افتتح مطلع هذا الأسبوع الحدث الطلابي الأكبر في كلية التجارة
والاقتصاد المتمثل في الأسبوع التجاري الذي يتضمن عدة فعاليات تهدف لدمج نظريات الفصول
الدراسية بتطبيقات سوق العمل. فبالرغم من معارضة بعض الطلبة والأكاديميين
والاداريين لمثل هذه النشاطات خصوصا في ظل تدني المستوى الأكاديمي لبعض الطلاب
بشكل عام الا أن هناك ايجابيات تحتم علينا ضرورة الاستمرار في مثل هذه الفعاليات
والاكثار منها كماً وكيفاً. كيف لا ونحن نرى سوق العمل يتشبع شيئا فشيئا في ظل حرص
الحكومة على ايجاد الفرص الوظيفية لجميع الباحثين عن عمل بالاضافة الى تفعيل سياسة
التعمين والتي تهدف الى احلال القوى العاملة الوطنية مكان القوى العاملة الوافدة. فالوظائف قد تكون قليلة اذا ما قورنت بالتزايد المستمر لعدد الباحثين
عن عمل مما يجعل جهات العمل أكثر (انتقاءً) عند اختيار الموظفين. الأمر الذي أدى
كذلك الى خلق بيئة تنافسية شديدة على الوظائف الجيدة مما يشكل اليوم تحديات أمام
الطلبة يجب عليهم تلمسها بجدية واضعين أمام أعينهم ليس فقط اختيار التخصصات
المتميزة بل أيضا التميز في هذه التخصصات، فكيف ذلك؟
قامت جماعة التجارة الطلابية في كلية التجارة والاقتصاد للعام العاشر
على التوالي بتنظيم الأسبوع التجاري بالكلية الذي يتضمن عدة فعاليات تهدف جميعها
لعرض الحلول التي يقدمها ديننا الاسلامي لمشاكل العالم الاقتصادية. فمع بزوغ شمس الصيرفة الاسلامية في السلطنة والتي من المزمع أن تبدأ
في النصف الثاني من هذا العام، كان من الأهمية بمكان العمل على نشر الوعي والفهم
الصحيح بهذا الجانب خصوصا بين فئة الشباب والطلاب والتي نعول عليهم الكثير
مستقبلاً لملء النقص الحالي في رأس المال البشري الذي يحتاجه هذا القطاع. لذلك فقد
تم تركيز معظم فعاليات الأسبوع التجاري حول هذا الجانب، فعلى سبيل المثال يأتي
معرض «اشراقة» ليعرض بشكل فني ومجسم أهم مفاهيم التجارة الاسلامية بالمقارنة مع
التجارة المعاصرة. وتأتي ايضا مسابقة «خراج»
للتشجيع على نشر مبدأ فريضة الزكاة بين الناس والجهات الخاصة عن طريق خلق مسابقة
تنافسية بين طلاب جامعة السلطان بالاضافة إلى طلبة آخرين من كليات وجامعات محلية
للترويج لهذه الفريضة. أضف الى ذلك تنظيم معرض للسيارات بالتوازي مع تقديم الحلول
الاسلامية للتمويل كالمرابحة والمضاربة المتوفرة من خلال بعض الشركات المحلية. كما
تم ايضاً تقديم منتدى طلابي يناقش فيه بعض الطلبة أوراق عمل (بحوث) تدور حول
مواضيع اقتصادية كالتأمين الاسلامي مثلاً، يتم بعدها تقييم هذه الأوراق العلمية من
قبل خبراء وأكادميين محليين لاختيار البحوث الفائزة. كل ذلك وأكثر مما سيحتوي عليه
هذا الأسبوع التجاري الذي سيستمر لغاية يوم الأربعاء من هذا الأسبوع.
تهدف مثل هذه الفعاليات الطلابية والتي تندرج تحت مسمى النشاطات
المضافة للمنهج الدراسي (Extracurricular Activities)
لصقل شخصيات ومهارات الطلبة العلمية والعملية بما يخدم مسألة التميز
في التخصص التي أشرنا اليها سابقاً. يقوم اساس هذه الأنشطة على قيام الطلبة بشكل
تطوعي بتنظيم فعاليات خارج نطاق الفصول الدراسية بما يكمّل العملية التعليمية بشكل
واقعي وعملي. فمن المعروف اليوم أن من أهم ما يجب أن
يحرص عليه الطلاب اليوم قبل الالتحاق بسوق العمل هو كتابة ما يعرف بالسيرة الذاتية (CV) ولكن للأسف قلة منهم من يحرص على تطوير هذه السيرة الذاتية قبل
كتابتها بما يضمن لهم وظيفة أفضل في سوق العمل. فعادة ما يميل أرباب العمل لفرز
هذه السير الذاتية حسب المعدل التراكمي للطالب أو حسب التخصص أو حسب الخبرات
العملية أو النشاطات اللامنهجية آنفة الذكر. صدقوني إخواني وأخواتي القراء، بات الموضوع
ليس فقط في الدرجات والمواد المدروسة والتي قد يتشابه فيها أغلب الطلبة من التخصص
الواحد، ولكن الأمر أصبح يتعدى ذلك لمدى حرص الطالب أو الطالبة على تحويل الجانب
النظري في العملية الدراسية الى واقع عملي عن طريق صقل المهارات بالمشاركة في
مشاريع أو فعاليات ذات طابع ابداعي. فكم من الشركات التي تنقب اليوم في السير
الذاتية عن المجيدين ليس فقط في الدرجات بل أيضاً في الانجازات التي يشير معظمها
الى جاهزية الخريج لجو العمل بنسبة كبيرة .
أذكر على سبيل المثال لا الحصر أن أحد الطلبة ممن كانت مستوياتهم
التحصيلية متوسطة في الجامعة استطاع رغم ذلك التفوق على كثير من الطلبة الآخرين
ممن أحرزوا الدرجات الأكاديمية العليا عند اجراء المقابلات الوظيفية، والسبب أنه
استطاع الخروج من الجامعة ليس فقط بالشهادة ولكن أيضاً بانجازين كانا كفيلين بشد
انتباه القائمين على المقابلات مما جعلهم يتغافلون عن الدرجات المتوسطة التي
أحرزها خلال الدراسة. أحد هذه الانجازات كان عبارة عن برنامج حاسوبي لتحفيظ
الناشئة القرآن الكريم وهو ما يعتبر ترجمة لمادة البرمجة التي درسها. والآخر هو
قيامه بتطوير وادارة مجتمع طلابي جديد بالكلية يهدف لتنمية المهارات البشرية بين
الطلبة. لذلك فمن المهم علينا اليوم أن نبدأ بالتخطيط لمثل هذه الأنشطة ودعمها
ماديا ومعنويا والعمل على تفعيلها ليس فقط في المرحلة الجامعية بل حتى في
المستويات الدراسية الأخرى بدءا برياض الأطفال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق