شدتني كثيراً هذه العبارة "معاملات الإنترنت أبطأ شيء عندنا" أو "الأبطأ لدينا" والتي سمعتها الأسبوع الماضي من إحدى الموظفات في واحدة من أكبر الجهات في السلطنة (بدون ذكر اسماء). كان ذلك بسبب أني قمت بتنفيذ معاملة إلكترونية معهم تضمنت الدفع عن طريق الإنترنت بإستخدام بوابة الدفع الإلكتروني في السلطنة. ففي حين كنت أظن أني بذلك أتفوق وأتميز على من هم يفضلون الوقوف في الطوابير لإنهاء المعاملات الحكومية والتجارية، تبين لي أني ربما قد كنت مخطئ وأن التحول إلى المعاملات الرقمية في السلطنة لا زال في مرحلة المخاض. ليس ذلك فحسب، فهذه الحادثة وغيرها تشير إلى ضرورة الإنتباه إلى أمور غاية في الأهمية يجب على القائمين على مشروع الحكومة الإلكترونية في جميع الجهات الحكومية التركيز عليها. فهناك قضايا مهمة لضمان سرعة نجاح تطبيقات الحكومة الإلكترونية ربما قد تم تهميشها أو تأخيرها أو ربما لا سبيل لتنفيذها في الوقت الراهن في رأيي الخاص والتي يجب أن تُعطى الأولوية عند الشروع في تقديم الخدمات عبر المواقع الإلكترونية.
من أهم الأمور والتي كانت وراء إعتقاد هذه الموظفة بأن معاملات الإنترنت هي الأبطأ (لديهم) هي دمج أنظمة القنوات الإلكترونية بالأنظمة الرئيسية في الشركة بحيث يتم تحديث (Update) بيانات ومعاملات الزبائن والمواطنين الإلكترونية على الأقل بنفس نسق المعاملات العادية التي تحدث وجها لوجه. الظاهر أن بعض المعاملات الإلكترونية هي إلكترونية من جانب الزبون أو المستخدم فقط، مما يعني أن فور الإنتهاء منها إلكترونياً هناك إجراءات يدوية عديدة يتم فيها جمع وربما طبع المعاملات الإلكترونية التي تمت خلال فترة زمنية ومن ثم تحديثها في الأنظمة المركزية لنفس الجهة أو غيرها من الجهات يدوياً. طبعاً تعرف هذه الطريقة فنياً بإسم المعالجة بالدفعات (Batch Processing) وهي تأتي على عكس ما نصبو إليه فيما يسمى بالمعالجة بالإنترنت (Online Processing) والتي تقوم بتحديث جميع بيانات المعاملة في النظام المركزي وقت حدوثها. الأمر الذي يوحي كذلك بأن مفهوم المعاملات الإلكترونية قد زاد من أعباء الشركة بدلاً من تقليلها، بحيث أظاف طبقة أو حلقة جديدة في العمل تهتم بإستقبال المعاملات الإلكترونية ومن ثم تحديثها يدوياً. الأمر الذي قد يفتح باب الخطأ أو التلاعب عند إجراء التحديث اليدوي، بالإظافة إلى التأخير الواضح في إنهاء العملية والتي قد تمتد لفترات أطول من الوقت التي تأخذه المعاملات التي تتم وجها لوجه على عكس ما توحي به فكرة التعاملات الإلكترونية. فمثلاً لو كانت هذه المعاملة هي لدفع فاتورة هاتف منزلي قد تم قطعه بسبب التأخر في الدفع، فالإنتظار في الطابور لساعات يعتبر أسرع لإعادة خط الهاتف إلى البيت ثانيةً من تنفيذ المعاملة في الإنترنت خلال دقائق معدودة.
من جانب آخر، قد يؤثر مثل هذا العمل على ثقة المستخدم وسمعة المؤسسة والذان يأتيان في مقام مهم لضمان نجاح تطبيقات المعاملات الإلكترونية في المؤسسة. فقد تبذل الجهات الحكومية والتجارية الكثير من الجهد والمال في الترويج والتوعية بفوائد القنوات الإلكترونية لإقناع المستخدمين بتجربة الخيار الإلكتروني في التعاملات. كل ذلك يمكن أن يُهدم في لحظة عند سماعنا لمثل العبارة المحبطة التي جائت في عنوان هذه المقالة. أظف إلى ذلك أن شعوبنا العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص تميل إلى ما هو معروف في علم الإجتماع بالنمطية (Stereotyping) بحيث يتم فيها تكوين إعتقاد (سلبي في غالب الأحيان) بسبب تجارب وآراء سابقة عن منتج أو جهة ما يصعب بعد ذلك تغييره. كذلك نحن نعيش في مجتمعات متلاحمة يكثر فيها تناقل وتصديق وتهويل الأخبار (خصوصاً السلبي) والتي عادةً ما يبني عليها أكثرنا قراراته اليومية. فأكثر المراجعين عندنا يحتاجوا لجهود توعية وإعلام عديدة حتى يتم إقناعهم بتجربة الخيار الإلكتروني، وعندها يجب أن تضمن الجهات المنفذة لهم تجارب ناجحة بجميع المقاييس وإلا سيؤثر ذلك سلباً في مسألة تكرار الزبون للتعاملات الإلكترونية. أختم بأن على جميع الجهات الحكومية والخاصة (على سواء) قبل إستحداثهم لطرق حديثة في التعامل مع الزبائن أو تدشينهم لمتنجات جديدة، ضرورة تدريب وتثقيف العاملين في قسم خدمة المراجعين بحيثيات هذه التحديثات وبكيفية الرد على جميع التساؤلات والشكاوى. فآخر ما يريد الزبون سماعه عند المراجعة أو الإتصال هو سماع بعض العبارات المعهودة مثل "لا أعرف" أو "يمكن" أو "إتصل بعد شوية"، وأسوأها على الإطلاق "لا تستعمل الإنترنت وتعال شرفنا في الطابور".
موضوع في الصميم دكتوري العزيز!
ردحذفمما اذكره في هذا المجـال كنت في الصيف الماضي في فترة تدريب لمدة شهر في احد البنوك التجارية في السلطنة،وفي احدى تعاملات احد عملاء البنك مع مؤسسه حكومية حدث خطأ مـا من قبل تلك المؤسسه فسحب المبلغ المطلوب مرتين!
تصور دكتور ان العميل ضل مايقـارب شهر كامل يتابع الموضوع بين المؤسسسه الحكومية والبنك فقط لإعادة المبلغ المسحوب بالخطأ!!!
تصور خطأ بسيط كهذا اخذ مايقارب شهر فماذا لو كان الأمر أكبر كم سيحتـاج!!
عااااااااااااااااااااش الشحي
ردحذف