الأحد، فبراير 24، 2013

موظفو المعرفة وأهميتهم في المؤسسات


تتباين الوظائف في المؤسسات بتباين المهام والمسؤوليات الموكلة للأفراد والذين يختلفون أيضا في تخصصاتهم ومراتبهم الإدارية حسب التقسيم النمطي للمؤسسات والتي تسمى أحيانا بالمنظمات لاتصافها بأشكال التنظيم الأفقية والرأسية المعهودة. بالرغم من سعي الكثير من الشركات العالمية الناشئة اليوم لاتباع منهجية مختلفة في التقسيمات الوظيفية أو الهيكل المؤسسي عن النموذج الهرمي التقليدي والذي أثبتت الدراسات قلة فاعليته، إلا أن هذا النموذج يعتبر النمط الأكثر شيوعا عالميا ومحليا أيضا في السلطنة. الفكرة هنا هو في تقسيم المؤسسة إداريا إلى موظفين أو عمال يقوم بإدارتهم مدير تشغيلي يأخذ أوامره من مدير عام والذي بدوره يقوم بالرجوع إلى رئيس المؤسسة. طبعا الوضع يختلف من مؤسسة وأخرى وربما قد يزيد تعقيدا بتزايد المراتب الإدارية الرأسية والأقسام الوظيفية الأفقية كما هو الحال في مؤسساتنا الحكومية وبعض المؤسسات الخاصة القديمة. لن يكون حديثنا اليوم عن الهياكل الوظيفية والتي نستطيع إفراد مقالات لها لأهميتها، ولكن حديثنا اليوم عن أنواع الموظفين داخل المؤسسات الخاصة والحكومية التي تتبع الهيكل الهرمي وأهميتهم في تعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات خصوصا ونحن نرى اليوم خطط الحكومة في توظيف الباحثين عن عمل وسعي العديد من الموظفين إلى تطوير مهاراتهم ومعارفهم العلمية والعملية. فإن كانت الأعمال والخدمات التي تقدمها مختلف المؤسسات تقاس كفاءتها بجودة العمليات المتبعة لإنجازها، فإن هذه العمليات تتأثر أيضا وتتطور بفكر وكفاءة الموظفين المنفذين لهذه الأعمال. ليس ذلك فحسب، فمن الأهمية بمكان أن نعلم كيف جاءت هذه العمليات بهذا الشكل أصلا وما هي العقول التي ابتدعتها منذ البداية أو تحاول إعادة هندستها بين الحين والآخر؟ هذه العقول أو الكفاءات التي إن أحسنا اختيارها واستغلالها لأحدثت لنا فرقا كبيرا في أدائنا الوظيفي. لذلك وجب علينا اليوم الإشارة إلى أنواع الموظفين داخل المؤسسات وتبيان أهم هذه الأنواع والذين يعتبروا هم منبع الحلول والإبداعات في المؤسسة.

تشير الدراسات الحديثة في علم الإدارة اليوم إلى أن من اهم أنواع الموظفين في العمل هم الذين يعتمدون على المعرفة في أعمالهم لإنتاج أفكار وإبداعات جديدة تندرج عادة تحت أعمال المؤسسات المركزية. يختلف موظفو المعرفة هؤلاء عن باقي الموظفين في أن عملهم ينحصر في التفكير بدلا من التنفيذ للخروج بحلول تنافسية ذات بعد استراتيجي في المؤسسة. لا يعني هذا التقليل من أهمية باقي الموظفين، فلكل موظف وقسم أهميته في تحقيق أهداف المؤسسة قصيرة وبعيدة المدى من خلال تنفيذ إجراءات العمل بشكل فعّال، ولكن أهمية موظفي المعرفة تكمن في إبداع هذه العمليات وتقديم الحلول التنافسية وابتكار المنتجات والخدمات الإبداعية بما يحقق للمؤسسة مزيدا من النجاحات التنافسية. انظر مثلا كيف تحاول كبرى شركات التقنية استقطاب الخبرات والمهارات العالمية التي تمكنها من ابتكار المنتجات الجديدة، وتأمل كيف استطاعت شركة أبل أن تبدع لنا أجهزة الآيباد والتي تعتبر اليوم انجح أنواع الحواسيب اللوحية في العالم حسب إحصائيات الشراء العالمي. ألا يرجع السبب هنا إلى مجموعة المهندسين الذين يقفون خلف هذا الإبداع سواء من ناحية تصنيع وتصميم الجهاز بالنفس أو البرمجيات؟ وماذا عن حلول الحوسبة السحابية لأجهزة أبل وتكاملها مع بعضها البعض والذي أنتج لنا نظاما بيئيا خاصا بالشركة يهدف لكسب ولاء المستخدمين بما يصعب عليهم بشكل غير مباشر التحول لأنظمة أخرى. بنفس النسق نستطيع التفكر أيضا في العقول خلف نظام الويندوز الجديد وحزمة أوفيس الجديدة وغيرها من المنتجات الناجحة حول العالم. ليس ذلك فحسب، فالمعرفة تأثيرها واضح ليس فقط في قطاع المنتجات بل حتى في قطاع الخدمات والقيمة المضافة والتي نجدها جلية في تميز كبرى البنوك في السلطنة مثلا عن غيرها من البنوك التي انتهى بها المطاف للاندماج مع غيرها وقس على ذلك.


لذلك على مؤسساتنا الحكومية على وجه الخصوص أن تركز اليوم على هذه النوعية من الموظفين واختيارهم بعناية وإعطائهم الصلاحيات ومساحة الوقت والمصادر المطلوبة للعمل بأريحية من أجل إحداث التغييرات الإيجابية المطلوبة لرفع مستوى العمل والأداء الحكومي. فمن الملاحظ اليوم هو عدم افتقارنا لهذه النوعية من الموظفين في مؤسساتنا الحكومية ولكن المعضلة تكمن في افتقار هؤلاء الموظفين للوقت أو الصلاحيات أو الدعم من الإدارات العليا، ناهيك طبعا عن سوء الاختيار في بعض الأحيان بوضعهم في الأماكن غير المناسبة. تجدر الإشارة أيضا إلى أن موظفي المعرفة تختلف تخصصاتهم باختلاف جوهر أعمال المؤسسات، فمثلا مهندسو الحفر والتعدين هم من أهم موظفي المعرفة في شركات النفط كشركة تنمية نفط عمان مثلا ومهندسو الاتصالات هم من أهم موظفي المعرفة في شركات الاتصالات كشركتي النورس وعمانتل وقس على ذلك. لاحظ هنا أننا نقول من أهم موظفي المعرفة وليسوا الوحيدين، فقد نحتاج في كل قسم من أقسام المؤسسة لموظفي معرفة يسعون لتطوير الأداء الوظيفي في أقسامهم بدلا من تنفيذ العمليات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق