الاثنين، مايو 21، 2012

مكاتب السفر بين المطرقة والسندان


قام برنامج هنا عمان يوم السبت الماضي بعرض استبيان للمشاهدين من خلال موقع البرنامج على الفيسبوك عن كيفية اختيار الناس لوجهاتهم السياحية مستعرضين أهم الادوات المستخدمة في هذا الجانب كمكاتب السياحة ووسائل الاعلام المختلفة ومواقع الانترنت وايضا الاصدقاء. شدني هذا التساؤل لكتابة هذه المقالة والتي سأحاول ان اسرد فيها بعض التسهيلات التي توفرها التقنية اليوم في هذا الجانب خصوصا مع اقتراب موسم الاجازات وسعي معظم الناس للتخطيط للسفر سواء داخل البلد او خارجها. فتطور التقنية والانترنت يبشر بتغير النمط التقليدي لمكاتب السفر وربما لإلغائها نظرا للصعوبات السوقية التي تواجهها هذه المكاتب في تحقيق الارباح. فمن الملاحظ أن هذه المكاتب لا تخدم حاليا غير اولئك الناس الاقل تعليما كالقوى العاملة غير القادرة على استخدام الانترنت، بالاضافة الى فئة كبار السن وبعض شرائح المجتمع الذين لا يفرق معهم موضوع اختلاف الاسعار أو الذين لا يجدون الوقت الكافي للتخطيط للسفر. اما الاغلبية الكبرى، فسيجدون في مواقع الانترنت (وما اكثرها) الخيار الافضل والاسهل والارخص في تحديد وجهات السفر والتخطيط المسبق لها بما يتضمن من حجز للتذاكر والفنادق ومختلف الجولات السياحية. ليس ذلك فحسب، فمعظم مكاتب السفر باتت تستخدم مثل هذه المواقع في عرض خدماتها للمستهلكين المحليين باسعار أغلى يضاف اليها فائدة المكتب، فهل سترغب اخي القارئ واختي القارئة في دفع هذه الزيادة؟

قد يتاثر الكثيرون بالناس حولهم في تحديد الوجهة السياحية دون ان يكلفوا انفسهم عناء البحث في مدى تناسب هذه الوجهة ماديا ومعنويا مع تطلعاتهم واهتماماتهم. فأغلب استفساراتنا عن الأسعار، سواء للتذاكر أو الفنادق أو المواصلات وغيرها. نعم، تعتبر الاسعار من أهم العوامل ولكن هناك عوامل اخرى قد تساهم في زيادة استمتاع افراد الرحلة بالسفر كالمناخ فهناك من يفضل الامطار والجو البارد وهناك من يفضل الرياضات البحرية والاجواء المعتدلة والرطبة. اضف الى ذلك توافر الاكل الحلال ونوعيته، فهناك من لا يستطيع اكل الوجبات الصينية، أو الهندية الحارة أو الوجبات السريعة. ناهيك عن توافر الانشطة العائلية، فهناك من يهتم بتخصيص وقت كبير لاخذ اولاده الى مختلف الحدائق والمتنزهات والمتاحف، وهناك من لا يحب كل هذا ويفضل التسوق والجلوس على المقاهي والمطاعم وقس على ذلك. أضف الى ذلك وسائل النقل المتاحة في البلد السياحي، فقد يتوفر في بلد ما عدة وسائل كالباصات وسيارات الاجرة وربما الترام والميترو، ناهيك عن توافر خيار استئجار سيارة بسائق أو بدون والتي قد تسهل لنا عملية التنقل بين المزارات السياحية بشكل اقتصادي ومريح. فهل يا ترى اجرينا بحثنا عن كل هذه العناصر لاختيار افضلها. ام اننا نعطي مكاتب السفر مهمة الاختيار وما علينا الا الطاعة؟ فكم من السفريات التي أجبرنا فيها على جدول سياحي غير مريح كأن نضطر لزيارة المعابد البوذية أو الهندوسية والتي قد لا يرتاح اكثرنا لها. أو قضاء الاوقات الطويلة في الباص السياحي لانتظار بقية المجموعة السياحية أو الإضطرار للاستيقاظ مبكرا للحاق برحلة جوية أو برية معينة وغيرها من الصعوبات والمنغصات التي قد تواجه المسافرين.


كل ذلك يمكن تغييره اليوم بالتخطيط المسبق لعملية السفر من خلال التقنية الحديثة المتوفرة على الإنترنت وأجهزة الهاتف المحمولة. دعونا نستعرض بعض المواقع الإلكترونية التي قد تفيدنا قبل الشروع في السفر. بداية ضرورة البحث في بعض المنتديات الاكترونية الخاصة بالمسافرين التي يستعرض فيها المشاركون تجاربهم وسفراتهم السياحية بالإضافة الى توفيرها لمنتدى حواري بين المشاركين لإستخلاص النصائح واخذ آراء المجربين حول اي برنامج سياحي مقترح. لذلك انصح بزيارة هذه المواقع قبل تحديد وجهة السفر لتكوين فكرة عامة عن الخيارات المتاحة والمزارات السياحية والفعاليات والأسعار بشكل عام. اشهر هذه المواقع هو موقع العرب المسافرون (travel.maktoob) وموقع سفاري السفر والسياحة (sfari.com) وموقع زاد المسافر (travelzad.com) والذين يوفرون كافة المعلومات التي يحتاجها المسافر لمعظم الوجهات السياحية في العالم بما فيها ايضا انواع السياحة كالسياحة الطبية والسياحة الدينية بالاضافة الى معلومات عن الدراسة في بعض اهم واشهر الوجهات التعليمية. بعد ذلك يأتي حجز تذاكر السفر والتي قد نجد مواقع عدة توفر لنا مقارنات بين مختلف انواع الطيران المختلفة، منها موقع (Cleartrip.com) وموقع (Expedia.com)  وموقع (Kayak.com) بالاضافة الى مواقع الطيران الرسمية كموقع الطيران العماني (Omanair.com) ومواقع الطيران الاقتصادي كطيران العربية (AirArabia.com)  وطيران فلاي دبي (FlyDubai.com) وغيرها. 

لا أنصح هنا ان نكتفي بموقع عن الاخر، بل علينا ان نقوم بالتأكد من جميع هذه المواقع لاختيار افضل الاسعار. طبعا، تعتمد معظم هذه المواقع في حجوزاتها على بطاقات الائتمان والتي اصبحت من ضروريات السفر هذه الايام، كما قد توفر بعض هذه المواقع خيارات تحديد المقاعد في الطائرة وأنواع الوجبات وربما طلب بعض الادوات الخاصة للمسافرين ذوي الاعاقة. أما عن حجوزات السكن والمواصلات الداخلية فهناك بعض المواقع الجيدة التي توفر اسعارا غالبا ما تكون افضل من مواقع الفنادق الالكترونية كموقع (Booking.com) وموقع (Agoda.com) والتي توفر ليس فقط خيار السكن الفندقي بل حتى الشقق السكنية بانواعها. كما يمكن ايضا مراجعة آراء النزلاء في هذه الخيارات واختيار الانسب حسب السعر والجودة والموقع وتقييم الزبائن. وهناك ايضا برمجيات الهواتف المحمولة التي نستطيع من خلالها التعرف على أهم الاماكن السياحية في مختلف البلدان بالاضافة الى تلك البرامج الخاصة بالترجمة والتي تمكن الزائر من تحدث لغة البلد بأريحية. كل ذلك واكثر مما يجعلنا في حيرة ممن لا زالوا يفضلون الذهاب الى مكاتب السفر التقليدية رغم اقتنائهم لأفضل الهواتف الذكية وقدرتهم على تتبع مواقع الانترنت والخروج بجداول سياحية مناسبة لهم ولافراد عائلتهم.

الاثنين، مايو 14، 2012

النظام متوقف


كم من المرات أعزائي القرّاء ذهبتم لانهاء بعض المعاملات في جهات خدمية سواء كانت حكومية أو خاصة وتفاجأتم بأن نظام الحاسوب متوقف وبالتالي وجب عليكم الانتظار لفترات قد تتراوح بين بضع دقائق في أحسن الأحوال وأحيانًا كثيرة تجاوزت هذه المدة لساعات وربما كان عليكم الرجوع بعد يوم أو أكثر؟ للأسف فقد بدأت هذه الظاهرة تنتشر دون أن يحرك لها أحد ساكنا. طبعًا عادة ما يلقى اللوم على الحواسيب القديمة أو الأنظمة المركزية للدائرة أو خطوط الإنترنت التابعة للشركة الفلانية وربما بدأ الموظفون بالتذمر من الإدارات العليا وعدم تقبلهم للاقتراحات وكأن الموضوع خارج عن سيطرتهم .لا ندري هل الموضوع بيد شركات الإتصالات، أم بيد الجهة المطورة للنظام؟ أم خاص بالشركة ذات النظام؟ وأهم من كل ذلك، لماذا علينا نحن المراجعين أو المستهلكين تكبد أخطاء هذه الجهات خصوصًا مع عدم توافر البديل؟

دعوني استعرض لكم (على سبيل المثال لا التخصيص) موقفًا حصل لي مع شركة عمان للاستثمارات والتمويل الاسبوع الماضي. فهي الشركة المرخصة (حصريًا) لطباعة فواتير الماء والكهرباء، بالإضافة إلى توفيرها خيارات تسديد الفواتير بأنواعها. فبالرغم من توافر العديد من المنافذ الإلكترونية لهذه الشركة كموقع الشركة على الإنترنت وأكشاكها الإلكترونية لدفع أنواع الفواتير كالماء والكهرباء وغيرها، إلا ان ذلك لا يغني أحدنا من زيارة منافذ خدمات المشتركين بين الحين والآخر لتسوية بعض الإشكالات. فعداد البيت يظهر أرقامًا مختلفة عن الأرقام الفلكية التي تظهرها الفاتورة، لذلك وجب علينا التحقق من الأمر بزيارة أحد المنافذ والوقوف على الاسباب. لم أكن محظوظًا في زيارتي فقد تزامنت مع توقف النظام هناك. الامر الذي لم يسمح لموظفي قسم خدمة الزبائن باستعراض سابقات الدفع وغيرها من المعلومات. وبعد نقاش بسيط مع أحد الموظفين تبين أن الموضوع أكبر من كونه خللا فنيا. فهناك مشكلة مع الموظفين العدادين (الذين عليهم التأكد شهريًا من قراءات عدادات المنازل)، فهم عازفون عن العمل لاسباب عدة، مما حدا بالمختصين بالشركة بتوقع مبالغ الدفع مراعين المعدل الشهري لاستخدام المستهلكين بدلا من حسابها بالشكل الصحيح. السؤال هنا، لماذا ما زال علينا توظيف البشر في قراءة العدادات في ظل التطور الكبير للتقنية وحلولها ولعل أهمها هنا هو العداد الذكي القادر على إرسال القراءات بشكل لاسلكي يوميًا؟ هل بتنا لا نثق في التقنية بعد التوقف المستمر للأنظمة الإلكترونية بين الحين والآخر؟ أم أننا ننشد المصداقية وصحة المعلومات؟ فقد تبين أن هناك حالات قراءات خاطئة من قبل قارئي العدادات كما كان الحال معي، مما اضطرني لانتظار شهر آخر لحضور قارئ آخر آملا أن لا يخطئ هو الآخر. فعدم الدفع لعدة أشهر وبمبلغ كبير كالذي أظهرته تلك الفاتورة قد يتسبب في تعليق الخدمة دون ذنب.


الامثلة كثيرة إخواني القرّاء ومن المؤكد أنكم صادفتم مثل هذه المواقف في جهات أخرى. فهناك من يشتكي من أنظمة الوزارات الخدمية خصوصًا تلك التي تعمل من خلال بنايات غير مؤهلة مسبقًا للعمل الحكومي. الغريب أن ينتشر مثل هذا الأداء بين بعض الجهات الخاصة مع حرصها على كسب الزبائن. لذلك وجب اليوم التأكيد على بعض القضايا المهمة في هذا الجانب التي تعتبر من أساسيات العمل التجاري المهني. أولا: أرى أن مبدأ خدمة الزبائن يزداد كفاءة مع ازدياد التنافس التجاري. فكم من المرات نجد أنفسنا نسعى للشركات ونتكبد الكثير دون أن نرى من هذه الشركات ما يقابل هذا الجهد. فالمنافسة تجعل من الشركات أحرص على استقطاب الزبائن وخدمتهم، لذلك نرى هذا الجانب أضعف نسبيًَا في الجهات الحكومية مع وجود بعض الاستثناءات طبعا. فثقافة خدمة الزبائن لا يمكن لها ان تتطور معنا إلا اذا فعّلنا مبدأ المنافسة وألغينا الاحتكار .لذلك نطالب بتوفير البديل (المنافس) لشركة عمان للاستثمارات والتمويل وغيرها من الجهات التي قد تحتكر نوعا معينا من الخدمات أو المنتجات. ثانيا: ونخص هنا جميع الجهات التي تنوي فتح فروع جديدة أو منافذ خدمة للمستهلكين، بضرورة التأكد فنيًا من جاهزية هذا المبنى ليس فقط في احتضان أنواع المفروشات وعدد الموظفين والزبائن ولكن أيضا لمدى جاهزية هذا المبنى تقنيًا لعمل مختلف الأنظمة الإلكترونية الخاصة بالمؤسسة. فقد يكون المبنى بعيدًا عن خدمات الإنترنت فائق السرعة أو قد لا يحظى بتغطية كافية من شبكات المحمول اللاسلكية وغيرها من المتطلبات. وأخيرًا إخواني القرّاء، أنصح جميع الجهات العاملة بالسلطنة بضرورة تطوير مختلف خطط الطوارئ ليس فقط للتعافي من الكوارث وضمان استمرارية العمل بل حتى أيضا للنظر في كيفية التعامل مع مختلف أنواع المشاكل التي قد تتسبب في خسارة الزبائن أو عدم تقديم أفضل الخدمات لهم. فمن السذاجة اليوم أن لا تعي بعض المؤسسات ضرورة وضع التدابير الأمنية أو الفنية المناسبة والتي يجب أن تندرج تحت خطة واضحة لإدارة المخاطر المختلفة. كما ان على المؤسسات أن تدرس احتمالية وقوع المخاطر بشكل دوري والنظر في جدوى الاستمرار في تطبيق التدابير الأمنية أو الفنية الحالية أو استحداث تدابير أخرى. فليس من المنطقي أيضاً تطبيق تدابير أمنية أكثر كلفة من قيمة الأنظمة والبيانات المزمع حمايتها.

الاثنين، مايو 07، 2012

التحزب في تقنية المعلومات


من الملاحظ اليوم أنه ومع انتشار التقنية بأنواعها أصبح أغلبنا ينحاز لتقنيات معينة عن الأخرى لأسباب مختلفة غالبا ما تكون غير مبررة. فهناك من ينحاز لنوع معين من الحواسيب، وهناك من لا يقبل بشراء غير نوع معين أو اسم معين في عالم التلفاز وهناك من لا يقبل إلا نوعية معينة من السيارات وقس على ذلك. أما عالم الهواتف المحمولة فحدّث ولا حرج. فأصبح الكثيرون يتحزبون حول نوع معين من الهواتف وأشهرها اليوم في السلطنة هي أجهزة سامسونج جالاكسي وأجهزة الآيفون من شركة أبل. أما شركتا نوكيا والبلاك بيري وبالرغم من ولاء بعض المستهلكين لهما، إلا أن إخفاق هاتين الشركتين في إنتاج الجديد بشكل متسارع يتماشى مع خطى الشركتين السابقتين جعل معظم زبائنهما يتسللون إلى شركات أخرى. الشاهد أننا بدأنا نرى تحيزا بين الناس لماركات معينة وتقنيات محددة وباتت المنتديات الإلكترونية مليئة بالمقارنات بين أنواع التقنيات والهواتف ومزاياها، مما أدى بالبعض إلى انتهاج المشادات الكلامية في محاولة لإثبات الرأي، فكل حزب بما لديهم فرحون. كل ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على نجاح هذه الشركات ليس فقط في استقطاب الزبائن بل أيضا في كسب ولائهم الكبير مما جعلهم وسيلة مجانية للدعاية والترويج بين أقاربهم وبني جنسهم. الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن أسباب هذه التحزبات، فهل هو أمر عائد لنجاح هذه الشركات وجودة منتجاتها كما يعتقد البعض؟ أم أنها خاصة بالزبون واهتماماته وتأثره بمن حوله؟

تشير إحصاءات شركة (IDC) الأخيرة إلى أن أجهزة الآي باد التي تنتجها شركة أبل والتي تدخل أيضا في نطاق التحزبات تحتل اليوم المرتبة الأولى عالمياً في قطاع الحواسيب الدفترية بنسبة 68% تليها أجهزة الأندرويد بأنواعها ومن ثم أجهزة شركة أمازون في المرتبة الثالثة. وفي دراسة أخرى قامت بها شركة (comScore) في قطاع الهواتف المحمولة في السوق الأمريكي، أظهرت الدراسة تفوق شركة سامسونج بأجهزتها المختلفة وإحرازها للمركز الأول من حيث نسبة المبيعات بنسبة 26%، تليها شركة (LG) بنسبة 19.3% وبعد ذلك شركة أبل بجهازها المعروف آيفون وبنسبة 14%. تعطينا هذه الدراسات باستمرار التوجه العام في شراء مختلف أنواع التقنيات والتي تعكس نجاح هذه التقنيات بشكل عام. بالرغم من ذلك نجد هناك من يفضل شراء أجهزة أخرى كالبلاك بيري أو نوكيا مثلاً رغم إخفاق هذه الشركات في تقديم أجهزة منافسة، فلماذا؟ نعلم أنه لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع، وأن عنصر العاطفة قد يتدخل في كثير من قراراتنا، لذلك نجد من يشتري السيارة الأجمل بدلا من الأصلح وقد يقتني احدنا الجهاز الأغلى بحكم منصبه أو رفقائه بدلا من احتياجاته. كل ذلك نعلمه، ولكن لماذا يا ترى نجد من يصر على شراء النوعية ذاتها دائما ولا يدع لنفسه فرصة التعرف على الابتكارات الجديدة؟ فما أكثر مستخدمي ومحبي نظام ويندوز مثلا ممن لا يرضون عنها بديلا بالرغم من توفر الخيار الأرخص والآمن كنظام لينكس المجاني أو نظام تشغيل أجهزة الأبل. هل يا ترى كل ذلك مرهون بعملية التغيير المصاحبة ومقاومتنا لها؟ أم هو في صعوبة التعود على الجديد وعدم توفر الوقت للاكتشاف والتعلم؟

أرى أن السبب يرجع وبشكل كبير إلى الشركات ونظم بيئة المحمول (Mobile Ecosystem) التي تصنع وترسخ التجربة الناجحة بين المستخدمين مما يجعل عملية التغيير أمرا صعباً. فالموضوع لم يعد مرهونا بالملفات وأرقام الاتصال فقط، فهناك البرمجيات التي قد تختلف جودتها بين الأنظمة إن وُجدت أصلا. فهناك برامج قد يتعود عليها أحدنا في نظام تشغيل معين قد لا تتوفر في الأنظمة الأخرى كبرنامج إنستاجرام (Instagram) مثلا الذي بدأ ونجح على أجهزة الآيفون لمدة طويلة وبعد ذلك قام بتدشين نسخته على أجهزة الأندرويد. كما أن هناك بعض المزايا التي قد يعتادها المستخدم والتي قد يفتقدها في الأنظمة الأخرى. فمثلا يعتاد أصحاب الآيفون استخدام برنامج الآيتيونز (iTunes) لشراء ملفات الموسيقى والفيديو بالإضافة لعمل التزامن المطلوب بين الهاتف والحاسوب. ناهيك طبعاً عن تطبيقات التخزين عن طريق حوسبة السحاب كنظام الآي كلاود (iCloud) من أبل ونظام جووجل درايف (Google Drive) من جووجل ونظام سكاي درايف (Sky Drive) من مايكروسوفت والبقية تأتي. فالشركات هنا وبطريقة غير مباشرة تجعل موضوع الانتقال بين نظام بيئي وآخر عملية صعبة تحتاج للكثير من الجهد والوقت وأحيانا إلى المعرفة الفنية المتخصصة والتي غالبا ما لا يتصف معظمنا بها أو لا يتسع وقتنا لتعلمها أو عملها.

لا أرى ضيرا أن ينحاز الناس لتقنيات عن الأخرى إن كان ذلك عن قناعة ومعرفة وربما عن تجربة كذلك، ولكن المؤسف أن لا يدع الإنسان لنفسه فرصة اكتشاف وتجربة التقنيات الأخرى على الأقل لمجرد العلم بالشيء فليس من رأى كمن سمع. نصيحتي للمختصين في التقنية بضرورة تجربة مختلف التقنيات (إن امكن) لمعرفة محدوديتها واختيار أفضلها. أما بقية الناس فعليكم بالتأني في اختيار الأجهزة وتحكيم العقل قبل العاطفة، فليس بالضروري أن يكون الجهاز الغالي هو الجهاز الأنسب، فما أكثر من يشتري الهواتف الذكية لغرض الاتصال والرسائل النصية فقط.