تشير آخر الإحصائيات التي قامت بها مؤسسة مراقبة الأعمال
الدولية (BMI) بأن حجم سوق تقنية المعلومات في السلطنة بلغ بنهاية عام ٢٠١١م ما
يقارب من ٣٣٩ مليون دولار بزيادة ملحوظة عن العام الماضي (٢٠١٠م) حيث بلغ آنذاك ما
يقارب من ٣١٤ مليون دولار. يعزى هذا بشكل كبير الى سعي الحكومة المستمر نحو تطوير
البنية الأساسية لقطاع تقنية المعلومات المتمثلة إجمالاُ في مشروع الحكومة الإلكترونية
والذي يهدف في المقام الأول الى خلق بيئة ومجتمع رقميين قادرين على مجاراة التطور
العالمي الكبير في هذا القطاع. لذلك تتوقع مؤسسة (BMI) أن يرتفع حجم مبيعات الحواسيب في السلطنة لتصل الى ٢٠١ مليون
دولار بحلول عام ٢٠١٥. الأمر الذي تؤكده كذلك آخر احصائيات التعداد العام للسكان
والمساكن لعام ٢٠١٠م والذي يشير الى نمو حجم شراء الحواسيب في السلطنة بنسبة ٥٣٪
بالمقارنة مع نسبة نمو ٥٪ حسب التعداد السابق (٢٠٠٣م). كما يتوقع ايضا زيادة
الإنفاق الحكومي في هذا الجانب خصوصا بعد تدشين مشروع المبادرة الوطنية للحاسوب
الشخصي في عام ٢٠١١م. كل هذا بما يبشر بمزيد من الاستثمارات في قطاع التقنية ويشجع
على إنشاء شركات محلية ناشئة (Startups) تستغل
التطور العالمي والمحلي الملحوظ في هذا القطاع لخلق فرص عمل ومكاسب مادية جيدة.
بالرغم من كل هذا فنحن نتسائل اليوم عن مستوى وحجم التجارة
الإلكترونية في البلاد وموقعها من استراتيجية الدولة في تطوير القطاع. فالمؤشرات
مشجعة على ظهور العديد من المبادرات في هذا الجانب ولكن الواقع مختلف خصوصا عند
النظر في التطبيقات المستهدفة للافراد المستهلكين (B2C). فالفرصة اليوم تعتبر
مواتية لظهور العديد من التطبيقات الناجحة للتجارة الإلكترونية. فعند النظر في إحصائيات
الإتصالات الأخيرة في السلطنة نجدها مبشرة بمستقبل جيد ليس فقط فيما يخص الحكومة
الإلكترونية وتطبيقاتها في البلاد، بل ايضا في تطوير حجم التجارة الإلكترونية
والتي عانت من العديد من المعوقات سابقاً. فقد استطعنا اليوم في السلطنة تطوير
بنية تحتية لقطاع تقنية المعلومات كافية لقيام استثمارات ومبادرات الكترونية جيدة.
حيث نشرت هيئة تنظيم الإتصالات في السلطنة احصائيات الإتصالات المختلفة في السلطنة
والتي تشير الى زيادة عدد المشتركين في الإنترنت الثابت بجميع أنواعه الى ٧٤ الف
مشترك (لا زال الرقم منخفضا هنا)، وزيادة مشتركي الإنترنت المحمول بجميع انواعه
كذلك ليصل الى اكثر من مليوني مشترك بحلول عام ٢٠١١م. قارن هذا بإجمالي عدد السكان
في السلطنة والذين يقدر عددهم بثلاثة ملايين نسمة، والذي يشير الى أن معظم الأسر في
السلطنة تستخدم الإنترنت بشكل من الأشكال. الامر الذي يشجع على استغلال بيئة
الهاتف المحمول وتقية الحوسبة المتنقلة (Mobile Computing) في دعم مبادرات الحكومة
والمؤسسات التجارية في هذا القطاع.
من جانب آخر، تطورت سرعة الإنترنت في السلطنة لتصل حاليا
ما بين ٥١٢ كيلوبت في الثانية الى أكثر من ١٦ ميجابت في الثانية. وقامت هيئة تقنية
المعلومات في عام ٢٠٠٨م بتدشين بوابة الدفع الالكتروني في مرحلتها الاولى والتي
تسهل عمليات الدفع عن طريق بطاقات الإئتمان. الامر الذي لاقا اقبالا جيدا، حيث تشير
الاحصائيات الى ان حجم استخدام هذه البوابة يصل الى اكثر من خمسة آلاف معاملة
شهريا بما يقدر بأكثر من ١٤٤ الف ريال عماني. وفي القريب العاجل سيتم تدشين
المرحلة الثانية من هذا المشروع لأعطاء خيارات أكثر في إتمام عمليات الدفع
الإلكتروني كخيار الدفع بإستخدام بطاقة الأحوال المدنية والتي بدأنا نرى بداياتها
في مشروع المحفظة الإلكترونية. كما أنه سيكون هناك خيار الدفع عن طريق الهاتف
المحمول وكذلك عمليات تحويل الأموال بين الحسابات البنكية بشكل آلي. كل هذا مجددا
مما يجعلنا نتسائل ايضا لماذا لا يقوم شبابنا بإستغلال هذا التطور الملحوظ في قطاع
التقنية اجمالا وفي جاهزية القطاع لمبادرات التجارة الالكترونية خصوصا بما يضمن
لهم مصدر دخل جيد دون الحاجة لإثقال كاهل الحكومة لخلق مزيدا من الوظائف؟
قد يرجع السبب في اعتقاد
البعض الى أن حجم مستخدمي التجارة الالكترونية في السلطنة ضعيف وغير ذي جدوى
اقتصادية. وللاجابة على هذا دعونا نستعرض بعض نتائج دراسة قامت بها مجموعة
المرشدون العرب التابعة لمجموعة الاستثمار العربي في الاردن في عام ٢٠٠٩م. تقول
الدراسة ان اكثر من ٤٠٪ من مستخدمي الانترنت في السلطنة قاموا في عام ٢٠٠٩م بإستخدام
تطبيقات التجارة الالكترونية العالمية وهو ما يشكل آنذاك تقريبا ما نسبته ٥.٦٪ من
اجمالي عدد السكان، اي ما يقارب من ١٥٨ الف شخص. ليس ذلك فحسب، فقد استطاعت
الدراسة حساب حجم الانفاق الفردي (الشراء) من خلال مواقع التجارة الالكترونية العالمية
بما يزيد عن ١٥٠٠ دولار امريكي للشخص الواحد وبمجموع يزيد عن ٢٣٦ مليون دولار. نحن
نتكلم هنا عن تطبيقات التجارة الالكترونية المستهدفة للافراد (B2C) وليس النوع
الآخر المستهدف للشركات (B2B) والذي يقدر بالملايين كذلك. فالجدوى جيدة ولكن قلة
الخيارات الإلكترونية المحلية تجعل هؤلاء الافراد يتجهون الى مواقع التجارة
الإلكترونية العالمية بما فيها من مخاطر أمنية ومادية وزيادة في قيمة الشحن.
عند التأمل في المبادرات
الحالية في قطاع التجارة الإلكترونية (B2C) في
السلطنة نجد مجملها ينصب في انواع محدودة اكثرها شيوعا هو الاعلانات المبوبة من
خلال اشهر المواقع والمنتديات المحلية. ربما سبب ذلك هو تناسب الفكرة مع الثقافة
العامة في البلاد، حيث تعودنا مع بداية تطور الاعلام المقروء في السلطنة (الجرائد
والمجلات) على هذا النوع من التبادل التجاري. قارن هذا بفكرة المزادات الالكترونية
وتطبيقاتها المحدودة في السلطنة والتي تميزت فيه العديد من كبرى الشركات العالمية
وعلى رأسها شركة (eBay). فبالرغم من أن موضوع المزادات ليس بجديد علينا (سوق
الجمعة وهبطات العديد) إلا أننا نجد عزوف كبير من العمانيين في استغلال مثل هذا
النوع من انواع التجارة الالكترونية في السلطنة ربما لأننا لم نعتد بيع اغراضنا
المستعملة في المزادات. لذلك
علينا مراعاة الذوق العام والثقافة المحلية (أو الإقليمية) عند محاولة الإنخراط في
قطاع التجارة الإلكترونية ومراعاة عدم تقليد المبادرات العالمية الناجحة دون النظر
في ملائمتها لبيئتنا ونمط حياتنا المحلية.
إن تطور السلطنة في مجال تقنية المعلومات ملحوظ و ذلك من خلال جهود الحكومة في تطوير هذا المجال و أكبر دليل المشروع القائم باستخدام البطاقة الشخصيه للدفع الإلكتروني إن السلطنة ما ينقصها لتواكب الدول المتقدمة في مجال تقنية المعلومات هو مبادرة المواطنين باستخدام هذه الخدمات لتحسينها و تطويرها.
ردحذفمقال رائع كعادتك :)
موضوع أكثر من رائع
ردحذفشكرا لك