السبت، يوليو 31، 2010

التقنية الصديقة للبيئة

إنتشر حديثاً مصطلح التقنية الخضراء والحوسبة الخضراء بين مطوري التقنية الحديثة مما فتح الباب على مصراعيه لنوع جديد من التقنية يتصف بصداقة حميمة مع البيئة. فمما لاشك فيه أن التقنية الحديثة بجميع أنواعها قد ساهمت في تطوير أنماط حياتنا مما جعلنا ننعم براحة وسهولة في الحياة ربما لم تكن موجودة في زمن أجدادنا. طبعاً جاء ذلك بثمن، فبالإضافة إلى الجهد والمصاريف المادية التي تصرف للحصول على التقنية الحديثة فهناك كذلك ضريبة للتقدم تنعكس على الصحة العامة والبيئة. أسلفنا في مقالة سابقة عن كيف أثرت التقنية (وتؤثر) على الصحة العامة وعلى صحة المستخدمين وغيرها من السلبيات التي قد تنبع من إستخدام سيئ للتقنية أو تصنيع رديء أو الإثنين معاً. سيكون حديثنا اليوم عن التقنية الحديثة ومنهجيتها الجديدة في الحد من تلوث البيئة عن طريق إنتاج تقنيات تساهم في مكافحة التلوث بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.


بداية يجب التفريق بين التقنية الخضراء (Green Technology) والحوسبة الخضراء (Green Computing)، فالتقنية الخضراء تهدف إلى إحداث تنمية مستدامة في البلد عن طريق تصميم وإبداع تقنيات حديثة تحافظ على البيئة ومصادرها الطبيعية وتقلل من تدخلات البشر السلبية. فالهدف هنا هو تقليل الملوثات البيئية سواءً كان ذلك في المياه أو على اليابسة أو في الهواء أو تحت الأرض. من الأمثلة على التقنيات الخضراء أو ما يعرف كذلك بتقنيات البيئة (Environmental Technology) هي تقنية معالجة المياه وإعادة تصنيع الأشياء كالأوراق والعلب المعدنية وغيرها. وهناك كذلك توجهات تهدف لتنقية الهواء الطبيعي (Air Purification) كتلك النباتات التي تستخدم داخل البيوت والمكاتب والمصانع من أمثلة نبات (Dypsis lutescens) ونبات (Sansevieria trifasciata). أظف إلى ذلك تقنيات تنقية المياه سواءً كانت مياه البحر أو غيرها من المياه الملوثة والغير قابلة للشرب كمياه المجاري. كل ذلك من التقنيات التي تهدف وبشكل مباشر إلى تقليل التلوث البيئي الناتج من مخلفات التصنيع والبشر. يجب التنويه هنا إلى أن السلطنة تعتبر من الدول السبّاقة في هذا المجال من خلال عدة مشاريع على رأسها مشروع الصرف الصحي في محافظة مسقط والمتوقع أن تصرف عليه السلطنة ما يقارب من 4.2 مليار دولار بحلول عام 2017م. يتضمن هذه المشروع إنشاء محطات لمعالجة المياه وشبكات للصرف الصحي وشبكات للمياه المعالجة والتي من المزعم أن تستخدم فيها السلطنة أحدث التقنيات العالمية في معالجة المياه بالإضافة إلى حرصها على التقليل من تلوث الهواء عند المعالجة وذلك بإنشاء محطات معالجة مغطاة بالكامل للتحكم في جودة الهواء الخارجي. كل ذلك سوف يساعد على توفير نسب أكبر وإستخدام أمثل لمياه الشرب والري وتقليل التأثيرات السلبية لمياه الصرف الصحي.


من جانب آخر، تهدف الحوسبة الخضراء أو ما يعرف كذلك بتقنية المعلومات الخضراء (Green IT) إلى إنتاج وتصنيع أنظمة حاسوبية صديقة للبيئة بكل ما قد تتضمنه تقنية المعلومات من أجهزة وبرمجيات. فالهدف هنا هو تقليل الملوثات للبيئة الناتجة من إستخدام مواد خطرة في التصنيع أو عدم كفاءة الأجهزة المصنّعة في إستخدام الطاقة مما يتولد عنها طاقة حرارية ضائعة أو إشعاعات كهرومغناطيسية مضرة أو إنبعاثات لغازات سامة كالكربون. كما أن الأجهزة القديمة البائدة ومخلفات التصنيع التقني قد تشكل خطراً بيئياً كبيراً مما يحتم على المصنعين اليوم إستخدام مواد قابلة لإعادة التصنيع أو قابلة للتحلل البيولوجي مما يقلل من نسبة الملوثات. يجب التنبيه هنا أن مثل هذه التقنيات لن تتطور وتتحسن إلا مع إكتسابها لشعبية أكبر بين المستخدمين حالها حال أي منتج آخر. فقد تأتي الحوسبة الخضراء (في البداية) بسعر أغلى أو بمواصفات مختلفة عن التقنيات الأخرى كونها لم تصل بعد إلى مستوى النضج. الأمر الذي قد يبطئ من عجلة تطور هذه التقنية بسبب إحجام الناس عنها.


هناك عدة أمور يمكن لنا أخواني القرّاء أن نتبعها للمساهمة في إختيار حوسبة خضراء صديقة للبيئة. فعلى سبيل المثال يفضل شراء الأجهزة الصغيرة كالحاسوب المحمول (اللابتوب) بدلاً من أجهزة سطح المكتب (الدسكتوب)، فالدراسات تبين أن الأجهزة المحمولة (الصغيرة بمعنى آخر) تستخدم من الطاقة خمس ما تستخدمه أجهزة سطح المكتب. يمكن كذلك شراء الأجهزة التي تلتزم بمواصفات السلامة البيئية والتي عادةً ما تأتي بشعار نجمة الطاقة (Energy Star). كما يفضل إغلاق أجهزة الحاسوب عند إبتعادنا عنها لفترة طويلة أو على الأقل إختيار وضع السكون (Sleep Mode) أو التحكم بالطاقة المهدرة عن طريق خاصية إدارة الطاقة (Power Management) المدمجة بالجهاز. كذلك ينصح بعض الخبراء بشراء أجهزة ذات معالجات متعددة النواة (multi core) والتي تزعم فيها الشركات المصنعة من أمثال شركة إنتل (Intel) بأنها تستخدم الطاقة بشكل أكثر كفاءة من المعالجات السابقة. هناك كذلك عدة برمجيات يمكن لنا أن نستخدمها على المستوى الشخصي للتحكم بمقدار الملوثات البيئية التي يتسبب بها كل واحد منا. فهناك برمجيات للهاتف المحمول أو لأجهزة الملاحة بالسيارة لحساب نسبة إنبعاث غاز الكربون الناشيء من إستخدامنا للسيارة نستطيع من خلاله تحديد مستوى شهري معين من الإنبعاثات الضارة لا نتجاوزه. وهناك برمجيات أخرى تستهدف إستخدامنا للكهرباء داخل البيوت والمكاتب وأخرى تساعدنا في شراء منتجات أكثر صداقةً للبيئة وغيرها من البرمجيات التي تغطي عدة جوانب بيئية يمكن أن تساعد في تقليل نسبة الملوثات في البيئة. ختاماً يجب التنبيه إلى أن إختيارنا لمثل هذه التقنيات يجب أن ينبع من إيمان عميق بأهمية المحافظة على البيئة ليس فقط على المستوى الشخصي ولكن حتى على المستوى العام كذلك.

هناك 4 تعليقات:

  1. هل تستطيع تزويد أكثر عن الحوسبة الخضراء لو سمحت
    والإجابة على هذة الأسئلة
    What is Green IT?
    experience of peaple in this area?
    Give examples of real cases of Green IT.
    What are the reasons behind Gree IT?

    ردحذف
  2. مقال جميل جدا ومفيد جدا ايضا ... كنت ابحث عن امثلة عن التقنية الخضراء و فوجئت من ان هناك اختلاف بين التقنية الخضراء و الحوسبة الخضراء ... سوف اقوم باستخدام هذا المصدر في بحثي ان شاء الله ...

    وشكرا جزيلا على المعلومات القيمة

    ردحذف
  3. = Green IT = Green Computing التقنية الخضراء
    Green Cloud Computing = الحوسبة الخضراء

    ردحذف
  4. معلومات قيمة اشكر جهودك

    ردحذف