الاثنين، يناير 18، 2010

الحكومة الإلكترونية عن طريق الهاتف المحمول

شهد هذا العصر تطور ملحوظ وكبير في الاتصالات اللاسلكيه مما شجع الكثير من المؤسسات الحكوميه والخاصه على تبني هذه التقنيه لفتح قنوات عمل مع بعضها البعض من جهه ومع المستخدمين والزبائن الافراد من جانب آخر. ففي السلطنة، شهدت خدمات الجوال في منذ بدايتها في منتصف التسعينات (1996) تطورا وإقبالا جماهيريا منقطع النظير. فقد أظهرت أحدث الإحصائيات إلى أن عدد من يمتلكون أجهزة الهاتف المحمول في سلطنة عمان يفوق عدد السكان، وأن البنية التحتية للهاتف النقال حاليا تغطي أكثر من 95 ٪ من البلاد. لذا فقد صار مألوفا هذه الأيام أن نرى العديد من المواطنين والسكان يحملون معهم أكثر من جهاز نقال ولربما وضعوا على كل أذن سماعة بلوتوث. شيء يجعلنا نتذكر أيام أجهزة النداء الآلي (البيجر - البليب) بشيء من السخريه حيث كنا نتباهى – بعض الأحيان – بوضع الجهاز على طاولات الاجتماعات والمطاعم ونفخر ونفرح عندما يصدر الجهاز نبرته المعهوده مما يجعلنا نهرع ونتازحم على أجهزة الهاتف الثابته او العموميه لتلبية النداء. الشاهد هنا ان عالم المحمول إنتشر بسرعه فائقه مما جعل منه أداة فاعله لرفع كفائة عمل الافراد والمؤسسات فلا يستطيع أكثرنا تصور قضاء يومه بدون جواله. سنحاول اليوم في درسنا هذا مناقشة أبعاد إستخدام بيئة الهاتف المحمول من قبل المؤسسات الحكومية فيما يسمى بالحكومة عن طريق المحمول (mobile government).


يمكن تعريف الحكومة الإلكترونية بإستخدام الهاتف النقال بأنها توظيف للتقنيات اللاسلكية كشبكات المحمول والأجهزة الكفية في توفير المعلومات والخدمات الحكومية للمستخدمين بإختلاف إحتياجاتهم وتخصصاتهم. فهي تبدأ من حيث تنتهي الحكومة الإلكترونية بإستخدام الحاسوب حيث أن الشبكات اللاسلكية تنتشر في أماكن أوسع من الشبكات الأرضية. كما تعتبر كذلك كعامل مساعد ومحرك للحكومة الإلكترونية من حيث إنتشار ثقافة المحمول بين الناس عامةً وبين فئة الشباب خاصة. فقد بات من الطبيعي أن نرى مجموعه من الأفراد (خصوصا الشباب) يجلسون على نفس الطاوله وكل واحد مشغول بهاتفه المحمول (فلا ندري لماذا إجتمعوا؟). وصار الكثير من الأفراد يتواصلون بإستخدام الرسائل النصيه ربما لأنها أرخص من الإتصالات الصوتيه. حتى في المناسبات الخاصه كالأعراس والولائم نجد بعض الأفراد يهنيء أو يدعو ضيوفه بإستخدام الرسائل النصيه. بالإضافه إلى ذلك، نجد كذلك من يستخدم الرسائل النصيه حتى في العزاء بالرغم من وجود من يعارض هذه الفكره (عندهم حق بصراحه).


أسهمت عدة عوامل في نجاح و إنتشار الحكومة الإلكترونية بإستخدام الهاتف المحمول. منها مثلاً توفر أجهزة الهواتف المحموله بكثره بين الناس وشيوع استخدام تطبيقاتها عالميا كإرسال الرسائل النصيه والمصوره، والاتصال بالانترنت. مما يعني بأن المستخدمين قادرين وجاهزين لاستخدام اجهزتهم لأي تطبيقات تجاريه. كذلك فإن عدم ارتباط المستخدم بمكان معين عند تنفيذ المعاملات عن طريق الاجهزه المحموله يجعلها اكثر تناسبا وجاذبيه لدى الكثيرين. وكما أسلفنا فظهور ما يسمى بثقافة الجوال خصوصا بين فئة الشباب جعلهم يتنافسون في اقتناء كل ما هو حديث وزاد شغفهم لتجربة تطبيقات وبرامج مختلفه وجديده. أظف إلى ذلك إستمرار انخفاض أسعار الهواتف المحموله وتطور الخدمات خصوصا فيما يسمى بخدمات الجيل الثالث التي تمكن الشركات من تطوير تطبيقات أكثر أمنا وذات سرعه أعلى.


تتناسب بعض التطبيقات الإلكترونية الحكومية مع بيئة المحمول أكثر من بيئة الحاسوب كخدمة بلدية مسقط مثلاً لحجز مواقف السيارات بإستخدام الرسائل النصية. في حين يندر وجود خدمات خاصة ببيئة الحاسوب لا يمكن تمديدها وعرضها عن طريق الأجهزة الكفية. من جانب آخر يمتاز الهاتف المحمول بسهولة حمله (mobility) وقدرته على توفير المعلومة أو الخدمة للمستخدم في أي وقت وأي مكان (broad reach). كما يمكن أن تقوم بعض الجهات بتقديم خدمات للناس كل على حسب موقعه الجغرافي فيما يسمى بالخدمات الموقعيه (location-based service). كل ذلك وأكثر يبشر بمستقبل أفضل وأكبر للخدمات الحكومية بإستخدام المحمول الأمر الذي يحتم على الجهات الحكومية في السلطنة ضرورة إستغلال هذه البيئة في تفعيل وتنفيذ تطبيقات إلكترونية تصل إلى المتخدم وقت ما يشاء وأينما شاء.

الجمعة، يناير 15، 2010

الفجوة الرقمية

سبق وأن تحدثنا في أحد الدروس السابقة عن الفجوة الرقمية كأحد المعوقات الغير فنية للحكومة الإلكترونية. يعتبر هذا الموضوع أزمة عالمية في حد ذاته خصوصاً عند إستخدام التطبيقات التقنية للتعامل مع مختلف شرائح المجتمع. فلا تخلو بلد في العالم أجمع إلا وقد عانت ولا تزال تعاني من كيفية التغلب على هذه الأزمة. فإستخدام التقنية لم يعد خياراً في كثير من الأحوال وأحدنا اليوم لا يستطيع أن يتخيل كيف كنا نعيش قبل فترة ليست ببعيدة بدون هاتف محمول أو إنترنت سريعة. فوجود التقنية مربوط بظهور ما يسمى بالفجوة الرقمية الذي سنحاول اليوم في درسنا هذا مناقشة بعض أبعاد هذا الموضوع الشائك والذي يعد من أهم قضايا الحكومة الإلكترونية.


يعتقد الكثيرين بأن الفجوة الرقمية هي إختلاف قدرات أفراد المجتمع الفنية في إستخدام التقنية الحديثة، فهناك المتعلم المتدرب الملم بكيفية الإستخدام وهناك من لا يستطيع التفريق بين الفأرة ولوحة المفاتيح. كلام جميل ولكنه قاصر على نوع واحد من أنواع الفجوة الرقمية، فهناك نوعين آخرين مهمين كذلك. النوع الثاني هو عدم قدرة بعض الفراد على الوصول أو الحصول على التقنية إما لأسباب جغرافية كأن يكون مكان سكناهم في مناطق نائية لا تصل لها خدمات الإنترنت والهاتف المحمول، أو لأسباب مادية بحيث لا يستطيع الفرد تحمل تكاليف شراء الأجهزة اللازمة (الحاسوب) ودفع قيمة الإشتراكات المطلوبة (الإنترنت) أو الإثنين معاً. أما النوع الأخير والذي يعتبر الأكثر تعقيداً هو إختلاف الإهتمامات في إستخدام التقنيات الحديثة، فهناك من هو على دراية بإستخدام الحاسوب والتقنية بصفة عامة ويستطيع الوصول للخدمات الإلكترونية مادياً وجغرافياً ولكنه يفضل الذهاب بنفسه أو إستخدام من ينوب عنه لتنفيذ المعاملات الحكومية. تختلف الأسباب لذلك، فهناك من ينظر للموضوع من زاوية أمن وسرية البيانات، وهناك من يفتقد الثقة في الجهة المطورة أو المتبنية للتقنية وهناك من فقط يود الإجتماع بالناس والخروج من ملل الجلوس لفترات طويلة أمام الحاسوب. فكيف تستطيع الدول التعامل مع جميع هذه الفئات؟


من أهم ما يزيد حدة الفجوة الرقمية في البلاد هو عدم إستكمال ضروريات الحياة كالماء والغذاء والكهرباء والصحة والتعليم. فالدول التي تعاني من أحد أو جميع هذه الجوانب لا نستطيع أن نتوقع منها ولا من مواطنيها الكثير في تقليص الفجوة الرقمية. أضف إلى ذلك إختلاف الثقافات بين الشعوب والتي قد ينشأ عنها فجوة رقمية ليس فقط بين الأفراد ولكن أيضاً بين الجنسين (الذكور والإناث)، فبعض المجتمعات تنظر لموضوع التعليم والعمل بنظرة ذكورية في حين يجب على المرأة فقط أن تهتم بشؤون المنزل والأطفال. الأمر الذي يجعل من مبادرات كبرى الدول في تقليص الفجوة الرقمية عن طريق تكوين الصناديق المالية ليس بالأمر السهل. فالموضوع لا يقتصر على توفير جهاز حاسوب وشبكة إنترنت لاسلكية ربما عن طريق الأقمار الصناعية فحسب بل يتعداه إلى كيفية إحداث نقلة نوعية في المستوى المادي والإجتماعي في هذه البلدان. من جانب آخر تقوم بعض الدول بتخصيص شركات الإتصالات ومحاولة خلق بيئة تنافسية لما فيه مصلحة المستخدمين بدون وضع ضوابط وسياسات معينة لهذه الشركات. الأمر الذي قد يؤدي لزيادة الفجوة الرقمية خصوصاً ذلك المرتبط بالنواحي الجغرافية والمادية. فأي شركة هدفها الربح أولاً وأخيراً الأمر الذي يجعلها تدرس جدوى المشاريع قبل تنفيذها. فلا أعتقد بأن فكرة مد أعمدة بث هاتفية أو شق قنوات أرضية لكابلات بصرية عبر جبال شاهقة أو أودية ساحقة أو صحارى شاسعة لمجرد توفير خدمة الهاتف المحمول والإنترنت لمجموعة صغيرة من الأفراد بذات جدوى لأي شركة! الأمر الذي قد يضطر بعض الدول لعرض مساعدات حكومية مالية لهذه الشركات بغرض توفير الخدمات المذكورة في الأماكن النائية.


ختاماً، تقوم دول العالم بتبني بعض الحلول لتقليص هذه الفجوة الرقمية بإختلاف أنواعها ولعل من أهمها شيوعاً هو التعليم والتدريب المستمر على التقنية الحديثة. ففي السلطنة قامت هيئة تقنية المعلومات بتنفيذ مشروع مراكز المجتمع المعرفية والتي تهدف من خلاله إلى تكوين مجتمع رقمي في السلطنة. يجب التنبيه هنا إلى أن الأمر يجب ألا يقتصر فقط على التعليم الفني دون ربط ذلك بأهمية شخصية للمتدرب لضمان الإستمرارية في الإستخدام. فمن السهل أن ينسى الفرد ما تعلمه إن لم يستمر في الممارسة والتي تعتمد كثيراً على إهتمام وحب المتعلم بالتقنية. الأمر الذي لا يتأتى إلا عند إحداث رابط مباشر بين التقنية وتحسين أسلوب حياة المتدرب.

الأحد، يناير 10، 2010

المؤتمر الخليجي الأول للحكومة الإلكترونية

قامت هيئة تقنية المعلومات في الأسبوع الماضي بإستضافة المؤتمر الخليجي الأول للحكومة الإلكترونية والذي تضمن كذلك معرض للخدمات الحكومية الإلكترونية وجائزة لأفضل المبادرات الإلكترونية في دول الخليج العربي. سنحاول اليوم تسليط الضوء على بعض أهم النقاط المرتبطة بهذا المؤتمر كونه جاء متزامناً مع عرضنا لهذه السلسلة من الدروس الخاصة بمفهوم الحكومة الإلكترونية.


تباينت دول الخليج العربي في تبني مفهوم الحكومة الإلكترونية من ناحية التطبيقات والفترة الزمنية من بداية التطبيق والتحديات التي واجهتها. فهناك من حقق مراكز متقدمة في آخر التصنيفات العالمية كتصنيف الأمم المتحدة والتي إحتلت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة ال 32 في العالم متقدمة في ذلك على جميع الدول العربية والإسلامية. وهناك من قام بمبادرات إلكترونية يشار إليها بالبنان كخدمة كهرماء في دولة قطر والتي إستحقت عن جدارة الفوز بالمرتبة الأولى في جائزة الحكومة الإلكترونية في المؤتمر كأفضل خدمة إلكترونية من بين جميع الخدمات الإلكترونية لدول الخليج. وهناك من تفوق في جانب الخدمات الحكومية عن طريق الهاتف المحمول كما هو الحال في مملكة البحرين. وهناك من إتبع نظاماً لا مركزيا (نادر بين الدول) في تخطيط وإدارة مشروع الحكومة الإلكترونية كما هو الحال في المملكة العربية السعودية. كل ذلك وأكثر يحتم علينا ضرورة الإستفادة من التجربة الخليجية في تطوير المشاريع المستقبلية للحكومة الإلكترونية والتي قد تتضمن التخطيط لمشاريع مشتركة بين الدول الأعضاء، ولعل ذلك من أهم أهداف المؤتمر. كما تأتي جائزة الحكومة الإلكترونية من خلال المؤتمر لتشجيع التنافس الشريف بين الدول الأعضاء لما فيه الإرتقاء بالخدمات الحكومية للمواطنين والشركات.


من خلال مشاركتي في هذا المؤتمر أستطيع أخواني القرّاء أن أوجز أهم النقاط المطروحة كالآتي:


· التحديات: إشتركت دول الخليج العربية في ستة من أهم التحديات المصاحبة لتطبيق الحكومة الإلكترونية والتي تحدث عنها جميع الرؤساء التنفيذيين لمؤسسات الحكومة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي. أول هذه التحديات هو دعم القيادة وفهمها للمشروع والتي تطرقنا إليه في درس سابق. تأتي الإستراتيجية الوطنية للحكومة الإلكترونية كتحدي آخر من حيث فترة صياغتها والتي إن طالت لربما أصبحت ذات نظرة قديمة نسبياً نظراً للتطور السريع العالمي في قطاع تقنية المعلومات والإتصالات. كذلك يجب أن يتم "إحياء" الإستراتيجية دائماً وأبداً من خلال مراعاتنا لإندراج جميع الخطط والمشاريع المستقبلية تحتها. أما التحدي الثالث فهو في المستفيدين من الحكومة الإلكترونية (المستخدمين) وكيفية تدريبهم وإقناعهم على التخلي عن الطرق القديمة وتبني الأساليب الإلكترونية الجديدة. بالإظافة لذلك تأتي التقنية المستخدمة كتحدي رابع من حيث إختيار المناسب والجديد القادر على توحيد الجهات الحكومية بإختلاف بياناتها وتطبيقاتها. كما يجب أن تكون التقنية المستخدمة قابلة للتوسع (Scalable) وذات مصدر مفتوح (Open Source). أما التحدي الخامس فهو في الكوادر البشرية المهمة في تطوير وإدارة مختلف مشاريع الحكومة الإلكترونية. حيث أن من الصعب بمكان الحصول على الكوادر الوطنية المؤهلة إلا بعد تدريب وتعليم مستمر والذي قد يأخذ بعض الوقت. أضف إلى ذلك إمكانية أن تخسر الجهات الحكومية هذه الكوادر لبعض الشركات التجارية بسبب مغريات مادية أو مهنية أو غيرها. أما التحدي الأخير فهو في الإطار التشريعي (القانوني) للتطبيقات الإلكترونية لضمان حماية حقوق المستفيدين والمطورين من الجرائم الإلكترونية.


· الحكومة المتكاملة (Integrated Government): تناول الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير المعلومات والإتصالات في سنغافورة هذا المفهوم كرؤية مستقبلية للحكومة الإلكترونية في بلاده. فالرؤية تنص على إمكانية الإنتقال من مجرد دمج الخدمات الحكومية إلكترونياً في بوابة واحدة إلى مرحلة أفضل وهي دمج العمليات والأنظمة والمعلومات الحكومية في بوتقة واحدة. الأمر الذي قد يتطلب نقلة نوعية في إعادة هندسة مختلف العمليات الحكومية في مختلف الجهات.


· النسخة الثالثة للحوكمة الإلكترونية: تطرق أحد مستشاري المعهد التكنولوجي الدنماركي لتقسيمات جديدة في عالم الحكومة الإلكترونية والتي تتضمن نسخ مختلفة من التطبيقات تختلف بإختلاف التقنية المستخدمة. ما يهمنا في هذا الموضوع هو النسخة الثالثة والتي يتوقع أن ترى النور خلال السنوات العشر القادمة. أهم ما يميز هذه النسخة (الحقبة) هو توظيفها وبشكل كبير وواسع لتقنيات تعتبر تحت الدراسة أو ذات تطبيقات قليلة الإنتشار كشبكات العمل واسعة النطاق (wide-scale ubiquitous networks)، والحوسبة المنتشرة (Distributed Computing) والشبكة الدلالية (semantic web) وقواعد البيانات الموزعة ذات النطاق الكبير (large-scale distributed databases) بالإضافة إلى الذكاء الصناعي (artificial intelligence).


تلك كانت فقط بعض النقاط المهمة التي اسفر عنها المؤتمر (غيض من فيض) و التي لا نستطيع أن نجملها في مقالة واحدة. نود التنويه إلى ضرورة إستمرارية مثل هذه المؤتمرات والشكر كل الشكر لهيئة تقنية المعلومات لأخذ زمام المبادرة. كما نتمنى أن نلتمس إنعكاس فوائد وتوصيات المؤتمر على التطبيقات القادمة للحكومة الإلكترونية في دول الخليج العربي.

السبت، يناير 02، 2010

البوابة الحكومية الإلكترونية

تردد إسم "البوابة الإلكترونية" كثيراً في الإعلام والصحف وحتى في إعلانات الشوارع مؤخرا خصوصاً بعد تدشين البوابة الإلكترونية للخدمات الحكومية في سلطنة عمان (www.oman.om) في الثامن من شهر نوفمبر الماضي. الأمر الذي يبشر بحقبة جديدة من التعاملات الحكومية تسعى لتوفير المعلومات والخدمات الحكومية في متناول الجميع في كل وقت وحين. سنقوم اليوم في درسنا هذا يتسليط الضوء على هذا المصطلح "البوابة الإلكترونية" وبيان أهم القضايا المحيطة به.


تُعرف البوابة الإلكترونية بأنها موقع إلكتروني في الإنترنت يُبنى كمدخل وكصفحة بدأ لمعلومات وخدمات ومواقع إلكترونية أخرى. تتعدد أنواع البوابات الإلكترونية في الإنترنت بتعدد أهدافها. فهناك بوابات تجارية (Commercial) كبوابة شركة ياهو (Yahoo) والتي قد يعتبرها البعض محرك بحث في حين أنها توفر أكثر من مجرد البحث عن المعلومات، كمعلومات الطقس والأسهم المالية وآخر الأخبار في شتى الميادين. وهناك بوابات الشركات والمؤسسات والتي تُعنى بتقديم جميع المعلومات والخدمات الخاصة بالمؤسسة لأصحاب المصلحة كالمستهلكين والموظفين وغيرهم. وهناك كذلك بوابات الهوايات المختصة بنوع معين من إهتمامات مستخدمي الإنترنت. مثال على هذا النوع هو موقع (www.cnet.com) الذي يعنى بتوفير المعلومات عن كل ما هو جديد في قطاع الإلكترونيات والتقنية. بالإظافة إلى هذه الأنواع، هناك بوابات أخرى خاصة بصناعة معينة كالتعدين مثلاً تجتمع فيها عادة أكثر من شركة تحت نفس القطاع لتبادل الخبرات والمعلومات.


تختلف البوابات الحكومية الإلكترونية عن جميع الأنواع السابقة كثيراً في كونها الأكثر تعقيدا والأكثر شمولاً. ففي حين نرى معظم البوابات السابقة تأتي بمعرفة مسبقة للمستهدفين من هذه البوابات، تأتي البوابات الحكومية برؤية غير واضحة عن ماهية المستخدمين. فالبوابات الحكومية يجب أن تكون شاملة لكل فرد في البلاد بإختلاف أعمارهم وتعليمهم ومستواهم الإقتصادي وإحتياجاتهم وثقافاتهم ومقدرتهم الفنية (المعرفة بتقنية المعلومات) والمادية للوصول إلى البوابة. الأمر الذي يجعل من بناء موقع واحد يسعى لتوحيد جميع تلك الإختلافات في بوتقة واحدة، امراً صعباً. أضف إلى ذلك أن في بعض البلدان يتطلب من البوابة الإلكترونية للحكومات أن توجه المستخدم إلى المعلومة أو الخدمة المناسبة عبر آلاف أو ملايين الصفحات الحكومية الإلكترونية كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً. كما يتطلب من البوابات الحكومية أن تحقق أكبر قدر من الإندماج الأفقي (بين المؤسسات الحكومية) والرأسي (بين مختلف المستويات الحكومية). الأمر الذي قد يجعل تطوير البوابة يمر بمراحل متعددة لصعوبة تحقيق كل ما مضى في آن واحد.


قامت معظم دول العالم بتبني أساليب مختلفة لبناء البوابات الإلكترونية الخاصة بالحكومات. فهناك من إتبع مبدأ الإرشاد الدليلي (Directory) كنظام لإرشاد الزوار إلى وجهتهم كما هو الحال في موقع نيوزيلاند (newzealand.govt.nz) حيث نجد قائمة (دليل) بمختلف جوانب الحياة في البلد. وهناك كذلك مبدأ القنوات (Channels) كما هو واضح في بوابة السلطنة وبوابة سنغافورة (www.ecitizen.gov.sg) وبوابة الولايات المتحدة الأمريكية (www.usa.gov) حيث نجد التقسيم إلى أربعة قنوات رئسيسة (المواطنين، الشركات، الحكومة، الزوار). وهناك من إتبع طريقة حوادث الحياة (Life Events) كما هو الحال في بريطانيا (www.direct.gov.uk) حيث نجد قائمة بمختلف حوادث الحياة التي قد تمر على الفرد البريطاني أو الزائر.


بغض النظر عن الطريقة المتبعة لتطوير البوابة الحكومية والتي يجب أن تراعي ثقافة البلد والمستخدمين، فهناك عدة قضايا يجب أن تدرس عند التخطيط لبناء بوابة إلكترونية حكومية ناجحة منها:


· إثبات هوية المستخدم (Authentication): عند تطوير البوابة لتنفيذ بعض المعاملات الحكومية قد يتطلب معرفة المستخدم والتحقق من هويتة بغية إسترجاع بعض المعلومات الخاصة بالمستخدم من معاملات سابقة. في مثل هذه الأحوال وغيرها، يجب أن توضع آلية للتحقق من هويات المستخدمين ومراعاة عدم إزدواجية التحقق من الهوية عند توجيه البوابة للمستخدم إلى موقع المؤسسة الحكومية الأصلي.


· التخصيص العام (Customization) والخاص (Personalization): يحبذ كثيراً إتصاف البوابات الإلكترونية بأنواعها ومنها الحكومية بهذة الميزتين. فالأولى تُعنى بإعطاء المستخدم القدرة على إضفاء لمسة شخصية على شكل ومحتوى البوابة والتي قد يشترك أكثر من مستخدم في الإختيارات ذاتها كلون الواجهة ومعلومات الطقس أو معلومات عن الوظائف الحكومية في قطاع المحاسبة وغيرها. أما الثانية فهي حين يرغب المستخدم أن يتلقي معلومات خاصة به شخصيا أو بمن يعول كأبناءه وزوجته. فقد يحتاج المستخدم أن يعرف درجات إبنه الفترية في المدرسة ومعلومات أخرى عن مواعيد زوجته الصحية في المستشفيات وغيرها من المعلومات الخاصة تماماً.


· خاصية البحث وتعدد اللغات: يجب أن يوجد في البوابات الحكومية الإلكترونية محرك بحث صغير يستطيع من خلاله المستخدم البحث عن المعلومة أو الخدمة التي يرغب بها والتي قد لا تتوفر مباشرةً من موقع البوابة الرئيسي. كما يجب أن نراعي تعدد الثقافات واللغات في البلاد وتوفير نسخ مختلفة بلغات مختلفة للبوابة الحكومية.


لا يتسع المجال هنا للخوض في جميع القضايا المحيطة بمفهوم البوابة الحكومية الإلكترونية ولكن يجب على القائمين على تطوير البوابات الحكومية مراعاة كفاءة البوابة في توجية المستخدم للمعلومة أو الخدمة المنشودة بكل سهولة وبساطة. في هذا السياق، قد يكون لتقنية الشبكة الدلالية (Semantic Web) وأسلوب خرائط الموضوع (Topic Maps) في البحث جدوى في تسهيل الوصول للمعلومات. كما يجب أن تتصف البوابة بالقدرة على تدريب وتعليم المستخدم بطريقة الإستخدام المثلى مما يتيح الفرصة لتبادل الخبرات بين المستخدمين.