الاثنين، يوليو 09، 2012

رمضان والعروض التجارية




نبارك لكم مقدما إخواني وأخواتي القراء حلول شهر رمضان الفضيل سائلين المولى عز وجل أن يعيده علينا وعلى قائدنا المفدى والأمة الإسلامية أجمع باليمن والخير. للأسف اقترن حلول شهر رمضان هذه الأيام بحلول العروض التجارية بأنواعها مما جعل العديد من الناس ينشغلون بهذه العروض عن ما هو أهم من ذلك وهو التفرغ للعبادة والتفكر في فوائد الصوم المادية والمعنوية. فهناك العروض الخاصة بأنواع الطعام وهناك العروض الخاصة بمستلزمات البيت لكثرة العزائم التي نحسن الظن ونعتقد أنها لوجه الله وليس للتباهي والإسراف في الأكل. وهناك أيضا عروض السيارات وما أكثرها، ليس ذلك فحسب فحتى المسلسلات الرمضانية باتت تروج لنفسها إعلاميا لتحظى بنسب مشاهدة أكبر. نعم إخواني القرّاء فالمسلسلات أصبحت تدر الأرباح الكبيرة على القنوات والمنتجين والممثلين وجميع العاملين بها. فقد كنت في زيارة لإمارة دبي الأسبوع الماضي وتفاجأت بالإعلانات التي ملأت الشوارع، ليست لمنتجات تقنية أو خدمات تجارية وإنما لمسلسلات وممثلين سيشاهدهم معظم الناس في رمضان من خلال البرامج والمسلسلات التلفزيونية التي ستعرض في مختلف القنوات. الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن أسباب الثقافة الاستهلاكية التي أصبحت سائدة ومقرونة بالشهر الفضيل وما إذا كان علينا أن ندعمها أو نحاربها؟.

للأسف أصبحت اليوم مناسباتنا الاجتماعية والدينية تمارس بأسلوب ونظام اجتماعي غالبا ما يثقل كاهل الناس. فهناك أفعال ابتدعها بعض الناس وأصبحت عادة بمرور الوقت وهناك وجبات لا نراها كثيرا إلا في رمضان. فأصبحت المائدة الرمضانية لا تخلو من شراب (الفيمتو) أو (التانج) اللذين اصبحا ينافسان مشروبنا التقليدي اللبن بشكل كبير. ناهيك طبعا عن الإسراف في المأكولات بحيث اصبح رمضان للكثير من العوائل شهرا للطعام وليس للصيام. فكم من الناس الذين يتناولون وجبة الإفطار، تليها وجبة العشاء وبعد ذلك وجبة السحور في غضون اقل من ست ساعات. قارن ذلك بأيام الفطر والذي نتناول فيها وجباتنا الثلاث خلال 16 ساعة. لذلك ليس بالمستغرب أن يزيد عدد المراجعين في المراكز الصحية وعدد الانتكاسات الصحية في هذا الشهر. اضف إلى ذلك أن عمليات الصرف لا تنتهي ببداية الشهر بل تستمر إلى ما بعد عيد الأضحى. فبعد انتصاف الشهر الفضيل يبدأ الكثير من الناس بالتحضير لمستلزمات العيد بدلا أن يشمروا السواعد للعشر الأواخر. فالمساجد ملأى في العشر الأوائل وشبه خالية في العشر الأواخر للتسوق لملابس العيد وأنواع الطعام والذبيحة ولربما عمدت بعض الأسر لشراء مفروشات جديدة لاستقبال المهنئين، ناهيك طبعا عن الإكسسوارات الأخرى كالهواتف النقالة وأنواع الهدايا. وما أن ينتهي العيد إلا ونبدأ بالتحضير للعيد الأضحى وهلم جرا. كل ذلك جيد وحميد ما لم نبالغ في الاستهلاك أو ننافي المثل القائل «مد رجولك على قد لحافك». فهل يا ترى السبب هنا يكمن خلف المؤسسات التجارية وعروضها المغرية، أم في انفسنا ومجتمعاتنا التي مالت إلى حب الاستهلاك؟.


لا يختلف اثنان اليوم بأن المؤسسات التجارية تساهم بشكل كبير في إيجاد البيئة الاستهلاكية في المجتمعات بما يخدم مصالحها (الضمير المتصل يعود على المؤسسات). فالهدف هنا هو تعزيز نسب الأرباح بطرق قد تكون شرعية ولكنها للأسف ليست بالضرورة أن تكون أخلاقية. لذلك وجب الفصل والتفريق بين القضايا الأخلاقية والقضايا الشرعية أو القانونية، فليس كل ما هو غير أخلاقي غير قانوني. انظر مثلا إلى تذمر الكثيرين من بعض المسلسلات والقنوات التي لا تحترم أخلاقنا الإسلامية طوال العام ناهيك عن عدم مراعاتها لحرمة الشهل الفضيل وما قد يبث فيه من سموم. فهذه القنوات تبث بشكل شرعي وقانوني من دول إسلامية بالرغم من إجماع العلماء على رفض وتحريم محتواها غير الأخلاقي. فالشاهد أن المؤسسات باتت تحترم القانون أكثر مما تحترم الأخلاق والعادات والأعراف إلا ما ندر، خصوصا عندما تصاغ القوانين بشكل منفصل عن الأخلاق والأعراف الأصيلة. لذلك أرى أن المخرج هنا يكمن في المستهلك أو المشاهد أو في دعوة الجهات المعنية في إعادة صياغة القوانين بما يتناسب من قيمنا الإسلامية وعاداتنا الأصيلة. فأرباح المؤسسات تأتي من المستهلكين والذين هم اقدر على فرض قيمهم عن غيرهم. فالمؤسسات تعمد الى توفير ما يريده المستهلك بشكل قانوني أشبه بمفهوم ما يطلبه المستمعون. أما المستهلكون فقد لا يوافق اكثرهم على هذه المنتجات أو العروض ولكنهم باتوا عاجزين عن كبح جماح أنفسهم عن المشاهدة أو الشراء (إلا من رحم ربي). فأصبحت النفوس ضعيفة والمغريات شديدة، فهذه دعوة للجميع باستثمار رمضان القادم بشكل افضل مما مضى، فلعلنا لا نصادف رمضان آخر.

الثلاثاء، يوليو 03، 2012

أسبوع حافل لشركة مايكروسوفت ولكن!!!!

 

دشنت شركة مايكروسوفت في أسبوع واحد الشهر الماضي منتجين جديدين في عالم التقنية أثارا الكثير من الجدل في الوسط التقني. ففي الوقت الذي يلوم فيه المحللون بعض الشركات الكبيرة العاملة في مجال التقنية كشركة مايكروسوفت، ونوكيا بعدم قدرتهما على الإتيان بمنافس حقيقي لشركتي سامسونج، وأبل، جاء هذا الحدث ردا من مايكروسوفت على هذه الاتهامات بتدشين منتجين جديدين لهما ما لهما وعليهما ما عليهما. فالمنتج الأول يعتبر دخولا قويا للشركة في قطاع تصنيع الأجهزة اللوحية على عكس منتجاتها السابقة والتي انحصرت في برمجيات الحواسيب وحلولها فقط (Software). أما المنتج الثاني فهو النسخة الجديدة والمطورة من نظام تشغيل الهواتف الذكية من نوع ويندوز فون 8 على غرار نسختها القادمة من نظام تشغيل الحواسيب ويندوز 8. الأمر الذي يتماشى مع رؤية الشركة في تقديم نظام تشغيل واحد يعمل على مختلف الأجهزة الحوسبية. من جانب آخر وبغض النظر عن عامل الإبهار الذي احدثه تدشين هذين المنتجين، إلا انهما تسببا في الكثير من الانتقادات من قبل المستخدمين ومطوري البرمجيات وايضا من قبل حلفاء شركة مايكروسوفت الذين طالما قدما الدعم الكبير للشركة عن طريق صناعة الحواسيب (Hardware) المناسبة لنسخ نظام التشغيل السابقة. فماذا عسانا نتعلم اليوم من كل هذه الأحداث الأخيرة وعواقبها؟.

لا تستطيع الشركات اليوم العمل والمنافسة بمعزل عن بعضها، لذلك تسعى أغلب الشركات للتعاون في مختلف عمليات العمل. فشركة ابل مثلا لا تصنع منتجاتها بنفسها بل تستعين بشركة فوكسكون (Foxconn) الصينية في إنتاج مختلف أجهزتها. لذلك فإن هذه التحالفات تساهم في انتاج أنظمة الكترونية موحدة لمجموعة شركات الموردين والمساهمين في خطوط إنتاج الشركات بما يوحد عمليات العمل ويجعلها أكثر كفاءة. وعلى الرغم من الميزة التنافسية التي توفرها مثل هذه الأنظمة إلا أنها قد تتسبب في بعض السلبيات للشركة الأم كزيادة قوة المساومة لدى الموردين بما قد يزيد من أعباء ومصاريف الإنتاج. فمثلا بعد النجاح الكبير لشركة أبل ومنتجاتها في السوق، تأتي فكرة تغيير مصنع الإنتاج (فوكسكون) إلى جهة تصنيعية اخرى غير مجدية وصعبة في الوقت ذاته. الأمر الذي لا يخفى على فوكسكون ايضا خصوصا عند دمجهم في نظام إلكتروني لإدارة مجموعة موردي شركة ابل يصعب عليها تفكيكه بعد عناء تطويره. لذلك تسعى مختلف الشركات إلى كسب مورديها والاحتفاظ بهم بشتى الطرق خصوصا عندما يكونون جزءا وسببا في نجاح المنتجات او الأعمال.


 نجد ذلك جليا في تجربة شركة فورد الأمريكية عندما سمحت للزبائن بتصميم وشراء السيارات عن طريق موقعها الإلكتروني مما اسهم في إيجاد تعارض (ChannelConflict) بين هذه الوسيلة الإلكترونية والوسائل التقليدية عن طريق معارض السيارات والوكلاء. فقدرة الزبون على طلب السيارة مباشرة من المصنع قد توفر عليه الكثير من الجهد والمال، بالإضافة إلى قدرته على إضافة لمساته الشخصية على خط التصنيع كميزة قد لا تتوفر من خلال منافذ بيع الوكلاء في الدول. الأمر الذي أغضب الكثير من وكلاء شركة فورد حول العالم مما اضطر الشركة إلى حذف ميزة الشراء المباشر بحيث يستطيع المستخدم طلب وتفصيل السيارة من خلال الموقع ولكن عليه ان يتمم عملية الشراء والاستلام من خلال احد الوكلاء المعتمدين لشركة فورد.
وعلى النسق نفسه، نجد أن سعي شركة مايكروسوفت لتصنيع أجهزتها اللوحية قد يؤدي بها إلى الوضع نفسه. فهل يا ترى ستتفرد الشركة بالإنتاج في قطاع الأجهزة اللوحية على غرار شركة ابل؟ أم انها ستسمح لبقية الشركات المنتجة للأجهزة اللوحية بمنافستها في عقر دارها؟ فلطالما كانت شركة مايكروسوفت تقتصر على تصنيع البرمجيات معتمدة على شركات أخرى كشركة ديل (Dell) وسامسونج (Samsung) وأيسر (Acer) في إنتاج الأجهزة المناسبة لهذه البرمجيات. أما اليوم فنراها تعمد إلى انتاج اجهزتها بنفسها كإشارة ربما الى عدم ثقتها في متانة وجودة أجهزة الشركات الأخرى. أضف إلى ذلك ان الشركات الأخرى باتت تتساءل فيما اذا كانت شركة مايكروسوفت ستنتهج الاستراتيجية نفسها مستقبلا في قطاع الحواسيب المحمولة والمنزلية؟ فهل هناك ضمانات على عكس ذلك؟.

اما بالنسبة لمنتجها الثاني المتمثل في النظام الجديد لتشغيل الهواتف الذكية والمسمى بويندوز فون 8، فبالرغم من الشراكة القوية بين مايكروسوفت ونوكيا في إنتاج مجموعة من الهواتف الذكية التي تعمل على نظام التشغيل السابق (WP7.5) إلا أن النظام الجديد لن يسمح للمستخدمين الحاليين بالترقية وسيكون متاحا فقط للأجهزة الجديدة. الأمر الذي يعتبر صفعة قوية لجميع المستخدمين الحاليين خصوصا اولئك الذين قاموا بشراء هواتف نوكيا (وغيرها) خلال الأشهر الثلاثة الماضية. افلا يعتبر ذلك تخليا من مايكروسوفت عن زبائنها الحاليين بالرغم من حاجتها الشديدة لدعمهم في قطاع لا يعرف غير منتجات أبل وسامسونج؟ ليس ذلك فحسب، فهذا العمل يجعلنا نشكك ايضا في طبيعة علاقة شركة نوكيا بمايكروسوفت. فأجهزة نوكيا الجديدة والتي تعوّل عليها الكثير لاستعادة مكانتها في قطاع الهواتف المحمولة صارت قديمة وغير ذات فائدة في غضون عام واحد. فهل حصل هذا بعلم نوكيا وهي في اشد الحاجة للنهوض والمنافسة؟ كل ذلك يجعلنا نستنتج أن وراء الأسبوع الحافل لمايكروسوفت إخفاقات قد تودي بحصص سوقية كبيرة للشركة وحلفائها. ناهيك طبعا عن بطء الشركة في الإتيان بالجديد إذا ما قورنت بشركة جوجل وأبل وسامسونج التي لا تزال تأتي بالجديد في غضون مدة زمنية لا تتجاوز العام.