السبت، يوليو 31، 2010

إختراق كلمات السر

يعد أمن المعلومات اليوم من أكثر ما يشغل بال مطوري برمجيات الحاسوب والمستخدمين في عالم تقنية المعلومات. فالهاجس اليوم أن هناك دائماً من يترصد بنا الشر عند دخولنا في مواقع الإنترنت وعند إستخدامنا لأجهزة الحاسوب والهاتف النقّال. الأمر الذي جعل الكثيرين من الناس يحجبون عن إستغلال الكثير من التسهيلات والمميزات الموجودة في الإنترنت بحجة أن الأمن غير مستتب. ربما ترجع هذه الفكرة لعدة أسباب منها إنعدام أو قلة الثقة في الإنترنت ككل أو في كفاءة الجهات التي تقف خلف أمن المواقع الإلكترونية. وقد تكون الأسباب كذلك شخصية كإهتزاز ثقة المستخدم بنفسه بسبب قلة درايته بالأمور الأمنية في عالم تقنية المعلومات أو بأخطاء فردية كدخول المستخدم لمواقع مشبوهة رغم علمه المسبق بإحتمالية خطورتها أو ثقته الزائدة في بعض المواقع التي قد تطلب منه بعض المعلومات الخاصة بين الحين والآخر. ولعل من أكثر ما يقلقنا اليوم في هذا كله هو كلمات السر (passwords) التي نحتاجها للدخول إلى العديد من المواقع في الإنترنت. حيث تعتبر اليوم كلمات أو عبارات المرور هذه من أكثر وسائل حماية المعلومات وبرمجيات الحاسوب والمواقع الإلكترونية المختلفة في الإنترنت. فكيف يمكن لنا نحن المستخدمين حماية كلماتنا السرية من الإختراق؟ سنحاول في هذه المقالة اليوم تغطية بعض الأبعاد المحيطة بكلمات المرور لضمان إختيار كلمات يصعب إختراقها أو معرفتها.


من أكثر الأساليب الشائعة التي يتبعها قراصنة المعلومات لمعرفة كلمات السر ونخص هنا متحدثي اللغة الإنجليزية هو ما يعرف بهجوم القاموس (dictionary attack). يقوم المخترق في هذا الهجوم بمحاولة معرفة كلمات السر عن طريق إستخدام برنامج حاسوبي خاص يقوم بتجربة كل كلمة موجودة في القاموس الإنجليزي واحدة تلو الأخرى إلى أن يحصل على كلمة المرور الصحيحة. تأتي هذه الطريقة بعد أن أظهرت الدراسات أن معظم الناس يقوموا بإستخدام كلمات سرية هي عبارة عن كلمات متداولة موجودة في معظم قواميس اللغات إما لأسماء أو أفعال أو صفات والتي عادة ما يسهل كتابتها وتذكرها من قبل المستخدمين. حيث أشارت شركة إمبرفا (Imperva) المختصة في أمن المعلومات في الإنترنت بعد قيامها بتحليل أكثر من 32 مليون كلمة مرور تسربت بغير قصد من موقع (RockYou) المختص بوسائل الإعلام الإجتماعية في الإنترنت، إلى أن أكثر من نصف هؤلاء المستخدمين إستعانوا بكلمات سرية سهلة التخمين جداً كتلك المنتشرة في القواميس أو عن طريق إستخدام أرقام متسلسلة أو أسماء معروفة عالمياً. طبعاً تنبهت الكثير من المؤسسات لهذا النوع من الهجوم وأصبحت تعطل حسابات المستخدمين (لفترة زمنية) عند إخفاقهم في إدخال كلمة المرور بعد بضعة محاولات. الأمر الذي جعل قراصنة المعلومات يعمدون إلى تحسين أسلوبهم بإستخدام أكثر كلمات المرور إستخداماً بين الناس حسب تصنيفات معينة. ليس ذلك فحسب، فهناك من يعمد إلى دراسة شخصيات وإهتمامات وثقافات المستخدمين بغرض تخمين كلمة المرور، الأمر الذي يعرف بين خبراء أمن المعلومات بالهندسة الإجتماعية (social engineering). فعادةً ما يستخدم الناس كلمات مرور ذات علاقة بأسلوب حياتهم وثقافتهم بشكل عام، فهناك من يستخدم إسم مدينته أو قريته أو كنيته أو إسم إبنه وربما أظاف عليها بعض الأرقام من باب زيادة صعوبة الكلمة. وعادةً ما تكون هذه الأرقام عبارة عن أرقام متسلسلة كرقم (123) أو سنة ميلاده أو رقم جواله أو صندوق بريده أو غيرها من المعلومات السهل معرفتها من قبل الأقارب والأصدقاء. فكيف يمكن إذاً الحصول على كلمات مرور صعبة وآمنة؟


تساعدنا كبرى المواقع الإلكترونية بالإنترنت كمواقع البنوك ومواقع البريد الإلكتروني ومواقع الجامعات ومواقع كبرى الشركات التجارية والمختصة في أمن المعلومات في تحديد صفات كلمات المرور التي يصعب معرفتها أو تخمينها. فعند تصفحنا لهذه المواقع نجدها توصي زبائنها بإختيار كلمات سرية حسب مواصفات معينة كأن تحتوي كلمة المرور في آن واحد على أرقام غير متسلسلة ورموز مختلفة كعلامة الإستعجاب والإستفهام وغيرها. وأن تحتوي كلمة المرور كذلك على حروف إنجليزية كبيرة (uppercase) وأيضاً حروف صغيرة (lowercase) وأن لا تقل عدد الحروف المستخدمة عن 14 حرفاً! طبعاً مثل هذه المواصفات تجعل من كلمة المرور صعبة جداً ليس فقط للإختراق بل وأيضاً للتذكر والكتابة من قبل المستخدم نفسه خصوصاً إذا ما علمنا أننا عادةً ما نملك العديد من كلمات المرور الخاصة بمواقع وخدمات مختلفة في الإنترنت. ليس ذلك فحسب، فقد يعمد بعضنا إلى تغيير كلمات مروره بين الحين والآخر من باب الحرص وتقوية الجانب الأمني، الأمر الذي قد يزيد الطين بله فقد يؤدي ذلك إلى نسياننا لهذه الكلمات أو إختلاطها علينا فلا نعلم أي كلمة لأي موقع، فما هو الحل إذاً؟


أرى أن يختار الناس كلمات المرور بشكل أكثر ذكاءاً مما هو عليه الآن بحيث يسهل عليهم حفظها ويصعب على الآخرين تخمينها. فمثلاً إن كنت أخي القارئ من ولاية نزوى وبالتحديد من قرية العقر وسنة ميلادك هو 1972 فيمكنك مثلاً أن تدمج هذه المعلومات أجمع بشكل يصعب تخمينه ويسهل عليك حفظه كإستخدام كلمة المرور التالية (!9NizAqqarWa7?). بحيث جاء إسم القرية في المنتصف وقسمنا إسم الولاية وسنة الميلاد إلى قسمين يحيطان بإسم القرية وإستعضنا عن رقم 1 ورقم 2 برمزين شبيهين لهما وهما (!) و (?) على التوالي، وميزنا بين أقسام الكلمة بإستخدام حروف كبيرة وصغيرة وبذلك حققنا ما توصي به كبرى شركات الأمن وحصلنا على كلمة بطول 14 حرفاً يسهل علينا تذكرها ويصعب على الآخرين تخمينها وإكتشافها.

التقنية الصديقة للبيئة

إنتشر حديثاً مصطلح التقنية الخضراء والحوسبة الخضراء بين مطوري التقنية الحديثة مما فتح الباب على مصراعيه لنوع جديد من التقنية يتصف بصداقة حميمة مع البيئة. فمما لاشك فيه أن التقنية الحديثة بجميع أنواعها قد ساهمت في تطوير أنماط حياتنا مما جعلنا ننعم براحة وسهولة في الحياة ربما لم تكن موجودة في زمن أجدادنا. طبعاً جاء ذلك بثمن، فبالإضافة إلى الجهد والمصاريف المادية التي تصرف للحصول على التقنية الحديثة فهناك كذلك ضريبة للتقدم تنعكس على الصحة العامة والبيئة. أسلفنا في مقالة سابقة عن كيف أثرت التقنية (وتؤثر) على الصحة العامة وعلى صحة المستخدمين وغيرها من السلبيات التي قد تنبع من إستخدام سيئ للتقنية أو تصنيع رديء أو الإثنين معاً. سيكون حديثنا اليوم عن التقنية الحديثة ومنهجيتها الجديدة في الحد من تلوث البيئة عن طريق إنتاج تقنيات تساهم في مكافحة التلوث بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.


بداية يجب التفريق بين التقنية الخضراء (Green Technology) والحوسبة الخضراء (Green Computing)، فالتقنية الخضراء تهدف إلى إحداث تنمية مستدامة في البلد عن طريق تصميم وإبداع تقنيات حديثة تحافظ على البيئة ومصادرها الطبيعية وتقلل من تدخلات البشر السلبية. فالهدف هنا هو تقليل الملوثات البيئية سواءً كان ذلك في المياه أو على اليابسة أو في الهواء أو تحت الأرض. من الأمثلة على التقنيات الخضراء أو ما يعرف كذلك بتقنيات البيئة (Environmental Technology) هي تقنية معالجة المياه وإعادة تصنيع الأشياء كالأوراق والعلب المعدنية وغيرها. وهناك كذلك توجهات تهدف لتنقية الهواء الطبيعي (Air Purification) كتلك النباتات التي تستخدم داخل البيوت والمكاتب والمصانع من أمثلة نبات (Dypsis lutescens) ونبات (Sansevieria trifasciata). أظف إلى ذلك تقنيات تنقية المياه سواءً كانت مياه البحر أو غيرها من المياه الملوثة والغير قابلة للشرب كمياه المجاري. كل ذلك من التقنيات التي تهدف وبشكل مباشر إلى تقليل التلوث البيئي الناتج من مخلفات التصنيع والبشر. يجب التنويه هنا إلى أن السلطنة تعتبر من الدول السبّاقة في هذا المجال من خلال عدة مشاريع على رأسها مشروع الصرف الصحي في محافظة مسقط والمتوقع أن تصرف عليه السلطنة ما يقارب من 4.2 مليار دولار بحلول عام 2017م. يتضمن هذه المشروع إنشاء محطات لمعالجة المياه وشبكات للصرف الصحي وشبكات للمياه المعالجة والتي من المزعم أن تستخدم فيها السلطنة أحدث التقنيات العالمية في معالجة المياه بالإضافة إلى حرصها على التقليل من تلوث الهواء عند المعالجة وذلك بإنشاء محطات معالجة مغطاة بالكامل للتحكم في جودة الهواء الخارجي. كل ذلك سوف يساعد على توفير نسب أكبر وإستخدام أمثل لمياه الشرب والري وتقليل التأثيرات السلبية لمياه الصرف الصحي.


من جانب آخر، تهدف الحوسبة الخضراء أو ما يعرف كذلك بتقنية المعلومات الخضراء (Green IT) إلى إنتاج وتصنيع أنظمة حاسوبية صديقة للبيئة بكل ما قد تتضمنه تقنية المعلومات من أجهزة وبرمجيات. فالهدف هنا هو تقليل الملوثات للبيئة الناتجة من إستخدام مواد خطرة في التصنيع أو عدم كفاءة الأجهزة المصنّعة في إستخدام الطاقة مما يتولد عنها طاقة حرارية ضائعة أو إشعاعات كهرومغناطيسية مضرة أو إنبعاثات لغازات سامة كالكربون. كما أن الأجهزة القديمة البائدة ومخلفات التصنيع التقني قد تشكل خطراً بيئياً كبيراً مما يحتم على المصنعين اليوم إستخدام مواد قابلة لإعادة التصنيع أو قابلة للتحلل البيولوجي مما يقلل من نسبة الملوثات. يجب التنبيه هنا أن مثل هذه التقنيات لن تتطور وتتحسن إلا مع إكتسابها لشعبية أكبر بين المستخدمين حالها حال أي منتج آخر. فقد تأتي الحوسبة الخضراء (في البداية) بسعر أغلى أو بمواصفات مختلفة عن التقنيات الأخرى كونها لم تصل بعد إلى مستوى النضج. الأمر الذي قد يبطئ من عجلة تطور هذه التقنية بسبب إحجام الناس عنها.


هناك عدة أمور يمكن لنا أخواني القرّاء أن نتبعها للمساهمة في إختيار حوسبة خضراء صديقة للبيئة. فعلى سبيل المثال يفضل شراء الأجهزة الصغيرة كالحاسوب المحمول (اللابتوب) بدلاً من أجهزة سطح المكتب (الدسكتوب)، فالدراسات تبين أن الأجهزة المحمولة (الصغيرة بمعنى آخر) تستخدم من الطاقة خمس ما تستخدمه أجهزة سطح المكتب. يمكن كذلك شراء الأجهزة التي تلتزم بمواصفات السلامة البيئية والتي عادةً ما تأتي بشعار نجمة الطاقة (Energy Star). كما يفضل إغلاق أجهزة الحاسوب عند إبتعادنا عنها لفترة طويلة أو على الأقل إختيار وضع السكون (Sleep Mode) أو التحكم بالطاقة المهدرة عن طريق خاصية إدارة الطاقة (Power Management) المدمجة بالجهاز. كذلك ينصح بعض الخبراء بشراء أجهزة ذات معالجات متعددة النواة (multi core) والتي تزعم فيها الشركات المصنعة من أمثال شركة إنتل (Intel) بأنها تستخدم الطاقة بشكل أكثر كفاءة من المعالجات السابقة. هناك كذلك عدة برمجيات يمكن لنا أن نستخدمها على المستوى الشخصي للتحكم بمقدار الملوثات البيئية التي يتسبب بها كل واحد منا. فهناك برمجيات للهاتف المحمول أو لأجهزة الملاحة بالسيارة لحساب نسبة إنبعاث غاز الكربون الناشيء من إستخدامنا للسيارة نستطيع من خلاله تحديد مستوى شهري معين من الإنبعاثات الضارة لا نتجاوزه. وهناك برمجيات أخرى تستهدف إستخدامنا للكهرباء داخل البيوت والمكاتب وأخرى تساعدنا في شراء منتجات أكثر صداقةً للبيئة وغيرها من البرمجيات التي تغطي عدة جوانب بيئية يمكن أن تساعد في تقليل نسبة الملوثات في البيئة. ختاماً يجب التنبيه إلى أن إختيارنا لمثل هذه التقنيات يجب أن ينبع من إيمان عميق بأهمية المحافظة على البيئة ليس فقط على المستوى الشخصي ولكن حتى على المستوى العام كذلك.

الثلاثاء، يوليو 20، 2010

التقنية تجعلنا أقل ذكاءً

إقتحمت التقنية اليوم جميع جوانب الحياة وأصبحنا نعتمد عليها بشكل كبير في كثير من أمور معيشتنا. فمن منا يستطيع اليوم التخلي عن هاتفه النقّال أو جهاز حاسوبه الشخصي أو السيارة أو الإنترنت وغيرها من إنجازات التقدم التقني العالمي. فمما لا شك فيه أن للتقنية تأثيرات إيجابية في تحسين أسلوب حياة الفرد منا، فقد إستطاعت التقنيات الحديثة (بذكاء) أن تسهم في تنفيذ وتسيير أعمالنا بشكل سلس وسهل ومسلي في آن واحد. الأمر الذي يجعلنا نتسائل إن كان هذا الذكاء الصناعي في التقنية يمكن أن يثري من الذكاء الطبيعي في عقولنا وأذهاننا. وهل يمكن للتقنية الحديثة بكل ما وصلت له من تقدم علمي وعالمي، أن تسهم في إثراء معرفة الفرد منا وتكسبه مهارات وذكاء وقّاد أم أنها قد تسبب في زيادة البلادة والجهل بين الناس؟


قد ينقسم الناس هنا إلى قسمين أو ثلاثة، فهناك من يؤيد بأن التقنية تساهم (وأحياناً تجبر) الفرد منا على تعلم المهارات الجديدة خصوصاً تلك المطلوبة في سوق العمل وتلك التي تسهم في إثراء أساليب الحياة، فهي بذلك تساعد على تنمية الفكر وزيادة حدة الذكاء بتعلم كل ما هو جديد وربما التخلي بكل ما عفى عليه الدهر من معلومات وأساليب عمل قديمة وغير مجدية. وهناك من يضن العكس تماماً، فالتقنية بالنسبة إليه هي وسيلة لنسيان العلوم الأساسية كالجبر والهندسة مثلاً وغيرها من العلوم التي أستعيض عنها في كثير من الأحيان بالتقنية الحديثة. فهناك من بات يعتمد على الآلة الحاسبة في العمل بشكل كبير مما جعله ينسى كثيراً من جدول الضرب وربما وصل به الأمر أن يتشكك حتى في قدرته على جمع 5 + 8 مثلاً. وهناك من يستطيع اليوم بكل سهولة تطوير مخطط هندسي لمنزل دون أدني معرفة بعلم الهندسة المعمارية وبدون الحاجة لقضاء 5 سنوات من الدراسة الأكاديمية في كلية الهندسة. فالتقنية هنا قد أسهمت سلباً في تهميش بعض العلوم والمعارف التي طالما تغنى بها العلماء قديماً. أظف إلى ذلك أن كثير من التقنيات اليوم تستهدف وبشكل كبير الجانب الترفيهي فقط مما يجعل أطفالنا وشبابنا يمضون الساعات الطوال أمامها دون أدنى فائدة علمية أو فكرية تذكر. فهي بذلك تكون سبباً رئيساً في إهدار الوقت وتشتيت الأفكار وتقليل التركيز لدى أبنائنا الذين نعول عليهم كثيراً في حمل الراية في المستقبل.


وهناك قسم من الناس ممن يفضل الوسطية في التفكير ويعتقد بأن التقنية قد تنسيك بعض العلوم القديمة في مقابل إكسابك مهارات ومعارف جديدة. فلكل شيء ثمن، فإن أردت سرعة الإنجاز وإتقان العمل والحد من أخطاء البشر فالتقنية قد تعطيك ذلك في مقابل أن تنسيك (مع مرور الوقت) الطريقة التي يتم بها العمل بشكل يدوي. فمثلاً قد تنسيك التقنية طريقة رسم الزوايا والرسوم البيانية والأشكال الهندسية بإستخدام المسطرة والفرجار في مقابل إكسابك مهارة العمل في برنامج حاسوبي معين. كذلك هو الحال في آلات الحساب العلمية (scientific calculators) والتي قد تنسينا مع الوقت كيفية حساب اللوغارتمات وجذور الأرقام يدوياً وقس على ذلك.


في مقالة نشرتها صحيفة الوول ستريت (Wall Street) الشهر الماضي على موقعها الإلكتروني (www.wsj.com)، أظهرت الصحيفة إستنتاجات مخيفة قد تؤكد أن للتقنية تأثير سلبي على إدراك وفهم الفرد منا. فقد إستشهدت الصحيفة ببعض الدراسات والبحوث التي تشير إلى أن الناس التي تقرأ عن طريق مواقع الإنترنت والتي تحتوي على نصوص مرصعة بروابط (links) إلى مواقع أخرى، قد ينحدر مستوى الفهم لديهم بالمقارنة مع الناس الذين يقرؤون بالطريقة المعتادة من خلال نصوص خطية. كما تبين أن الأشخاص الذين يشاهدوا ويتعلموا بواسطة العروض متعددة الوسائط (multimedia presentations) قد تقل قدرة الحفظ لديهم عن أولئك الأشخاص الذين يتلقون العلم بطريقة أكثر تركيزاً وهدوءاً. أظف إلى ذلك أن تشتت الإنتباه والتركيز في العمل لدى الناس الناتج عن إستقبالهم لرسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية في الهاتف النقّال بين الفينة والأخرى قد تسهم في تدني مستوى الفهم لديهم. كما أن إنشغال الموظفين بأعمال متعددة (multitasking) مختلفة في آن واحد قد يجعلهم أقل إبداعاً وإنتاجية عن ما إذا كانوا مركزين في عمل واحد فقط. فالحصيلة من كل هذه البحوث والدراسات هي في أهمية "التركيز" على الفكر والفهم والذكاء. فالتركيز سر النجاح كما هو معروف، وإنشغال الناس وتلاهيهم الناتج من إستخداماتهم المختلفة للتقنية قد يتسبب في تدني الفهم والذكاء لديهم. أظف إلى ذلك أن التقنية قد تجعل منا أغبياء إن لم نحسن إستخدامها. فالتقنية فيها ما هو صالح وكذلك ما هو طالح والأمر برمته بأيدينا. فنحن من يجب أن نستغل التقنيات الحديثة أحسن إستغلال وأن نتجنب سلبيات التقنية والتي قد تنتج من سوء الإستخدام أو خطأ الإختيار أو قلة التوجيه. فيجب علينا العمل على إختيار التقنية الحديثة المفيدة وفي نفس الوقت الإنتباه إلى كيفية إستخدامها بإعتدال وحذر.

الجمعة، يوليو 16، 2010

التقنية ومكاتب السفر

أحدثت الثورة المعلوماتية والرقمية تطوراً كبيراًً في الإقتصاد العالمي على بداية القرن الحادي والعشرين وأصبح في جوانب كثيرة إقتصاداً رقميا (Digital Economy) قائم على التكنولوجيا الرقمية وعلى رأسها الشبكة العالمية للمعلومات (الإنترنت). الأمر الذي ساعد الكثير من الشركات في تحقيق مكاسب سوقية كبيرة وأدى كذلك إلى ظهور شركات جديدة معتمدة بالكامل على إستخدام وإنتاج وتسويق التقنية الحديثة كشركة جووجل ومايكروسوفت على سبيل المثال. أظف إلى ذلك أن المؤسسات الخاصة والحكومية اليوم بإختلاف تخصصاتها لا تستطيع العمل والتنافس والإرتقاء بخدماتها وإنتاجياتها في عصر العولمة الذي نعيشه دون إستخدام التقنيات الحديثه على الأقل لتخزين البيانات والمعاملات بسهوله. فالتقنية باتت خير لا بد منه في معظم الأحيان وقد تكون كذلك شر لا مفر منه في بعض الأحيان. نعم أخواني القرّاء فالتقنية قد تسبب بعض المتاعب لنا في بعض الجوانب ولعلنا تكلمنا في مقالة سابقة عن الجانب المظلم لتقنية المعلومات بما له من أبعاد صحية وأمنية ومالية. كما تطرقنا إلى كيف أجبرت التقنية بعض الأعمال التجارية على تبني إستراتيجيات إنتاجية وتسويقية مغايرة عن ما كان معهوداً في السابق. فلم يعد مجدياً اليوم فتح محل لتحميض الصور فقط بعد دخول تقنيات التصوير الرقمي أوج تطورها. كذلك هو الحال مع محلات بيع الأشرطة السمعية والمرئية والتي تعاني اليوم من البديل الأسهل والأرخص المتوفر في الإنترنت ناهيك عن تقنيات النسخ الرقمي والتي كثر إستخدامها بطريقة غير قانونية. سنتحدث اليوم عن تأثيرات التقنية الحديثة على قطاع مكاتب السفر كون معظمنا يعيش حالياً فترة الإجازة الصيفية وربما يجهز العدّة للسفر.


دخلت التقنية وبقوة في قطاع السفريات ولم يعد بالإمكان الإعتماد فقط على التعامل مع الزبائن من خلال الإتصال المباشر (وجها لوجه). فبات بإمكان أي شخص اليوم حجز تذاكر السفر ومكان الإقامة وإستئجار وسيلة النقل وربما شراء حزمة سفر متكاملة عن طريق الإنترنت. كل ذلك قد يأتي بأسعار أرخص وبعروض مغرية، كأن تحصل على ليلة إضافية مجاناً أو رحلة سياحية لنصف يوم وغيرها من العروض المجانية. الأمر الذي (أجبر) مكاتب السفريات على فتح قنوات إلكترونية مع زبائنها لتستطيع بذلك تخفيض بعض المصروفات الإدارية والمكتبية ولتحاول كسب شريحة من زبائن الإنترنت. وماهي إلا مسألة وقت فقط أعزائي القرّاء وسنرى إختفاء تدريجي لمكاتب السفريات بالأسواق وتواجد أكثر في الإنترنت. على الأقل سيتحول التعامل بين هذه المكاتب والزبائن إلى التعامل الإلكتروني إما عن طريق مراكز الإتصال أو عن طريق الإنترنت. فالفجوة الرقمية التي يعيشها كثير من الناس في العالم اليوم هي المبرر الأكبر لإستمرارية مكاتب السفر وغيرها من الأعمال التجارية في التعامل المباشر مع الزبائن.


قامت شركة أكاماي (Akamai) المختصة في توفير وإدارة المحتوى الرقمي لكبرى شركات التقنية في العالم بعملية إستطلاع رأي لتقييم رأي الزبائن في مواقع السفر الإلكترونية العالمية. أسفر هذا الإستطلاع عن إستنتاج متطلبات فنية وشروط مسبقة مهمة يجب مراعاتها من قبل شركات السفر عند تطويرها لقنواتها الإلكترونية. فمن أهم ما أسفر عنه هذا الإستطلاع ثلاثة شروط مهمة يجب أن تتسم بها مواقع السفر الإلكترونية وهي السرعة والكفاءة والإعتمادية. فقد تبين أن معظم المستخدمين لن ينتظروا أكثر من ثلاثة ثوان حتى يفتح الموقع الإلكتروني بكل ما يحتويه من محتوى رقمي (السرعة). كما تبين أن أكثر من ثلث المسافرين لن يعودوا إلى الموقع الإلكتروني إذا ما واجهوا فيه أي أخطاء فنية (الكفاءة والإعتمادية). كما أن ما يقارب من 60% من المسافرين عادةً ما يقوموا بفتح أكثر من موقع سفر إلكتروني في نفس اللحظة للقيام بعملية المقارنة بين هذه المواقع بحثاً عن العرض الأفضل. تبين كذلك أن ما يقارب من نصف المستخدمين قاموا بالتخلي عن طلباتهم الإلكترونية في كثير من الأحيان بسبب زيادة سعر الحجوزات عن ميزانيتهم المحددة أو بسبب طول وصعوبة فهم إجراءات الحجز والتسجيل الإلكتروني. بالإظافة لذلك، فقد تبين رضى نسبة كبيرة من المستخدمين في مواقع سفر ناشئة جديدة كمواقع الرحلات البحرية عن طريق البواخر العملاقة (Cruises) ومواقع إستئجار العطلات (vacation rentals) وتقاسم الوقت (timeshares).


فهذه دعوة لكم أعزائي القرّاء أن تستفيدوا من عروض السفر الكثيرة المنتشرة في الإنترنت والتي تغطي كل دول العالم تقريباً. حتى وإن كانت وجهتكم إلى الدول المجاورة كدولة الإمارات مثلاً فهناك مواقع ممكن أن تعطيكم أسعار تنافسية على حجوزات السكن مثلاً كأمثال موقع (www.arablinkdubai.com) وموقع (www.booking.com)، الأمر الذي قد يأخذ منكم أقل من ربع ساعة فقط لتصفح العروض وعمل الحجوزات في أي وقت من اليوم.