الاثنين، يونيو 13، 2011

الجميع خلف التفاحة


يتساءل البعض عن سبب اختيار شركة أبل الأمريكية شعار التفاحة المقضومة بدلاً من تفاحة كاملة طازجة كشعار تجاري لها. حيث إن تلك القضمة قد توحي الى الاستخدام أو الاستهلاك وربما الفساد كون أن التفاح عادة ما يفسد (يتأكسد) بعد تقطيعه بفترة وجيزة. عند البحث في تاريخ الشركة نجد أن اختيار التفاحة تم للاستدلال على المعرفة والابتكار كون التفاحة أرشدت العالم اسحاق نيوتن الى اكتشاف الجاذبية كما هو معروف في القصة المشهورة. أما القضمة أو ما تسمى باللغة الانجليزية (Bite) فهي تتشابه في النطق (Homophone) مع الكلمة الانجليزية الأخرى (Byte) والتي تشير الى أصغر وحدة تخزينية في عالم الحاسوب ويستدل بها هنا على التقنية. الطريف في الأمر ان مصمم هذه العلامة التجارية (Job Janoff) قام برسم القضمة في البداية كوسيلة للتفريق الشكلي بين التفاحة والبندورة وليس لاستدلال على جانب التقنية. بغض النظر عن هذه الأسباب فالحقيقة اليوم تشهد بأن شركة ابل الأمريكية أصبحت اليوم الأولى عالمياً في جميع القطاعات التي تنافس فيها. ففي دراسة أجرتها مجلة الحاسوب (PC Magazine) الأمريكية عن اختيارات قرّاء المجلة لأفضل الحواسيب المكتبية والمحمولة، أظهرت الدراسة تفوق منتجات شركة أبل بشكل كبير عن أقرب منافسيها. نتكلم هنا عن حصول جميع منتجاتها على نسبة رضا تصل الى أكثر من 90 بالمائة في حين لا يتجاوز أقرب منافسيها عن نسبة 60 بالمائة ليس ذلك فحسب، فقد تبين ايضا أن مستخدمي حواسيب شركة ابل لا يحمّلون الشركة مسؤولية صلابة وموثوقية (Reliability) الأجهزة عند تعطل أجهزتهم خلال السنة الأولى من الاستخدام على عكس مستخدمي الحواسيب الأخرى في بيئة ويندوز. مما يشير الى حب المستخدمين للشركة ومنتجاتها وولائهم الكبير لها. الأمر الذي ساهم في ارتفاع قيمة التفاحة المقضومة كعلامة تجارية لتكون الأغلى في العالم بقيمة تجارية تقدر اليوم بـ 150 مليار دولار متفوقة في ذلك على شركة جووجل، الأولى عالمياً سابقاً.

أعلنت شركة أبل مؤخراً عن جديدها في عالم التقنية والذي (وللمرة المائة ربما) جعل معظم المنافسين يتساءلون كالعادة لماذا لم نفكر في هذا من قبل رغم بساطة الأفكار المطروحة. فمن أهم جديد الشركة التحديث الجديد لنظام تشغيل حواسيب الشركة المسمى بـ(OS X Lion) الذي تزعم الشركة أنه يحتوي على أكثر من 250 ميزة جديدة. وهناك نظام تشغيل أجهزة الآي بود والآي فون والآي باد المسمى (iOS 5) الذي جاء كذلك بمزايا جديدة أهمها برنامج الآي مسج (iMessage) والذي يهدد بشكل كبير برنامج البي بي مسنجر (BBM) في أجهزة البلاكبيري حيث إنه يعمل على شبكة المحمول وكذلك على شبكة الواي فاي (WiFi). أضف الى ذلك الخدمة الجديدة في قطاع الملفات الصوتية (iCloud) التي تتيح للمستخدمين شراء الملفات الصوتية خصوصاً الموسيقية منها عن طريق الانترنت وتنزيلها بشكل آلي على جميع أجهزتهم من نوع أبل كالآي بود والآي فون والآي باد في آن واحد. جميع هذه الاضافات الجديدة وأخرى كثير ستجعل المنافسين يشتغلون بجد في الأيام القادمة للمحاولة في تقديم شيء مشابه (في أغلب الأحيان) أو أفضل (نادراً). الأمر الذي يجعلنا نتوقف أمام نجاح شركة أبل غير المسبوق خصوصاً في السنوات الخمس الماضية والتساؤل عن أهم اسباب هذا النجاح الابداعي الذي لم يتح للمنافسين غير محاولة التقليد في أحسن الأحيان.

يشير العديد من الخبراء الاقتصاديين الى أن عام 2001 يعتبر العام الذي أيقظ المارد، حيث إن شركة أبل كانت قبل ذلك العام في أسوأ أحوالها. فاليوم مثلاً تباع أسهم الشركة بما لا يقل عن 300 دولار للسهم الواحد في حين أن أسهمها في عام 2001 كانت لا تتعدى العشرة دولارات. من أهم انجازات الشركة في عام 2001 التي ربما ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في النجاح الحالي للشركة هو منتج الآي بود (iPod) كجهاز مشغل لملفات الأغاني والموسيقى وبرنامج الآي تيونز (iTunes) لتشغيل ملفات الوسائط في حواسيب الشركة ونظام التشغيل (Mac OS X 10) للحواسيب وفكرة مخزن أبل (Apple Store) في عرض منتجات الشركة للمستهلكين. قد اختلف قليلاً مع هذا التحليل، فبالرغم من صحة تطور مستوى الشركة بعد عام 2001 الا أن تطورها لم يكن بقوة وسرعة التطور الذي شهدناه منذ عام 2007 وهو العام الذي دشنت فيه الشركة نسختها الأولى من جهاز الآي فون. أرى أن النجاح الحقيقي للشركة كان بسبب خوضها غمار قطاع الأجهزة المحمولة وابداعاتها المتوالية في هذا المجال خصوصاً مع استحداثها لفكرة البرمجيات الصغيرة من خلال خدمة مخزن البرمجيات (App Store). الأمر الذي أجبر المنافسين الى التحالف لمحاولة التغلب على هيمنة الشركة. أنظر مثلاً الى أجهزة الأندرويد اليوم سواءً الهواتف الذكية أو الحواسيب الدفترية التي تعتبر مزيجاً من التعاون بين شركة جووجل المطورة لنظام التشغيل وشركات أخرى مطورة للأجهزة كشركة سامسونج وأتش تي سي (HTC). مما يؤكد نظريتي هنا أيضا هو النجاح الكبير لأجهزة الشركة المحمولة كجهاز الآي فون يليه ربما جهاز الآي بود والآي باد على حد سواء والذين ساهموا في فتح أعين الكثير من المستهلكين خصوصاً في دولنا العربية على أجهزة الشركة الأخرى من أمثال الآي ماك (iMac) والماك بوك برو (MacBook Pro) والماك بوك اير (MacBook Air). انظر كيف زادت عدد محلات التقنية الموردة لمنتجات شركة أبل في السلطنة اليوم وانظر الى التوجه المتزايد لشراء منتجات شركة أبل فور توفرها بشكل رسمي في مختلف البلدان الذي يجعل الناس تصطف في طوابير طويلة للحصول على منتجات الشركة قبل غيرهم رغم ارتفاع أسعارها بشكل عام.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق