الاثنين، أبريل 01، 2013

صناعة المؤتمرات وأبعادها على السلطنة


تستضيف السلطنة الكثير من المؤتمرات والمعارض والندوات الدولية والمحلية بشكل مستمر في شتى ميادين العمل والقطاعات الحيوية والتي تشكل ضغطا كبيرا على الحكومة للإسراع في تطوير مركز عمان للمؤتمرات والمعارض الجديد المزمع الانتهاء منه في عام 2015. كل هذه الفعاليات حاليا تتوزع بين المركز الحالي للمعارض وبين القاعات الخاصة في الفنادق وغيرها مما يجعلها تجارة رائجة في حد ذاتها. ليس ذلك فحسب، فقطاع تنظيم المعارض والمهرجانات والندوات هو أيضا من الأعمال الرائجة نظرا لشدة الطلب على هذا النوع من الاعمال خصوصا للجهات الباحثة عن الجودة والتميز. فمختلف الدوائر الحكومية هي في بحث مستمر عن التطوير وإيجاد الحلول للمشكلات والتي عادة ما تستدعي تنظيم مؤتمرات أو ندوات لمناقشة مختلف المواضيع ذات العلاقة والخروج بتوصيات عملية. من جانب آخر، تتيح مثل هذه الفعاليات الدولية للجهات المنظمة دعوة بيوت خبرة وخبراء من مختلف دول العالم للمشاركة في ابداء الرأي واقتراح الحلول مما يتيح للمسؤولين الاختلاط والتعرف على وجوه جديدة في مجالات العمل وتكوين رأس مال اجتماعي أكبر وأكثر كفاءة. كل ذلك مما يعود بالنفع على البلد بشكل عام والجهات المنظمة بشكل خاص ان أحسنا التخطيط له وفق استراتيجية معينة توثق نتائج هذه المؤتمرات وتخطط للموضوع برمته بشكل تجاري يعود بالنفع على البلاد. فكيف يمكن يا ترى لبلادنا ان تستثمر في هذا القطاع وتحويله من مجرد مصاريف تشغيلية الى عائد استثماري يساهم في تنويع مصادر الدخل؟
 
تشير دراسات بعض الدول المهتمة بقطاع سياحة المؤتمرات كالصين مثلا الى كبر حجم القطاع واهميته الاقتصادية، فقد استطاعت الصين احتلال المركز الأول آسيويا في هذا القطاع حسب إحصاءات الرابطة الدولية للمعارض والمؤتمرات والتي مقرها أمستردام في هولندا بعد ان حققت مؤخرا زيادة في مساحة المعارض بنسبة 48%. ليس ذلك فحسب طبعاً فقد استطاعت مدينة شانجهاي الصينية فقط والتي تعد أفضل مدن الصين في هذا القطاع زيادة عدد المؤتمرات السنوية من 292 مؤتمر فقط في عام 2002 الى 745 مؤتمرا في عام 2011 والذي جعلها اليوم قبلة القطاع آسيويا خصوصا بعد النجاح الكبير لمعرض إكسبو شانجهاي 2010. لذلك تهدف اليوم شانجهاي فقط الى جذب 240 مليون زائر محلي بحلول عام 2015 وأكثر من 10 ملايين آخرين من خارج الصين. اما في دول الخليج فقد قامت حكومة أبوظبي العام الماضي بدراسة الأثر الاقتصادي لقطاع المؤتمرات وفعاليات الاعمال في امارة أبوظبي فقط وتبين انه بلغ مقدار 2.4 مليار درهم في تلك السنة فقط. كما أظهرت الدراسة التي قامت بها الامارة بأن زوار هذه الفعاليات من خارج الدولة عادة ما يصرفون قرابة العشرة آلاف درهم اثناء تواجدهم بالمقارنة مع 640 درهما فقط يصرفونها الزوار من الداخل.


كل هذا يعطينا مؤشرا أن قطاع المؤتمرات والمعارض وفعاليات الاعمال مبشر وله مردود اقتصادي جيد إذا أحسنا استغلاله والتخطيط له مسبقا وبشكل استراتيجي. فالسلطنة لديها من المقومات السياسية والطبيعية ما يؤهلها لاستقطاب العديد من المؤتمرات الدولية وبشكل مستمر ناهيك عن احتضان المؤتمرات والفعاليات المحلية. انظر مثلا الى مقومات محافظة ظفار لاستقطاب هذا النوع من الفعاليات في موسم الخريف في الوقت الذي تعاني منه بقية مدن الخليج من لهيب الصيف. ليس ذلك فحسب، فنتائج هذه المؤتمرات والمعارض واعمالها المختلفة يمكن كذلك ان تسوق بشكل تجاري للعالم اجمع باستخدام التقنية الحديثة مثلا. انظر الى مؤتمر تيد (TED) العالمي والذي تباع حقوق بثه عن طريق الانترنت لمختلف دول العالم مما يشكل عائدا كبيرا على الجهة المنظمة والجهات الراعية. كما تقوم ايضا الكثير من الجهات المنظمة للمؤتمرات حول العالم ببيع تقارير الجلسات والتوصيات عن طريق مواقعها الالكترونية مع إمكانية نشر مقاطع الفعاليات والمعارض والمحاضرات لإثراء الفكر المحلي والدولي وتعزيز مكانة هذه الجهات والدولة المنظمة فكريا وعلميا. كما يمكن كذلك ان يوفر هذا القطاع الكثير من فرص العمل بالإضافة الى خلق توجهات تجارية جديدة لخدمة القطاع بما فيها استحداث تخصصات جديدة في مؤسسات التعليم العالي. الامر الذي يستوجب على الجهات المعنية في السلطنة التنسيق فيما بينها للنظر في طريقة توفير الكفاءات العمانية المطلوبة للقطاع عند اكتمال المركز الجديد في 2015. لذلك أرى ان على الحكومة اليوم انشاء مجلس أو مكتب مستقل يُعنى بقطاع سياحة المؤتمرات يعمد لتنسيق جهود مختلف الوزارات الحكومية ذات الصلة ويعمل تحت مظلة كبرى الجهات الدولية في هذا المجال كالجمعية الدولية للمؤتمرات والفعاليات والتي مقرها دالاس في ولاية تكساس الأمريكية أو الرابطة الدولية للمعارض والمؤتمرات والتي مقرها أمستردام في هولندا. عندها فقط سنستطيع استغلال هذا القطاع اقتصاديا كمصدر دخل واجتماعيا لنشر الفكر والمعرفة لمختلف محافظات السلطنة.

هناك تعليق واحد:

  1. حلو و الله !!!
    فكرة رائعة !!
    يا ليت توصل هالرسالة للجهات المختصة ! <3

    ردحذف