الثلاثاء، مايو 07، 2013

الاعلام الاجتماعي خير لابد منه

 
شهدت السلطنة الأسبوع الماضي انسجاما منقطع النظير بين قنواتنا الإعلامية التقليدية وبين جيل الاعلام الاجتماعي الحديث. فلأول مرة في السلطنة نرى هذا التمازج الجميل في نقل المعلومة والتكامل بين الاعلام المحلي من خلال التلفاز والجرائد المحلية وبين شبكات التواصل الاجتماعي وعلى رأسها موقعا التويتر والفيسبوك. قد لا يعني هذا الكثير لدى البعض ولكن ما شهدناه الأسبوع الماضي ينذر بتحول تدريجي في طرق عرض المعلومات على الناس بشكل عام وبين فئة الشباب بشكل خاص إذا أحسنا استغلاله. ليس ذلك فحسب، فقد لوحظ ان التقنية ذاتها التي طالما تغنى الكثيرون بتسهيلها لنشر الاشاعات اصبحت هي المحرك الفعلي لكبح هذه الاشاعات عندما لاقت التفاعل والاحتضان الرسمي من قبل الحكومة بشكل عام واعلامنا الرسمي بشكل خاص. فكان التلفزيون والإذاعة العمانية في قلب الحدث دائما من خلال تخصيص المساحات الهوائية الكافية لتلقي البلاغات والاخبار واطلاع المشاهدين والمستمعين بالجديد مستغلين في ذلك قنواتهما الالكترونية على كبرى مواقع التواصل الاجتماعي لتلقي رسائل المغردين ومحاولة التأكد منها فورا من خلال التواصل المباشر مع مختلف المسؤولين والذين لم يألوا جهدا أيضا في التواصل مع المتابعين لوضعهم في الصورة الصحيحة. فلم يجد المحرضون ومثيرو الاشاعات بيئة خصبة يعملون من خلالها، فالكل وقف لهم بالمرصاد فآثروا الصمت والمتابعة.

شاركت في عدة حوارات مؤخرا عن التأثيرات السلبية لشبكات التواصل الاجتماعي وقرأت للعديد من نتائج الندوات التي اجرت في السلطنة عن نفس الموضوع وكان مجملها ينصب حول الجانب المظلم في المعادلة. فهناك من يرى بأنها شر لابد منه وهناك من لا يرى فيها الا القيل والقال وكثرة السؤال متناسين بأنها وسيلة مجانية لقياس رضا الناس وسخطهم وقناة سهلة للتواصل المباشر بين الرؤساء والمرؤوسين بكافة مستوياتهم لتحقيق الدعم المناسب للقرارات إذا ما اتخذت بمرأى من الجميع ورضاهم. ليس ذلك فحسب، فمن أكثر ما استغرب له هو محاولة البعض تقنين أو حجب هذه التقنيات الحديثة بحجة تأثيراتها السلبية الفكرية ونشرها للإشاعات، متجاهلين في ذلك بأن التقنية ليست الا اداة في ايدينا وليست هي السبب الحقيقي وراء معظم السلبيات التي نعرف. فلكل شيء في الحياة ايجابيات وسلبيات تنبثق من حسن أو سوء استخدامنا لها ومن مستوى المعرفة والتوعية بسبل الاستغلال الامثل لها. لذلك أرى ان القضية برمتها هي مسألة فكر بين الناس وما التقنية الا وسيلة هدم أو بناء من بين عدة وسائل تعتمد في مستوى تأثيرها على مدى احتضاننا لها. فلا مجال اليوم للمنع والحجب مع عالم التقنية، فهي بكل بساطة قادرة على إيصال المعلومة وان انقطعت شبكات الاتصال. نلاحظ ذلك جليا في دول الربيع العربي وكيف استطاع الثوار والمصورون إيصال الاخبار صوتا وصورة في عز المحنة وكيف لا زلنا نرى الشعب ومختلف الاحزاب في سوريا يحمّلون عشرات مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وأبرزها موقع اليوتيوب، فهل يا ترى يستخدمون في ذلك شبكة سوريا الوطنية للاتصالات؟
 

استطعنا مطلع هذا الأسبوع في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وبالتحديد في قسم نظم المعلومات الفوز بشرف التمويل السامي لمشروع بحثي يعنى بشبكات التواصل الاجتماعي وسبل استخدامها استراتيجيا من قبل الجهات الحكومية والذي يأتي من أصل ستة مشاريع فائزة هذا العام تم اختيارها بعد تقييم اثني عشر مقترحا لمشاريع بحثية من نفس الفئة. يقود هذا المشروع الدكتور يوسف بن سالم الهنائي من قسم نظم المعلومات ونخبة من الباحثين لدراسة جميع سلبيات وايجابيات وسائل الاعلام الاجتماعية وسبل توظيفها من قبل الجهات الحكومية. تشير الدراسات الأولية الى الأهمية القصوى لهذا القطاع وضرورة وضع خطة استراتيجية لاستغلاله من قبل مختلف المسؤولين والجهات العامة والخاصة في البلد. لذلك نرى بعض رؤساء الدول والوزراء وكبار الموظفين في القطاع الخاص وأصحاب الملايين يتواصلون بحسابات شخصية ربما تدار من خلال مكاتبهم الخاصة او من قبلهم شخصيا لتحقيق الانسجام المطلوب بينهم وبين متابعيهم ولدرء الاشاعات التي قد تحاك حولهم وللمساعدة على ردم الفجوة الثقافية والطبقية بينهم وبين مختلف فئات المجتمع. لذلك فإني اتعجب اليوم من بعض جهاتنا الحكومية التي مازالت غير موجودة على كبرى الشبكات الاجتماعية وأكثرها شيوعا في السلطنة كموقعي التويتر والفيسبوك. واتعجب كذلك من بعض رموزنا القيادية والاقتصادية والاجتماعية والذين مازالوا يؤثرون القنوات التقليدية للتواصل. فهل يا ترى هي قلة في الوقت أم قلة في المعرفة أم الخوف من المواجهة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق