الاثنين، مايو 07، 2012

التحزب في تقنية المعلومات


من الملاحظ اليوم أنه ومع انتشار التقنية بأنواعها أصبح أغلبنا ينحاز لتقنيات معينة عن الأخرى لأسباب مختلفة غالبا ما تكون غير مبررة. فهناك من ينحاز لنوع معين من الحواسيب، وهناك من لا يقبل بشراء غير نوع معين أو اسم معين في عالم التلفاز وهناك من لا يقبل إلا نوعية معينة من السيارات وقس على ذلك. أما عالم الهواتف المحمولة فحدّث ولا حرج. فأصبح الكثيرون يتحزبون حول نوع معين من الهواتف وأشهرها اليوم في السلطنة هي أجهزة سامسونج جالاكسي وأجهزة الآيفون من شركة أبل. أما شركتا نوكيا والبلاك بيري وبالرغم من ولاء بعض المستهلكين لهما، إلا أن إخفاق هاتين الشركتين في إنتاج الجديد بشكل متسارع يتماشى مع خطى الشركتين السابقتين جعل معظم زبائنهما يتسللون إلى شركات أخرى. الشاهد أننا بدأنا نرى تحيزا بين الناس لماركات معينة وتقنيات محددة وباتت المنتديات الإلكترونية مليئة بالمقارنات بين أنواع التقنيات والهواتف ومزاياها، مما أدى بالبعض إلى انتهاج المشادات الكلامية في محاولة لإثبات الرأي، فكل حزب بما لديهم فرحون. كل ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على نجاح هذه الشركات ليس فقط في استقطاب الزبائن بل أيضا في كسب ولائهم الكبير مما جعلهم وسيلة مجانية للدعاية والترويج بين أقاربهم وبني جنسهم. الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن أسباب هذه التحزبات، فهل هو أمر عائد لنجاح هذه الشركات وجودة منتجاتها كما يعتقد البعض؟ أم أنها خاصة بالزبون واهتماماته وتأثره بمن حوله؟

تشير إحصاءات شركة (IDC) الأخيرة إلى أن أجهزة الآي باد التي تنتجها شركة أبل والتي تدخل أيضا في نطاق التحزبات تحتل اليوم المرتبة الأولى عالمياً في قطاع الحواسيب الدفترية بنسبة 68% تليها أجهزة الأندرويد بأنواعها ومن ثم أجهزة شركة أمازون في المرتبة الثالثة. وفي دراسة أخرى قامت بها شركة (comScore) في قطاع الهواتف المحمولة في السوق الأمريكي، أظهرت الدراسة تفوق شركة سامسونج بأجهزتها المختلفة وإحرازها للمركز الأول من حيث نسبة المبيعات بنسبة 26%، تليها شركة (LG) بنسبة 19.3% وبعد ذلك شركة أبل بجهازها المعروف آيفون وبنسبة 14%. تعطينا هذه الدراسات باستمرار التوجه العام في شراء مختلف أنواع التقنيات والتي تعكس نجاح هذه التقنيات بشكل عام. بالرغم من ذلك نجد هناك من يفضل شراء أجهزة أخرى كالبلاك بيري أو نوكيا مثلاً رغم إخفاق هذه الشركات في تقديم أجهزة منافسة، فلماذا؟ نعلم أنه لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع، وأن عنصر العاطفة قد يتدخل في كثير من قراراتنا، لذلك نجد من يشتري السيارة الأجمل بدلا من الأصلح وقد يقتني احدنا الجهاز الأغلى بحكم منصبه أو رفقائه بدلا من احتياجاته. كل ذلك نعلمه، ولكن لماذا يا ترى نجد من يصر على شراء النوعية ذاتها دائما ولا يدع لنفسه فرصة التعرف على الابتكارات الجديدة؟ فما أكثر مستخدمي ومحبي نظام ويندوز مثلا ممن لا يرضون عنها بديلا بالرغم من توفر الخيار الأرخص والآمن كنظام لينكس المجاني أو نظام تشغيل أجهزة الأبل. هل يا ترى كل ذلك مرهون بعملية التغيير المصاحبة ومقاومتنا لها؟ أم هو في صعوبة التعود على الجديد وعدم توفر الوقت للاكتشاف والتعلم؟

أرى أن السبب يرجع وبشكل كبير إلى الشركات ونظم بيئة المحمول (Mobile Ecosystem) التي تصنع وترسخ التجربة الناجحة بين المستخدمين مما يجعل عملية التغيير أمرا صعباً. فالموضوع لم يعد مرهونا بالملفات وأرقام الاتصال فقط، فهناك البرمجيات التي قد تختلف جودتها بين الأنظمة إن وُجدت أصلا. فهناك برامج قد يتعود عليها أحدنا في نظام تشغيل معين قد لا تتوفر في الأنظمة الأخرى كبرنامج إنستاجرام (Instagram) مثلا الذي بدأ ونجح على أجهزة الآيفون لمدة طويلة وبعد ذلك قام بتدشين نسخته على أجهزة الأندرويد. كما أن هناك بعض المزايا التي قد يعتادها المستخدم والتي قد يفتقدها في الأنظمة الأخرى. فمثلا يعتاد أصحاب الآيفون استخدام برنامج الآيتيونز (iTunes) لشراء ملفات الموسيقى والفيديو بالإضافة لعمل التزامن المطلوب بين الهاتف والحاسوب. ناهيك طبعاً عن تطبيقات التخزين عن طريق حوسبة السحاب كنظام الآي كلاود (iCloud) من أبل ونظام جووجل درايف (Google Drive) من جووجل ونظام سكاي درايف (Sky Drive) من مايكروسوفت والبقية تأتي. فالشركات هنا وبطريقة غير مباشرة تجعل موضوع الانتقال بين نظام بيئي وآخر عملية صعبة تحتاج للكثير من الجهد والوقت وأحيانا إلى المعرفة الفنية المتخصصة والتي غالبا ما لا يتصف معظمنا بها أو لا يتسع وقتنا لتعلمها أو عملها.

لا أرى ضيرا أن ينحاز الناس لتقنيات عن الأخرى إن كان ذلك عن قناعة ومعرفة وربما عن تجربة كذلك، ولكن المؤسف أن لا يدع الإنسان لنفسه فرصة اكتشاف وتجربة التقنيات الأخرى على الأقل لمجرد العلم بالشيء فليس من رأى كمن سمع. نصيحتي للمختصين في التقنية بضرورة تجربة مختلف التقنيات (إن امكن) لمعرفة محدوديتها واختيار أفضلها. أما بقية الناس فعليكم بالتأني في اختيار الأجهزة وتحكيم العقل قبل العاطفة، فليس بالضروري أن يكون الجهاز الغالي هو الجهاز الأنسب، فما أكثر من يشتري الهواتف الذكية لغرض الاتصال والرسائل النصية فقط.

هناك تعليق واحد: