الأحد، ديسمبر 13، 2009

المعوقات الغير فنية لتطبيق الحكومة الإلكترونية

نبارك لكم بدايةً أعزائي القرّاء عيد الأضحى السعيد، سائلين المولى القدير أن يعيده علينا جميعا بالخير واليمن والبركات (آمين). تحدثنا في الدرس السابق عن أهم المعوقات الفنية التي قد تواجه الكثير من الدول عند محاولتها تطبيق الحكومة الإلكترونية. قد يضن أحدنا باننا إن إستجمعنا جميع المتطلبات الفنية للحكومة الإلكترونية في البلاد فسنتطيع بذلك الحصول على تطبيقات ناجحة. ربما قد يكون ذلك صحيحاً ولكن لن نستطيع أن نضمن إستخدام مثالي للتطبيقات. فنجاح التطبيقات الإلكترونية مرهون بحسن الإستخدام والإستغلال الأمثل لها ومن هنا نستنج أن هناك أبعاد غير فنية مهمة لإنتشار مبادرات الحكومة الإلكترونية في البلاد. سنحاول اليوم تسليط الضوء على هذا الجانب من معوقات تطبيق الحكومة الإلكترونية والذي يعتبر الأكثر تعقيدا والأصعب من حيث خصوصية العوامل رغم تشابهها بين الدول. سيكون حديثنا اليوم عن العوامل الغير فنية التي قد تؤثر سلباً في بناء وإنتشار مبادرات الحكومة الإلكترونية في البلاد.


بالرغم من أن العديد من القضايا الغير فنية الآتية يمكن أن نجدها في كثير من الدول، يجب الإنتباه بأن لكل دولة خصوصيتها من حيث حجم تأثير هذه العوامل وكيفية إنتشارها في الدولة. إليكم أخواني القرّاء بعض أهم المعوقات الغير فنية للحكومة الإلكترونية:


· دعم وفهم القيادة: نقصد بالقيادة هنا رئاسة الدولة ورئاسة المؤسسات الحكومية بمختلف مستوياتها. ربما قد يعتقد البعض أن دعم القيادة تعني بالضرورة فهمها للقضية المطروحة. فكيف يمكن أن تقوم دولة ما بالحث على تطبيق الحكومة الألكترونية دون أن تكون واعية بجميع أبعادها؟ في الحقيقة يوجد هناك فجوة مهمة بين العنصريين السابقيين، فقد يحدث أن نجد دعماً من القيادات في البداية وتراجعاً بعد ذلك بسبب عدم الإلمام الكامل بجميع الجوانب كالجانب الزمني والجانب المادي مثلاً. فهناك من يضن بأن نتائج التطبيقات الحكومية الإلكترونية ستبدأ بالظهور فور تطبيقها وهناك من يضن بأن المصاريف المادية هي فقط لبناء الأنظمة دون النظر إلى المصاريف الأخرى كالمصاريف التسويقية والتشغيلية والتدريبية وغيرها. الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى إلغاء أو تأجيل الكثير من المبادرات.


· الفجوة الرقمية والأمية الرقمية: يشمل هذا الجانب أمية القراءة والكتابة بين أفراد المجتمع وجهل الكثيرين بفوائد الإستخدام الإلكتروني. أظف إلى ذلك من لا يرغب بالإستخدام الإلكتروني رغم تمكنه ومعرفتة الجيدة بها لأسباب أمنية أو إجتماعية. وهناك من لا يتسنى له الإستخدام الإلكتروني رغم رغبته الشديدة لذلك ربما لوجوده في أماكن نائية قد لا تصل لها خدمات الإنترنت أو لعدم إستطاعته تحمل التكاليف المادية لشراء جهاز حاسوب أو الإشتراك في الإنترنت أو بسبب إفتقاره لمهارات الإستخدام الصحيح لتقنية المعلومات. جميع هذه الشرائح من المجتمع قد تشكل نسبة كبيرة لا يجدي معها الإسراع بتطوير التطبيقات الإلكترونية في ظل عدم تمكنهم من الإستخدام الصحيح.


· ثقافة المؤسسات الحكومية ومقاومة التغيير: تحتاج الكثير من تطبيقات الحكومة الإلكترونية إلى بعض التغييرات والتطويرات في إجراءات المؤسسات وكذلك في تعديل أو إلغاء بعض البرمجيات القديمة. الأمر الذي قد يواجه بكثير من المقاومة المباشرة والغير مباشرة من مختلف الدوائر والموظفين داخل المؤسسة الحكومية. فجميعنا نكره أن نُجبر على تغيير ما تعودنا عليه من عمل لسنوات عديدة. وهناك من يرى في شفافية الحكومة الإلكترونية تهديدا لمصالحه الشخصية وإنتقاصا من سلطته في العمل. وهناك من يحاول أن يطور التطبيقات الحكومية حول أهداف ومصالح المؤسسة الحكومية متجاهلاً إحتياجات المستخدمين والمراجعين وأصحاب المصلحة. فكيف يمكن توحيد جميع هذه الفئات من الموظفين حول منظومة واحدة وهدف واحد؟

· التعاملات الرقمية: إنتشرت الجرائم الإلكترونية في العالم أجمع وإنتشر صداها بين الناس. الأمر الذي جعل الكثيرين يتخوفون من التعاملات الإلكترونية التي قد تتطلب الإفصاح عن معلومات شخصية أو مالية. فهناك من يسمع بأن بعض المتسللين قد تمكنوا من إختراق بعض مواقع كبرى الشركات العالمية قكيف سيكون الأمر مع المواقع الحكومية التي قد تفتقر للخبرة للدعم الفني والمادي الجيدين؟


· ثقة المستخدمين: هناك دول كثيرة عانت وتعاني من نقص ثقة شعوبها في الحكومات. ففي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مثلا، أدت الحرب على العراق بسبب زعم قيادات هذه الدول بوجود أسلحة دمار شامل إلى تناقص ثقة المواطنين وربما الناس أجمع في مصداقية هذه الدول. الأمر الذي سيؤثر سلباً في جميع المشاريع الحكومية المستقبلية حيث باتت الشعوب في شك وتخوف من مصداقية هذه الحكومات.


من هنا نرى أن الأمر ليس مجرد تطوير تقني للتطبيقات الإلكترونية داخل وخارج المؤسسات، بل يتعداه لقضايا مهمة يصعب التعامل معها. الأمر الذي يجعل للحكومة الإلكترونية خصوصية فريدة عند التخطيط والتطبيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق