اختتمت مؤخرا فعاليات معرض كومكس للتقنية والذي انقسم كالمعتاد
إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي القسم الحكومي والتجاري ورجال الأعمال. بالرغم
من سعي معظم الجهات لتقديم الجديد واستغلال الحدث بشكل تجاري لمختلف
المنتجات والخدمات في قطاع التقنية إلا أن هذا العام جاء مغايرا بشكل كبير
عن الأعوام السابقة في عدة نواحٍ أهمها الجانب الفكري خصوصا فيما يتعلق
بالابتكارات ودعمها. لا نعني هنا أن النسخ السابقة للمعرض لم تحاول دعم هذا
الجانب ولكن هذا العام شهد تغيرا فكريا ليس فقط من قبل المنظمين للحدث بل
أيضا من قبل مرتادي المعرض من المسؤولين والأفراد ممن يمثلون الشركات
ومؤسسات المجتمع الأخرى. نعم إخواني القراء فهذا ما عايشناه من خلال
مشاركتنا في هذا المعرض بخمسة مشروعات طلابية في قسم الإبداع والابتكار في
تقنية المعلومات والاتصالات ومن خلال أيضا تجوالنا في المعرض ومتابعة
المشروعات الابتكارية الأخرى. فلم يقتصر قطاع الابتكار على مؤسسة دون أخرى
فهناك مشاركات من المؤسسات الأكاديمية وهناك مساهمات من بعض الجهات
الحكومية على شكل دعم مادي وإداري لبعض مشروعات الطلبة الابتكارية بالإضافة
إلى مشاركة من القطاع الخاص في تقديم بعض الأفكار الإبداعية على شكل
مشروعات تقنية تجارية ومحاولة تقديم عروض لتبني وتطوير وتسويق بعض الأفكار
الإبداعية المعروضة في كومكس. كل هذا مما جعل كومكس هذا العام محطة ترويج
جيدة للابتكارات في قطاع التقنية.
شارك قسم نظم المعلومات في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس بخمسة مشروعات إبداعية لاقت استحسان العديد من الزوار وعلى رأسهم معالي الدكتور وزير التجارة والصناعة، تمثلت هذه المشروعات في الآتي. أولا مشروع الرادار المتنقل الذي يدمج داخل المركبات ليعمل على الحد من حوادث السير من خلال ضبط سرعة المركبة وإعلام الجهات المعنية بتجاوزات قائد المركبة إذا لم يستجب لتنبيهات الجهاز الصوتية. المشروع الثاني كان خاصا بفئة الصم والبكم والذي يساعد الناس بشكل عام وأولياء الأمور بشكل خاص على التواصل مع هذه الفئة دون الحاجة لتعلم لغة الإشارة. ثالثا كان هناك مشروع كشف السرقات الأدبية (الغش) في التقارير بين الطلبة والذي يعمل على إبراز المقاطع المقتبسة والمنسوخة في محتوى التقارير ونسبة الاقتباس أو النسخ بشكل آلي مما يساعد المدرسين على كشف عمليات الغش والنسخ غير القانونية في ثوانٍ معدودة. أما المشروع الرابع فيعمل على تنظيم الطلبات في المطاعم المزدحمة بهدف تقليل أوقات الانتظار في الطوابير من خلال شاشات تنتشر حول المطعم أو على طاولات الزبائن يقوم من خلالها الزبون بإجراء مختلف أنواع الطلبات بشكل آلي دون الحاجة لانتظار الدور أو الجرسون. وخامسا مشروع تقوية التركيز لدى الناشئة والأفراد بشكل عام عن طريق لعبة تفاعلية تتطلب الكثير من مهارة التركيز وسرعة الاستجابة تهدف لتعزيز مهارات التركيز لدى المستخدمين بشكل علمي.
الحمد لله أولا والشكر موصول لهيئة تقنية المعلومات على دعمها الكبير لابتكارات الطلبة، فقد استطاعت معظم المشروعات المذكورة أعلاه الحصول على دعم مادي بأشكال مختلفة ومن خلال جهات متعددة أولها كان من قبل وزير التجارة كما أسلفنا والذي تبنى مشروع الصم والبكم وأمر بتشكيل لجنة يشترك فيها أصحاب الفكرة وهيئة تقنية المعلومات وشركة تجارية أخرى لتحويل المشروع إلى منتج تجاري في غضون أشهر معدودة مع تكفل وزارة التجارة بشراء أول ألف نسخة من المنتج كنوع من الدعم والتحفيز. كما تقدمت بعض الجهات الأكاديمية العاملة في السلطنة أيضا بطلب شراء مشروع كشف الغش مقدمة عروض بآلاف الريالات نظرا للحاجة الكبيرة الماسة لمثل هذا المشروع في جهاتنا التعليمية. أما مشروع المطاعم فقد لاقى إعجاب العديد من أصحاب المطاعم بالسلطنة مما حرى بهيئة تقنية المعلومات إلى دعم المشروع بتوفير حاضنة في واحة المعرفة لمدة ثلاثة أعوام تتكفل فيها الهيئة بالإيجار الشهري ورواتب الموظفين حتى يبلغ المشروع أشده. أما مشروع الرادار فقد تعاقد صاحب المشروع مع شركة عمانية وأخرى بلجيكية لتطوير نموذج مبدئي لتجربة وعرض الجهاز على الجهات المعنية في السلطنة ومحاولة تسويقه في معرض السلامة المرورية القادم.
كل هذا وأكثر إخواني القراء من أنواع الدعم المختلفة التي عايشناها في معرض كومكس والتي أستطيع بعد تجوالي في المعرض وجلوسي مع زميلي الدكتور جميل بن درويش الشقصي من قسم نظم المعلومات وهو صاحب العقل المبدع لجميع المشروعات الخمسة الآنفة الذكر استخلاص بعض النتائج والنصائح لجميع المبدعين في السلطنة. أولا، عدم اليأس مهما صادفنا من إحباط وسلبية ومحاولة المشاركة في جميع الفعاليات وطرق أبواب الجهات المنظمة بدلا من انتظار حدوث العكس خصوصا وأن مثل هذه الفعاليات تعطي للمشروعات دعاية أوسع وفرصة أكبر للقاء أصحاب القرار. ثانيا، الانتباه من المحبطين والاستغلاليين، والذين يمثلون الجانب المظلم في المعادلة. فمشروعاتنا المذكورة السابقة تلقت العديد من عبارات الإحباط قبل عرضها وأثناء عرضها وبعد حصولها على الدعم ناهيك عن عروض الاستغلال والرشاوى لشراء حقوق المشروعات من قبل أفراد أجانب عاملين لدى شركات محلية في السلطنة. ثالثا، يجب أن لا يكون الحصول على الدعم هو الغاية وأن لا ينتهي عملنا هنا بل هي وسيلة لتطوير الأفكار وإيصالها إلى السوق العماني والإقليمي والعالمي بعد توفيق الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق