الاثنين، فبراير 11، 2013

تسويق السلطنة عالميا


كثيراً ما نُسأل عندما نسافر خارج السلطنة عن هوياتنا خصوصا ونحن نحاول أن نوصل للعالم الصورة الصحيحة للشخصية العمانية بأصالتها وقيمها العالية. للأسف يحز في نفوسنا أن أغلب عامة الناس الذين نصادفهم لا يعرفون السلطنة وربما لم يسمعوا بها من قبل مما يجعلنا في حيرة من امرنا، اهو خطأ منهم أم منا؟ لا نتحدث هنا عن معرفة بمميزات السلطنة وقيم الإنسان العماني العريقة فقط بل يتعداه في أحيان كثيرة إلى عدم معرفة موقع السلطنة من العالم أصلا. قارن ذلك بعدد دول العالم التي لم يسمع بها العمانيون بشكل عام وهل يمكننا أن نقيس انفسنا بهذه الدول مع احترامنا الكبير لها؟ لماذا يا ترى لا يعرف معظم الناس في العالم السلطنة وهو طبعاً أمر يختلف بين منطقة وأخرى وبين دولة وأخرى بالرغم من الجهود المبذولة وبالرغم من العلاقات الممتازة التي تربطنا بمعظم دول العالم؟ لا نتحدث هنا عن سمعة السلطنة في الوسط الدبلوماسي أو السياسي أو حتى الاقتصادي والتي أصبحت بفضل جهود الحكومة نارا على علم في محافل كثيرة، ولكن حديثنا عن المعرفة بين عموم الناس والكثير من أشرافهم في مختلف دول العالم بحيث أصبحت في أحيان عديدة لا ترتقي بمكانة السلطنة التاريخية والثقافية. الأمر الذي يؤكده معظم من يزورون السلطنة لأول مرة من العلماء والمشاهير والباحثين والذين عادة ما ينبهرون بمميزات البلاد وتقاليد الإنسان العماني الأصيلة ويعتبون علينا اشد العتب بسبب تقصيرنا في التسويق لأنفسنا. وكان آخرها عتاب الأستاذ الدكتور طارق الحبيب حيث ذكر أثناء زيارته للسلطنة «عتبي الوحيد على أهل عمان انهم لم يقدموا أنفسهم للعالم بمستوى ما يملكون من حضارة وفكر ورقي». في المقابل وعند معرفة السائل بالسلطنة فغالبا ما يكون الانطباع إيجابيا مما يجعلهم يثنون على البلد وأهلها لما لقوه من ترحاب وحسن عشرة من العمانيين في الخارج. كل ذلك يجعلنا نتساءل عن إيجابيات وسلبيات انفتاحنا وتسويقنا لمقوماتنا الفكرية والثقافية للعالم وطرق تفعيلها إن كان ذلك في مصلحة البلد بشكل خاص والبشرية بشكل عام.

قد لا يعي الإنسان العماني اليوم أن كثيرا من الصفات الحميدة التي اعتدنا عليها في حياتنا هي نعمة جمة من المولى يفتقر لها الكثيرون حول العالم. لا نتحدث هنا عن القيم المستمدة من ديننا الحنيف وخصوصية توظيفها وتطبيقها في السلطنة فحسب ولكن أيضا أسلوب حياتنا الوسطي وعاداتنا الموروثة التي استطعنا بها أن نوحد طوائف وقبائل مختلفة في نسيج اجتماعي متلاحم ومتكامل. فلا عجب أن استطاعت السلطنة تحقيق المركز الثالث عالميا في الاستقرار السياسي والاقتصادي حسب تقرير التنافسية العالمي الأخير. وصدق المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام عندما وصف أهل عمان كما جاء في صحيح مسلم «لو أن اهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك»، فهي منظومة من الصفات التي نتوارثها كابرا عن كابر لعل من أهمها الحياء في المعاملات والذي جعل من أنواع التقصير مع الآخرين عيبا علينا تجنبه. لا ندعي هنا الكمال ولكن هي دعوة لاستثمار أهم معالم ومزايا الهوية العمانية ونشرها عالميا بما فيه خدمة البشرية اجمع. فاليوم تتنافس دول العالم أجمع لتحقيق سمعة تنافسية بين دول العالم ليس فقط من منظور اقتصادي بل يتعداه إلى جوانب الحضارة والفكر والثقافة فيما يسمى اليوم في علم الاقتصاد بإدارة العلامة التجارية للدولة. فكيف يمكن لنا اليوم المحافظة على هذه المقومات أولا واستخدامها لترويج السلطنة ثانيا بما هي أهل له.


عند التأمل في الجهات الحكومية التي تُعنى بتسويق السلطنة إقليميا وعالميا نجدها تنحصر في وزارة الخارجية ممثلة في سفارات السلطنة في مختلف دول العالم ووزارة الإعلام بمختلف أذرعها واختصاصاتها بالإضافة إلى الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات والتي تختص بشكل عام بالجانب الاقتصادي في المعادلة. هناك أيضاً لجنة وحدة التسويق والترويج التابعة للحكومة ممثلة في وحدة إدارة الهوية التسويقية للسلطنة، والتي ربما هي اليوم المعنية بما نحن بصدد الحديث عنه. رغم جهودها المبذولة إلا أنها لا تستطيع العمل بمعزل عن بقية الجهات الحكومية خصوصا إذا ما افتقرت للدعم المادي المناسب لأهدافها السامية. فالواجب اليوم أن نعمل وفق خطة منهجية تتكامل فيها الجهات الحكومية المعنية بالإضافة إلى شراكة القطاع الخاص للقيام بمبادرات تهدف لإيصال الفكر والحضارة العمانية سابقا وحاضرا للعالم اجمع. انظر مثلاً كيف ساهمت سفينة جوهرة مسقط إقليميا ودوليا في نشر البعد الحضاري والتاريخي والثقافي للسلطنة عند رسوها في ميناء سنغافورة. ليس ذلك فحسب بل أصبحت أي زيارة لجزيرة سانتوسا السنغافورية لا تكتمل إلا بالمرور بالمبنى الذي شيد حول السفينة ليصبح اليوم متحفا ومزارا ثقافيا لتاريخ الإبحار عبر العصور تتربع فيه السلطنة بجوهرة مسقط مع وجود صالة عرض تفاعلية تحكي للزوار تاريخ بناء السفن في السلطنة. مثل هذه المبادرات واكثر هي ما نحتاج إليه اليوم لتسويق هوية السلطنة عالميا بالتكامل مع دور الإعلام العماني لتطوير رؤية إعلامية تساهم في نشر معرفة الناس بالسلطنة إقليميا ودوليا من خلال مرئيات مختلفة تبث حول العالم. ولا ننسى أيضا دور سفارات السلطنة متمثلة في الملحقتين الثقافية والإعلامية لعمل تظاهرات فكرية ومنتديات ومؤتمرات دورية تهدف لإيصال الفكر العماني حضارة وتاريخا للعالم اجمع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق