الجمعة، نوفمبر 26، 2010

التقنية في الحج

نعم أخواني القرّاء ولا داعي للإستغراب من عنوان المقالة فقد دخلت التقنية وبشكل كبير في أعمال الحج وفي كيفية أداء الحجيج للمناسك. فهناك من الحجاج الذين شوهدوا يستخدمون أجهزة هواتفهم المحمولة وحواسيبهم الدفترية من أمثال الآي باد أثناء أداء المناسك. فالهواتف المحمولة اليوم تستخدم من قبل العديد من الحجاج في تصوير بعض اللحظات والمواقف أثناء الحج للذكرى مثلاً نظراً لحضر التصوير بالكاميرات الرقمية المعهودة. وهناك من إستبدل العديد من الكتب والمنشورات الخاصة بفتاوى الحج وكيفية أداء المناسك بالعديد من البرامج المدمجة في هاتفه المحمول أو حاسوبه الدفتري. وآخرين باتوا يقرؤون القرآن ويرددون الكثير من الأدعية المأثورة من أحد هذه الأجهزة أيضاً أثناء أداء المناسك. فبالرغم من إختلاف الناس على مدى صحة هذه الأعمال ومناسبتها لروحانيات الحج، فالواقع يخبرنا بأن التقنية دخلت اليوم في جميع أمور حياتنا وباتت تأثيراتها الإيجابية (غالباً) والسلبية (أحياناً) واضحة المعالم في جميع جوانب الحياة بما فيها أيضاً الحج والذي يعتبر أحد أجمل شعائر ديننا الحنيف.

شدني كثيراً هذا العام كيف قامت المملكة العربية السعودية بتوظيف العديد من التقنيات الحديثة لخدمة ضيوف الرحمن حتى يتسنى لهم أدء المناسك بأمن ونظام وراحة أفضل مما سبق. فالتقنية على وجه العموم اليوم لا تعاني من معضلة الـ"كيف" (أي كيف يمكن أن نعمل عمل ما؟) بل على العكس تماماً، بات القلق اليوم في تحديد المتطلبات وفهم مشاكل العمل ومن ثم فإن التقنية الحديثة كفيلة في سد الثغرات وإتمام نجاح الأعمال. فما على المؤسسة أو الشخص منا إلا أن يحدد الهدف الواجب تحقيقة أو المشكلة المراد حلها وسيكون للتقنية الحديثة نصيب الأسد في إيجاد الخيارات المناسبة. سنقوم اليوم بإستعراض أهم التقنيات التي تم إستخدامها في حج هذا العام (حج 1431هـ) كما تناقلتها العديد من وسائل الأخبار ومواقع الإنترنت.

تأتي تقنية تعريف الهوية بإستخدام ترددات الراديو (RFID) في المقدمة هذا العام حيث تم تضمينها في ساعات الكثير من الحجاج وفي الزجاج الأمامي للحافلات المستخدمة لنقل الحجيج خصوصاً تلك التي تعمل في المسار من منى إلى عرفة والعكس. تقوم هذا التقنية على مبدأ تخزين المعلومات وتبادلها مع قارئات إلكترونية أخرى بشكل لاسلكي بإستخدام ترددات كهرومغناطيسية كتلك التي تستخدم في ترددات قنوات المذياع (الراديو). تم في هذه الإجهزة تخزين العديد من المعلومات المهمة التي يمكن للمسؤولين السعوديين إستخدامها بغرض تحقيق أمن أفضل للحجيج ونظام وتسهيل لإنسيابية أداء المناسك. فعند ضياع بعض الحجاج أو حصول بعض الإصابات أو الوفيات يمكن لرجال الأمن معرفة الكثير من معلومات الحاج من خلال القارئات الإلكترونية متخطين في ذلك حاجز اللغة مما يجعلهم أقدر على توجيه الحاج وإتخاذ القرارات بشكل أسرع. أما بالنسبة للحافلات، فتأتي هذه التقنية لتعقب مسارات الحافلات ومعرفة عدد الحافلات التي تخطت من وإلى المواقف المخصصة في عرفة أو منى أو عبرت من خلال بعض الأبواب أو المسارات المحددة. كل هذه المعلومات تفيد المسؤولين في مراقبة حركة الحافلات وإنسيابية الحركة عن بعد وتحديث البيانات الإحصائية اللازمة للدراسات المستقبلية. أظف إلى ذلك إستخدام هذه المعلومات في مكافئة أو دفع بدلات ورواتب سائقي الحافلات حسب عدد الرحلات التي يقوموا بها يومياً أو طوال فترة الحج.

كما قامت المملكة هذا العام بتوظيف العديد من التقنيات الحديثة بغرض مراقبة الحجيج لظمان أمنهم، منها مثلاً كاميرات المراقبة والتي تم إستخدامها من قبل المسؤولون لمراقبة تنقلات الحجيج ولإستشعار الحوادث والتزاحم والإختناقات المرورية وقت حدوثها مما يضمن إستجابة أسرع وتوجيه أفضل للمراقبين الميدانيين. أظف إلى ذلك إستخدام تقنية تحديد المواقع بإستخدام الأقمار الصناعية (GPS) في العديد من الحافلات لمراقبة حركتها وسرعتها وتوفير المساعدة السريعة عند تعطل أحد الحافلات. كما تم أيضاً تعزيز قدرة شبكة الهواتف المحمولة بأكثر من ألف جهاز أرسال وإستقبال لإشارات الهواتف المحمولة في مكة والمناطق المحيطة بها التي يستخدمها أغلب الحجاج بغرض ضمان تغطية شبكية أقوى ومكالمات صوتية أوضح وخدمات هاتفية أفضل. فالحمد الله بات بالإمكان اليوم التواصل مع الحجيج من أي مكان في العالم بشكل سلس ومريح من خلال الإتصالات الهاتفية والرسائل النصية. كما قامت الإتصالات السعودية بتدشين قناة الحج لأول مرة من خلال بوابة معكم (m3com) لإرشاد الحجاج ومساعدتهم في تنفيذ المناسك بشكل صحيح وسهل والتي أمكن متابعتها من خلال الهواتف المحمولة والحواسيب الدفترية وغيرها من الأجهزة الإلكترونية. تجدر الإشارة كذلك أن السلطنة هذا العام قامت بإستخدام البطاقات الذكية لأول مرة في تسجيل الحجاج العمانيين من قبل أصحاب الحملات لتقديم خدمات أفضل للحجيج وللإسهام في ضبط أعداد الحجاج وعملية التنظيم في الديار المقدسة، الأمر الذي يعد بإجراءات أكثر تنظيماً في الأعوام المقبلة إن شاء الله. كل هذا يؤكد أن التقنية أصبحت جزءاً لا يتجزء من أسلوب حياتنا شئنا أم أبينا.

هناك تعليق واحد:

  1. بارك الله في الحكومتين السعودية والعمانية على حرصهم وتوفيرهم راحة الحجيج بكافة الأساليب ( التقنية) وغيرها ..

    شكرآ دكتور على المقال ..وبارك الله فيكم

    ردحذف