الأربعاء، فبراير 27، 2013

أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية.. إلى أين؟؟!!


كثرت هذه الأيام أخبار الغش التجاري والجرائم الاجتماعية وصارت تتصدر عناوين الصحف بما يثير القلق. ليس ذلك فحسب فتكرار مثل هذه الحوادث أصبح هاجس الناس مما جعلهم لا يثقون في أشياء كثيرة كانت مصدر راحة وسعادة لنا. لم يعد أحدنا يأمن في أنواع البضائع التي كنا نعتاد على شرائها ولا حتى في أماكن بيعها، ناهيك طبعا عن الخوف من الجرائم والتي باتت تنذر بتحول تدريجي في قيم المجتمع العماني من البساطة المعهودة الى نوع من التكلف والتوجس في المعاملات والعلاقات بين الناس. لسان حال معظم الناس اليوم يتساءل أين كان كل هذا سابقا ولماذا لم يتم الكشف عنه إلا الآن؟ هل إعلامنا كان أقل شفافية مما هو عليه اليوم؟ ماذا عن مداهمات مختلف الهيئات المسؤولة عن الغذاء وضمان جودة السلع وحقوق المستهلك؟ هل هي وليدة اليوم ام أن هناك تجاوزات في السابق لم يكن يعلن عنها حتى لا يروع الشارع العماني؟ هل تم ترويعنا بالفعل وأصبحنا على وشك ان نخسر نعمة الأمن التي طالما تغنينا بها مما جعلنا محط أنظار الحاسدين والغابطين؟ فالأمن ليس فقط في علاقاتنا بدول الجوار والعالم اجمع، بل هناك الامن الغذائي والأمن الاجتماعي والذي بدأنا نراه يتجه ببطء نحو حافة التدهور بشكل يثير القلق.

من أكثر الجرائم التي اثارت الرأي العماني مؤخرا هي قضية الحلويات الفاسدة والتي تلتها سلسلة من الاكتشافات التي تشيب لها الرؤوس كان آخرها ضبط شركة تزور تواريخ 36 ألف عبوة لـ25 سلعة غذائية هذا الاسبوع. قد نتفهم الأسباب على مضض عندما تأتي المخالفات من تجار غير عمانيين، ولكن ان يقوم تاجر عماني عاش وتربى على هذه الأرض الطيبة واحتك بقيمها وأصالتها وفوق كل ذلك ينتمي الى أمة محمد التي طالما رفعت شعار «من غش فليس منا»، بمثل هذه المخالفات شيء علينا ان نتفكر فيه بجد للوقوف على الأسباب واقتراح الحلول الاستراتيجية. فمثل هذه العصابة وان قل عددهم بالتأكيد لهم تأثير على من حولهم مما قد ينتج لنا أو ربما أنتج بالفعل جيلا على النهج نفسه. وماذا عن المسؤولية الاجتماعية لدى الناس اجمع وأصحاب الاعمال على وجه الخصوص؟ لماذا يا ترى يطالب بعض التجار الحكومة بالحوافز قبل تلبيتهم لقرار رفع أجور الموظفين العمانيين؟ اهي نسبة أرباح لا يرضون نقصانها؟ وأين المجتمع العماني والسلطنة بشكل عام من كل هذه الأرباح التي ندعو الله تعالى ان يبارك لهم فيها؟ كم من المشروعات التنموية التي ساهم فيها هؤلاء التجار وكم من الشركات الصغيرة أو المتوسطة التي ساهموا في دعمها؟ كم من المشاريع الفكرية أو التعليمية أو الصحية او حتى الخيرية التي انتجها لنا هؤلاء التجار؟ أهي رغبة في زيادة الحسابات البنكية دون أدني مساهمة تذكر في المجتمع الذي كان سببا في نجاحهم؟ لا نعمم هنا على جميع التجار فهناك أصحاب الأيادي السخية المعلومون لدى معظم العمانيين، ولكن هناك شريحة من كبار التجار التي لا نرى لهم كبير أثر على المستوى الاجتماعي في البلد.


اما من الناحية الاجرامية والأوضاع الاجتماعية فحدث ولا حرج، فمما يشيب له الرأس اليوم ان نسمع بقضية مخمورين اقتحموا أحد البيوت في ولاية ابراء ليختطفوا فتاة من بيتها واغتصابها بعد ان اوسعوا أخاها ضربا. للأسف لم يتناولها الرأي العام بحجم قضايا المواد الغذائية وقضية اسعار البيض، وكأنها أمر لا يعني غير الأسرة المتضررة. ما هذا الذي صرنا نسمعه في بلادنا الحبيبة عمان؟ انها خمس قضايا في واحدة يا إخواني، حالة السكر واقتحام البيت، وضرب الأخ واختطاف البنت واغتصابها. لا نعلم ملابسات الواقعة ولكن قراءتنا للخبر في الصحف تجعلنا في ترقب وتوجس من القادم، ونحمّل المسؤولية لكل من ساهم في هذه الواقعة بشكل مباشر او غير مباشر بدءا بالمربين وانتهاء بأصحاب القرار. وماذا عن تفشي المسكرات والمخدرات في البلاد وتكاثر اخبار المهربين والمروجين لها حتى جاء الخبر بتصنيعها محليا في احدى ولايات السلطنة. يخبرني أحد الأصدقاء القاطنين في ولاية مطرح بأن مشاهدة المتعاطين للمخدرات أصبحت في بعض الاحياء من الأشياء المعهودة لدى الناس مما ينذر بتزايد هذه الظاهرة خصوصا مع نقص حملات التوعية بمخاطر المخدرات وانعدام ثقافة التعامل مع المدمنين بشكل عام.

ختاماً اخواني القراء، نعلم ان كل هذا لا يمثل الا نقطة سوداء بسيطة في صحيفة السلطنة البيضاء تاريخيا وحضاريا ولكنها نقطة قد بدأت بالتضخم وعلينا معالجتها ان لم نستطع استئصالها. هي تراكمات سابقة لإخفاقات إدارية واخلاقية بدأت تطفو على السطح الآن وبدأت معها بلادنا الحبيبة رويدا تنفض عنها غبار هذه التراكمات. لذلك فالأمل والتعويل والبركة في المخلصين من أبناء هذا الوطن لأداء الأمانة كما يجب، والنصح وقول الحق وألا يخافوا في الحق لومة لائم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق