الاثنين، نوفمبر 29، 2010

التقنية تقلق الشركات

نعلم جميعاً كيف أن للتقنية الحديثة التأثير الكبير في نجاح المؤسسات والشركات التجارية، فلا يختلف إثنان اليوم على أهمية التقنية في تنمية قطاعات العمل والمجتمع على حد سواء. بالرغم من هذا فقد تجلب التقنية أيضاً الصعوبات والتحديات للأفراد والشركات والدول مما قد يؤثر سلباً على إستمرارية ونجاح بعض الأعمال. يرجع السبب في هذا إلى التطور السريع للتقنية والتأثيرات السلبية للتنافس والإندماج العالمي المسمى بالعولمة. فتطور التقنية السريع قد يجعل مما هو جديد اليوم، قديم في الغد. فلنتذكر مثلاً كيف إستطاع الهاتف المحمول إلغاء وتهميش منتجات أجهزة التنبيه الصوتي المعروفة سابقاً بإسم البيجر أو البليب. مما يعني أن توظيف المؤسسات للتقنية الحديثة في عملها ليس هو نهاية المطاف بل بدايته. فيجب عليها صيانة التقنية بعد ذلك من وقت لآخر وإختبارها ضد متطلبات السوق والمستهلكين (المتغيرة بإستمرار) مما قد يستلزم إستبدالها بتقنيات أخرى أجدد أو أفضل وإلا فإن الخسارة والإفلاس قد يكون هو نهاية المطاف. من الأمثلة على هذا هو خسارة شركة آي ميت (i-mate) المنتجة للهواتف المحمولة الذكية بسبب منافسة أجهزة البلاكبيري والآي فون لها رغم نجاحها الكبير في الشرق الأوسط في بداية القرن الحادي والعشرين (طبعاً بالإضافة إلى أسباب أخرى).

أظف إلى ذلك أن التقنيات الجديدة لم تعد حكراً على الشركة المنفذة فقط ولم يعد توظيف الناس والمؤسسات للتقنية يحدث في صمت وسرية بل على العكس تماماً. ما أن تدشن (أو تستخدم) أحد شركات التقنية منتجاً جديداً ناجحاً إلا ونرى منتجات مشابهة أو حلول تقنية من شركات أخرى منافسة تحاول التفوق عليها. أنظر مثلاً في المنافسة الحالية بين منتجي الآي فون (iPhone 4) والآي باد (iPad) من شركة أبل (Apple) من جهة، ومنتجي الجالاكسي أس (Galaxy S) والجالاكسي تاب (Galaxy Tab) من شركة سامسونج (Samsung) من جهة أخرى. وقد يفرض أيضاً التنافس الشديد والتطور السريع في عالم التقنية على الشركات متابعة السوق فيما يخص حقوق ملكياتها الفكرية ومحاكمة كل من يسيء أو يستخدم منتجاتها أو تقنياتها بشكل غير سليم أو قانوني. فعلى سبيل المثال، إستطاعت شركة أوراكل (Oracle) مؤخراً أن تكسب 1.3 مليار دولار من شركة ساب (SAP) الألمانية بعد دعوى قضائية تقتضي بسرقة الشركة الأخيرة لبرامج الشركة الأولى. كما رفعت شركة مايكروسوفت في وقت سابق من هذا الشهر دعوى قضائية على شركة موتورولا بسبب إنتهاك الشركة الأخيرة لبعض قوانين براءات إختراع منتجات ويندوز 7 (Windows 7) وجهاز الأكس بوكس (Xbox 360) الترفيهي.

كما قد تتسبب التقنية في تغيير أسلوب عمل الكثير من الشركات والأعمال التجارية. الأمر الذي قد يجبر العديد من المؤسسات الخاصة إلى تبني إستراتيجيات تسويقية مختلفة. فعلى سبيل المثال بدأنا نرى تغير ملحوظ في عمل شركات تأجير السيارات. فالتوجه الجديد في هذا القطاع هو في تقاسم المركبات (Car Sharing) بين المستهلكين والذي تقوده اليوم بقوة شركة زبكار (Zipcar) الأمريكية. يقوم المبدأ هنا أساساً على التقنية في تأجير المركبات بالساعة أو الدقائق بدلاً من الأيام أو الشهور، بحيث لا يحتاج المستهلك إلى الذهاب إلى موقع الشركة لإستلام المركبة، فمركبات هذا النوع من شركات تأجير السيارات موجودة بيننا في مواقف عامة وجاهزة للإستخدام (المفتاح بالداخل). كل ما على الزبون عمله هو الحصول على إشتراكية (مسبقة الدفع أو مربوطة بحساب بطاقة الزبون الإئتمانية) تأتي على شكل بطاقة ذكية يستطيع من خلالها الزبون فتح سيارات الشركة بعد حجزها. تعمل هذه البطاقة بتقنية تعريف الهوية بإستخدام ترددات الراديو (RFID) والتي تطرقنا إليها في المقالة السابقة. فعند رغبة أحدنا بإستئجار سيارة معينة لفترة زمنية محددة يجب علية حجز السيارة عن طريق موقع الشركة (بإستخدام الحاسوب أو الهواتف المحمولة الذكية) أو بإستخدام بعض البرامج الحديثة المخصصة لبعض أنواع الهواتف الذكية من أمثال الآي فون. تساعد الهواتف الذكية اليوم شركة زبكار في عرض مواقع السيارات الأقرب لموقع الزبون بإستخدام ميزة تحديد المواقع عن طريق الأقمار الصناعية (GPS) المدمجة في هذه الهواتف. بعد إتمام عملية الحجز، ما علينا إلا الذهاب إلى موقع السيارة وتقريب البطاقة من الزجاج الأمامي للسيارة وستتعرف التقنية المدمجة في المركبة على البطاقة وتتأكد من حجزك المسبق لها وستفتح الأبواب لك بشكل آلي (مدهش).



مثل هذه التقنية الجديدة التي أبدعت أسلوب عمل جديد في قطاع تأجير السيارات قد يفرض على باقي شركات التأجير تبني نفس التقنية أو على الأقل التخطيط لكيفية التعامل مع هذا النوع الجديد من الأعمال في القطاع. فتجاهل مثل هذا التطور والعمل بالأسلوب المعهود دون تغيير إستراتيجي عملي يعتمد على تقنيات جديدة قد يودي بنتائج وخيمة.

الجمعة، نوفمبر 26، 2010

التقنية في الحج

نعم أخواني القرّاء ولا داعي للإستغراب من عنوان المقالة فقد دخلت التقنية وبشكل كبير في أعمال الحج وفي كيفية أداء الحجيج للمناسك. فهناك من الحجاج الذين شوهدوا يستخدمون أجهزة هواتفهم المحمولة وحواسيبهم الدفترية من أمثال الآي باد أثناء أداء المناسك. فالهواتف المحمولة اليوم تستخدم من قبل العديد من الحجاج في تصوير بعض اللحظات والمواقف أثناء الحج للذكرى مثلاً نظراً لحضر التصوير بالكاميرات الرقمية المعهودة. وهناك من إستبدل العديد من الكتب والمنشورات الخاصة بفتاوى الحج وكيفية أداء المناسك بالعديد من البرامج المدمجة في هاتفه المحمول أو حاسوبه الدفتري. وآخرين باتوا يقرؤون القرآن ويرددون الكثير من الأدعية المأثورة من أحد هذه الأجهزة أيضاً أثناء أداء المناسك. فبالرغم من إختلاف الناس على مدى صحة هذه الأعمال ومناسبتها لروحانيات الحج، فالواقع يخبرنا بأن التقنية دخلت اليوم في جميع أمور حياتنا وباتت تأثيراتها الإيجابية (غالباً) والسلبية (أحياناً) واضحة المعالم في جميع جوانب الحياة بما فيها أيضاً الحج والذي يعتبر أحد أجمل شعائر ديننا الحنيف.

شدني كثيراً هذا العام كيف قامت المملكة العربية السعودية بتوظيف العديد من التقنيات الحديثة لخدمة ضيوف الرحمن حتى يتسنى لهم أدء المناسك بأمن ونظام وراحة أفضل مما سبق. فالتقنية على وجه العموم اليوم لا تعاني من معضلة الـ"كيف" (أي كيف يمكن أن نعمل عمل ما؟) بل على العكس تماماً، بات القلق اليوم في تحديد المتطلبات وفهم مشاكل العمل ومن ثم فإن التقنية الحديثة كفيلة في سد الثغرات وإتمام نجاح الأعمال. فما على المؤسسة أو الشخص منا إلا أن يحدد الهدف الواجب تحقيقة أو المشكلة المراد حلها وسيكون للتقنية الحديثة نصيب الأسد في إيجاد الخيارات المناسبة. سنقوم اليوم بإستعراض أهم التقنيات التي تم إستخدامها في حج هذا العام (حج 1431هـ) كما تناقلتها العديد من وسائل الأخبار ومواقع الإنترنت.

تأتي تقنية تعريف الهوية بإستخدام ترددات الراديو (RFID) في المقدمة هذا العام حيث تم تضمينها في ساعات الكثير من الحجاج وفي الزجاج الأمامي للحافلات المستخدمة لنقل الحجيج خصوصاً تلك التي تعمل في المسار من منى إلى عرفة والعكس. تقوم هذا التقنية على مبدأ تخزين المعلومات وتبادلها مع قارئات إلكترونية أخرى بشكل لاسلكي بإستخدام ترددات كهرومغناطيسية كتلك التي تستخدم في ترددات قنوات المذياع (الراديو). تم في هذه الإجهزة تخزين العديد من المعلومات المهمة التي يمكن للمسؤولين السعوديين إستخدامها بغرض تحقيق أمن أفضل للحجيج ونظام وتسهيل لإنسيابية أداء المناسك. فعند ضياع بعض الحجاج أو حصول بعض الإصابات أو الوفيات يمكن لرجال الأمن معرفة الكثير من معلومات الحاج من خلال القارئات الإلكترونية متخطين في ذلك حاجز اللغة مما يجعلهم أقدر على توجيه الحاج وإتخاذ القرارات بشكل أسرع. أما بالنسبة للحافلات، فتأتي هذه التقنية لتعقب مسارات الحافلات ومعرفة عدد الحافلات التي تخطت من وإلى المواقف المخصصة في عرفة أو منى أو عبرت من خلال بعض الأبواب أو المسارات المحددة. كل هذه المعلومات تفيد المسؤولين في مراقبة حركة الحافلات وإنسيابية الحركة عن بعد وتحديث البيانات الإحصائية اللازمة للدراسات المستقبلية. أظف إلى ذلك إستخدام هذه المعلومات في مكافئة أو دفع بدلات ورواتب سائقي الحافلات حسب عدد الرحلات التي يقوموا بها يومياً أو طوال فترة الحج.

كما قامت المملكة هذا العام بتوظيف العديد من التقنيات الحديثة بغرض مراقبة الحجيج لظمان أمنهم، منها مثلاً كاميرات المراقبة والتي تم إستخدامها من قبل المسؤولون لمراقبة تنقلات الحجيج ولإستشعار الحوادث والتزاحم والإختناقات المرورية وقت حدوثها مما يضمن إستجابة أسرع وتوجيه أفضل للمراقبين الميدانيين. أظف إلى ذلك إستخدام تقنية تحديد المواقع بإستخدام الأقمار الصناعية (GPS) في العديد من الحافلات لمراقبة حركتها وسرعتها وتوفير المساعدة السريعة عند تعطل أحد الحافلات. كما تم أيضاً تعزيز قدرة شبكة الهواتف المحمولة بأكثر من ألف جهاز أرسال وإستقبال لإشارات الهواتف المحمولة في مكة والمناطق المحيطة بها التي يستخدمها أغلب الحجاج بغرض ضمان تغطية شبكية أقوى ومكالمات صوتية أوضح وخدمات هاتفية أفضل. فالحمد الله بات بالإمكان اليوم التواصل مع الحجيج من أي مكان في العالم بشكل سلس ومريح من خلال الإتصالات الهاتفية والرسائل النصية. كما قامت الإتصالات السعودية بتدشين قناة الحج لأول مرة من خلال بوابة معكم (m3com) لإرشاد الحجاج ومساعدتهم في تنفيذ المناسك بشكل صحيح وسهل والتي أمكن متابعتها من خلال الهواتف المحمولة والحواسيب الدفترية وغيرها من الأجهزة الإلكترونية. تجدر الإشارة كذلك أن السلطنة هذا العام قامت بإستخدام البطاقات الذكية لأول مرة في تسجيل الحجاج العمانيين من قبل أصحاب الحملات لتقديم خدمات أفضل للحجيج وللإسهام في ضبط أعداد الحجاج وعملية التنظيم في الديار المقدسة، الأمر الذي يعد بإجراءات أكثر تنظيماً في الأعوام المقبلة إن شاء الله. كل هذا يؤكد أن التقنية أصبحت جزءاً لا يتجزء من أسلوب حياتنا شئنا أم أبينا.

الجمعة، نوفمبر 19، 2010

جنون الترفيه والألعاب الإلكترونية


نبارك لكم بدايةً أعزائي القرّاء عيد الأضحى المبارك وتزامنه مع إحتفالات السلطنة بعيدها الوطني الأربعين، سائلين المولى أن يعيد هذه المناسبات السعيدة علينا والأمة الإسلامية تنعم بالأمن والرخاء ويحفظ لنا سلطاننا المفدى ويطيل في عمره أعواماً مديدة (آمين يا رب).

إنتشرت بين الكثير من فئات المجتمع اليوم ثقافة الترفيه والألعاب الإلكترونية من خلال العديد من الأجهزة الإلكترونية الحديثة والتي تتنافس فيها الشركات للحصول على نصيب الأسد في أحد أنجح قطاعات الأعمال في العالم. كيف لا وقد بينت آخر الإحصاءات أن مبيعات هذا القطاع فاقت 19 مليار دولار في نهاية عام 2009 في الولايات المتحدة الأمريكية فقط. كما تتوقع شركة برايس ووترهاوس كووبر (PricewaterhouseCoopers) من خلال تقريرها الأخير بعنوان "نظرة على الترفيه والإعلام من عام 2008 إلى 2014" أن يتطور هذا القطاع بنسبة 5% سنوياً ليحقق مبيعات عالمية قد تصل إلى 1.7 تريليون دولار في عام 2014. أما في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا فتقدر الشركة مبيعات قطاع الترفيه والألعاب أن تزيد عن 580 مليار دولار بحلول نفس العام.

لا تكمن أهمية هذا القطاع في المبيعات فحسب، بل قد يعتقد الكثير من المختصين في تقنية المعلومات اليوم أن قطاع الترفيه والألعاب بالتحديد هو السبب وراء العديد من التطورات التقنية التي حصلت وتحصل في هذه الأيام. خذ على سبيل المثال نظام التشغيل يونكس (Unix) والذي تم تطويره في نهاية الستينات من القرن الماضي أساساً بسبب رغبة المبرمجين في التسلي بلعبة السفر في الفضاء. أضف إلى ذلك بطاقات الصوت (Sound Cards) والتي تم إضافتها إلى أجهزة الحاسوب بدايةً لإضافة التأثيرات الصوتية المطلوبة في الألعاب الإلكترونية قبل إستخدامها لأغراض الموسيقى والملفات الصوتية. تأتي بعد ذلك بطاقات الفيديو والتي تطورت مزاياها بشكل أساسي لإشباع حاجات قطاع الألعاب والترفيه المتزايدة كأمثال ميزة واجهة المستخدم (GUI) وميزة تسريع الصور ثلاثية الأبعاد (3D Acceleration) وغيرها من المزايا.

ولننظر اليوم إلى أشهر الهواتف المحمولة في العالم من أمثال الآي فون وهواتف الأندرويد وكيف تأتي تطبيقاتها (Applications) ومزاياها لإشباع عامل الترفيه واللعب بشكل كبير. فما عليك إلا أن تتأمل في قائمة أكثر التطبيقات (Top Apps) إستخداماً في الآي فون مثلاً وسترى أن نسبة الألعاب أكبر بكثير من تلك الخاصة بالتطبيقات الأخرى. أظف إلى ذلك قطاع الحواسيب بشتى أنواعها والتي تتطور بشكل كبير لإحتواء أعلى كم من التقنيات والمميزات القادرة على تشغيل أكثر الألعاب تعقيداً وتشويقاً ولكي تحوي العديد من مزايا الترفيه الأخرى كالأفلام والملفات السمعية بأنواعها. ناهيك طبعاً عن أشهر الأجهزة المتخصصة في قطاع الألعاب اليوم مثل البلاي ستيشن (Play Station) والأكس بوكس (Xbox) والنينتدنو (Nintendo) وغيرها من الماركات التجارية التي تستطيع أن تبقيك سجين غرفتك أمام التلفاز لساعات طويلة بل ولأيام أيضاً كما سنرى لاحقاً. كل ذلك يجعلنا نتسائل عن مستقبل هذا القطاع والفوائد التي تجنيها المجتمعات والأفراد محلياً وعالمياً في مقابل هذه المليارات التي تُستهلك (وتهدر) في أغراض الترفيه وكأننا نعاني إجمالاً من كثرة الوقت وقلة الأعمال وإنحطاط الأهداف في الحياة.



من أكثر ما يقلقني في هذا الخصوص هو التأثير السيء لهذا القطاع على كل من أبنائنا ومجتمعاتنا المحافظة، فقد تبين أن أحد أكبر سلبيات قطاع الألعاب والترفيه هو مشكلة الإدمان والتي راح ضحيتها العديد من الأطفال والبالغين أيضاً ناهيك طبعاً عن تسببها في تهميش الفكر وضياع الأوقات الثمينة. ففي الولايات المتحدة وحدها والتي تعتبر من أكثر الدول تطوراً وإستخداماً للإلعاب الإلكترونية تم حصر العديد من قضايا القتل والوقائع المأساوية بسبب هوَس الألعاب خصوصاً تلك الألعاب التي تشجع على العنف. ففي عام 2007 تم إدانة أب بعد أن قتل إبنته البالغة عام ونصف غضباً بسبب كسرها لجهازه من نوع الأكس بوكس. وفي نفس العام أيضاً تم القبض على أحد المراهقين بعدما أطلق النار على أبويه وقتلهما بعدما أخذوا منه نسخته من لعبة هالو 3 (Halo 3) خوفاً عليه من الإدمان. وفي عام 2009 تم القبض على أبوين في كوريا الجنوبية تسببا في موت إبنتهما الرضيعة البالغة ثلاثة أشهر فقط (جوعاً) بسبب الإهمال وقضاء ساعات طويلة أمام الألعاب الإلكترونية. ليس ذلك فحسب، فالتأثير السلبي لهذا الإدمان ينعكس كذلك على اللاعبين أيضاً، ففي كثير من الدول حول العالم تسبب الإفراط في اللعب في موت اللاعبين أنفسهم بسبب التعب والإرهاق. ففي الصين مثلاً، مات مراهق بسبب اللعب المتواصل لمدة 15 يوماً دون توقف في أحد الإجازات المدرسية. كما توفي أيضاً أحد البالغين (عن عمر 30 عاماً) بسبب لعبه المتواصل أيضاً لمدة ثلاثة أيام. أظف إلى ذلك الكثير من عمليات الإنتحار التي قام بها اللاعبين بسبب حرمانهم من اللعب أو بسبب رغبتهم الغريبة والمشوشة في لقاء اللاعبين الآخرين على الإنترنت في الحياة الآخرة. كل ذلك مما يزيد الحيرة في كيفية التعامل مع سلبيات هذا القطاع. فإن تركناهم وما أرادوا، ماتوا من التعب وإن أخذنا على أيديهم إنتحروا أو أطلقوا النار علينا، فما هو الحل يا ترى؟ وما هي نهاية هذا الجنون؟

الثلاثاء، نوفمبر 02، 2010

هل ستلغي الحواسيب الدفترية الهواتف الذكية؟


مع تدشين شركة أبل لحاسوبها الدفتري المسمى آي باد (iPad) في أبريل الماضي، بدأ الناس وشركات التقنية والشركات التجارية بشكل عام الإهتمام بهذه النوعية من المنتجات بشكل أكبر. فبالرغم من أن مصطلح الحاسوب الدفتري (Tablet PC) لم تستحدثه شركة أبل ولا يعتبر بجديد علينا حيث يعتقد البعض أنه يرجع للستينات من القرن الماضي حين إستطاعت شركة راند (RAND) الأمريكية في ذلك الحين أن تصنع جهاز حاسوب يمكن للمستخدم من خلاله إدخال رسومات وكتابات يدوية بواسطة قلم (Stylus) إلكتروني موصول بالحاسوب. رغم ذلك فقد إستطاعت شركة أبل كعادتها في السنوات القليلة الماضية أن تقود الإنتاج والإبداع في قطاع الحواسيب الدفترية من خلال تقديم منتج يحوي خصائص ثورية كالآي باد والذي حقق مبيعات بلغت 3 مليون جهاز في غضون 80 يوماً فقط من التدشين. تتابعت بعد ذلك الشركات في إنتاج حواسيب دفترية بنفس النسق سعياً منها لتحطيم سوق الآي باد أو على الأقل الحصول على جزء يسير من سوق الحواسيب الدفترية والذي تتوقع شركة جونيبر (Juniper) للبحوث أن يصل حجم الإنتاج فيه إلى 81 مليون جهاز في السنة بحلول عام 2015. فكان آخرها منتج البلاي بوك (PlayBook) من شركة بلاكبيري (Blackberry) الكندية وقبل ذلك رأينا منتجات من شركة أتش بي (Hp Slate) وشركة ديل (Dell Streak) وتوشيبا (Toshiba Folio) وسامسونج (Samsung Galaxy Tab) وغيرها من الشركات والمنتجات. كل هذا الإهتمام بقطاع الحواسيب الدفترية يجعلنا نتسائل عن مستقبل الهواتف الذكية ومدى تأثر هذا القطاع بالتطور الواضح والإقبال الكبير من الأفراد والشركات على شراء الحواسيب الدفترية.

بدايةً دعونا نشرح المقصود بالحاسوب الدفتري، وهو جهاز صغير نسبياً يتوسط في الحجم أجهزة الحاسوب المحمولة (اللابتوب) وأجهزة الهواتف الذكية. تعتبر الإنترنت وتطبيقاتها المختلفة من أهم المميزات التي يوفرها الحاسوب الدفتري بالإضافة إلى أغراض أخرى كالبريد الإلكتروني وتحرير الملفات والمستندات وأغراض الترفيه كالألعاب والأفلام. تأتي الحواسيب الدفترية في شكلين رئيسيين أحدهما أشبه بشكل اللابتوب مزود بشاشة تعمل باللمس وقابلة للإستدارة (Rotating) وهناك النوع الآخر والذي يعد المستقبل لهذه النوعية من الأجهزة وهو ما يطلق عليه الحاسوب اللوحي (Slate) وهو عبارة عن شاشة تعمل باللمس فقط كجهاز الآي باد مثلاً. طبعاً هناك تشابه كبير بين قدرات الحاسوب الدفتري أو اللوحي على سبيل الخصوص وبين أجهزة الهواتف الذكية كأمثال جهاز الآي فون والبلاكبيري وهواتف الأندرويد ويكمن الإختلاف حالياً فقط في الحجم وقدرة الهواتف في عمل الإتصالات الصوتية. فإذا ما إنتشرت هذه الحواسيب اللوحية بين الناس بشكل كبير فما هو جدوى شراء الهواتف الذكية أو إنتاجها في المستقبل؟ بمعنى آخر يكفينا شراء حاسوب لوحي لجميع أغراض العمل السريعة ولتطبيقات الإنترنت وجهاز هاتف صغير قد لا يكلفنا أكثر من بضعة ريالات لغرض المكالمات الهاتفية والرسائل النصية.

أظف إلى ذلك أن الهواتف الذكية تستهدف بشكل كبير حالياً فئة رجال الأعمال ومن شابهم من الأفراد الذين يعملون في مختلف الشركات والجهات الحكومية. وعادةً ما تقوم هذه الجهات بشراء الهواتف الذكية لموظفيها المهميين بغرض تسهيل أمور عملهم وتواصلهم مع بقية الموظفين. فإذا بدأت هذه الجهات بشراء الحواسيب اللوحية لموظفيها (وقد بدأت بالفعل) فهل سيكون هناك داع لإضافة هواتف ذكية لقائمة مشتريات الشركة؟ وكيف يمكن تبرير شراء الإثنين معاً للعاملين في الشركات والجهات الحكومية؟ وهل سنشهد إنخفاض في شراء الهواتف الذكية مع إزدياد إقبال الشركات والأفراد على الحواسيب الدفترية بأنواعها؟

طبعاً قد يقول قائل أن الهواتف الذكية لازالت أصغر حجماً وأسهل للحمل مما يجعلها أفضل للأفراد الدائمي التنقل. قد يكون ذلك صحيحاً ولكن يجب أن نعلم أن صغر حجم الهواتف يعتبر ميزة عند الحمل والتنقل فقط ويعتبر قصوراً عند القراءة وتحرير المستندات ومشاهدة الملفات المرئية وغيرها من أغراض الترفيه. الأمر الذي قد لا يجعل لموضوع الحجم بذات أهمية لدى الكثير من الناس في ظل زيادة مساحة العرض والشاشة. أظف إلى ذلك أن الحواسيب الدفترية تأتي اليوم بأحجام صغيرة وأوزان خفيفة نسبياً، فجهاز الآي باد مثلاً يزن تقريباً 0.7 كجم وبحجم 24 سم طول و19 سم عرض و13 مم سُمك. في رأيي الخاص، أرى أن الحواسيب الدفترية ستحل محل الهواتف الذكية داخل الشركات عاجلاً أم آجلاً في حين أن الهواتف الذكية ستبدأ بإستقطاب شرائح أكبر من الناس من خارج قطاع الأعمال مع إستمرار إنخفاض أسعارها وإزدياد أنواعها. فقط إذا أظهرت البحوث في المستفبل القريب تسبب الحواسيب الدفترية الحديثة كأمثال الآي باد في نقص إنتاجية الموظفين بسبب خيارات الترفيه العديدة الموجودة بها، فإن المعادلة ستأخذ منحنى آخر.