الثلاثاء، مايو 03، 2011

كومكس أم جيتكس؟




اختتم معرض كومكس (Comex) الأسبوع الماضي نسخته لهذا العام والذي انقسم فيه إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي معرض الخدمات الالكترونية الحكومية وقسم آخر لرجال الأعمال والقسم الأخير الخاص بالشراء والذي يقصده أغلبية الناس. عادةً ما يصاحب هذا المعرض الكثير من الانتقادات والمقارنات بينه وبين معرض جيتكس (Gitex) الذي يقام سنوياً كذلك في دولة الإمارات الشقيقة وبالتحديد في دبي. فهناك من لا يكلف نفسه عناء الذهاب إلى كومكس بحجة أنه صغير ولا يحتوي على كل ما هو جديد وأن زيارة واحدة إلى جيتكس كل عام تعتبر كافية ووافية للإلمام بالأجدد في عالم التقنية وبشكل أشمل. وهناك من يذهب لزيارة كومكس سنوياً بتوقعات عالية على أنه سيصادف ما هو أفضل من جيتكس كماً وكيفاً وما يلبث أن يعود بخيبة أمل. وللأسف هناك أيضاً من لا يذهب إلى كلى المعرضين إلا نادرًا وكذلك فهو من المنتقدين لكومكس طبعاً بعد مقارنته بمعرض جيتكس. سؤالي هنا: لماذا يا ترى هذه التساؤلات والانتقادات ومحاولة المقارنة فيما بين هذين المعرضين الدوليين دون النظر إلى حقيقة أهدافهما؟ ولماذا نفترض أن أهم أهداف المعرضين هو عرض جديد التقنية في الساحة العالمية وليس في الساحة المحلية؟ وما سبب هذا الهاجس بأننا دائماً في تنافس بهدف التفوق على الغير بدلاً من التكامل معه؟

لست هنا للدفاع عن كومكس على حساب جيتكس أو العكس، فأنا من أشد المعجبين بالمعرضين وأحرص على زيارتهما كل عام ولكن شدّ انتباهي مؤخراً انتشار بعض القناعات السلبية بين فئة من المهتمين بأمور التقنية التي عادةً ما تنظر إلى الجانب المظلم وعلى الجزء الفارغ من الكأس، الأمر الذي قد يفوّت عليهم فرصة مهمة للارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم المهنية والمعرفية. فلماذا لا نرى في المعرضين سوى المقارنات السلبية دون النظر عن كيفية استغلال الحدثين الاستغلال الأمثل. سنحاول في هذه المقالة تصحيح بعض المغالطات التي قد يقع فيها أكثرنا عند إجراء المقارنات دون النظر إلى الخصوصيات والأهداف المرجوة من المعارض التقنية إجمالاً ومن هذين المعرضين على وجه الخصوص.

إذا تأملنا في معارض التقنية حول العالم نجد أن هناك معارض كثيرة كمعرض الإلكترونيات الاستهلاكية (CES) في الولايات المتحدة الأمريكية ومعرض سيبت(CeBIT) الألماني ومعرض كوميونيك آسيا(CommunicAsia) في سنغافورة وغيرها كثير والتي تسعى غالباً للأهداف نفسها. فالمعرض أولاً وأخيراً هو من أدوات تعزيز اقتصاد الدول بما يخدم مصالحها الخاصة والعامة. فهو بذلك يعتبر مؤشراً للمستوى الاقتصادي للدول من منظور القطاع الذي يغطيه المعرض. وعند النظر إلى الإمارات والسلطنة نرى اختلافاً كبيراً في ديموغرافية البلدين التي عادةً ما ينتج عنها اختلافات في الخطط الاستراتيجية والتكتيكية للبلدين، الأمر الذي ينعكس بشكل طبيعي على نشاطات البلدين الإقتصادية. خذ على سبيل المثال الإحصائيات الأخيرة في السلطنة (حسب تعداد 2010) التي بينت أن مجمل السكان لم يتجاوز الثلاثة ملايين نسمة بنسبة وافدين تقدر بـ27.6% فقط من إجمالي السكان. قارن هذا بعدد سكان الإمارات الذين تجاوزوا الثمانية ملايين نسمة بنسبة وافدين أكثر من 88% من إجمالي السكان. ناهيك طبعاً عن الاختلافات في نسبة الأمية والمتعلمين بين فئات المجتمعين بالإضافة إلى الاختلافات في الخطط التنموية المرسومة والسياسات الاقتصادية المتبعة وغيرها من الاختلافات المحورية. فمن الطبيعي بوجود هذه الاختلافات والتي أسميها شخصياً «الخصوصيات» أن تختلف المعارض كماً وكيفاً.

إن كنتم من زوّار كومكس لهذا العام فمن المؤكد انكم لاحظتكم تركيز المعرض الكبير على الخدمات الالكترونية الحكومية والتوعية بأهمية قطاع التقنية بما فيه تنمية الفرد والمجتمع والاقتصاد بشكل عام. ذلك انعكاس طبيعي لتوجه قطاع التقنية في البلاد ولذلك ربما جاء تسمية نسخة هذا العام من المعرض بـ «نحو الرقمية»، أي نحو مجتمع رقمي قادر على استغلال التقنية الحديثة بما فيه المصلحة الخاصة والعامة. فمن أكثر الصعوبات التي تواجه القائمين على مشروع الحكومة الالكترونية في البلاد هو تحضير المجتمع العماني للانخراط في العمليات الالكترونية بالتوازي مع تحضير الجهات الحكومية لتبني التقنية من منظور استراتيجي داعم لسياسات السلطنة الاقتصادية والتنموية. الأمر الذي سيساهم أيضاً وبشكل طبيعي في الارتقاء بالتجارة الالكترونية في البلاد خصوصاً تلك التي تستهدف الشركات والمستهلكين والتي عانت في السابق ولا زالت تعاني من بطء في النمو والتطور. فالمجتمع العماني ما زال في طور الحضانة (بشكل عام) عند الحديث عن مستوى القدرات والمهارات التقنية الرقمية لذلك وجبت التوعية بأهمية هذا القطاع في مثل هذه المعارض بالإضافة إلى تشجيع الاستثمارات المحلية والدولية بما يتناسب مع خصوصية واحتياجات البلد. نصيحتي لكم أعزائي القرّاء بزيارة جميع المعارض التي قد تندرج تحت اهتماماتكم وتخصصاتكم ومحاولة الاستفادة منها بشتى السبل ولو فقط لمتابعة التطور الاقتصادي في البلاد. أظف إلى ذلك أن هذه المعارض قد تكسبنا فرصة الارتقاء برأس مالنا الاجتماعي وتوسيع دائرة معارفنا والذي تطرقنا إليه في مقالة سابقة. أما المهتمون بالشراء، فيعطيهم المعرض فرصة الحصول على عروض قد لا يجدونها في أوقات أخرى من شركات محلية تعطيهم راحة البال من خلال ضمان ما بعد البيع، فلماذا التردد والتشاؤم؟




هناك تعليق واحد:

  1. صوت الحياة7 مايو 2011 في 1:40 م

    دائما هذه هي مشكلتنا أننا نحكم على الأمور من الظاهر ولا ندري ما الباطن منها. أنا بصراحة لم أحظى بزيارة هذه المعارض ولكن من خلال قراءتي فقط للجريدة تشرفت بمعرفة معرض كومكس وأهم الأنشطة التي أقيمت قي ساحته. حيث تمكن معرض كومكس من استقطاب جمهور رائع وحضور العديد من الدول للمشاركة فيه.
    كذلك كان شعار المعرض حيث ركز المعرض على جانب الخدمات الالكترونية التي تم تطبيقها في السلطنة. فهذه بشارة خير نحو محو الأمية الرقمية والمضي قدما مع ركب الدول المتقدمة في هذا المجال.

    ردحذف