الاثنين، أبريل 02، 2012

جنون الإستهلاك بيننا


انتشر حب الاستهلاك بيننا دون أن نعلم حتى أصبح جزءا لا يتجزأ من حياتنا العملية والترفيهية. لا نتحدث هنا فقط عن عمليات التسوق والشراء الخاصة بالإكسسوارات بل تتعداه إلى طرق استهلاكنا للمواد الأساسية كالطاقة والماء والطعام والتي تحتاج منا إلى وقفة جادة لنشر ثقافة استهلاكية بين أفراد المجتمع تهدف لتحقيق أكبر قدر من الكفاءة في استخدام المصادر. فقد أظهرت دراسة قامت بها شركة بووز أند كومباني (Booz&Co) مؤخراَ أن السلطنة ودول الخليج أجمع تجاوز استهلاكها في المياه المعدل العالمي للاستهلاك العالمي رغم مناخ هذه الدول الصحراوي والذي كان الأحرى أن يجعلها أكثر حرصا على الترشيد من غيرها. ناهيك طبعاً عن الإسراف العالمي في الكهرباء وغيرها من المصادر التي كانت وراء استحداث فكرة ساعة الأرض للحض على الترشيد وتقليل الإسراف في مختلف الأمور لتقليل ملوثات البيئة.

أما بالنسبة لعمليات التسوق في قطاع التجزئة فحدث ولا حرج. فقد نشر مؤخراً موقع العمل العربي (Arabian Business) الإلكتروني نتائج دراسة هدفت لتحديد جنسيات أكثر الناس تسوقا خلال مهرجان دبي للتسوق الأخير. فبعد ان تجاوز إجمالي حجم التسوق خلال المهرجان نصف مليار دولار كان لبعض العرب نصيب الأسد في هذا الرقم. فعلى سبيل المثال، كان إجمالي حجم المتسوقين السعوديين هذا العام 106 ملايين دولار بزيادة نسبتها 169% عن العام الماضي محققين المركز الثاني في التصنيف. الأمر الذي قد يفسر ولع العديد من تجار العرب وعلى رأسهم مجموعة الفطيم الإماراتية في بناء المجمعات التجارية والتنافس على حصص أكبر في قطاع يعتبر من أنجح القطاعات الإقتصادية.

ففي دولة الإمارات الشقيقة وبالرغم من كثرة مراكز التسوق، إلا أن العدد ما زال في تزايد. فهناك مركز الفجيرة سيتي سنتر الجديد المزمع افتتاحه الشهر المقبل، بالإضافة إلى ياس مول في ابوظبي والذي سيدمج مع مدينة فيراري الترفيهية الحالية رغم تأخر افتتاحه والذي كان من المزمع أن يكون في عام 2011. كما أن هناك محادثات أيضاً لافتتاح مركز جديد في أبوظبي مشابه لمركز سيتي سنتر ميردف بقيمة تقديرية تتجاوز 800 مليون دولار. ناهيك طبعاً عن مول أرابيا والذي سيكون أكبرها على الإطلاق والمزمع افتتاحه خلال الأعوام القليلة القادمة كأحد مكونات حديقة الترفيه الكبيرة المزمع افتتاحها في دبي عام 2013. أما بقية الدول العربية فهناك توقعات بظهور مراكز جديدة أيضاً وبأشكال وأحجام تنافسية، ففي بيروت سيتم افتتاح مركز سيتي سنتر العام المقبل كجزء من مجموعة الفطيم الإماراتية بقيمة 300 مليون دولار وهناك ايضاً مدينة الاحتفال في الدوحة والتي تقدر قيمتها بـ 1.65 مليار دولار وأخرى في القاهرة واللذان يندرجان ايضاً تحت إدارة مجموعة الفطيم الإماراتية. أما في السلطنة فقد افتتح مطلع الشهر الماضي مركز الجراند مول في مدينة الخوير التجارية والذي سيتضمن أسماء تجارية لم تعهدها السلطنة من قبل مثل شرف دي جي وهومز أر أس وجاراج (Garage) وإيروبوستال (Aeropostale) بالإضافة إلى مجمع سينما ومركز ترفيهي للأطفال.


قد يرجع السبب إلى انتشار هذا الكم من المراكز التجارية ليس فقط إلى ثقافة الاستهلاك بين أكثرنا ولكن أيضاً إلى كونها الخيار الوحيد للترفيه في بلداننا خصوصا مع تميز معظم فصول السنة بارتفاع درجات الحرارة والرطوبة. فكيف لنا أن نمضي الأوقات في مراكز التسوق دون أن نبذل بعض الأموال هنا وهناك. أخبرني أحد الزملاء الذي يعمل في إحدى الدول المجاورة لأكثر من ستة أعوام أن موضوع الاستهلاك أصبحاً جزءا من حياة الفرد بحيث لم يعد بمقدور معظم الناس إلا مجاراة التيار. فمعظم الناس أصبحوا يتسوقون ويقتنون الجديد باستمرار الأمر الذي جعلها عادة مع مرور الزمن لا يستطيع أكثرهم التخلي عنها. ليس ذلك فحسب فقد اصبح الناس في كثير من الأحيان يتبعون النمط السائد عند التسوق دون التفكير في البدائل. فقد أخبرني ايضاً أحد الزملاء العاملين في قطاع السفر أن هناك توجها بين العمانيين إلى زيارة دول شرق آسيا وعلى راسها دولة ماليزيا بالرغم من ارتفاع أسعار التذاكر وحجوزات الفنادق في هذه الدول خلال فصل الصيف. ففي حين أن زيارة لماليزيا لمدة عشرة أيام لشخصين قد تكلف خلال فصل الصيف تقريبا 1800 ريال عماني شاملة الفنادق والنقل والتذاكر، يمكن لنفس هذن الفردين الذهاب إلى أوروبا وزيارة ثلاثة دول وبنفس المواصفات بسعر أقل قد يصل إلى 1600 ريال فقط. أضف إلى ذلك التباهي في الأعراس والتي حذر منها سماحة الشيخ أحمد الخليلي المفتي العام في السلطنة في حلقة خاصة من برنامج سؤال أهل الذكر. فقد أظهر تقرير أعدته وكالة رويترز العالمية في شهر يوليو العام الماضي أن الزواج العماني قد تصل تكاليفه في بعض الأحيان إلى أكثر من 30 الف ريال عماني وقد تصل قيمة المهر إلى 15 ألف ريال عماني وأكثر في بعض الأحيان.

لذلك أصبح الادخار والتوفير من القضايا الصعبة على النفس البشرية خصوصا مع توفر البديل السهل للاستقراض من شركات التمويل والبنوك بتسهيلاتها المختلفة. ناهيك طبعاً عن الصيرفة الإسلامية القادمة والتي ستشجع على مزيد من عمليات الاقتراض بأشكالها الشرعية. الأمر الذي يجعلنا نتفكر في أسباب حمى الاستهلاك والتسوق بيننا والتي قد تنبع أولاَ من قلة البدائل المتوفرة للترفيه كما أسلفنا. فهناك أيضاً حب التباهي بين بعض الناس والرغبة في الحصول على حياة افضل شكلياً على الأقل متناسين المثل القائل (مد رجولك على قد لحافك). وهناك ايضا متعة الصرف واقتناء الجديد والتي تنتهي بمجرد رؤية معارفنا وتهنئتهم لنا بهذا الجديد بعدها لا تلبث النفس أن تتملل لنعود للشراء من جديد. أضف إلى ذلك أن الكثير منا يفتقر لمبدأ تحديد الأولويات والتخطيط في الحياة مما يضعف النفس البشرية للوقوف أمام المد الاستهلاكي والذي تشارك فيه الشركات بتخفيضاتها المستمرة. فالسكينة السكينة يا اخواني وأخواتي ولنتعلم فنون الشراء ومهارات الادخار ولا ننسى المثل القائل (خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود).

هناك 3 تعليقات:

  1. فى ناس عندهم هوس شرااااااااااااء

    ردحذف
  2. بارك الله بكم ... على المدونة المميزة

    ردحذف
  3. اصبحنا نتفاخر بان نكون أول المستهلكين لابتكارات واختراعات الامم الاخراء. واصبحنا أمة مستهلكة درجه أولى بدلا ان نكون امة منتجه. موقعنا بين الامم في الاخير وما زلنا نتفاخر ونكثر من التسويف والامال لروية النور المنشود. يااااحسافه من واقع امتي!!

    ردحذف