الثلاثاء، مايو 24، 2011

اقتصاد المعرفة في السلطنة.. غاية أم وسيلة


احتفلت السلطنة مطلع هذا الأسبوع باليوم العالمي للاتصالات ومجتمع المعلومات في حفل أقيم في فندق جراند حياة مسقط تم فيه عرض إنجازات السلطنة في هذين المجالين الحيويين. الحمد لله أولاً والشكر موصول إلى الحكومة أفراداً ومؤسسات في تحقيق ما وصلنا إليه بالرغم من الصعوبات الجغرافية والديموغرافية للبلاد. فقطاع الاتصالات يعتبر من أعمدة الاقتصاد القومي في السلطنة ومن أهم البنى الأساسية الواجب تطويرها في البلاد. كما يعتبر السعي لتعزيز مجتمع المعلومات في السلطنة بداية الطريق للتحول التدريجي لاقتصاد المعرفة أو الاقتصاد القائم على المعرفة والذي يعتبر اليوم (عالمياً ومحلياً) ضرورة لا مفر منها. فلم تعد قوة الدولة اليوم تقاس بمصادرها المالية أو النفطية أو العسكرية فحسب، بل أصبحت المعرفة ومستوى التعليم ومعدل خريجي الجامعات (كماً وكيفاً) أو ما يسمى برأس المال البشري هو المقياس الرئيسي للقوة والمؤشر المركزي لمستقبلها. الأمر الذي يؤكد على أهمية الارتقاء بمستوى التعليم والمعرفة داخل السلطنة ولكن يجب التركيز فيما إذا كان علينا في السلطنة أن نجعل من المعرفة غاية وهدف أم وسيلة للوصول إلى أهداف أسمى؟

لم تعد اليوم التنافسية حكراً على الشركات التجارية بل حتى المؤسسات الحكومية أصبحت أحياناً تتنافس فيما بينها لأسباب مختلفة. الأمر الذي أدى أيضاً إلى اشتداد التنافس بين الدول بشكل عام للارتقاء باقتصاداتها عن طريق الانخراط في كل ما من شأنه تعزيز مستوى دخل الأفراد وتقليل نسبة الباحثين عن عمل. لذلك نرى اليوم أنواعاً من الاقتصادات العالمية التي تركز في جوانب اقتصادية مختلفة كالجانب السياحي والجانب الصحي والجانب المعرفي والجانب الرقمي (التقني) وغيرها من التوجهات العالمية. لا نتكلم هنا عن الأنظمة الاقتصادية العالمية كالنظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي بل حديثنا عن توجهات الدول في تشجيع الاستثمارات المحلية والعالمية وضخ المصادر المادية للدولة في جوانب معينة تعتبر غالباً من أهم ما تتميز به الدولة. أنظر مثلا كيف استطاعت الصين في غضون سنوات معدودة من تقوية اقتصادها المعرفي، ففي مقالة لشبكة البي بي سي البريطانية، أشار الكاتب إلى أن الصين استطاعت زيادة عدد الطلبة الصينيين الملتحقين بالجامعات سنويا من ما يقارب مليون طالب في عام 1998 إلى أكثر من 34 مليون طالب جامعي (سنوياً) بحلول عام 2010. شيء مذهل في هذه الفترة الوجيزة خصوصاً إذا ما علمنا أن أغلبهم يدرسون في جامعات محلية وبلغات دولية مختلفة.

لذلك نرى اليوم توجها كبيرا بين مختلف الجامعات العالمية لإنشاء برامج أكاديمية وفروع في دول مختلفة وبلغات مختلفة كذلك. فالتعليم اليوم أصبح تجارة رابحة تدر أموالاً طائلة على المؤسسات التعليمية الأمر الذي ينعكس إيجاباً على اقتصادات المعرفة للدول. أنظر مثلا إلى المدينة التعليمية في قطر وكيف استطاعت استقطاب فروع لجامعات كبيرة من أمثال جامعة أوستن تكساس الأمريكية وجامعة كارنيجي ميلون بالإضافة إلى جامعة فرنسية تقدم برامج باللغتين الإنجليزية والفرنسية. واستطاعت كذلك دولة الإمارات استقطاب بعض الجامعات العالمية من أستراليا وأمريكا بهدف تعزيز اقتصادها المعرفي. أذكر أني لامست التأثير الواضح والقوي لقطاع المعرفة في استراليا عند ذهابي هناك لإكمال شهادة الدكتوراة. فبعد أحداث سبتمبر الدامية في نيويورك وتكوين التحالف البريطاني الأمريكي ضد الإرهاب الذي وجّه بشكل كبير نحو الدول المسلمة، أسهم ذلك في تغيير وجهة كثير من المتعلمين العرب والمسلمين. فبعد أن كانت وجهتهم الأولى هي أمريكا والدول الأوروبية، أصبحت وجهتهم إلى شرق آسيا واستراليا ونيوزيلندا. الأمر الذي ساهم في إنعاش اقتصادات هذه الدول، حتى اننا كنا نشهد سنوياً ارتفاع في تكاليف الدراسة والمعيشة وصرف العملة.

ختاماً، يجب التفريق بين مصطلحين مهمين هما "اقتصاد المعرفة" و"الاقتصاد القائم على المعرفة". فالأول يهدف إلى تقديم المعرفة كمنتج رئيسي تسعى من خلاله المؤسسات التعليمية والدول إلى استقطاب الطلبة محلياً ودولياً. فهو بذلك يعتبر المعرفة منتجاً كالنفط وبقية الموارد الطبيعية في البلد. أما المصطلح الثاني فيهدف إلى تقوية المعرفة المحلية في البلدان بما يخدم تطوير القوى العاملة المحلية واستحداث صناعات واقتصادات متقدمة تقنياً. لذلك فمن المهم أن نؤكد أن من الأفضل للسلطنة أن تسعى إلى تطوير اقتصاد قائم على المعرفة (وسيلة) للارتقاء بباقي القطاعات الحيوية في البلاد. الأمر الذي يؤكد كذلك على أهمية الإنفاق بسخاء (وإسراف أحياناً) على التعليم والتنمية البشرية والاجتماعية في البلاد. خذ على سبيل المثال جامعة هارفرد الجامعة الأولى في تخصص الأعمال التي رغم تأثر استثماراتها بالأزمة المالية العالمية إلا أنها ما زالت تنفق سنوياً ما يقارب من 3.5 مليار دولار على التعليم والبحوث الذي يفوق إنفاق بلدان متطورة أخرى، ناهيك طبعاً عن الجامعات. كما يجب علينا في السلطنة أن نسعى لتوجيه فكر الشباب والناشئة حول أهمية التعليم لضمان مستقبل أكثر استقرارا لهم (ماديا واجتماعيا). مؤكدين على بعض أسباب الأحداث الأخيرة من اعتصامات ومظاهرات سلمية التي أظهرت معاناة الباحثين عن عمل مما سيشجع الأجيال القادمة على أخذ التعليم والدراسة والمعرفة مأخذ الجد. ويجب كذلك على الجهات الخاصة والحكومية في السلطنة أيضاً تشجيع الكفاءات المحلية لمختلف الأعمال والبحوث والاستشارات المهنية.

الاثنين، مايو 16، 2011

المهنية الخادعة

ما أكثر ما نقرأ ونسمع عن المهنية (Professionalism) وضرورة التحلي بها قلباً وقالباً في حياتنا العلمية والعملية. فمنذ اليوم الأول لنا في الكلية وأساتذتنا الكرام يذكروننا بأهمية أن نكون مهنيين(Professional) في العمل، الأمر الذي جعلنا نعتقد أن الاتصاف بالمهنية هو الهدف الأسمى لنا في الحياة. ليس ذلك فحسب، بل أصبح أحدنا بعد ذلك يتشدق وينعت غيره بعدم المهنية عند رؤيتنا لبعض الأعمال الخاطئة أو الناقصة. فإن لم تنضبط في عملك أو لم تعلم كيف تتعامل مع الزبائن أو لم تستطع فصل العمل والعقل عن المشاعر والأحاسيس فأنت غير مهني. لذلك أصبحت المهنية اليوم هي كمال الوصف للشخص الدؤوب في العمل الذي لا يمكن لجهة عمله التخلي عنه ولو لبعض الدقائق. فهو بذلك يقضي الساعات الطوال وربما الأيام والشهور والسنين جهاداً للحصول على أعلى المراتب وللوصول بجهة عمله الى نجاحات متتالية باذلاً في ذلك كل نفيس. فكم من هؤلاء الناس عرفنا في حياتنا العملية وتمنينا أن نكون أمثالهم أو حتى أنصافهم، وأصبحوا يمثّلون المعيار الأساسي عند تقييم نجاحات الأفراد والمؤسسات. أعذروني إخواني القرّاء اذا أخبرتكم أنه وللأسف الشديد معظم هذه النجاحات مبطنة بالفشل، تابعوا وستعلموا لماذا وكيف؟

أتيحت لي الفرصة خلال فترة التدريب (Internship) لشهادة البكالوريوس العمل لمدة بسيطة مع أحد المهنيين (Professional) العمانيين في إحدى الجهات الحكومية. طبعاً كالمعتاد بسبب كفاءته العالية واعتماد جهة عمله الكبير عليه لم يتمكن من أخذ اجازة لعدة سنوات. استطاع صاحبنا هذا في الفترة التي قضيتها معه إقناع الوزير بالحصول على اجازة (مشروطة) لمدة أسبوع ليتمكن من أخذ عائلته الى صلالة في الصيف. لكم أن تتخيلوا كيف كان صاحبنا هذا يستمتع بالرد على المكالمات خلال هذه الإجازة بدلاً من الاسترخاء مع أولاده، الأمر الذي اضطرّه لقطع اجازته والعودة الى العمل بعد أيام من بدايتها (ضرورة عملية)، فهل هذا النجاح الذي يجب أن نسعى اليه؟ من جانب آخر، جاءتنا إحدى الخريجات بعد سنوات من تخرجها من الجامعة لتشاركنا في محاضرة جماعية بقصة نجاحها وكيف استطاعت أن تثبت قدراتها وأن تتبوأ مركزاً ومنصباً متقدماً في جهة عملها. أذكر أنها ذكرت (بفخر) أنها تعمل حالياً بجد كبير مما يجعلها في كثير من الأحيان لا تغادر العمل قبل ساعات متأخرة من الليل. لا ندري أكان علينا أن نهنئها أم نعزيها فيما صارت اليه؟ وهناك دائماً ذلك الموظف المهم صاحب المنصب العالي في الشركة المرموقة والذي أصبح بعد سنوات مهنية طويلة يستلم آلاف الريالات شهرياً لا تتجاوز في كثير من الأحيان حسابه البنكي. فمن أين له الوقت بالاستمتاع بالمال وطوال وقته في العمل وللعمل وإلى العمل. يذكرني هذا بقول أحد الحكماء واصفاُ بعض الناس المهنيين (يضيّعون صحتهم ليجمعوا المال، ثم يصرفون المال ليستعيدوا الصحة). كل ذلك وأكثر مما أفرزته لنا خدعة المهنية عندما لم نحسن موازنتها بين مختلف جوانب الحياة.

في دراسة أجرتها الدكتورة منى المنجد بعنوان مخاطر ومضامين ارتفاع نسبة الطلاق في دول الخليج العربي، بينت الباحثة ازدياد نسبة الطلاق في دول الخليج بشكل يثير القلق. حيث كانت أعلاها في دولة الكويت بنسبة37.1% بنهاية عام 2007. أرجعت الباحثة هذه الزيادة الى عدة أسباب رئيسية منها عالم الحداثة وتأثيرات العولمة وانشغال الناس الكبير بتحصيل لقمة العيش. وفي مقالة أخرى نشرتها صحيفة الإمارات اليوم في مطلع شهر مارس الماضي، أشارت الصحيفة الى ازدياد نسبة الطلاق في دولة الإمارات أيضاً ووصولها لنسبة 36% بنهاية عام 2010. ناهيك طبعاً عن بقية المشاكل الاجتماعية التي بدأت تنتشر في بلداننا العربية أجمع كالجرائم الاجتماعية بأنواعها والتفكك الأسري. الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن الأسباب في ظل النجاحات المهنية الكبيرة التي نعيشها اليوم على مستوى الأفراد والمؤسسات، تلك الأسباب التي توكل عادةً الى المهنية المفرطة وانشغال الناس بالجانب العملي وتفريطهم في جوانب الحياة الأخرى.

طبعاً هناك الجانب الآخر من القطعة المعدنية وهم أولئك الكسالى الذين لا يكادون يحدثون فارق في جو العمل، ومع ذلك فهم دائمو التذمر ونراهم في المقدمة فقط عند طلب الإجازات أو للسعي الى المكافآت المادية الدورية. أذكر أن أحد المسؤولين الحكوميين أخبرني يوماً أن جهته الحكومية (بدون ذكر أسماء) تعاني من أكثر من مائتي موظف ليست لهم وظيفة محددة، بحيث أصبحت تتناقلهم مختلف الدوائر والأقسام دون جدوى. ليس المطلوب هنا أن نتكاسل عن العمل بل على العكس تماماً فالمطلوب أن نكون مهنيين في كل شيء. علينا أن نعلم أن حياتنا مقسمة الى عدة جوانب منها الجانب الديني والاجتماعي والصحي والترفيهي بالإضافة الى الجانب العملي والعلمي. فلا افراط ولا تفريط، وعلينا أن نكون مهنيين في هذه الجوانب كلها ان استطعنا أو على الأقل أن لا ننسى (أو نتناسى) بعض هذه الجوانب لحساب أحدها. فالأمانة والجد والاجتهاد مطلب في كل ميادين العمل والحياة بما فيها المجتمع الذي أصبحنا نتذمر من سلبياته التي شاركنا فيها بشكل مباشر وغير مباشر، "نلوم زماننا والعيب فينا، وما لزماننا عيب سوانا".


الثلاثاء، مايو 03، 2011

كومكس أم جيتكس؟




اختتم معرض كومكس (Comex) الأسبوع الماضي نسخته لهذا العام والذي انقسم فيه إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي معرض الخدمات الالكترونية الحكومية وقسم آخر لرجال الأعمال والقسم الأخير الخاص بالشراء والذي يقصده أغلبية الناس. عادةً ما يصاحب هذا المعرض الكثير من الانتقادات والمقارنات بينه وبين معرض جيتكس (Gitex) الذي يقام سنوياً كذلك في دولة الإمارات الشقيقة وبالتحديد في دبي. فهناك من لا يكلف نفسه عناء الذهاب إلى كومكس بحجة أنه صغير ولا يحتوي على كل ما هو جديد وأن زيارة واحدة إلى جيتكس كل عام تعتبر كافية ووافية للإلمام بالأجدد في عالم التقنية وبشكل أشمل. وهناك من يذهب لزيارة كومكس سنوياً بتوقعات عالية على أنه سيصادف ما هو أفضل من جيتكس كماً وكيفاً وما يلبث أن يعود بخيبة أمل. وللأسف هناك أيضاً من لا يذهب إلى كلى المعرضين إلا نادرًا وكذلك فهو من المنتقدين لكومكس طبعاً بعد مقارنته بمعرض جيتكس. سؤالي هنا: لماذا يا ترى هذه التساؤلات والانتقادات ومحاولة المقارنة فيما بين هذين المعرضين الدوليين دون النظر إلى حقيقة أهدافهما؟ ولماذا نفترض أن أهم أهداف المعرضين هو عرض جديد التقنية في الساحة العالمية وليس في الساحة المحلية؟ وما سبب هذا الهاجس بأننا دائماً في تنافس بهدف التفوق على الغير بدلاً من التكامل معه؟

لست هنا للدفاع عن كومكس على حساب جيتكس أو العكس، فأنا من أشد المعجبين بالمعرضين وأحرص على زيارتهما كل عام ولكن شدّ انتباهي مؤخراً انتشار بعض القناعات السلبية بين فئة من المهتمين بأمور التقنية التي عادةً ما تنظر إلى الجانب المظلم وعلى الجزء الفارغ من الكأس، الأمر الذي قد يفوّت عليهم فرصة مهمة للارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم المهنية والمعرفية. فلماذا لا نرى في المعرضين سوى المقارنات السلبية دون النظر عن كيفية استغلال الحدثين الاستغلال الأمثل. سنحاول في هذه المقالة تصحيح بعض المغالطات التي قد يقع فيها أكثرنا عند إجراء المقارنات دون النظر إلى الخصوصيات والأهداف المرجوة من المعارض التقنية إجمالاً ومن هذين المعرضين على وجه الخصوص.

إذا تأملنا في معارض التقنية حول العالم نجد أن هناك معارض كثيرة كمعرض الإلكترونيات الاستهلاكية (CES) في الولايات المتحدة الأمريكية ومعرض سيبت(CeBIT) الألماني ومعرض كوميونيك آسيا(CommunicAsia) في سنغافورة وغيرها كثير والتي تسعى غالباً للأهداف نفسها. فالمعرض أولاً وأخيراً هو من أدوات تعزيز اقتصاد الدول بما يخدم مصالحها الخاصة والعامة. فهو بذلك يعتبر مؤشراً للمستوى الاقتصادي للدول من منظور القطاع الذي يغطيه المعرض. وعند النظر إلى الإمارات والسلطنة نرى اختلافاً كبيراً في ديموغرافية البلدين التي عادةً ما ينتج عنها اختلافات في الخطط الاستراتيجية والتكتيكية للبلدين، الأمر الذي ينعكس بشكل طبيعي على نشاطات البلدين الإقتصادية. خذ على سبيل المثال الإحصائيات الأخيرة في السلطنة (حسب تعداد 2010) التي بينت أن مجمل السكان لم يتجاوز الثلاثة ملايين نسمة بنسبة وافدين تقدر بـ27.6% فقط من إجمالي السكان. قارن هذا بعدد سكان الإمارات الذين تجاوزوا الثمانية ملايين نسمة بنسبة وافدين أكثر من 88% من إجمالي السكان. ناهيك طبعاً عن الاختلافات في نسبة الأمية والمتعلمين بين فئات المجتمعين بالإضافة إلى الاختلافات في الخطط التنموية المرسومة والسياسات الاقتصادية المتبعة وغيرها من الاختلافات المحورية. فمن الطبيعي بوجود هذه الاختلافات والتي أسميها شخصياً «الخصوصيات» أن تختلف المعارض كماً وكيفاً.

إن كنتم من زوّار كومكس لهذا العام فمن المؤكد انكم لاحظتكم تركيز المعرض الكبير على الخدمات الالكترونية الحكومية والتوعية بأهمية قطاع التقنية بما فيه تنمية الفرد والمجتمع والاقتصاد بشكل عام. ذلك انعكاس طبيعي لتوجه قطاع التقنية في البلاد ولذلك ربما جاء تسمية نسخة هذا العام من المعرض بـ «نحو الرقمية»، أي نحو مجتمع رقمي قادر على استغلال التقنية الحديثة بما فيه المصلحة الخاصة والعامة. فمن أكثر الصعوبات التي تواجه القائمين على مشروع الحكومة الالكترونية في البلاد هو تحضير المجتمع العماني للانخراط في العمليات الالكترونية بالتوازي مع تحضير الجهات الحكومية لتبني التقنية من منظور استراتيجي داعم لسياسات السلطنة الاقتصادية والتنموية. الأمر الذي سيساهم أيضاً وبشكل طبيعي في الارتقاء بالتجارة الالكترونية في البلاد خصوصاً تلك التي تستهدف الشركات والمستهلكين والتي عانت في السابق ولا زالت تعاني من بطء في النمو والتطور. فالمجتمع العماني ما زال في طور الحضانة (بشكل عام) عند الحديث عن مستوى القدرات والمهارات التقنية الرقمية لذلك وجبت التوعية بأهمية هذا القطاع في مثل هذه المعارض بالإضافة إلى تشجيع الاستثمارات المحلية والدولية بما يتناسب مع خصوصية واحتياجات البلد. نصيحتي لكم أعزائي القرّاء بزيارة جميع المعارض التي قد تندرج تحت اهتماماتكم وتخصصاتكم ومحاولة الاستفادة منها بشتى السبل ولو فقط لمتابعة التطور الاقتصادي في البلاد. أظف إلى ذلك أن هذه المعارض قد تكسبنا فرصة الارتقاء برأس مالنا الاجتماعي وتوسيع دائرة معارفنا والذي تطرقنا إليه في مقالة سابقة. أما المهتمون بالشراء، فيعطيهم المعرض فرصة الحصول على عروض قد لا يجدونها في أوقات أخرى من شركات محلية تعطيهم راحة البال من خلال ضمان ما بعد البيع، فلماذا التردد والتشاؤم؟