوم هذه الشركات بتصنيف
وفهرسة هذه المعلومات حسب معايير معينة يمكن من خلالها استهداف شرائح معينة دون
اخرى لتحقيق اكبر قدر من الفاعلية في الحملات الإعلانية. طبعاً من ضمن الوسائل التي
قد تتبعها بعض الشركات المغمورة للحصول على هذه المعلومات هو سرقتها من قواعد
بيانات عامة أو خاصة أو التشجيع على سرقتها بشكل غير مباشر من خلال الموافقة على
شرائها. هناك طرق اخرى ايضا قد لا يدركها اكثرنا وهي عن طريق تقديم حملات ترويجية
من خلال بعض شركات التجزئة يستطيع من خلالها الزبائن الدخول في سحب على جوائز قيمة
كالسيارات والأجهزة المنزلية أو قد تتعدى ذلك إلى سوق العقار كالحصول على شقة أو
منزل فخم في منتجع على البحر وغيرها من الهدايا المشجعة. طبعاً معظمنا سيسعى الى
تعبئة تلك الإستمارة أو القسائم بمعلومات صحيحة مئة بالمئة ليس فقط عن شخص واحد في
العائلة بل ربما عن كل فرد في الأسرة قد نعتقد انه مصدر للتفائل. السؤال هنا ماذا
سيكون مصير هذه القسائم بعد الإنتهاء من الحملة الترويجية؟ صدقوني اخواني واخواتي
القرّاء ليس دائما الى القمامة بل هناك جهات خاصة تهدف لإستخدام هذه القسائم لتكوين
قواعد بيانات بمعلومات الزبائن تعرض للبيع من خلال الإنترنت. أذكر انني استلمت
العديد من العروض للحصول على مثل هذه البيانات لمستخدمين من دولة الإمارات المتحدة
في فئات مختلفة تباينت أسعارها من بضعة مئات إلى آلاف الريالات. هل تعلمون الآن
سبب استقبالكم لتلك المكالمات الدولية المجهولة بين الحين والآخر؟