الثلاثاء، يوليو 23، 2013

23 يوليو بين الماضي والحاضر




قد لا يستطيع اكثرنا اليوم الحكم بصدق على مكانة تاريخ (٢٣ يوليو ١٩٧٠) في مسيرة النهضة العمانية، فأغلبنا ولد قبل هذا التاريخ بقليل أو بعده فأصبحنا لا نتذكر منه الا الاجازات وحديث الآباء والاجداد والبرامج التوثيقية التي تشاهد وتسمع على قنواتنا المحلية عند اقتراب المناسبة. نعلم جميعا بانه يوم النهضة المباركة وانه اليوم التي بدأت السلطنة فيه ترى النور وتنكشف على العالم الخارجي وتبدأ فيه مرحلة التنمية في مختلف المجالات ولكن علمنا هذا اشبه بالتخيل والنظرية وكأننا في درس تاريخ يسرد لنا الاحداث بشكل متسلسل. فشتان اليوم بين من عايش وكابد تلك الفترة بحلوها ومرها وبين من سمع او قرأ عنها. وشتان ايضا بين من يعلم بهذا التاريخ علم اليقين وبين من رآه عين اليقين أو افضل من ذلك كله من عايشه حق اليقين. فيوم النهضة هذا وبكل ما تحمله كلمة النهضة من معنى يعلم اهميته الكثيرون منا سمعا وقراءة فقط وهم جيل الشباب الذين سمعوا عنه من هنا وهناك، في حين ان من بيننا ايضا من عايش تلك الحقبة عن بعد او كان بعيدا وتأخر في الرجوع بعد هذا التاريخ فشاهد الاحداث واصرار الحكومة على التطوير والبناء فهو بذلك رأى منجزات يوم النهضة وساهم فيها متأخرا. اما القسم الافضل والاقدر على الحكم على هذا اليوم التاريخي فهم اولائك الذين ساهموا في البناء وعايشوا الحقبتين قبل النهضة وبعدها متحدين الصعوبات ومقاومين المغريات والفتن وانواع التحديات من اجل نهضة مستقبلنا نحن ومستقبل الاجيال القادمة.

حري بنا اليوم ان نستنج العبر ونتعلم الدروس ممن عاصر تلك الحقبة بتحدياتها وفرصها لنستشف منهم بصدق وعن تجربة كيف استبشر العمانيون بتولي سلطاننا المفدى مقاليد البلاد وبدأت بعدها وفود المواطنين الذين سافروا خارج البلد طلبا للرزق والعلم يعودون  للمشاركة  في النهضة والتنمية رغم صعوبة البدايات. يخبرني ابي – حفظه الله – بأنه رجع من دولة الكويت عام ١٩٧١ ليعمل في وزارة الاعلام براتب مقداره ٤١ ريالا فقط في وظيفة مدير اداري بصلاحيات ومسؤوليات متعددة بسبب قلة العاملين آنذاك. ليتحسن راتبه بمقدار عشرة ريالات فقط بعد عدة شهور صابرا على ذلك رغم انه كان يجني اكثر من ذلك في الخارج ليس لشيء الا حبا في وطنه ورغبته في العيش مع اهله واقاربه فلسان حاله وحال من معه يقول كما قال الشريف قتادة (بلدي وان هانت علي عزيزة، ولو انني اعرى بها وأجوع). واستمر الوضع هكذا حتى بدأت الاوضاع الاقتصادية تتحسن في السلطنة اكثر واكثر في بداية الثمانينات. عايش ابي ايضا حقبة تطور البث الاذاعي والتلفزيوني في السلطنة من بداية البث لمسافة لا تزيد عن كيلو متر واحد فقط وبعد ذلك لمسافة عشرة كيلومترات الى ما نعيشه اليوم من عصر الفضائيات. كما ساهم ايضا في العمل الصحفي وكان ممن ساعد على تركيب ادوات الطباعة لجريدة عمان وبدأ في توزيع اوائل النسخ منها ايضا حتى وصلت جريدة عمان لما وصلت اليه اليوم .


من عايش تلك الحقبة اخواني القراء يستطيع ان يشهد على صبر العمانيين في نهضة بلادهم بشكل يعطي عبرا ودروسا لنا وللأجيال القادمة. ففي بداية السبعينات تجمعت اكثر من وزارة في بناية واحدة وكانت حصة كل منها شقة واحدة فقط. وفي بداية السبعينات ايضا كان المسؤول عن التوظيف او ما يسمى اليوم بمدير الموارد البشرية هو الوزير نفسه وكان يحاول استجداء المواطنين واقناعهم بان الامور ستتحسن وان عليهم ان يرضوا بالقليل لينالوا هم وابناؤهم الكثير في المستقبل. تحديات جمة وصعوبات كثيرة خاضها آباؤنا واجدادنا في بداية النهضة المباركة لا يعلم حدتها ومكنونها الا هم لنستطيع اليوم ان نحظى بتوفيق من الله بكل ما نرى من منجزات النهضة. فمسيرة النهضة وعلى مدار ٤٣ عاما تعطينا اليوم دروسا عديدة علينا نحن جيل النهضة الاستفادة منها وتوثيقها بشكل علمي وابداعي ليستفيد منها اجيالنا القادمة. فهناك الكثير من قصص المثابرة والنجاح التي تصلح كمواضيع لمسلسلات محلية وكرتونية او افلام سينمائية بدلا من الهزل الغث الذي نراه احيانا على شاشاتنا. فهذه التجربة العمانية الرائدة تخط لنا رؤية في الحياة عن كيفية التعامل مع التحديات الجديدة التي تواجهنا اليوم في المحافظة على منجزات النهضة ودفع عجلة التنمية. فهي مما كانت لا تقارن بالتحديات التي واجهها العمانيون في بدايتها، ولذلك فعلينا ان نتعلم من جيل الآباء والاجداد الصبر والمصابرة وتغليب حب الوطن على حظوظ المصالح الشخصية. فالله الله ايها العمانيون في نهضة البلاد والمحافظة على مكتسباتها فلولا الصبر وحب الوطن والاخلاص في العمل لما وصلت الينا هذه النعم وبها ستدوم ان شاء الله.

الثلاثاء، يوليو 16، 2013

الدعم الحكومي للمواطنين المبتدئين


لا يمكن لأحد اليوم إنكار الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومية في تنمية القطاعات الحيوية بالبلاد والتي تتمثل في الكثير من المشاريع التنموية الاقتصادية التي يروج لها بأنها تصب في النهاية في خدمة المواطن. للأسف لا توجد لدينا اليوم دراسة تقيس وبشكل علمي مساهمة هذه المشاريع الحكومية الكبيرة في رفاهية المواطن العماني. فبالرغم من أهمية هذه المشاريع والتي تصرف عليها الحكومة مليارات الريالات إلا أن تأثيراتها الحقيقية على واقعنا الشخصي الملموس قد تتجاوز فكر وتقدير المواطن البسيط. فحاجات المواطنين اليوم على بساطتها يصعب على معظمهم ربطها بمشروع السكة الحديد أو مشروع الدقم أو المشاريع الصناعية بصحار وغيرها من كبرى مشاريع الدولة. فمعظم المواطنين اليوم لا يطمح في أكثر من الحصول على ظيفة براتب جيد وقدرة على تكوين عائلة كريمة وبناء بيت يؤويه بالإضافة طبعا إلى خدمات البنية الأساسية من تعليم وصحة ونقل واتصالات. لذلك قد يصطدم فكر الكثيرين مع مشاريع الحكومة التنموية والتي قد يرونها غير ذات تأثير مباشر على أكثرهم، فلسان حالهم يقول: لماذا وبالرغم من كثرة المشاريع التنموية في البلاد ما زلت أجد صعوبة في الحصول على أبسط حقوقي؟ لماذا مثلا لا تساعدني الحكومة في الحصول على أرض مكتملة الخدمات بدلا من انتظار الأعوام؟ ولماذا لا أجد الدعم لبناء بيت الأحلام والزواج دونما فائدة؟ ولماذا أحتاج لتدريس أبنائي في مدارس خاصة تتفوق في مستواها على التعليم الحكومي؟ ولماذا اضطر للسفر للعلاج بسبب طول فترة المواعيد بالمستشفيات الحكومية؟ ولماذا ما زالت الاتصالات ضعيفة مقارنة مع دول الجوار؟ أليست هذه أبسط حقوقي كمواطن والتي لا أجدها في كبرى مشاريع الدولة التنموية؟

عند النظر في أشكال الدعم الحكومي المباشرة للمواطن نجدها تأتي بأشكال مختلفة من خلال بعض الجهات والمؤسسات الحكومية والتي تشجع بدورها أيضا القطاع الخاص لتبني السياسة ذاتها للأخذ بيد المواطنين الجادين على منهج (لا تعطيني سمكة بل علمني كيف أصيدها ؟). ولعل ندوة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سيح الشامخات أكبر برهان على جدية مساعي الجهات الحكومية في تشجيع العمل الخاص ودعم مبادرات الشباب باختلافها للنهوض بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تعول عليها الحكومة الكثير. هناك أيضا صندوق الرفد الذي أنشىء بموجب مرسوم سلطاني وخصص له ٧٠ مليون ريال ليبدأ باستقبال طلبات القروض ابتداء من الربع الأول من العام القادم ليحل بذلك محل برنامج سند من وزارة القوى العاملة ومشروعات موارد الرزق من وزارة التنمية الاجتماعية والمشروعات الزراعية للمرأة الريفية من وزارة الزراعة والثروة السمكية. كما أن هناك أيضا برنامج مركز حاضنات الأعمال بهيئة تقنية المعلومات المعروف باسم (ساس) والذي يستهدف الطلبة والباحثين عن العمل وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في قطاعي التقنية والاتصالات بالإضافة طبعا إلى مراكز دعم الابتكارات باختلافها والتي يدعم معظمها مجلس البحث العلمي كمركز الابتكار الصناعي في منطقة الرسيل الصناعية وواحة الابتكار مسقط، ناهيك طبعا عن أشكال الدعم الأخرى للوقود والمواد الغذائية الأساسية وغيرها.
بالرغم من كل ما سبق، إلا إننا نحتاج اليوم إلى وقفة للتامل في المنهجية المتبعة في اختيار وإقرار المشاريع التنموية في البلاد من جهة وفي تقييم آلية تقديم طلبات المواطنين للاستفادة من أشكال الدعم من جهة أخرى. فهناك أساسيات يحتاجها المواطن بشكل كبير تحتاج منا اليوم إلى استثمارات وتركيز أكبر وهي تلك القطاعات التي تمس المواطن بشكل مباشر. فالارتقاء بالتعليم والخدمات الصحية ومنظومة الاتصالات والنقل هي من أهم القطاعات التي يجب أن تستكمل كبنية تحتية للبلاد قبل غيرها من القطاعات من باب المنفعة العامة. لا ننسى أيضا المنافع الخاصة للمواطنين ذات المردود العام على البلاد، كتأمين المسكن المناسب وعمل التسهيلات للشباب للزواج ولتطوير أعمالهم الخاصة بما يدر عليهم مكسب مادي يساعدهم على تحمل مصاريف الحياة. للأسف بعض هذه العناصر تم إغفالها على حساب مشاريع تنموية أخرى قد لا يجد فيها معظم المواطنين السبيل للحصول على حياة أفضل .


عند التامل في طرق تقديم الطلبات للانتفاع من القروض والتسهيلات المتوفرة لتكوين المشاريع الخاصة، فإننا نجدها تفتقر أحيانا لمفهوم الاحتضان والذي يطبق بنجاح في مشروع حاضنات الأعمال في مشروع ساس. فقد يفتقر مقدمو الطلبات لمهارات الكتابة وصياغة التقارير أو التقديم أو ربما قد لا يجدون الوقت الكافي لكل ذلك. فهناك من يشتكي من طول الإجراءات المتبعة وتعقيدها في بعض الأحيان، وهناك من يشكو من كثرة المستندات المطلوبة والتي قد تحتاج لترجمة من اللغة العربية إلى الإنجليزية أو العكس أحيانا. فعلى سبيل المثال ومن تجربة شخصية، أستطيع القول بأن ثقافة الدعم عند بعض الجهات تحديدا تلك التي تعنى بدعم الابتكارات تتمثل في تقييم الأفكار على ضوء التقارير التي يعدها صاحب الابتكار بغض النظر عن قدراته الكتابية. يشرف على عملية التقييم هذه مجموعة من الخبراء الأجانب الذين يفتقرون لفهم الواقع العماني واحتياجاته بحيث يحاولون تطبيق نفس الآلية المطبقة في الخارج متوقعين نفس النتائج. أين هي مراعاة الواقع هنا عند تطبيق الحلول وهي من أساسيات النجاح؟ لذلك يحتاج المواطنون المبتدئون اليوم بشكل عام إلى حاضنات تساعدهم في الجوانب التي قد يفتقرون إليها لنجبرهم على التركيز على الأهم وهو تنفيذ المشاريع أو الأفكار وإدارتها بدلا من إضاعة الوقت في أمور هامشية غالبا ما تكون شكلية أيضا. لذلك أرى اليوم أن على جهاتنا الحكومية المختصة أن تضع المواطن العماني هو أساس التنمية في البلاد ومنبع للمشاريع الحكومية بشكل يراعي احتياجاته الفردية والاجتماعية أولا واحتياجات من يأتي بعده ثانيا، فما فائدة المشاريع إن لم تساهم في رفاهية المواطنين اليوم قبل الغد وفي جميع أنحاء البلاد؟

الاثنين، يوليو 08، 2013

التعمين وجودة العمل


تعتبر سياسة التعمين من أفضل السياسات الوطنية في السلطنة وأذكاها، فقد كانت السلطنة من أوائل دول المنطقة وربما العالم أجمع التي أبدعت هذه المنظومة لتقليل الاعتماد على الأيدي العاملة الوافدة وتقليص عدد الباحثين عن عمل. فلا ننسى سعي العديد من الدول الخليجية في مطلع القرن الحادي والعشرين للاستفادة من هذه التجربة، فقد التقيت في منتصف العقد الماضي بأحد الزملاء الإماراتيين وهو يحضر رسالة دكتوراة محاولا أن يستفيد في دراسته من التجربة العمانية فيما يسمى بـ(الأمرتة) وهو مصطلح مشابه لمصطلح التعمين عندنا، وسمعنا بعد ذلك أيضا بمصطلح (السعودة) من إخواننا في السعودية، وهلم جرا. فالشاهد هنا أن عملية توطين الوظائف تعتبر من السياسات الضرورية في منطقة الخليج العربية والتي تعكس رؤية وطنية ذكية طويلة الأمد إن أحسن القائمون عليها التخطيط والتنفيذ، وهنا مربط الفرس. فهل يا ترى احسنا التخطيط لسياسة التعمين في السلطنة بشكل لا يؤثر على جودة العمل؟ فلطالما سمعنا الكثير من العبارات المحبطة التي تدعي بأن الشباب العماني لا يُعتمد عليه بشكل عام، فهل هم كذلك فعلا؟ وهل تحولت سياسة التعمين إلى سياسة أخرى أقرب للتأمين الوطني في محاولة لتوظيف الباحثين عن عمل بشكل عشوائي لا لشيء إلا لتقليل مخاطرهم الاجتماعية؟

بداية وللرد على جميع من يظن أن العمانيين بشكل عام ليسوا ذوي همة بالمقارنة مع الجنسيات الأخرى، استطيع القول إنه يمكن اليوم لكل من درس أو سافر خارج السلطنة أن يشهد بأن أداء الطلبة العمانيين يعتبر الأفضل بين بقية الطلبة العرب بشكل عام، ليس فقط في التحصيل العلمي بل في الأخلاق والانضباط والتمسك بالعادات والتقاليد. هذا من جانب، ومن جانب آخر يعلم أيضا كل من عمل أو يعمل في القطاع الخاص سواء داخل السلطنة أو خارجها أن كفاءة العمانيين يشار لها دائما بالبنان وعادة ما تسعى كبرى الشركات العاملة في دول الخليج لتوظيف العمانيين بسبب السمعة الطيبة التي تركها أقرانهم السابقون. فمعظم العمانيين العاملين خارج السلطنة (على قلتهم) يتبوؤون مراكز مهنية عليا في شركات عالمية ويحققون تميزا بين نظرائهم من الجنسيات العربية والأجنبية الأخرى. اعلم ذلك يقينا لأني التقي بالعديد من الزملاء الذين انهو دراسة البكالوريوس في الجامعة وبعد ذلك تدرجوا في أعمالهم المهنية بداية بالقطاع الخاص في السلطنة وانتهاء ببعض كبرى الشركات العالمية في دول مجلس التعاون وأوروبا وشرق آسيا وأمريكا. ليس ذلك فحسب، حتى طلابنا اليوم في الجامعة نراهم يحصلون على فرص تدريبية وعملية في دول مجاورة بشكل أسهل من الجنسيات الأخرى. الأمر الذي يدل على أن العنصر العماني قادر على تحقيق التميز إن توفرت له البيئة الصحيحة، فهل وفرنا البيئة المناسبة للعاملين داخل السلطنة؟ ولماذا يستطيع بعض العمانيين النجاح خارج البلاد ولا يستطيع تكرار ذلك داخلها؟


عند التمعن اليوم في عملية التعمين نجد أنها تمشي بخطط بسيطة تسعى إجمالا إلى إجبار الشركات بنسبة معينة لتوظيف العمانيين تختلف باختلاف حجم ونشاط الشركة. للأسف أرى هنا أننا اغفلنا عنصر إيجاد البيئة العملية المناسبة والتي تستطيع أن تظهر وتفجر إمكانيات الموظف العماني الصحيحة. فما أسهل أن نعين عمانيين في وظائف وهمية أو هامشية لغرض إكمال نسبة التعمين دون أن يكون هناك خطة لإبراز إمكانياتهم واختبار إصرارهم. الأمر الذي افرز لنا موظفين سلبيين لا يساهمون في العمل إلا بالحد الأدنى مما ساهم في إيجاد سمعة داخلية جديدة عن الكادر العماني تختلف مائة وثمانين درجة عن سمعتهم خارج البلاد. ليس ذلك فحسب، فأصبح هذا الأداء الوظيفي أشبه بالوباء المعدي الذي يصيب كل الموظفين الجدد مما ساهم في تعزيز السمعة السلبية خصوصا في الوظائف الحكومية والأعمال الدنيا في القطاع الخاص. لذلك أرى أن سياسة التعمين يجب أن لا تهمل عامل الجودة والكفاءة في العمل مهما تطلب الأمر. فكما إننا ندعو إلى تجديد الدماء في العديد من الوظائف بحجة عجز الموظفين الحاليين عن الإتيان بجديد، كذلك هو الحال في تجديد المهارات والخبرات والتي لا تتأتى بالتعمين والانغلاق على الذات فقط بل بالانفتاح على العالم والتمازج مع الغير. فلا شيء يفيد الإنسان ويصقل مواهبه كتعدد الخبرات العملية والانفتاح على أفكار وخبرات دولية والتي عادة ما تأتي بالاختلاط بجنسيات متعددة. لذلك علينا اليوم أن نهتم ليس فقط بإحلال الأيدي العاملة الوطنية مكان الوافدة بل وإحلالها معها كذلك، ليتسنى لهم اكتساب المهارات والخبرات أولا بشكل يضمن لنا بشكل يضمن لنا جودة العمل بعد رحيل الأيدي العاملة الوافدة. قد يكون ذلك عن طريق الابتعاث للدراسة والتدريب خارج السلطنة بدلا من خيار التدريب داخلها رغم كونه اكثر كلفة. فالهدف هنا ليس في التدريب فقط بل أيضا في الانفتاح على التجارب الدولية والاحتكاك بمختلف جنسيات العالم. هناك أيضا بيوت الخبرة والشركات التي تستعين بها السلطنة من وقت لآخر في مشروعاتها التنموية والتي يمكن الاستفادة منها بدمج اكبر قدر من موظفينا العمانيين فيها لاكتساب الخبرات اللازمة التي تغنينا عن الاستعانة بها مرة أخرى وتحقق لهم الامتزاج المرغوب. كما يمكن للدوائر الحكومية المشبعة بالكوادر المحلية والتي عادة ما تفتقر للخبرات الدولية، الاستعانة بين الحين والآخر بعدد من الخبراء والأيدي العاملة الاجنبية في مختلف المستويات الوظيفية ليس فقط لإثراء عملية دعم القرار ولكن ايضا لإيجاد بيئة عمل جديدة يمكن ان تساهم في هدم بعض العقد الفكرية وتصحيح بعض العقليات التي للاسف ما زالت تساهم حاليا بنجاح في ابطاء عمليات التنمية في البلاد.