الأحد، أكتوبر 13، 2013

جامعتي إلى أين؟

 
انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي قبل أسابيع معلومة تفيد بتراجع الأداء الاكاديمي أو الترتيب العالمي لجامعة السلطان قابوس بين جامعات العالم حسب تصنيف QS. فقد احتلت الجامعة هذا العام المركز ما بين ٥٠١ إلى ٥٥٠ في سلسلة من التراجعات منذ استقلالية هذا التصنيف العالمي في عام ٢٠١٠. فقد كان ترتيب الجامعة حسب نفس التصنيف في المركز ٣٧٧ في عام ٢٠١١ وبعد ذلك في المركز ما بين ٤٠١ و٤٥٠ في عام ٢٠١٢، مما يشير الى تراجع ملحوظ وحاد في الاداء الاكاديمي. طبعا يعتبر تصنيف QS من أفضل ثلاثة تصنيفات عالمية للجامعات بالإضافة الى تصنيف THE العالمي التابع للمجلة البريطانية تايمز للدراسات العليا وتصنيف ARWU أو ما يعرف بتصنيف شنغهاي. الملاحظ أيضاً اننا إذا بحثنا عن مركز الجامعة في التصنيفين الأخيرين لما وجدنا لها أي وجود خلال إصدارات الأعوام القليلة الماضية. والذي يعني بأن الجامعة لم تستطع ان تحتل أي مركز من المراكز الـ٥٠٠ في هذين التصنيفين والذي قد يعزى إما لقصور في المعلومات المتوفرة للمقيمين أو لان التقييم وضعها خارج نطاق أفضل الجامعات العالمية. طبعا من المهم بمكان أن نعلم بأن هناك الكثير من التكرار بين الجامعات في المراكز، فكوننا وضعنا في المركز بين ٥٠٠ الى ٥٥٠ لا يجعلنا هذا من بين افضل ٥٥٠ جامعة في العالم، فهل يا ترى يعكس هذا التقييم المستوى الحقيقي لجامعتنا الفتية، وماذا نحن فاعلون؟

 في البداية، من المهم بمكان ان نبحث في منهجيات التقييم التي تتبعها هذه التصنيفات العالمية في تقييم الاداء الاكاديمي للجامعات، الأمر الذي يختلف بطبيعة الحال بين تصنيف وآخر. فإذا نظرنا الى تصنيف QS وهو الوحيد الذي صنف الجامعة نجد له خمسة معايير أساسية يعطى لكل منها ثقل معين لحساب التقييم العام لكل جامعة، فهو يعتمد بنسبة ٤٠٪ على رأي ومعرفة أشهر الاكاديميين حول العالم بالجامعات الخاضعة للتقييم، بحيث توزع استبانات لآلاف الاكاديميين لاستشفاف آرائهم حول أهم وأفضل الجامعات كل في مجال تخصصه. يتم التواصل مع هؤلاء الأكاديميين عن طريق شراء بعض قواعد البيانات المتوفرة من بعض الشركات المختصة في جمع البيانات. اما العامل الثاني والذي يشكل نسبة ٢٠٪ فيهدف الى تقييم نسبة المدرسين في كل جامعة الى نسبة الطلبة لقياس حجم مسؤوليات المدرسين التدريسية وجودة العملية التعليمية. ويعطي التصنيف نسبة ٢٠٪ أيضاً لعامل البحث العلمي في الجامعات عن طريق حساب نسبة البحوث المنشورة عالميا في كل جامعة الى عدد الاكاديميين الموجودين فيها كمؤشر على الإنتاجية البحثية للجامعات. أما العاملان الرابع والخامس واللذان يشكل كل منهما ١٠٪ من التقييم العام لكل جامعة، فيعنى أحدهما برأي ورضا جهات العمل التي تستوعب خريجي هذه الجامعات بمخرجات هذه الجامعات على المستويين المحلي والدولي اما العامل الآخر فيركز على قدرة الجامعة في استقطاب الموظفين والطلبة من مختلف انحاء العالم كمؤشر على حسن أو سوء سمعة الجامعة دولياً.
 

بالرغم من الجدل المثار حول ملاءمة ومهنية هذه العوامل في تقييم الجامعات الا انها تعطي في النهاية مؤشراً عاماً للأداء يجب الاستفادة منه لمكافأة الناجحين والمجيدين من جهة حتى نضمن استمراريتهم، ولمحاولة الوقوف على الاخفاقات والتحديات التي تعوق جودة العملية التعليمية من جهة أخرى. من السهولة اليوم أن نحاول التلاعب بعوامل التقييم آنفة الذكر لتحسين ترتيبنا وتقييمنا العالمي كأن نسعى إلى ترويج وتسويق نشاطاتنا داخل الجامعة مثلا ونتاجنا البحثي بشكل دولي أكثر مما يستحق آو محاولة توفير العديد من منح الدراسة للعديد من الطلبة الدوليين واستقطاب الكثير ايضا من الاكاديميين من حول العالم فقط لغرض التصنيف وليس من منطلق تحسين الاجراءات والوصول الى الامتياز في جودة العمل. فما الترتيب العالمي الا مؤشراً للأداء يؤثر بشكل أكبر على الجامعات الخاصة التي تتأثر اقتصادياتها بتدني ترتيبها العالمي. اما جامعة السلطان قابوس فهي امل البلاد الاول في رفد جميع القطاعات الحيوية في السلطنة بالكفاءات النوعية المطلوبة في سوق العمل. وعلى ذلك فتراجع الاداء هذا من شأنه أن يؤثر ليس فقط على مخرجات اليوم، بل أيضاً على مسؤولي الغد وقادتهم ففاقد الشيء لا يعطيه. كوني من الجامعة أعلم بأنها تعاني حالها حال مجمل الجهاز الاداري في الدولة من ترهل وفتور في الاداء بشكل عام وهو ما تحدثت عنه في المقالة السابقة. لا يعني هذا بأننا نتهم الاداريين فقط بهذا التراجع، فهناك مقصرون في كل القطاعات والدوائر وهناك مخلصون ايضا ولكن صبرهم قد ينفذ، بل بدأ ينفذ بالفعل. استطيع القول إن محور اشكاليتنا في الجامعة هي في منظومة ادارية مترهلة يسيطر عليها الغث غالبا ويهمش فيها السمين وينقصها ارادة جادة نابعة من شجاعة وقناعة بأهمية التغيير وتوحيد الطاقات والجهود حول هدف محدد ومشترك، بدلا من ثقافة مشي حالك التي يؤول لها الحال بعد نفاد صبر المخلصين.