لا يمكن لأحد اليوم إنكار الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومية في
تنمية القطاعات الحيوية بالبلاد والتي تتمثل في الكثير من المشاريع التنموية الاقتصادية
التي يروج لها بأنها تصب في النهاية في خدمة المواطن. للأسف لا توجد لدينا اليوم
دراسة تقيس وبشكل علمي مساهمة هذه المشاريع الحكومية الكبيرة في رفاهية المواطن
العماني. فبالرغم من أهمية هذه المشاريع والتي تصرف عليها الحكومة مليارات
الريالات إلا أن تأثيراتها الحقيقية على واقعنا الشخصي الملموس قد تتجاوز فكر
وتقدير المواطن البسيط. فحاجات المواطنين اليوم على بساطتها يصعب على معظمهم ربطها
بمشروع السكة الحديد أو مشروع الدقم أو المشاريع الصناعية بصحار وغيرها من كبرى
مشاريع الدولة. فمعظم المواطنين اليوم لا يطمح في أكثر من الحصول على ظيفة براتب
جيد وقدرة على تكوين عائلة كريمة وبناء بيت يؤويه بالإضافة طبعا إلى خدمات البنية الأساسية
من تعليم وصحة ونقل واتصالات. لذلك قد يصطدم فكر الكثيرين مع مشاريع الحكومة
التنموية والتي قد يرونها غير ذات تأثير مباشر على أكثرهم، فلسان حالهم يقول:
لماذا وبالرغم من كثرة المشاريع التنموية في البلاد ما زلت أجد صعوبة في الحصول
على أبسط حقوقي؟ لماذا مثلا لا تساعدني الحكومة في الحصول على أرض مكتملة الخدمات
بدلا من انتظار الأعوام؟ ولماذا لا أجد الدعم لبناء بيت الأحلام والزواج دونما
فائدة؟ ولماذا أحتاج لتدريس أبنائي في مدارس خاصة تتفوق في مستواها على التعليم
الحكومي؟ ولماذا اضطر للسفر للعلاج بسبب طول فترة المواعيد بالمستشفيات الحكومية؟
ولماذا ما زالت الاتصالات ضعيفة مقارنة مع دول الجوار؟ أليست هذه أبسط حقوقي
كمواطن والتي لا أجدها في كبرى مشاريع الدولة التنموية؟
عند النظر في أشكال الدعم الحكومي المباشرة للمواطن نجدها تأتي بأشكال
مختلفة من خلال بعض الجهات والمؤسسات الحكومية والتي تشجع بدورها أيضا القطاع
الخاص لتبني السياسة ذاتها للأخذ بيد المواطنين الجادين على منهج (لا تعطيني سمكة
بل علمني كيف أصيدها ؟). ولعل ندوة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سيح الشامخات
أكبر برهان على جدية مساعي الجهات الحكومية في تشجيع العمل الخاص ودعم مبادرات
الشباب باختلافها للنهوض بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تعول عليها
الحكومة الكثير. هناك أيضا صندوق الرفد الذي أنشىء بموجب مرسوم سلطاني وخصص له ٧٠
مليون ريال ليبدأ باستقبال طلبات القروض ابتداء من الربع الأول من العام القادم
ليحل بذلك محل برنامج سند من وزارة القوى العاملة ومشروعات موارد الرزق من وزارة
التنمية الاجتماعية والمشروعات الزراعية للمرأة الريفية من وزارة الزراعة والثروة السمكية.
كما أن هناك أيضا برنامج مركز حاضنات الأعمال بهيئة تقنية المعلومات المعروف باسم
(ساس) والذي يستهدف الطلبة والباحثين عن العمل وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة
في قطاعي التقنية والاتصالات بالإضافة طبعا إلى مراكز دعم الابتكارات باختلافها
والتي يدعم معظمها مجلس البحث العلمي كمركز الابتكار الصناعي في منطقة الرسيل
الصناعية وواحة الابتكار مسقط، ناهيك طبعا عن أشكال الدعم الأخرى للوقود والمواد
الغذائية الأساسية وغيرها.
بالرغم من كل ما سبق، إلا إننا نحتاج اليوم إلى وقفة للتامل في المنهجية المتبعة في اختيار وإقرار المشاريع التنموية في البلاد من جهة وفي تقييم آلية تقديم طلبات المواطنين للاستفادة من أشكال الدعم من جهة أخرى. فهناك أساسيات يحتاجها المواطن بشكل كبير تحتاج منا اليوم إلى استثمارات وتركيز أكبر وهي تلك القطاعات التي تمس المواطن بشكل مباشر. فالارتقاء بالتعليم والخدمات الصحية ومنظومة الاتصالات والنقل هي من أهم القطاعات التي يجب أن تستكمل كبنية تحتية للبلاد قبل غيرها من القطاعات من باب المنفعة العامة. لا ننسى أيضا المنافع الخاصة للمواطنين ذات المردود العام على البلاد، كتأمين المسكن المناسب وعمل التسهيلات للشباب للزواج ولتطوير أعمالهم الخاصة بما يدر عليهم مكسب مادي يساعدهم على تحمل مصاريف الحياة. للأسف بعض هذه العناصر تم إغفالها على حساب مشاريع تنموية أخرى قد لا يجد فيها معظم المواطنين السبيل للحصول على حياة أفضل .
بالرغم من كل ما سبق، إلا إننا نحتاج اليوم إلى وقفة للتامل في المنهجية المتبعة في اختيار وإقرار المشاريع التنموية في البلاد من جهة وفي تقييم آلية تقديم طلبات المواطنين للاستفادة من أشكال الدعم من جهة أخرى. فهناك أساسيات يحتاجها المواطن بشكل كبير تحتاج منا اليوم إلى استثمارات وتركيز أكبر وهي تلك القطاعات التي تمس المواطن بشكل مباشر. فالارتقاء بالتعليم والخدمات الصحية ومنظومة الاتصالات والنقل هي من أهم القطاعات التي يجب أن تستكمل كبنية تحتية للبلاد قبل غيرها من القطاعات من باب المنفعة العامة. لا ننسى أيضا المنافع الخاصة للمواطنين ذات المردود العام على البلاد، كتأمين المسكن المناسب وعمل التسهيلات للشباب للزواج ولتطوير أعمالهم الخاصة بما يدر عليهم مكسب مادي يساعدهم على تحمل مصاريف الحياة. للأسف بعض هذه العناصر تم إغفالها على حساب مشاريع تنموية أخرى قد لا يجد فيها معظم المواطنين السبيل للحصول على حياة أفضل .
عند التامل في طرق تقديم الطلبات للانتفاع من القروض والتسهيلات
المتوفرة لتكوين المشاريع الخاصة، فإننا نجدها تفتقر أحيانا لمفهوم الاحتضان والذي
يطبق بنجاح في مشروع حاضنات الأعمال في مشروع ساس. فقد يفتقر مقدمو الطلبات لمهارات
الكتابة وصياغة التقارير أو التقديم أو ربما قد لا يجدون الوقت الكافي لكل ذلك.
فهناك من يشتكي من طول الإجراءات المتبعة وتعقيدها في بعض الأحيان، وهناك من يشكو
من كثرة المستندات المطلوبة والتي قد تحتاج لترجمة من اللغة العربية إلى
الإنجليزية أو العكس أحيانا. فعلى سبيل المثال ومن تجربة شخصية، أستطيع القول بأن
ثقافة الدعم عند بعض الجهات تحديدا تلك التي تعنى بدعم الابتكارات تتمثل في تقييم
الأفكار على ضوء التقارير التي يعدها صاحب الابتكار بغض النظر عن قدراته الكتابية.
يشرف على عملية التقييم هذه مجموعة من الخبراء الأجانب الذين يفتقرون لفهم الواقع
العماني واحتياجاته بحيث يحاولون تطبيق نفس الآلية المطبقة في الخارج متوقعين نفس
النتائج. أين هي مراعاة الواقع هنا عند تطبيق الحلول وهي من أساسيات النجاح؟ لذلك
يحتاج المواطنون المبتدئون اليوم بشكل عام إلى حاضنات تساعدهم في الجوانب التي قد
يفتقرون إليها لنجبرهم على التركيز على الأهم وهو تنفيذ المشاريع أو الأفكار
وإدارتها بدلا من إضاعة الوقت في أمور هامشية غالبا ما تكون شكلية أيضا. لذلك أرى
اليوم أن على جهاتنا الحكومية المختصة أن تضع المواطن العماني هو أساس التنمية في
البلاد ومنبع للمشاريع الحكومية بشكل يراعي احتياجاته الفردية والاجتماعية أولا
واحتياجات من يأتي بعده ثانيا، فما فائدة المشاريع إن لم تساهم في رفاهية
المواطنين اليوم قبل الغد وفي جميع أنحاء البلاد؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق