اتعجب من إحجام الناس داخل عمان وخارجها بشكل عام عن الذهاب الى صلالة
في شهر رمضان رغم
انخفاض الاسعار اجمالا وخلو الاماكن من الزحمة المزعجة. كنت في صلالة الاسبوع
الماضي ورأيت فرصا كبيرة لترويج موسم الخريف في شهر رمضان
للأسف لم تستغل كما يجب. فالسكن الذي يكلف ٤٠ ريالا في رمضان متوقع ان يصل لاكثر من ١٠٠ ريال في ايام العيد وبعدها، هذا ان كنا
محظوظين في الحصول عليه شاغرا اصلا. اما طلبيات الطعام في افضل مطاعم صلالة (وما أكثرها)
ومضابي سهل اتين فلا تتجاوز مدة الانتظار فيها لبضع دقائق في رمضان، قارن هذا
بعشرات الدقائق والتي قد تصل لساعات في فترة ما بعد يوم العيد. اما اماكن الجلوس والاسترخاء والخصوصية في السهل والجبل والبحر فهي
متوفرة خلال الشهر الفضيل وبشكل مريح لا تحتاج لعناء الحجز من اوقات مبكرة. كما تخلو
الشوارع من ضجيج الزحمة المعهودة وتتوفر حجوزات تذاكر السفر وتنخفض أسعار تأجير
السيارات بشكل كبير ولا يوجد قلق من انتهاء مخزون محطات البترول بسبب الطلب الزائد.
اضف الى ذلك تميز مساجد ظفار بشكل عام بمقرئين عمانيين اصحاب حناجر واصوات جميلة
يزيدون في نفحات وايمانيات ليالي الشهر الفضيل وصلاة القيام. كل هذا واكثر مما قد
لا يعلم به كثير من الناس، اما من يعلم فقد يتكاسل بسبب الصيام فلا يستطيع اكثر
الناس اليوم تخيل وتقبل فكرة الترحال والتجوال وهم صائمون. للاسف اصبح الصيام
لدينا مدعاة للكسل والخمول وهو ما يلاحظ في انخفاض انتاجية الموظف العربي في شهر رمضان بشكل عام. كذلك نجد ان دور الجهات الحكومية في الترويج للخريف خلال
الشهر الفضيل ضعيف فقد اقتصر دور الاعلام العماني على بث برنامج مسائي (رمسة) من ميدان
المهرجان يعرض بين فترة واخرى صورا عن الخريف فقط. فلماذا يا ترى لم يتم تنظيم
مهرجانات رمضانية تتناسب مع نفحات أيام وليالي رمضان
المبارك، وخيم رمضانية مثلا تعرض الوجبات العمانية الخاصة بالافطار
بنكهة اهل الجنوب وما الى ذلك من الفعاليات التي تشجع على زيارة الخريف في شهر رمضان،
افكار علينا مراعاتها في الموسم القادم.
عند التأمل في أكثر شكاوى زوار خريف صلالة المتكررة فهي تتلخص في توفر السكن ونظافته وتوفر المرافق والخدمات العامة الى جانب انتشار البعوض الصغير والوحل بسبب الرذاذ والتجمعات المائية. لا يمكن ان ننكر جهود بلدية ظفار ووزارة السياحة المستمرة في تطوير المرافق ولكن للاسف لا تزال التحديات اكبر من هذه الجهود او ربما هكذا تبدو. فعند زيارتي الاسبوع الماضي وجدت عدد دورات المياه في سهل اتين وهو مقصد الزوار الاول في المحافظة واكثره ازدحاما ما زال متواضعا ناهيك عن مستوى النظافة التي يخجل منها كل عماني ونحن نرى ضيوفنا من خارج السلطنة يرتادونها مجبرين. فلا اعلم ما هي المشكلة في توفير عدد اكبر من دورات المياه مع عمال وعاملات نظافة يعملون بنظام متكامل على مدار الساعة في موسم الخريف؟ نجد العمال بكثرة يزاحمون الزوار ويبيعون اشكال الالعاب والمنتجات فلماذا لا يستغلون بشكل افضل؟ أما السكن فأصبح متوفرا بشكل عام ولكن المشكلة تكمن في تكدس الزوار في فترة قصيرة دون دراية بطرق الحجز المسبق وبكيفية تمييز مستوى السكن. لا اتحدث هنا عن الفنادق والشقق الفندقية ولكن المعضلة في الشقق والبيوت المفروشة التي تفتح ابوابها غالبا في موسم الخريف ولا نعلم عنها الا من مكاتب العقارات وبعض مواقع الانترنت والتي لا تقبل عادة الحجز الا بشكل مباشر بعد دفع اول ليلة نقدا. لماذا لا يتم التنسيق مثلا بين وزارة السياحة والجهات المعنية الاخرى في مسح هذه البنايات والبيوت وتقييمها حسب الخدمات المتوفرة من مستوى نجمة الى خمس نجوم واعطائها تصاريح بذلك؟ ثم بعد ذلك يتم تطوير نظام حجز الكتروني يعطي المستخدمين القدرة على تصفح واختيار وحجز الشقق والدفع آليا من خلال بوابة الدفع الالكتروني التابعة لهيئة تقنية المعلومات، يحدد في هذا النظام اسعار الشقق مسبقا بشكل يتزايد حسب تزايد الطلب واختلاف الموسم ومستوى السكن بالاتفاق طبعا مع اصحاب البنايات بما يضمن الشفافية مع الزوار والعدالة في الحقوق بين الطرفين. فمن الطبيعي ان ترتفع اسعار الشقق في شهر يوليو عنها في شهر يونيو وفي اغسطس عنها في يوليو او في ايام العيد بالمقارنة مع ايام شهر رمضان ولكن يجب ان تكون هذه الزيادة مقننة وواضحة للجميع لتجنب عمليات الاستغلال.
اما مشكلة البعوض والذباب فمازالت موجودة حالها حال معظم دول العالم التي تتميز بنفس المناخ فهل بالامكان رشها ببعض انواع المبيدات الحشرية بداية كل صباح او كل اسبوع دون الاضرار بالبيئة وبالمسطحات الخضراء التي تمثل ايضا غذاء للانعام؟ طبعا المقصود ليس كل جبال المحافظة ولكن على الاقل معظم الاماكن التي يرتادها اكثر الزوار كالعيون والسهول. أما أماكن الاسترخاء والوحل فمن الملاحظ سعي بلدية ظفار لتوعية المواطنين بضرورة عدم القيادة فوق المسطحات الخضراء والتي بلا شك تتسبب بضرر على البيئة والمنظر العام، فما هو البديل اذا ومعظم الزوار يفضلون الجلوس لأوقات طويلة مع اطفالهم في هذه المناطق لتناول الوجبات واحيانا الطبخ وعمل المشاوي؟ هل بالامكان مثلا استحداث ممرات جانبية تتفرع من اهم شوارع السهول تبلط بما يسمى بالانترلوك بشكل يعطي مساحة لصف السيارة والجلوس بأريحية مع العائلة؟ الحافز هنا ان يتجنب الزوار الوحل وفي نفس الوقت لا يضطرون للقيادة على المسطحات الخضراء بتوفر اماكن الجلوس. كل هذا من الامور البسيطة التي مازالت تؤرق العديد من مرتادي المنطقة والتي لا تحتاج لاستثمارات كبيرة بل فقط الى تفكير في حلول سهلة وعملية وسريعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق