الأربعاء، سبتمبر 29، 2010

ثقافة (الكراك) بين شبابنا

إنتشر في الآونة الأخيرة بين الكثير من شبابنا المهتمين بإمور تقنية المعلومات أسلوب وثقافة غير حميدة في إختيار وتنصيب برامج وتطبيقات أجهزة الحاسوب والهاتف المحمول. فقد يعمد الكثيرون إلى زيارة المواقع المشبوهة والغير مرخصة في تنزيل البرامج والتي عادةً ما تأتي مع تطبيقات لفك حماية وتشفير هذه البرامج تختلف تسميتها بإختلاف وظيفتها. أشهرها هو ما يسمى بعملية تكسير البرامج (Software Cracking) والتي عادة ما تتسبب في فك حماية الكثير من البرمجيات المحمية بموجب قوانين حفظ الملكية الفكرية. ليس ذلك فحسب، فحب التباهي والشهرة جعل الكثيرين يعمدون إيضاً إلى الإنخراط في عمليات غير قانونية وهي محاولة إقتحام (Hacking) حواسيب وأنظمة جهات تجارية وحكومية بغرض التشويه أو السرقة. لعل من آخر ما تم إقتحامه محلياً هو موقع منبر الطالب الجامعي (squ-edu.com) والذي تم تطويره وإدارته من قبل مجموعة من طلبة الجامعة، ناهيك طبعا عن المرات العديدة التي تم فيها التعرض لموقع سبلة عمان مما أجبر القائمين عليها إلى تغيير عنوان الموقع. أما بالنسبة لعملية تكسير البرامج فكان آخرها عالمياً هو تكسير تقنية البلو- راي (Blu-ray) والتي أثارت الكثير من الجدل بين المختصين. فقد إستطاع بعض المخربين من تطوير وتسريب المفتاح العمومي (master key) لفك تشفير هذه التقنية على شكل كراك والذي ظهر بدايةً في الإنترنت من خلال موقع (Pastebin) ومن ثم إنتشر إلى العديد من المواقع المشابهة. فبات الآن ممكناً أن تُصنّع أجهزة وبرمجيات تستطيع قراءة ونسخ محتويات الأسطوانات التجارية من بلو- راي لتتجاوز وتلغي جميع أنواع الحماية الرقمية المدمجة في الإسطوانات والتي تعرف بإسم "حماية نسخ النطاق الرقمي العالي" (HDCP).

طبعاً عند سؤال الكثيرين عن سبب إستخدامهم لهذه النوعية من البرامج التي تكسر حماية البرامج فالجواب عادةً ما يكون متشابهاً. فهناك من يتحجج بالسعر المرتفع للبرامج والفوائد الخيالية التي تجنيها هذه الشركات من بيع البرامج. فإن كان هذا سيبيح لنا سرقة البرامج أو إستخدامها بشكل غير قانوني، فكيف سنكون مختلفين عن ذلك الذي يعمد إلى سرقة بعض السيارات الفارهة أو التعدي على ملكيات الشركات والجهات الحكومية بإستخدام نفس الحجة. فالسيارات غالية الثمن، وعادةً ما تجني شركات السيارات الكثير من الأرباح أيضاً، كما أن الجهات المختلفة تمتلك شتى أنواع الموجودات كالأثاث والمكتبيات والأجهزة الغالية كذلك، فهل هذا مسوغ لسرقتها وإستخدامها بدون إذن مسبق؟ أضف إلى ذلك من يبرر إستخدام النسخ الغير مرخصة بحجة التعليم والإطلاع، وأن الغرض هو فقط لتعلم مهارات جديدة وليس للمتاجرة بالبرامج. طبعاً هنا يجب التنويه إلى أن الكثير من البرامج تأتي بنسخ مختلفة قد يكون بعضها مجاني أو يمكن تجريبه لفترة محدودة قد تصل لشهر مثلاً والتي تسعى من خلالها الشركات للترويج لمنتجاتها من خلال إتاحة الفرصة للمستخدمين بتجربة البرنامج قبل الشراء. عادةً ما تختلف هذه النسخ عن النسخة الكاملة في بعض المميزات المتقدمة والتي تكون من إهتمام المحترفين وليس المبتدئين. فهنا يمكن للجميع إستخدام هذه النسخ الصغيرة وتعلمها بشكل قانوني وآمن، فعادةً ما تحتوي البرامج المقرصنة في داخلها على بعض البرمجيات الخطيرة كأحصنة طروادة (Trojans) وبرامج التجسس (spyware) وغيرها.

أذكر كذلك أن بعض الطلبة برروا لي إستخدام البرمجيات المقرصنة بحجة رغبتهم في عمل (فورمات) (Format) لحواسيبهم الشخصية وعدم حيازتهم لإسطوانات البرامج التي جائت مثبته في الجهاز وقت الشراء. الأمر الي يجعلنا نتسائل لماذا يريدون عمل (الفورمات) رغم حداثة الأجهزة؟ عادةً ما يكون السبب هو كثرة مشاكل الجهاز وبطء السرعة وكثرة التوقفات الغير مبررة والتي تنتج عادةً بسبب إستخدامهم للبرامج المقرصنة. يأخذنا هذا الأمر كذلك إلى موضوع آخر ذو علاقة بموضوعنا الحالي وهو إستخدام الكثير من محلات بيع الحواسيب لبرمجيات مقرصنة بغرض تسويق منتجاتهم. فهم بذلك يروجون لأجهزتهم بالكم الكبير والخيارات المتعددة من البرامج الممكن للزبون إقتنائها فور شرائه لأحد منتجاتهم. طبعاً تأتي هذه البرامج كهدية وعربون مودة من المحل للزبون دون مقابل والتي عادةً ما تتسبب بمشاكل عديدة في الجهاز بمجرد الإستخدام لفترة محدودة. هنا يجب التنبيه إلى عدم الشراء من مثل هذه المحلات والتي يجب على الجهات المعنية في السلطنة متابعتها ومعاقبة المخالفين. نصيحتي لكل من يهم بشراء جهاز حاسوب جديد هو طلب الأسطوانات الأصلية لجميع البرامج المثبتة في الجهاز وإلا فإن البرامج ستكون بالتأكيد غير مرخصة. كما يجب التنويه أيضاَ إلى بعض الفتاوى الشرعية الخاصة بمثل هذه الأعمال والتي يشير أكثرها إلى عدم جواز مثل هذه الأعمال. فما عليكم أخواني القرّاء إلا عمل بحث بسيط في الإنترنت بعنوان "حكم نسخ البرامج" أو "حكم إستخدام الكراك" وقراءة العديد من الفتاوى المدعومة بالأدلة الشرعية، والله تعالى أعلم.

الاثنين، سبتمبر 20، 2010

من يستطيع مساعدة نوكيا؟

مبارك عليكم أخواني القرّاء عيد الفطر السعيد وكل عام والجميع بخير. أعلنت شركة نوكيا الفلندية مؤخرا تعيين (ستيفن إيلوب) القادم من شركة مايكروسوفت الأمريكية كرئيس جديد للشركة خلفاً للرئيس السابق الفلندي الأصل. حيث عانى الأخير الأمرين بدون جدوى تذكر في تعزيز مكانة هواتف نوكيا النقالة الذكية خصوصا في منطقة شمال القارة الأمريكية. لم يكن هذا مستغرباً خصوصاً بعد إنحدار أداء هواتف شركة نوكيا في فئة هواتف رجال الأعمال الذكية بالمقارنة مع هواتف الآيفون والأندرويد في الأسواق الأمريكية والعالمية، وقد أشرنا إلى ذلك سابقا في مقالة بعنوان "نوكيا في ورطة" قبل ما يقارب من خمسة أشهر من اليوم. يثير هذا القرار العديد من التساؤلات حول جدوى هذا التغيير وما إذا كان بإستطاعة الشخص الغريب عمل ما لم يتمكن من عمله القريب؟

عند مقارنة أحدث هواتف شركة نوكيا الذكية بهواتف آيفون وأندرويد نجد أن من أهم ما تفتقر له هواتف الشركة الفلندية هو نظام التشغيل وتطبيقات المستخدم. فمن أكثر ما يشد المستخدمين في الهواتف المنافسة هو قوة ومرونة أنظمة التشغيل خصوصا فيما يتعلق بشاشات اللمس وسرعة إستجابتها وتوفر العدد الكبير من التطبيقات التي تشمل مختلف جوانب الحياة العملية والترفيهية. فلربما كان إختيار الرئيس الجديد القادم من كبرى شركات البرمجيات الأمريكية (مايكروسوفت) سببا في إحداث طفرة في أنظمة تشغيل وبرمجيات الهواتف المستقبلية من شركة نوكيا. فما نوع وشكل هذه الطفرة القادمة يا ترى؟

تعتبر مهمة الرئيس الجديد صعبة في حقيقة الأمر خصوصا فيما يختص بمنافسة أجهزة الآيفون والأندرويد. فالمتوقع هنا أن تأتي شركة نوكيا بتقنيات جديدة مبتكرة تتفوق بها على منافسيها لتعيد ثقة المستخدمين في أجهزة الشركة. فأكثر ما تحتاج إليه الشركة اليوم هو عدة أفكار إبداعية تنبع من خارج إطار التقنيات السابقة أو الحالية وتأتي بشيء (أو أشياء) جديدة تذهل الجميع وتجعل المنافسين يتسائلون "كيف لم يخطر ببالنا عمل مثل هذا؟". فلربما أتت أجهزة نوكيا في المستقبل بنظام تشغيل من نوع ويندوز موبايل 7 بدلاً من النظام الحالي من نوع سيمبيان. وربما جائت بالنظام المعلن سابقا من قبل الشركة بإسم (MeeGo) والذي يعتبر أول شراكة بين شركتي نوكيا وإنتل في تطوير نظام تشغيل مفتوح المصدر على غرار نظام تشغيل أندرويد من جووجل. بغض النظر عن النظام المستخدم، القضية تكمن في مزايا النظام وكفائته بالمقارنه مع الأنظمة المنافسة. هناك من المختصين كذلك من يرى أن على شركة نوكيا والرئيس الجديد التركيز على قضايا أخرى كذلك، كالإهتمام بالموظفين وجعل الشركة من أفضل أمكنة العمل. الأمر الذي قد يستقطب خبرات عالمية على كفائة عالية تستطيع الإتيان بأفكار جديدة إبداعية. فحسب التقييم الأخير لموقع (Glassdoor.com) المهتم برضى الموظفين في أماكن عملهم، أحرزت شركة نوكيا معدل 3.5 متخلفة بذلك بفارق متوسط عن شركتي أبل وجووجل الذين أحرزتا 3.8 و3.9 على التوالي.

وهناك من يضن أن على الشركة أن تركز على نوع معين أو أنواع محددة من الهواتف التي تنتجها الشركة فقط. فحاليا نرى الشركة تنتج أنواع كثيرة من الهواتف النقالة بمزايا وتقنيات مختلفة تختلف بإختلاف السوق أو الشريحة المستهدفة من المجتمع. الأمر الذي قد يجعل بعضها متشابها إلى حد كبير مع الآخر مما قد يهدر من طاقات وتركيز المطورين. فيمكن للشركة التركيز على أنواع معينة فقط بطريقة تستجمع طاقات وخبرات أكبر لإحداث أعلى قدر من الإبداع. وهناك من يرى أن على الشركة إستخدام نقاط قوتها بشكل كأفضل، فهي تستحوذ على شعبية كبيرة بين الناس في العديد مناطق العالم، فلماذا التركيز (الكبير) على مناطق شمال القارة الأمريكية. كما أنها تمتلك شركة (Navteq) المختصة في أنظمة الملاحة وتحديد المواقع عن طريق الأقمار الصناعية، وشركتي (Plazes) و(Dopplr) المختصتين في تطبيقات الشبكات الإجتماعية على الويب وغيرهم. كل هذا قد يحدث فارقا عند تطوير التطبيقات وإختيار مزايا الأجهزة المستقبلية. أظف إلى ذلك أن مطوري التطبيقات الحاليين قد إعتادوا على أنظمة أبل وأندرويد ووجدوا فيهما إقبالا كبيرا من المستخدمين، الأمر الذي سيجعل شركة نوكيا تبحث عن حوافز مادية وعملية لجذب أكبر عدد من هؤلاء المطورين لإستخدام بيئة أجهزة نوكيا لتطوير البرمجيات في المستقبل. فما رأيكم أخواني القرّاء، إن كنتم في موقف الرئيس الجديد لشركة نوكيا ما هو أول قرار أو عمل ستتخذونه؟