الثلاثاء، أبريل 27، 2010

أعداء الإنترنت

نشرت منظمة "مراسلون بدون حدود" الشهر الماضي تقريراً عن حملتها العالمية "اليوم العالمي لمكافحة الرقابة الإلكترونية" أعلنت فيه أسماء بعض الدول العربية والإسلامية والعالمية على أنهم أعداء للإنترنت. كما قامت أيضاً بالإعلان (تهديد) بعض الدول الأخرى على أنهم حالياً تحت المراقبة وربما سوف يتم إعتبارهم أعداءاً للإنترنت أيضاً إن لم يتم تخفيف المراقبة الإلكترونية في تلك الدول. حسب التقرير، أعداء الإنترنت لهذا العام هم السعودية، وبورما، والصين، وكوريا الشمالية، وكوبا، ومصر، وإيران، وأوزبكستان، وسوريا، وتونس، وتركمنستان، وفيتنام. أم الدول التي على وشك الدخول للقائمة هم: أستراليا، وكوريا الجنوبية، والإمارات، وتركيا، وروسيا، وتايلند، وبيلاروسيا. تم تحديد هذه القائمة بإستخدام معيارين رئيسيين، الأول هو نسبة الإعتقالات في حق الناشطين في حقوق الإنسان في هذه الدول. أما المعيار الثاني فهو نظام ترشيح (Filtering) ومراقبة المواقع الإلكترونية المتبع في هذه الدول. فهل يا ترى الدول العربية والإسلامية الشقيقة المذكورة هم فعلاً أعداء للإنترنت أم ماذا؟


تهدف منظمة مراسلون بلا حدود والتي مقرها باريس منذ أكثر من 20 سنة إلى نشر مبدأ حرية الصحافة وحرية التعبير عن الرأي في دول العالم أجمع. فالهدف الأسمى هو نشر حقوق الصحافة والصحفيين في تقديم الحقائق والوقائع بغض النظر عن قبحها. في سبيل ذلك تحاول المنظمة أيضاً إلى نشر مبدأ الحرية الإلكترونية للتعبير عن آراء الناس في الإنترنت بحيث يستطيع أياً كان أن يقول ما يريد في من يريد (او ما يريد) وقت ما يريد. قضية قد تبدو سامية ومنطقية ولكن قد تحوي في طياتها الكثير من التعقيدات ذات العواقب الوخيمة. فحين أن (معظم) الصحافة والصحفيين قد يمتازوا بمنهجية علمية في البحث عن الحقائق وسرد الوقائع، قد لا يتأتى هذا للكثير من مستخدمي الإنترنت. فأي شخص اليوم يستطيع أن يشارك في أي منتدى ويقوم بتطوير مدونات خاصة أو مواقع إلكترونية ويكتب فيها ماشاء دون دليل في معظم الأحيان. الغريب في الأمر هو ميلان الكثير من الناس إلى تصديق المعلومات السلبية أكثر من المعلومات الإيجابية. ليس ذلك فحسب، فإنتشار المعلومات والأخبار السيئة يتم بشكل وسرعة أكثر بكثير من الأخبار الجيدة على حسب القول الأمريكي (If it Bleeds, it Leads) والذي يدل على إنتشار أخبار العنف والقتل في أخبارنا أكثر من أخبار الإنجازات والنجاحات المختلفة في شتى الميادين. الأمر الذي من شأنه أن ينافي مبدأ الخصوصية الإلكترونية عند قيام بعض مرتادي الإنترنت بالتشهير بأعلام المجتمع دونما دليل.


من جانب آخر، أشارت بعض الإحصاءات الخاصة بالإباحية المنتشرة في الإنترنت على أن ما يقارب من أكثر من 3 آلاف دولار تصرف كل ثانية في مثل هذه المواقع في الإنترنت (ناهيك عن ما هو خارج الإنترنت). أظف إلى ذلك أن هناك ما يقارب من 29 ألف مستخدم للإنترنت يدخلون في هذه المواقع الإباحية كل ثانية. وكل نصف ساعة تقريباً يتم تطوير موقع إباحي جديد في الإنترنت والتي تشكل اليوم 12% من إجمالي عدد المواقع الإلكترونية في الإنترنت. كما يتم كل يوم القيام بما يقارب من 68 مليون عملية بحث (25% من إجمالي عمليات البحث) خاصة بالجنس والإباحية من خلال كبرى مكائن البحث. كل ذلك وأكثر تسبب (ويتسبب) في الكثير من المشاكل الإجتماعية والإجرامية في المجتمعات. فكيف نلوم الدول (خصوصاً) الإسلامية في فرض المراقبة الإلكترونية على هذه النسبة الأكبر من المواقع المشجعه على الرذيلة ونشر الفاحشة؟ فبالنسبة للصحفيين تعتبر الجرائم الإجتماعية كالإغتصابات والزنا والمخدرات وغيرها سبق صحفي ربما، ولكن المعاناة بعد الخبر الصحفي ستلقى على الدول والمجتمعات.


قد تجبر بعض الدول والمؤسسات لفرض القوانين الصارمة وتنفيذ المراقبة الإلكترونية للحيلولة دون وقوع الأذى داخل المجتمعات بسبب ما هو موجود في الإنترنت. قد تأخذ هذه القوانين مأخذ ديني أو ثقافي أو أمني أو عقائدي أو إجتماعي أو إقتصادي أو سياسي وغيرها من الأسباب التي تسعى فيها الدول لتطبيق مبدأ "درأ المفسدة مقدم على جلب المنفعة". كذلك فإن كل دولة هي أدرى بشؤونها الخاصة، فليس لأحد الحق في الحكم على الإجراءات المتبعة داخل الدول دون فهم عام وعميق بحيثيات وخصوصيات الدولة، فقد تكون القوانين ذات قبول عريض بين أغلبية الناس داخل تلك الدول. فعندما ذكرت وزيرة الخارجية الأمريكية (بشيء من الحماس) في خطبتها أمام بعض النساء السعوديات في فبراير الماضي أنها تأمل أن تعود في المستقبل وترى جميع النساء في السعودية خلف المقود، لم يصفق أحد من الحضور!

الأحد، أبريل 18، 2010

تخصص تقنية المعلومات (ما فيه) وظائف

من أكثر ما يقلق الطلبة الدارسين في الكليات والجامعات اليوم هو كيفية الحصول على وظيفة مناسبة بعد التخرج. فنرى معظم الطلبة يلجؤون قبل التخصص أو قبل إختيار الكلية إلى السؤال عن المجال الأفضل من ناحية توفر الوظائف في سوق العمل، متجاهلين في ذلك ميولهم ورغباتهم الشخصية. ففكرة التعلم من أجل الوظيفة صارت الغالبة علينا جميعاً، ومن النادر اليوم أن نرى أحد الطلبة يهتم بالتعلم من أجل التعلم فقط. ففي مثل هذا العالم الذي نعيش فيه اليوم حيث بلغ التنافس والتطور في جميع مجالات الحياة أشده، بات من المألوف علينا أن نحاول مواكبة هذا التقدم في إختياراتنا وإن لم تتماشى هذه الإختيارات مع رغباتنا وميولنا.


أتاحت لي وظيفتي في الجامعة مقابلة المئات من الطلبة الباحثين دوماً عن التخصص الأنسب (من ناحية الوظيفة طبعاً) ضناً منهم أن التخصص (فقط) يضمن لهم الوظيفة. فمن أكثر ما أسمعه هذه الأيام كلما حاولت إقناع بعض الطلاب بأهمية تخصص نظم المعلومات هو "ماشي وظائف في تقنية المعلومات ". الغريب في الأمر أن بعض هؤلاء الطلبة هم في الأصل من المتميزين في مجال تقنية المعلومات ولكنهم إختاروا مجالات أخرى ضناً منهم ان تخصص نظم المعلومات "ما فيه وظائف"، فهل هو كذلك فعلا؟. سنحاول في هذه المقالة اليوم توضيح هذه الفكرة وسرد بعض النصائح للطلبة الدراسين للحصول على الوظيفة التي يريدون قبل غيرهم.


من أكثر المغالطات التي يقع فيها الطلبة بغض النظر عن تخصصاتهم هو قرن الوظيفة بالرزق، فنراهم يتطلعون إلى المستقبل بخوف شديد من أن (لا سمح الله) لا يجدوا وظيفة ومن ثم لا راتب ولا سيارة ولا زواج ولا بيت ولا لقمة عيش. طبعاً هنا يجب تذكير الطلبة إلى قضية التوكل على الله بدلا من التواكل، فالرزق تكفل به الله سبحانه وتعالى حيث قال عز من قائل "وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ" (الذاريات 22) وقال تعالى " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا" (هود 6). فالرزق آتٍ لا محالة فقط علينا أن نأخذ بالأسباب حتى لا نكون من المتواكلين، فما هي أفضل الأسباب بعد التوكل على الله؟


من أهم ما أنصح فيه الطلبة اليوم للحصول على أفضل الوظائف المتوفرة في السلطنة ليس إختيار التخصص بل هو التميز في التخصص. فإذا قارنا بين تخصص نظم المعلومات ومرادفها من التخصصات كأمثال تخصص علوم الحاسوب أو هندسة الحاسوب قبل أكثر من عشر سنوات والآن، نجد أن التنافس قد إزداد شدة بين الخريجين. فلم تعد جامعة السلطان قابوس هي المصدر الأوحد لهذه التخصصات في السلطنة، فهناك الكليات والجامعات الخاصة ناهيك عن الدارسين خارج السلطنة. فإزدياد عدد الخريجين في هذا المجال جعل الشركات والجهات الحكومية أكثر إنتقاءاً قبل التوظيف. فعندما نسمع عن عدد من الخريجين الذين لم يوفقوا بالحصول على وظيفة في تقنية المعلومات لمدة زمنية طويلة، فلعل من أهم الأسباب لذلك هو عدم سعيهم لتمييز أنفسهم قبل التخرج. الأمر الذي قد يحدث للخريج بغض النظر عن تخصصه، فما هي معايير التميز يا ترى؟


هناك عدة نواحي يستطيع فيها الطالب أو الطالبة تمييز نفسه عن غيره، أولها المعدل التراكمي (GPA). قد يبدوا هذا واضحاً ولكن للأسف قليل من الطلبة الذي يعي أهمية هذا المعدل ليس فقط للحصول على الوظيفة المناسبة بل حتى كمؤشر لمستقبل باهر بما يشمله ذلك من الحصول على ترقيات أو دورات تدريبية أو حتى دراسات عليا كالماجستير والدكتوراه. أضف إلى ذلك أنه عند إختيار الطلبة لتخصصاتهم في بعض الكليات الجامعية، نرى المعدل التراكمي يأتي كمعيار أساسي لقبول الطلبة في التخصصات ذات الرواج الأعلى بين الطلاب. كل ذلك يجعلنا نتسائل، كيف يمكن الحصول على معدل ممتاز؟


من أكثر ما يقلق الطلبة خصوصاً الجامعيين اليوم هو فكرة "أريد أخلص بسرعة". فنرى الكثير من الطلبة يسارع في أخذ الكثير من المقررات في كل فصل دراسي سعياً منه إلى إنهاء فترة دراسته الجامعية في أقصر وقت ممكن وكأنه يحاول أن يحرز لقباً في موسوعة جينيس للأرقام القياسية. طبعاً غالباً ما يكون ذلك على حساب المعدل التراكمي. أضف إلى ذلك عدم قدرة هؤلاء الطلبة (بسبب الضغط الدراسي) الإنخراط في النشاطات الطلابية أو البحوث الأكاديمية أو المسابقات الطلابية الفترية والتي من شأنها تقوية العديد من المهارات المطلوبة في سوق العمل وتمييز الطالب أو الطالبة عن باقي الطلبة. فنصيحتي هنا لجميع الطلبة: توكلوا على الله حق توكله وليختر كل واحد منكم التخصص الذي يحب (حسب ميوله الشخصي) ساعياً بجد للتميز عن باقي الطلبة إما بالحصول على معدل تراكمي ممتاز أو بمهارات سوقية مطلوبة أو بإنجازات أكاديمية مهنية. والأفضل أن تحصل على كل ذلك في آن واحد.

الثلاثاء، أبريل 13، 2010

بداية نهاية الفلاش

من منا لا يعرف برنامج الفلاش (Flash) والذي ينتشر اليوم في ما يقارب من 95% من حواسيب العالم أجمع حسب إحصائيات شركة أدوبي (Adobe) وشركة ستات آول (StatOwl) المختصة في إحصائيات مواقع ومتصفحات الإنترنت. الجميع اليوم يحتاج إلى هذا البرنامج والذي قامت شركة أدوبي بإنتاجه منذ منتصف التسعينات لإضافة خصائص تفاعلية (Interactive) ذات طابع متحرك (Animations) أو لعرض ملفات فيديو في الكثير من المواقع الإلكترونية في الإنترنت. فهناك مواقع لا نستطيع الإستمتاع بها والتعامل معها إلا إذا كان حاسوبنا يحتوي على هذا المنتج أو الإصدار الأخير منه كأمثال موقع (Engadget) و (YouTube). وهناك مواقع مطورة بالكامل بإستخدام تصميمات الفلاش كأمثال موقع شركة (HBO) الترفيهية وغيرها. كل ذلك يجعل لهذا المنتج شعبية ونجاح كبيرين في العالم، الأمر الذي بدأ يأخذ منحنى آخر بسبب بعض التحديات المقبلة. سنقوم اليوم في هذه المقالة بتسليط الضوء على تحديات هذا المنتج وكيف تحاول شركة أدوبي التعامل مع هذه التحديات والمحافظة على سيطرتها الغير مسبوقة على واحد من أفضل تصاميم (Format) تطوير مواقع الإنترنت اليوم.


طرحت شركة أبل الأمريكية في يوم السبت الماضي منتجها الجديد (iPad) والذي إنتضره الكثيرون بفارغ الصبر. حيث يعتبره العديد من خبراء التقنية توجه جديد في صناعة الحواسيب الدفترية (Tablet PC) في العالم. يتميز هذا الجهاز بشاشة تعمل باللمس من نوع الكريستال السائل (LED) بخاصية ال (IPS) التي تساعد على الرؤية العريضة عند إمالة الجهاز عمودياً. كما يأتي أيضاً بمعالج من نوع أبل أ4 (Apple A4 Chip) بسرعة 1 جيجاهيرتز وببطارية تعمل لغاية 10 ساعات من العمل المتواصل أو لغاية شهر بوضعية الإستعداد. بالرغم من مزايا الجهاز العديدة إلا أن من أهم ما إفتقر إليه هذا المنتج هو عدم دعمه لملفات الفلاش مما يعني أن المستخدم سيحضى بتجارب غير مريحة عند القيام بزيارة تلك المواقع المصممة بواسطة الفلاش أو تلك التي تعرض ملفات الفيديو بإستخدام نفس التقنية. طبعاً لم يكن هذا خطئاً في الصنع، بل على العكس فقد تعمدت شركة أبل عدم دعم هذا المنتج إيمانا منها بعدم كفائته ووجود البديل الأفضل. فما هو البديل يا ترى؟


قامت مجموعة عمل (WHATWG) والتي تضم بشكل غير رسمي العديد من مطوري مواقع الإنترنت ومطوري متصفحات الإنترنت بالعمل على تطوير لغة جديدة لبناء مواقع الشبكة العنكبوتية (Web) المعروفة بإسم لغة التوصيف (HTML)، الأمر الذي أدى إلى بزوغ تفاصيل بدايات إنتاج النسخة الجديدة من اللغة (HTML 5). تهدف هذه اللغة الجديدة إلى تقليل الحاجة إلى تطبيقات الإنترنت الغنية (RIA) كأمثال برنامج الفلاش الذي نحن بصدده اليوم وبرنامج مايكروسوفت (Silverlight) وغيرها. يقوم هذا التوجه الجديد بمحاولة دمج قدرات عرض ملفات الفيديو وخصائص التفاعل الحركي من خلال لغة التوصيف (Markup Language) للموقع الإلكتروني دون الحاجة إلى برنامج خارجي (Plug In) والذي عادةً ما يستهلك الكثير من قدرات الحاسوب في المعالجة.


لم تقف شركة أدوبي مكتوفة الأيدي أمام هذه التهديدات على منتجها الأكثر شعبية في عالم الإنترنت، فقد إستطاعت إقناع شركة جووجل بدمج منتج الفلاش مع متصفحها الكروم (Chrome) والذي تم الإعلان عنه الأسبوع الماضي. فعند القيام بتثبيت منتج الكروم من جووجل سيقوم ملف التثبيت بتنزيل منتج الفلاش في الجهاز بشكل آلي كذلك، ليس ذلك فحسب بل ستقوم شركة جووجل بإضافة التحديثات اللازمة لمنتج الفلاش في كل مرة تقوم بتحديث متصفحها الكروم. كذلك قامت شركة أدوبي الشهر الماضي بتطوير ميزات جديدة في الفلاش تستخدم فيها تقنية حوسبة السحاب لتعطي المطورين القدرة على الإتصال ب 14 شبكة إجتماعية (Social Network) من خلال واجهة برمجية واحدة.


مما مضى نرى أن من أهم ما يهدد منتج الفلاش من شركة أدوبي هو عدم دعم منتجات شركة أبل الأمريكية لهذه التقنية ووجود البديل (HTML 5) رغم كونه لا يزال في مرحلة التطوير. الأمر الذي يجبر الكثيرين من مطوري مواقع وتطبيقات الإنترنت بمحاولة تحديث منتجاتهم للإستغناء عن منتج فلاش بقصد الإستفادة من نجاح وإنتشار منتجات شركة أبل بين الناس اليوم كأمثال (iPod) و(iPhone) والمنتج الجديد (iPad). فإنتشار هذه المنتجات بين الملايين من المستخدمين حول العالم ورواج برمجيات شركة أبل كأمثال الآي تيونز وغيرها يجعل لهذه الشريحة من الناس جدوى إقتصادية تسعى لكسبها كبرى شركات البرمجيات. الأمر الذي قد يجبر شركة أدوبي على طرح منتجها الفلاش بنسخة مفتوحة المصدر (Open Source) في المستقبل (البعيد ربما).