انتشرت برمجيات الهواتف الذكية بين الناس اليوم انتشار النار في الهشيم، فلا يختلف اثنان منا اليوم بأننا نعيش في زمن الأجهزة المحمولة. فكل من يتابع جديد التقنية اليوم يدرك أن معظم الإختراعات والتطورات تحدث غالباً في هذا المجال أو من أجله. ليس ذلك فحسب، فعمل المؤسسات والأفراد بات يعتمد بشكل كبير على الأجهزة المحمولة بمختلف أنواعها كالهاتف المحمول والحواسيب الدفترية وغيرها من الأجهزة المعتمدة على التقنيات اللاسلكية من امثال شبكات المحمول للجيل الثالث والجيل الرابع. من أكثر ما شدني مؤخراً في هذا المجال هو بدء استخدام الجهاز المعروف الآي باد (iPad) في الملاحة الجوية من قبل بعض الطيارين بحيث استعانت بعض خطوط الطيران في الولايات المتحدة الأمريكية بهذه النوعية من الأجهزة في عمليات الملاحة وتخطيط مسار الرحلات. لا أدري إن كان ذلك سيزيد من ثقة المسافرين أثناء السفر واطمئنانهم من الوصول إلى الوجهة التي يريدون، ولكن الشاهد في الموضوع أن الأجهزة المحمولة دخلت في مختلف قطاعات العمل ومن بينها قطاع الطيران أيضاً والذي كان ضد استخدام الأجهزة اللاسلكية أثناء السفر.
تعتبر البرمجيات الصغيرة من أكثر عوامل نجاح معظم الأجهزة المحمولة اليوم كونها تأتي باشكال وأهداف تغطي مختلف جوانب الحياة. فمعظم مستخدمي الهواتف الذكية من نوع آي فون وأندرويد هم في الأساس من محبي هذه النوعية من البرمجيات وربما كان السبب الرئيسي وراء شرائهم لهذه الأجهزة هو الإستمتاع بهذه البرمجيات. لذلك تسعى جميع شركات التقنية خصوصاً تلك المطورة لأنظمة تشغيل الأجهزة المحمولة إلى تطوير متاجر الكترونية خاصة بها يستطيع من خلالها مستخدمي الأجهزة تنزيل وتثبيت البرمجيات على أجهزتهم. من أشهر هذه المتاجر اليوم في العالم هو متجر شركة أبل وسوق برامج الأندرويد من شركة جووجل. لكم أن تتخيلوا أعزائي القرّاء مئات الآلاف من البرمجيات التي تأتي إجمالاً بالمجان مع وجود نسبة صغيرة منها فقط مدفوعة الثمن (تقريباً ربع العدد الكلي للبرمجيات). كل هذا العدد المتزايد من البرمجيات جعل من مهمة مطوري البرامج أمراً شاقاً خصوصاً عند إنتقاء المواضيع وأفكار البرامج، بالإضافة إلى تنافس المؤسسات العالمية بإختلاف انواعها في تطوير برمجيات خاصة فيها لأغراض تسويقية.
تغطي هذه البرمجيات كما أسلفنا جميع جوانب الحياة ومختلف اهتمامات الناس حتى تلك الحوادث والمناسبات السنوية أو الإجتماعية. فهناك برنامج خاص مثلاً بجريدة عمان الغرّاء لأصحاب هواتف الآي فون وهواتف نوكيا الذكية يساعد المستخدم على تصفح جديد الجريدة وآخر الأخبار دون الحاجة لزيارة موقعها على شبكة الإنترنت. وهناك برنامج آخر في سوق برمجيات شركة أبل يعنى بتتبع كل واردة وشاردة عن الزواج الملكي المرتقب بين الأمير ويليام أمير مقاطعة ويلز الإنجليزية وخطيبته كيت ميدلتون. قد ينعت البعض منا هذا البرنامج بالسخيف، ولكن هناك الكثيرين من المهتمين بهذا الجانب وهناك ما يقارب من الدزينة من البرمجيات المشابهة والتي تغطي نفس الموضوع وعدد المستخدمين بالآلاف. وهناك برمجيات خاصة بمهمات الطوارئ والتي بدأت بالإزدياد بعد الأحداث الأخيرة التي وقعت في اليابان من هزات أرضية ومد بحري. تهدف هذه البرمجيات إلى نشر الوعي بمختلف الكوارث الطبيعية بالإضافة إلى تقديم النصائح والتعليمات الواجب اتباعها عند وقوع مختلف أنواع الكوارث الطبيعية. لا أدري ان كان بإمكان الناس متابعة هذه التعليمات عند وقوع الكوارث ولكنها حتماً مفيدة من باب العلم بالشيء قبل وقوع الحوادث الطبيعية. ناهيك طبعاً عن برمجيات أخرى في مجال الترفيه (وما أكثرها) ومجال العمل التجاري وتطوير الذات. تنقسم هذه البرمجيات كلها اليوم إلى نوعين رئيسيين وهما البرمجيات الكاملة وهي التي لا تعتمد في عملها على الإتصال بالإنترنت. أما النوع الثاني فهي البرمجيات الخدمية المعتمدة على تقنية حوسبة السحاب (الإنترنت) وهي التي بدات بالإنتشار هذه الأيام مع تطور سرعة إتصالات الإنترنت في العالم ورخص سعرها نسبياً.
يعتبر المدخول الإقتصادي لهذه البرمجيات مبشراً جداً، فعلى سبيل المثال تحقق شركة أبل الأمريكية ما يقارب من 75 مليون دولار أرباحاً شهرية من مبيعات البرمجيات الخاصة بهواتف الآي فون حسب إحصائيات شركة فليري الاستشارية، في حين يحقق مطوري البرمجيات إجمالاً ما يقارب من 175 مليون دولار شهرياً. مدخول ممتاز إذا علمنا أن مجمل عمل شركة أبل هو توفير البيئة المناسبة للبرمجيات وإنتقاء البرامج المناسبة لعرضها في متجرها الخاص. مما سبق أرى أن هذه البرمجيات تقدم فرصة لجميع مؤسساتنا في السلطنة الخاصة والحكومية على سواء لتسويق منتجاتها وخدماتها بشكل أفضل وأكثر كفاءة. فلماذا مثلاً لا يكون هناك برمجيات خاصة بخدمات الحكومة الإلكترونية أو بخدمات المؤسسات الخاصة على غرار مبادرات شركتي عمانتل والنورس واللتان أوجدتا لهما برمجيات في أجهزة الآي فون، أو برمجيات لمناسباتنا المحلية كمعرض كومكس المقبل مثلاً وغيرها من الفرص للترويج والتواصل مع فئة الشباب اليوم الذي بات يتكلم بلغة التقنية الحديثة.
شكرآ دكتور ... وفقنا الله وإياكم للخير
ردحذف