الأحد، يناير 10، 2010

المؤتمر الخليجي الأول للحكومة الإلكترونية

قامت هيئة تقنية المعلومات في الأسبوع الماضي بإستضافة المؤتمر الخليجي الأول للحكومة الإلكترونية والذي تضمن كذلك معرض للخدمات الحكومية الإلكترونية وجائزة لأفضل المبادرات الإلكترونية في دول الخليج العربي. سنحاول اليوم تسليط الضوء على بعض أهم النقاط المرتبطة بهذا المؤتمر كونه جاء متزامناً مع عرضنا لهذه السلسلة من الدروس الخاصة بمفهوم الحكومة الإلكترونية.


تباينت دول الخليج العربي في تبني مفهوم الحكومة الإلكترونية من ناحية التطبيقات والفترة الزمنية من بداية التطبيق والتحديات التي واجهتها. فهناك من حقق مراكز متقدمة في آخر التصنيفات العالمية كتصنيف الأمم المتحدة والتي إحتلت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة ال 32 في العالم متقدمة في ذلك على جميع الدول العربية والإسلامية. وهناك من قام بمبادرات إلكترونية يشار إليها بالبنان كخدمة كهرماء في دولة قطر والتي إستحقت عن جدارة الفوز بالمرتبة الأولى في جائزة الحكومة الإلكترونية في المؤتمر كأفضل خدمة إلكترونية من بين جميع الخدمات الإلكترونية لدول الخليج. وهناك من تفوق في جانب الخدمات الحكومية عن طريق الهاتف المحمول كما هو الحال في مملكة البحرين. وهناك من إتبع نظاماً لا مركزيا (نادر بين الدول) في تخطيط وإدارة مشروع الحكومة الإلكترونية كما هو الحال في المملكة العربية السعودية. كل ذلك وأكثر يحتم علينا ضرورة الإستفادة من التجربة الخليجية في تطوير المشاريع المستقبلية للحكومة الإلكترونية والتي قد تتضمن التخطيط لمشاريع مشتركة بين الدول الأعضاء، ولعل ذلك من أهم أهداف المؤتمر. كما تأتي جائزة الحكومة الإلكترونية من خلال المؤتمر لتشجيع التنافس الشريف بين الدول الأعضاء لما فيه الإرتقاء بالخدمات الحكومية للمواطنين والشركات.


من خلال مشاركتي في هذا المؤتمر أستطيع أخواني القرّاء أن أوجز أهم النقاط المطروحة كالآتي:


· التحديات: إشتركت دول الخليج العربية في ستة من أهم التحديات المصاحبة لتطبيق الحكومة الإلكترونية والتي تحدث عنها جميع الرؤساء التنفيذيين لمؤسسات الحكومة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي. أول هذه التحديات هو دعم القيادة وفهمها للمشروع والتي تطرقنا إليه في درس سابق. تأتي الإستراتيجية الوطنية للحكومة الإلكترونية كتحدي آخر من حيث فترة صياغتها والتي إن طالت لربما أصبحت ذات نظرة قديمة نسبياً نظراً للتطور السريع العالمي في قطاع تقنية المعلومات والإتصالات. كذلك يجب أن يتم "إحياء" الإستراتيجية دائماً وأبداً من خلال مراعاتنا لإندراج جميع الخطط والمشاريع المستقبلية تحتها. أما التحدي الثالث فهو في المستفيدين من الحكومة الإلكترونية (المستخدمين) وكيفية تدريبهم وإقناعهم على التخلي عن الطرق القديمة وتبني الأساليب الإلكترونية الجديدة. بالإظافة لذلك تأتي التقنية المستخدمة كتحدي رابع من حيث إختيار المناسب والجديد القادر على توحيد الجهات الحكومية بإختلاف بياناتها وتطبيقاتها. كما يجب أن تكون التقنية المستخدمة قابلة للتوسع (Scalable) وذات مصدر مفتوح (Open Source). أما التحدي الخامس فهو في الكوادر البشرية المهمة في تطوير وإدارة مختلف مشاريع الحكومة الإلكترونية. حيث أن من الصعب بمكان الحصول على الكوادر الوطنية المؤهلة إلا بعد تدريب وتعليم مستمر والذي قد يأخذ بعض الوقت. أضف إلى ذلك إمكانية أن تخسر الجهات الحكومية هذه الكوادر لبعض الشركات التجارية بسبب مغريات مادية أو مهنية أو غيرها. أما التحدي الأخير فهو في الإطار التشريعي (القانوني) للتطبيقات الإلكترونية لضمان حماية حقوق المستفيدين والمطورين من الجرائم الإلكترونية.


· الحكومة المتكاملة (Integrated Government): تناول الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير المعلومات والإتصالات في سنغافورة هذا المفهوم كرؤية مستقبلية للحكومة الإلكترونية في بلاده. فالرؤية تنص على إمكانية الإنتقال من مجرد دمج الخدمات الحكومية إلكترونياً في بوابة واحدة إلى مرحلة أفضل وهي دمج العمليات والأنظمة والمعلومات الحكومية في بوتقة واحدة. الأمر الذي قد يتطلب نقلة نوعية في إعادة هندسة مختلف العمليات الحكومية في مختلف الجهات.


· النسخة الثالثة للحوكمة الإلكترونية: تطرق أحد مستشاري المعهد التكنولوجي الدنماركي لتقسيمات جديدة في عالم الحكومة الإلكترونية والتي تتضمن نسخ مختلفة من التطبيقات تختلف بإختلاف التقنية المستخدمة. ما يهمنا في هذا الموضوع هو النسخة الثالثة والتي يتوقع أن ترى النور خلال السنوات العشر القادمة. أهم ما يميز هذه النسخة (الحقبة) هو توظيفها وبشكل كبير وواسع لتقنيات تعتبر تحت الدراسة أو ذات تطبيقات قليلة الإنتشار كشبكات العمل واسعة النطاق (wide-scale ubiquitous networks)، والحوسبة المنتشرة (Distributed Computing) والشبكة الدلالية (semantic web) وقواعد البيانات الموزعة ذات النطاق الكبير (large-scale distributed databases) بالإضافة إلى الذكاء الصناعي (artificial intelligence).


تلك كانت فقط بعض النقاط المهمة التي اسفر عنها المؤتمر (غيض من فيض) و التي لا نستطيع أن نجملها في مقالة واحدة. نود التنويه إلى ضرورة إستمرارية مثل هذه المؤتمرات والشكر كل الشكر لهيئة تقنية المعلومات لأخذ زمام المبادرة. كما نتمنى أن نلتمس إنعكاس فوائد وتوصيات المؤتمر على التطبيقات القادمة للحكومة الإلكترونية في دول الخليج العربي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق