الاثنين، ديسمبر 23، 2013

البيانات الضخمة وفرص استغلالها في السلطنة


ما هي إلا أشهر أو سنوات معدودة وستواجه بعض مؤسساتنا الحكومية والخاصة معضلة التعامل مع البيانات الإلكترونية الضخمة، هذا إن لم تكن بدأت بالفعل بمواجهة هذه المعضلة اليوم. فقد أشارت دراسة أجرتها شركة (IBM) الأمريكية إلى أن العالم ينتج ما مقداره اثنان ونص اكسابايت من البيانات الإلكترونية يوميا، والاكسابايت يساوي تقريبا مليار جيجابايت من البيانات. كل هذا الكم الهائل من البيانات التي تحتاج لتجميع وتخزين وصيانة ومعالجة مما يكلف المؤسسات مصادر باهظة قد لا تتوفر لأكثرها في بعض الأحيان. انظر مثلا إلى قطاع البيع بالتجزئة كمحلات اللولو وكارفور في السلطنة وتخيل معي حجم البيانات التي تسجل يوميا من بيع وشراء وعمليات داخلية بين الموظفين وأخرى مع الموردين وحساب الأرباح والمصاريف وسداد رواتب الموظفين وحساب العلاوات وإصدار التقارير الدورية ومتابعة أخبار المنافسين وتحليل الأحوال الاقتصادية في الدول ومراجعة خطط التطوير والهيكلة ومتابعة تنفيذ المشروعات وغيرها. ناهيك طبعا عن عالم الإنترنت والشبكات الاجتماعية والذي اجبر المؤسسات على جمع وتحليل البيانات الإلكترونية التي تحدث في مواقعها الإلكترونية وجميع مواقع الشبكات الاجتماعية مما زاد الطين بللا. لا يقتصر هذا على القطاع الخاص، فمؤسساتنا الحكومية تجمع وتنتج من البيانات كما كبيرا سنويا أيضا كوزارة التربية والتعليم مثلا وبيانات الطلبة والمعلمين، ووزارة الصحة ممثلة في بيانات المرضى والعلاج، ووزارة القوى العاملة في بيانات العمالة الوطنية والوافدة في القطاع الخاص وجهاتنا الأمنية كالشرطة مثلا وبيانات الحوادث بأنواعها والمخالفات والأحوال المدنية. كل هذه البيانات القابلة للدمج والتكامل والتضاعف بشكل يومي، فما هي إلا سنوات بسيطة وسنبدأ بصرف الكثير من الأموال لمجاراة التكاثر الكبير في حجم البيانات المخزنة ربما بدون أدنى فكرة عن كيفية استغلالها للصالح الخاص والعام، فهلا وضعنا اليوم استراتيجية لكيفية التعامل مع هذه البيانات الضخمة بما يخدم التنمية في البلاد؟

اختلف الباحثون والمختصون في تحديد حد أدنى للبيانات إذا ما تجاوزته المؤسسة فقد دخلت بذلك نطاق البيانات الضخمة، فالأمر مرهون بقدرات المؤسسة على جمع وإدارة ومعالجة وصيانة البيانات الإلكترونية. فهناك من الشركات أو المؤسسات التي قد لا تستشعر المعضلة قبل أن يصل حجم بياناتها إلى مئات التيرابايت وهناك أخرى قد تبدأ بمواجهة الكثير من التحديات مع بضع جيجابايت من البيانات. بغض النظر عن حجم البيانات، فالإجماع هنا على أهمية استغلال هذه البيانات بما يرجع بالفائدة على المؤسسة أو الدولة لتبرير المصادر التي تصرف على نظم المعلومات التى تُعنى بهذه البيانات. فما فائدة هذه البيانات التي تخزن يوميا إن لم تكن لدينا خطة واستراتيجية لاستغلالها؟ انظر مثلا كيف ساهمت البيانات الضخمة في إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في عام ٢٠١٢ ليس فقط باستغلال مواقع الشبكات الاجتماعية للحملات الدعائية وتحليل آراء المشاركين، بل أيضا من خلال ألإعلان عن مبادرة الحكومة الفيدرالية الأمريكية للبحث والتطوير في قطاع البيانات الضخمة وتعميمها على مختلف المؤسسات الفيدرالية الأمريكية. الأمر الذي هدف ليس فقط لخدمة المؤسسات الحكومية فحسب بل أيضا لدعم قطاعات التعليم والأمن والصحة والهندسة بتوفير المعرفة الصحيحة بأحوال الناس وتوجهاتهم واستقراء نمطية العمل في المستقبل بعد تحليل الماضي.


من المهم اليوم في السلطنة أن نعي أهمية البيانات الضخمة وما توفره من فرص معرفية نستطيع أن نبني عليها استراتيجياتنا ومشروعاتنا واستثماراتنا في المستقبل. لا ينحصر الموضوع بطرق جمعها وتحليلها فقط بل يتعداه لوضع استراتيجية وطنية شاملة للبيانات الضخمة تُعنى بوضع خطة مدعومة بشكل رسمي وقانوني لدمج بيانات المؤسسات الحكومية والخاصة على سواء وفق ضوابط وآلية محددة. ليس بالضرورة أن تشارك المؤسسات بجميع بياناتها ولكن علينا أن نحدد البيانات الأساسية الواجب مشاركتها من اجل الصالح العام مع وضع القوانين التي تحفظ سرية وخصوصية بيانات الأفراد. أضف إلى ذلك مشاركة القطاع الخاص بمختلف مؤسساته في هذه المنظومة متى ما اقتضت الحاجة، فالقانون الوطني في الولايات المتحدة الأمريكية يفرض على جميع الشركات العاملة بها مشاركة بياناتها خصوصا تلك الخاصة بالزبائن والموردين عندما تثار قضايا الأمن الوطني مثلا. وعليه فمتى ما توفرت هذه الاستراتيجية الوطنية وبدأنا في تنفيذها في السلطنة، سنستطيع أن نفهم ونتعلم مما مضى باستخدام تقنيات تعدين البيانات وسبل التخزين الحديثة لدعم قرارات المسؤولين باختلاف تخصصاتهم. سنتمكن مثلا وبشكل علمي من تحليل الفئات العمرية لمرتكبي الجرائم أو الحوادث المرورية باختلافها والعوامل المحيطة بها، أو مسببات تسرب الطلبة من المدارس وتدهور مستويات بعضهم، أو استقراء العوامل الاجتماعية والديمغرافية المحيطة بأكثر أنواع الأمراض انتشارا في البلاد وغيرها من المعلومات التي يصعب التكهن بها اليوم. لذلك فمن الأهمية بمكان اليوم أن نعطي للتقنية بعدا استراتيجيا في التخطيط والعمل فلم تعد عاملا مساعدا كما كان، وبدلا من أن ننتظر التفاعل مع البيانات الضخمة عندما نبدأ بتحسس تحدياتها، فهلا اصبحنا استباقيين في التحضير والتخطيط لها؟

الاثنين، ديسمبر 16، 2013

عملة ال BitCoin ومستقبل النقود الافتراضية


لا يعلم معظمنا بأن هناك ملايين من الأموال تتداول اليوم بين الناس لا تنتمي لأي دولة ولا يدعمها وينظمها ويطبعها أي بنك مركزي ولا تخضع لسياسات دول ولا تتأثر إلا لقانون الثقة بين المتعاملين وسمعة التعاملات. عملة البيتكوين (BitCoin) هي من اكثر النقود الافتراضية انتشارا اليوم وأكثرها جدلا أيضا وأصبح بالإمكان الحصول عليها ليس فقط من خلال تعاملات البيع والشراء ولكن أيضا عن طريق التعدين والبحث عنها كبحثنا عن المعادن الثمينة في الأرض. الأمر الذي قد يعود بنا (بل عاد بنا بالفعل) إلى القرن التاسع عشر وعصر البحث عن الذهب الذي شهد هجرة الكثير من العمال والباحثين عن الثروة في دول كأستراليا والبرازيل وأمريكا. فاليوم هناك العديد من المهاجرين لتعدين هذه العملة (باختلاف الأسلوب طبعا) حتى إن بعض الشركات تخطت البحث إلى تطوير أجهزة تقنية غالية الثمن متخصصة في تعدين ما بقي من عملة البيتكوين كشركة (KnCMiner) التي صنعت مؤخرا جهازا أطلقت عليه اسم جوبتر قادر على تعدين عملة بت الافتراضية بسرعة اكبر بمائة مرة من منافسيها. ليس ذلك فحسب، فمخترع العملة (غير المعروف) قد حدد سقف مجموع عملات البيتكوين الممكن تعدينها بـ٢١ مليون اكتشف منها إلى اليوم تقريبا ١١ مليون مما يزيد من حدة ووطيس مهمة البحث والتنقيب قبل نفاد الكمية. قد يبدو كل ما سبق ضربا من الخيال في هذا العصر المادي الذي لا يؤمن إلا بلغة العلم والمنطق، فكيف يمكن لنا أن نثق بمثل هذه النقود الافتراضية وما هي حقيقتها أصلا؟ وكيف يمكن لعملة أن ترتفع قيمتها السوقية من دولار إلى ١٢٠٠ دولار وتنخفض إلى ٧٠ دولارا في غضون أيام وساعات معدودة؟ مرحبا بكم إخواني وأخواتي القراء إلى عالم البيتكوين والنقود الافتراضية.

بداية دعونا نتعرف على هذه العملة بشيء من الشرح المختصر دون التطرق إلى مصطلحات تقنية صعبة. بدأت فكرة هذه العملة في عام ٢٠٠٨ و٢٠٠٩ عن طريق مبرمج مجهول اطلق على نفسه اسم ساتوشي ناكاموتو والذي اقترح تطوير هذه العملة الافتراضية بهدف تغيير عالم الأموال المعهود إلى عملة جديدة تحفظ خصوصية البائع والمشتري بحيث لا تتحكم بها البنوك والحكومات ولا يمكن تتبعها من خلال أرقام تسلسلية كحال بقية العملات. يتم التعامل بهذه العملة من خلال بروتوكول الند بالند (peer to peer) وتقنيات التشفير الحديثة والذي يهدف لتقليل النسبة المفروضة على التعاملات الإلكترونية من قبل بعض الأطراف كشركات بطاقات الائتمان. فهي اليوم عملة لا توجد إلا في الإنترنت غالبا حيث إن هناك من المتحمسين من بدأ بطباعتها، ومن خلال المحافظ الإلكترونية وأصبح اكثر متداوليها هم مضاربو العملات. لا يمكن شراء الكثير عن طريقها بسبب إحجام وتخوف الشركات منها ولكن هناك شركات ودول بدأت بالاعتراف بها كالولايات المتحدة وألمانيا مثلا وشركة وورد برس (WordPress) والشركة الصينية بيدو (Baidu). وأصبح اليوم بالإمكان شراء هذه العملة من بعض المواقع مقابل بعض العملات العالمية أو محاولة تعدينها وهي عملية فنية صعبة تتبع عملية رياضية يحتاج من خلالها الباحث إلى أجهزة حواسيب وبرنامج خاص لحلها. يكافأ كل من يحل هذه العملية بمجموعة من عملات البيتكوين وبمسألة حسابية أخرى تزداد صعوبة بزيادة الباحثين وزيادة الحلول المكتشفة. الهدف هنا هو في السيطرة على نسبة نمو أو تضخم العملة بشكل قابل للتنبؤ وحتى يتم اكتشاف كامل عملات البيتكوين بحلول عام ٢١٤٠ كما أراد ذلك مبرمجها ساتوشي.



تقدر القيمة السوقية لما تم اكتشافه من البيتكوين اليوم ما يقارب من ١.٠٤ مليار دولار بحسب موقع بيتكوين شارتس (BitcoinCharts). فقد وصل أعلى سعر لها في نوفمبر الماضي محققا قيمة ١٢٠٠ دولار فقط ليهوي إلى نصف هذه القيمة بعد إعلان الصين عدم دعمها للعملة وتوجيه مؤسساتها المالية بعدم تقبل معاملاتها. الأمر الذي يؤكد على المستوى المتذبذب للعملة مما قد يشجع المحتالين في استغلال ذلك عن طريق مواقع وهمية لتبادل العملة يقومون بمحاكاة شن هجوم إلكتروني عليها لأحداث فزع بين المتعاملين مما يؤثر سلبا في قيمة العملة فيقومون بشرائها بأرخص الأثمان ومن ثم بيعها بعد أن تعود القيمة إلى الارتفاع. ليس ذلك فحسب، فالخصوصية التي توفرها هذه العملة جعلتها مقصدا لعمليات غسيل الأموال وبيع المنتجات المسروقة والممنوعة كالمخدرات بحيث لا يمكن للجهات الأمنية تتبع مصدر العملة. كل ذلك وأكثر مما يتم التركيز عليه حاليا في وسائل الإعلام، ولكن لا يزال مستغربا إلى الآن هو عدم معرفة مخترع هذه العملة وسبب تخفيه وراء اسم مستعار. لماذا يا ترى لا يريد صاحب هذا الابتكار أي حقوق مادية أو معنوية خصوصا مع انتشارها ورواجها اليوم؟ هناك من يظن بأنهم مجموعة من المبرمجين وهناك من يقول إن شركات تقنية كبيرة تقف خلف هذا الإنجاز لأسباب قد لا تكون معلومة لنا اليوم. بغض النظر عن الجهة التي تقف خلف هذه العملة، اعتقد من المهم أن نكتشف سبب التخفي والفائدة المرجوة وغير المعلومة من هذا الإنجاز.

الاثنين، ديسمبر 02، 2013

النجاح فكرة


في خضم سعي الحكومة لتشجيع شريحة كبيرة من الشباب والباحثين عن عمل لتبني الأعمال الخاصة والاعتماد على النفس، نجد عزوفا ملحوظا من شبابنا ليس فقط في بدء أعمالهم الخاصة بل حتى في التفكر في هذا الشأن كأحد أفضل خيارات العمل اليوم والكسب الحلال. نعم هناك أمثلة عديدة ناجحة نراها هنا وهناك ويظهرها إعلامنا بين الحين والآخر ولكن هؤلاء لا يشكلون الا نسبة بسيطة إذا ما أخذنا في الاعتبار الأعداد الكبيرة من الباحثين عن عمل والتسهيلات المتاحة وغير المستغلة من الدولة. في حديثي المستمر مع طلبة الجامعة للأسف أجد أن أغلبهم لا يعلم بهذه التسهيلات رغم الحملات التوعوية في هذا الشأن والتي لا تتجاوز الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة. للأسف لا يتأتى لطلبتنا وللكثيرين متابعة هذه الوسائل لانشغالهم بأعمالهم العلمية أو العملية من جهة وإقبالهم الكبير أيضا على الوسائل الإعلامية الحديثة كوسائل التواصل الاجتماعي من جهة أخرى، ناهيك طبعا عن عدد من الملهيات التي تحول دون اهتمامهم بالموضوع أصلا. لا ننسى كذلك هيمنة ثقافة الوظيفة على أبنائنا وعدم رغبتهم في تقبل مبدأ المخاطرة خصوصا وهم في بداية حياتهم الوظيفية. ليس ذلك فحسب، فحتى الشريحة التي قد ترغب في بدء أعمالها الخاصة قد تتردد وتتخوف بسبب عدم امتلاكها لأساسيات الإدارة والتخطيط وأعمال المحاسبة والتسويق وهنا يأتي دور الدعم الحكومي الذي يجب أن يتخطى الجانب المادي ليوفر خدمات تدريبية واستشارية لهذه الفئة في الجوانب التي يفتقرونها. ولكن ما فائدة الدعم الحكومي هذا والفئة المستهدفة لا تعلم أو لا ترغب باستغلاله؟

تعتبر تسهيلات برنامج ساس في هيئة تقنية المعلومات من التسهيلات الجيدة المتاحة للمجيدين في مجالات نظم وتقنية المعلومات. طلب مني مؤخرا أن أشرف على شركتين عاملتين في هذا البرنامج ووجدت أن أكبر تحديات المشاركين تنحصر في التدريب والاستشارات، فمعظمهم يتصفون بمهارات جيدة جدا ولكنها لا تتعدى جانب التطوير التقني دون دراية بمبادئ الإدارة والتخطيط والتطوير ناهيك عن أسس وطرق توزيع حصص الأرباح ودراسة الجدوى. ليس ذلك فحسب، فهناك إشكالية لدى الكثيرين في الإتيان بأفكار جديدة بدلا من انتهاج أفكار الغير. فمن الملاحظ أن معظم الشركات الصغيرة وبعض الشركات المتوسطة في السلطنة تبدأ بأفكار مستهلكة قد تكون ناجحة في شركات أخرى بحكم الأقدمية ولكن هذا يضع الشركات الناشئة أمام منافسة سوقية قوية في بيئة مليئة بزحمة خانقة. انظر مثلا إلى قطاع معاهد التدريب الإداري وما أكثرها ومقاهي الشاي الكرك وكيف انتشرت ومحلات الحلاقة وتلميع السيارات والمطاعم وغيرها مما نراها تنتشر بشكل كبير. حتى أنني سألت الطلبة أكثر من مرة في محاضرات عامة في الجامعة عن نوعية الأعمال الأنجح في السلطنة برأس مال صغير، فكانت إجابتهم وبشكل أقرب للإجماع مطعم أو مغسلة سيارات. لا اعترض هنا على تبني هذه النوعية من الأعمال، ولكن أدعو إلى البحث عن أفكار جديدة ابداعية يستطيع من خلالها شبابنا أن يحققوا مئات الآلاف من الريالات في مدة زمنية قصيرة، فالنجاح في قطاع الأعمال اليوم أصبح مرهونا بالفكرة ولنا في أشهر مواقع التواصل الاجتماعي عبرة. لذلك أرى أن من أكبر تحديات شبابنا اليوم ليس في التوعية بقدر ما هو في الإتيان بأفكار جديدة إبداعية بعيدا عن زحمة الأعمال المعهودة، ولكن كيف يتأتى لهم ذلك ونحن نربيهم بشكل مباشر وغير مباشر على الاقتباس والاقتداء بدلا من الإبداع والابتكار؟




نشرت مجلة هارفارد بيزنس ريفيو (HBR) هذا الأسبوع مقالة قام فيها الكاتب بدراسة أنجح الشركات الناشئة لاستخلاص الأسباب والعوامل التي سهلت على مؤسس الشركة اختيار فكرة العمل، كأمثال شركة فيسبوك وتويتر ولينكدن وغيرها من الشركات الناشئة التي استطاعت في مدة قصيرة تكوين ثروة تقدر بملايين الدولارات. فكان حصيلة هذه الدراسة استنتاج خمسة مصادر للأفكار يمكن أن تلهم شبابنا اليوم ببعض الأعمال التجارية الابداعية الناجحة بدلا من ثقافة التقليد المنتشرة. من أهم هذه المصادر هي مشاكل وتحديات الحياة التي عاشها ويعيشها الإنسان فلربما كانت مدخلا في إيجاد حل عملي يتم تطويره بشكل تجاري. المبدأ هنا أن نتفكر في اكثر التحديات التي واجهتنا في حياتنا ونضع في عين الاعتبار أنها قد واجهت كثيرين وربما ستواجه آخرين أيضا، فماذا نحن فاعلين؟ المصدر الثاني يتمثل في معارفنا المبدعين من أصحاب المهارات، فلربما يستطيع الإنسان مع بعض أصدقائه إنشاء شركة جديدة يكمل كل منهم الآخر كأن يكون لأحدهم فكرة تطوير برنامج في الهواتف الذكية ويحتاج من يساعده على البرمجة وآخر يقوم بالتسويق وهكذا. المصدر الثالث هو في مهارات الإنسان الشخصية والتي اكتسبها من الحياة كالخياطة والطهي والخطابة وغيرها مما قد تكون جوهرا لعمل تجاري يتفرد به الإنسان عن غيره بشكل جديد وفريد. أما المصدر الرابع فهو لأولئك الذي أمضوا سنوات طويلة في العمل الحكومي أو الخاص بحيث تمكنوا من اكتشاف حاجة ماسة (فجوة) مهملة للزبائن أو المراجعين أو الموردين يستطيعون من خلالها تكوين عمل تجاري لردم هذه الفجوة. وأخيرا المصدر الخامس الذي يتمثل في إجراء البحوث والدراسات عن أفضل وأجدّ الأفكار المتاحة في السوق الإقليمي والعالمي اليوم واختيار الأنسب حسب الواقع المحلي وربما محاولة تعديل وتغيير بعض الجوانب لتتناسب بشكل أفضل مع شرائح المجتمع المحلي. كل ذلك من مصادر الأفكار التي قد تعطينا فكرة جديدة تحتاج منا أولا وأخيرا إلى عزيمة وهمة لاستغلال التسهيلات الحكومية وشيء من الجرأة والصبر لتحقيق المكاسب بشكل أكبر حتى نثري اقتصادنا العماني ليس كما فقط بل كيفا ونوعا.