تحدثنا الأسبوع الماضي عن أشكال الحكومة الإلكترونية والتي تختلف فيما بينها بإختلاف المستهدفين والمستخدمين. وقمنا بحصر الأشكال إلى خمسة وهي حكومة إلى مواطن، وحكومة إلى شركة، وحكومة إلى حكومة، وحكومة إلى موظف، وحكومة إلكترونية بإستخدام الأجهزة المحمولة. عند التأمل في هذه الأشكال سنجد أن الدول حول العالم قامت بتطوير الكثير من التطبيقات في كل منها والتي قد تتشابه فيما بينها رغم إختلاف المستخدمين النهائيين (End Users). سيكون حديثنا اليوم عن أنواع تطبيقات الحكومة الإلكترونية والتي قد نجدها في جميع أو بعض أشكال الحكومة الإلكترونية المذكورة آنفاً والتي يمكن تقسيمها على حسب التقنية المستخدمة والهدف المنشود.
قام الباحثان بيتر هيرنون وروينا كلن في كتابهم "منظورات مقارنة عن الحكومة الإلكترونية" بعرض نموذج ملخص للحكومة الإلكترونية والذي أظهروا من خلاله سبعة أوجه أو أنواع لتطبيقات الحكومة الإلكترونية. سنقوم هنا بإستعراض هذه الأنواع والتعليق عليها بما يفتح بعض الآفاق للباحثين لعمل المزيد من الدراسات:
- تسهيل عرض المعلومات والوصول إليها. يعتبر هذا أهم وأبسط أنواع التطبيقات التي تسعى إلى تطبيقها الدول في بداية مشاورها مع الحكومة الإلكترونية. تقوم الجهه المنفذه هنا بعرض المعلومات المهمة التي يحتاجها المستخدم سواءا كان من الأفراد أو الشركات أو الجهات الحكومية الأخرى. الهدف هنا نشر المعلومات الحكومية الخاصة بالمؤسسة وتسهيل الوصول لها من خلال المواقع الإلكترونية الحكومية. يجب مراعاة عدة قضايا في هذا الجانب وهي ضمان سهولة إستخدام الموقع الإلكتروني (Usability) وسهولة الوصول للموقع والمعلومات المنشودة (Accessibility). ربما يشتبه البعض في أن هذين المصطلحين يعنيان الشيء نفسه، ولكنهما مختلفان تماماً. فالأول يُعنى بشكل الموقع وترتيب المعلومات به مما يجعله مريح للإستخدام، كإستخدام الألوان والخطوط المناسبة والتي قد تختلف بإختلاف المستخدمين أو موضوع الموقع. قامت الولايات المتحدة الأمريكية هنا بتطوير موقع مخصص لهذا الجانب (www.usability.gov) يشمل العديد من الخصائص التي حضت جميع الجهات الحكومية الأمريكية على مراعاتها لجعل الموقع الإلكتروني صديقاً للمستخدم. في هذا الإطار، قامت كذلك أمريكا بفرض قاعدة الثلاثة نقرات (three clicks) والتي تفترض بأن بإستطاعة أي مستخدم الوصول للمعلومة المنشودة في أي موقع حكومي بعد ثلاثة نقرات فقط على روابط في الموقع بحد أقصى. أما المصطلح الآخر فنعني به سهولة الوصول للموقع والمعلومات من قبل جميع المستخدمين المستهدفين بغض النظر عن قدراتهم العلمية والجسدية. فعلى القائمين على المواقع الحكومية أن يعوا أن المستخدمين قد يختلفون فيما بينهم في قدرتهم على إستخدام الحاسوب وكذلك من خلال قدراتهم الجسدية كالنظر والسمع والحركة. فيجب أن يكون للمعاقين الحق والقدرة إلى الوصول إلى المعلومات الحكومية حالهم حال أي شخص آخر. وهناك تقنيات موجودة الآن تساعد في هذا المجال.
- تقديم الخدمات. ونقصد به شروع الجهات الحكومية بتقديم خدماتها المختلفة لمختلف المستخدمين بإستخدام المواقع الإلكترونية. يتدرج هذا النوع بحسب نسبة الأتمته (Automation) في عملية إنجاز الخدمة. ونعني هنا ما إذا كان بالإمكان إنجاز كل او جزء من الخدمة إلكترونياً بكل ما تتضمنه الخدمة من تسليم المستندات اللازمة ودفع الرسوم المالية وربما إستلام المراد إنجازه كجواز السفر أو شهادة السجل التجاري. في هذا النوع يجب مراعاة ضرورة ضمان تجارب ناجحة للمستخدمين مما سيؤثر إيجابياً في ثقة المستخدم في معروضات المؤسسة الحكومية. الأمر الذي قد يشجع على خلق ثرثرة إجتماعية إيجابية عن الخدمة في المجتمع (دعاية بالمجان). العكس صحيح كذلك، فالتسرع في عرض الخدمات بدون التأكد من خلوها من الأخطاء الفنية والغير فنية قد يكون له تأثير سلبي من الصعب التخلص منه بعد ذلك.
- التجارة الإلكترونية. تقوم هنا الجهات الحكومية بعمليات بيع لبعض منتجاتها كالتقارير الدورية وإستمارات الخدمات المختلفة أو بيع أغراضها المستعملة كالأثاث والسيارات وغيرها. تسعى الجهات الحكومية هنا إلى تقليل مصاريف إنتاج وتوزيع التقارير والدوريات الرسمية بالإضافة إلى تحصيل بعض الإيرادات المادية. من أهم القضايا هنا هو ضمان سرية وأمن البيانات فيما يخص بعمليات الدفع الإلكتروني.
- المشتريات. هذا النوع يعتبر مضاد/عكس النوع السابق حيث تقوم هنا الجهات الحكومية بعمليات شراء لمنتجات مختلفة من شركات أو جهات حكومية أخرى. عادة ما يتم هذا من خلال طلبات لتقديم العروض عن طريق الإعلان عن مناقصات حكومية بإستخدام موقع المؤسسة الحكومي. يجب كذلك مراعاة شفافية العمليات المتبعة في وضع المناقصات وإختيار العرض الأفضل.
- إدارة الطوارئ. تهدف الجهات هنا إلى إستهداف مختلف شرائح المجتمع من أجل التقليل من مخاطر بعض الظواهر الإجتماعية أو الصحية أو الجنائية أو المناخية. فقد تقوم الجهات الأمنية مثلاً بحض المواطنين للتبليغ عن السلوكيات المشبوهة في المجتمع من خلال الرسائل النصية. كما قد تقوم بعض الجهات الصحية بالتوعية عن مخاطر الأوبئة (كإنفلونزا H1N1) من خلال المواقع الإلكترونية.
- الإشراك الإلكتروني. ونقصد هنا قيام الجهات الحكومية بإشراك المواطنين في القرارات والمشاريع المختلفة ذات التأثير المباشر على حياتهم. فقد تقوم مثلاً الجهة الحكومية المسئولة عن الإنتخابات في بلد ما بوضع قوانين وضوابط الإنتخابات بشكل غير رسمي ومن ثم حض المواطنين على إرسال ملاحظاتهم وآرائهم عن كيفية تطوير وتعديل هذه القوانين.
- الإمتثال الإلكتروني. يلاحظ هذا النوع من التطبيقات في الجهات الحكومية التي تحتاج لترسيخ بعض المبادئ والعادات والضوابط الإجتماعية أو العلمية كترشيد إستخدام الماء والكهرباء أو ضرورة ربط أحزمة الأمان في المركبات أو ضرورة تسجيل عقود الإيجار وغيرها. تقوم المؤسسة الحكومية هنا بعرض فوائد الإلتزام والإمتثال للأمر المطروح بالإضافة إلى حوافز الإمتثال والتي قد تأخذ شكلاً ماديا أومعنويأ أو الإثنان معاً. وقد يتضمن كذلك الإعلان عن العقوبات الجنائية أو المدنية للمخالفين.
ختاماً، يجب التنويه هنا إلى إختلاف الحكومات حول العالم في نسبة تطبيقها لهذه الأنواع بإختلاف تعريفها وأهدافها المنشودة من مبدأ الحكومة الإلكترونية كما ذكرنا في درسنا الثاني من هذه السلسلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق