كثر في السنين القليلة الماضية الحديث عن مصطلح الحكومة الإلكترونية في السلطنة وفي جميع بلدان العالم مما أثار العديد من التساؤلات بين الناس عن الكثير من جوانب وقضايا هذه التقنية. قمنا في كلية التجارة مؤخراً بتقديم مادة جديدة تعتبر من أوائل المواد في الشرق الأوسط التي تسلط الضوء على مفهوم الحكومة الإلكترونية تلبيةً لحاجة السوق في نشر الوعي الصحيح والمعرفة العميقة بأهم جوانب هذا المفهوم. بالتوازي مع هذه المبادرة وتلبيةً لطلب العديد من الطلبة والمهتمين والباحثين في هذا المجال (الحكومة الإلكترونية) من كافة المستويات بدايةً بالثانوية العامة وإنتهاءاً بمستوى الدكتوراه، سنقوم يإذن الله وتوفيقه من خلال هذا المنبر الإسبوعي بكتابة سلسلة من الدروس التي تهدف لشرح معظم (إن لم تكن جميع) القضايا المهمة حول مصطلح الحكومة الإلكترونية. أود الإشادة في البداية بجهود هيئة تقنية المعلومات في توعية المجتمع العماني بأساسيات تقنية المعلومات ومفهوم الحكومة الإلكترونية والتي تهدف من خلالها الهيئة لسد الفجوة الرقمية في البلاد. سنحاول من خلال هذه الدروس إن شاء الله تخطي هذه الأساسيات إلى كبرى القضايا المهمة المحيطة بمصطلح الحكومة الإلكترونية والتي ربما تقوم الهيئة حالياً بدراستها والتخطيط لكيفية الإستفادة منها. هدفنا هنا هو تشجيع الباحثين وإنارة الطريق لهم إلى إكتشاف ودراسة قضايا ذات أهمية قصوى في فهم ونجاح مبدأ إستخدام تقنية المعلومات داخل المؤسسات الحكومية.
أنتشر بين الكثير من الناس خصوصاً المتعلمين منهم بعض المغالطات وسوء التقدير للكثير من جوانب الحياة ناهيك عن ما يخص إدارة نظم وتقنية المعلومات، من بينها مثلاً مساواة المؤسسة الحكومية بالمؤسسة التجارية في كيفية تبني التقنيات الحديثة. على سبيل المثال، يظن البعض بأن ماهو مناسب للشركات التجارية من برمجيات وتقنيات هو من باب أولى أن يكون مناسب جداً للمؤسسات الحكومية. فنرى العديد من الناس يعتقدون بأن بعض البرامج والتقنيات إذا ما أثبتت نجاحها في رفع كفاءة وأداء إحدى الشركات، فعلينا حينئذ إستخدامها في المؤسسات الحكومية متوقعين نفس النتائج. ربما يتعدى البعض ذلك إلى مستوى الدول فيظن بأن ما هو ناجح في أحد الدول المتقدمة سيكون ناجحاً كذلك في بلادنا أو أي بلد آخر. فكرة تبدو صحيحة ولكنها تحمل في طيّاتها خطأ كبير سنحاول في هذه المقالة تسليط الضوء عليه من خلال شرح أوجه التشابه والإختلاف بين المؤسسات التجارية والحكومية.
أنتشر بين الكثير من الناس خصوصاً المتعلمين منهم بعض المغالطات وسوء التقدير للكثير من جوانب الحياة ناهيك عن ما يخص إدارة نظم وتقنية المعلومات، من بينها مثلاً مساواة المؤسسة الحكومية بالمؤسسة التجارية في كيفية تبني التقنيات الحديثة. على سبيل المثال، يظن البعض بأن ماهو مناسب للشركات التجارية من برمجيات وتقنيات هو من باب أولى أن يكون مناسب جداً للمؤسسات الحكومية. فنرى العديد من الناس يعتقدون بأن بعض البرامج والتقنيات إذا ما أثبتت نجاحها في رفع كفاءة وأداء إحدى الشركات، فعلينا حينئذ إستخدامها في المؤسسات الحكومية متوقعين نفس النتائج. ربما يتعدى البعض ذلك إلى مستوى الدول فيظن بأن ما هو ناجح في أحد الدول المتقدمة سيكون ناجحاً كذلك في بلادنا أو أي بلد آخر. فكرة تبدو صحيحة ولكنها تحمل في طيّاتها خطأ كبير سنحاول في هذه المقالة تسليط الضوء عليه من خلال شرح أوجه التشابه والإختلاف بين المؤسسات التجارية والحكومية.
تختلف المؤسسة الحكومية عن المؤسسة التجارية في كل شيء تقريباً نستعرض على سبيل المثال لا الحصر مايلي:
الأهداف (Objectives): تعتبر أهداف الحكومة بشكل عام والمؤسسات الحكومية بشكل أخص أكثر عموماً وإتساعاً من أهداف المؤسسات التجارية. فحين تسعى الشركات الخاصة بإختلاف أنواعها وتخصصاتها إلى هدف وحيد وهو تحقيق المكاسب المادية (الأرباح) بشتّى الطرق، نجد أن المؤسسات الحكومية تضع لنفسها أهداف أخرى أكثر شمولية. فعلى سبيل المثال تختلف أهداف المدارس الخاصة في السلطنة وأهداف وزارة التربية والتعليم وإن تشابه أمامنا الدور التعليمي المشترك بينها. فتركيز الوزارة أكثر إتساعاً من مجرد العملية التدريسية، فتتعداه إلى تطوير المناهج، ومراقبة وتطوير أداء المدارس والمدرسين، والإرتقاء بمستوى الطلاب في شتى الميادين وتثقيف الآباء وغيرها بهدف نشر التعليم في البلاد. في حين أن المدرسة الخاصة قد تضع لها أهداف بما يتناسب مع إمكانياتها المادية والمعنوية وبما يحقق لها أفضل سمعه ومكسب سوقي مادي.
الزبائن (Customers): تنظر المؤسسات الحكومية إلى المستفيدين من خدماتها على أنهم مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات في حين تكون نظرة الشركات التجارية للمستفيدين أو الزبائن بانهم أشبه بكونهم أكياس مليئة بالنقود تسعى الشركات للإستيلاء عليهم بشتى الطرق المباحة. إختلاف النظرات هذه تؤثر سلباً وإيجاباً فيما نسميه في تخصص التسويق بخدمة الزبائن. فالزبون في المؤسسة الحكومية لن يساهم في دفع رواتب الموظفين على عكس المؤسسة التجارية مما يجعلنا نرى خدمات أفضل في الشركات بالمقارنة مع الدوائر الحكومية، ليس ذلك من أجل سواد أعيُننا بل ربما من أجل ما في محافظ نقودنا. بالإظافة لذلك نجد الإختلاف كذلك في تركيز المؤسسات على أنواع الزبائن. ففي الشركات التجارية يكون التركيز مقصور على الزبائن الأقدر على الدفع والأقدر على الإستفادة من منتجات وخدمات الشركة، في حين على المؤسسة الحكومية التركيز على كل المواطنين بإختلاف أعمارهم وأجناسهم وأماكن تواجدهم. فوزارة النقل والإتصالات في السلطنة تسعى لخدمة كل المواطنين في كل شبر من هذه البلد الطيبة، قارن ذلك بتركيز شركات الإتصالات التجارية في خدمة الجيل الثالث مثلاً المقصور على بعض المناطق.
من أوجه الإختلاف أيضاً نجده في أصحاب المصلحة (Stakeholders) ونظام المساءلة (Accountability) في هذه المؤسسات. فنجد أن عدد أصحاب المصلحة (الأشخاص الذين يتأثرون بنجاح أو فشل المؤسسة) ونظام المساءلة القانونية أكبر وأكثر تعقيداًً في المؤسسة الحكومية عن المؤسسة التجارية. من جانب آخر، تختلف العمليات (Processes) داخل هذه المؤسسات بإختلاف نسبة التسييس (Politicization) فنجده أكبر في المؤسسات الحكومية حيث يغلب طابع إخضاع العمليات لسياسة المؤسسة المستمدة من سياسة وإستراتيجية الدولة. أما بالنسبة للبنية التحتية الإنسانية والتقنية (Human and Technology Infrastructure) فهي كما هو معلوم أضعف في المؤسسات الحكومية وهو ربما وراء إزدهار مفهوم الحكومة الإلكترونية.كذلك هو الحال بالنسبة لعمليات المنافسة (Competition) بين المؤسسات الحكومية بعضها البعض والمؤسسات التجارية فيما بينها. فنجد نسبة التنافس اقل وأضعف بين المؤسسات الحكومية وأكثر حدة بين المؤسسات التجارية.
مما سبق نجد أن المؤسسة الحكومية تختلف في جوانب كثيرة عن المؤسسة التجارية، مما يجعلني أعتقد أن لا وجه تشابه بينهما (إذا وجدتم شي أخبروني). فكيف يمكن أن نعتقد أن ما هو جيد للشركة الفلانية سيعمل بنفس النسق والنتائج في المؤسسة الحكومية العلانية بعد كل هذه الإختلافات. من هذا المنطلق، يجب التنويه بأن من أوائل الأشياء التي يجب التنبه إليها في دراسة مفهوم الحكومة الإلكترونية هو التباين بين الحكومة (Government) والعمل التجاري (Business)، مما يجعلنا نتوقع بل نتيقن من عدم ملائمة الكثير من التطبيقات الناجحة تجاريا للمؤسسات الحكومية. فما هو الحل إذاً؟ تابع معي بقية الدروس في الأسابيع القادمة إن شاء الله.
مساؤكم فكر ..
ردحذفبداية طيبة تطرح الكثير من التساؤلات ..
سنكون من المتابعين ان شاء الله
فعقولنا متعطشة لثقافتكم .. !
وفقكم الخالق دوما