الاثنين، سبتمبر 17، 2012

شركة أبل في مواجهة شركات التقنية


تحدثنا الاسبوع الماضي عن كيف قامت بعض كبرى شركات التقنية بتدشين منتجات جديدة بهدف منافسة منتجات شركة أبل في إشارة إلى أن الشركة الاخيرة قد تربعت على عرش شركات التقنية وأصبحت منتجاتها يقاس عليها جودة المنتجات الاخرى. فنرى اليوم جمهور شركات التقنية تحاول جاهدة لتصنيع منتجات مشابهة قدر المستطاع لمنتجات شركة ابل ناهيك عن محاولة التفوق عليها. فقد استطاعت شركة أبل في عهد رئيسها التنفيذي السابق ستيف جوبز أنتاج أصناف جديدة من الاجهزة الالكترونية أفرزت لنا اسواق جديدة لم نكن نعهدها من قبل. حيث نالت هذه المنتجات وبسرعة على إستحسان المستخدمين مما اضطر شركات التقنية الاخرى لانتاج منتجات مشابهة بهدف الحصول على جزء (ولو يسير) من هذه الاسواق الناشئة. فإنظر مثلا الى قطاع اجهزة الحواسيب الكفية (Tablets) كيف اصبح بعد تدشين جهاز الآيباد وانظر الى قطاع الحواسيب المحمولة الخفيفة (Ultrabook) اليوم بعدما بدأت الشركات الاخرى محاولة تصنيع اجهزة على غرار جهاز الماكبوك اير من أبل، ناهيك طبعا عن النجاح الكبير الذي حققه جهاز الآيبود الموسيقي في بداية القرن الحادي والعشرين بالاضافة لمحاولة العديد من الشركات وعلى رأسهم شركة مايكروسوفت تصميم مراكز تسويقية على شاكلة مراكز البيع لأبل (Apple Store). كل ذلك ليس الا امتداد لفكر ملهم هذه الشركة منذ البداية وهو رئيسها الراحل ستيف جوبز الامر يجعلنا نتسائل اليوم عن مقدرة شركة أبل في الاحتفاظ بالصدارة خصوصا بعد الاحباط العام الذي عقب مؤتمر شركة أبل الاربعاء الماضي بعد تدشينها لجهازها الجديد الأيفون 5.

بعد انتهاء مؤتمر أبل الاربعاء الماضي، قام معدو أحد برامج الحوار الترفيهية على قناة الـ (ABC) الامريكية بالنزول إلى الشارع الامريكي في محاولة لاستقصاء آراء الناس هناك عن الأيفون الجديد (iPhone 5) مستخدمين في ذلك جهاز الأيفون القديم (iPhone 4S). حيث قام المذيع بإعطاء الناس في الشارع جهاز الايفون القديم مدعيا انه الجهاز الجديد في محاولة لمعرفة إن كانوا سيتمكنوا من معرفة الفرق أم لا. الطريف في الموضوع ان الحيلة انطلت على الاغلبية حيث قاموا بالثناء على الجهاز وأشاروا إلى انه افضل واسرع من الجهاز القديم بالرغم من ان بعظهم كان بالفعل من مالكي الجهاز القديم الذي هو نفس الجهاز المستخدم في المحادثة. يجعلنا هذا نعتقد إما بسذاجة الرأي العام في الولايات المتحدة وأن موضوع حب الشراء والتجديد ليس إلا عامل نفسي في النهاية أو ربما يدل ذلك على نجاح شركة أبل الكبير في كسب ولاء المستخدمين لدرجة أفقدتهم القدرة على التحليل والتفكير. فاصبحوا يؤمنون يقينا ويسلمون سلفا بأن الشركة دائما وابدا سوف تأتي بالافضل. فهل يا ترى وبعد كل هذا يمكن لاحد اليوم أن يظن بأن شركة أبل باتت على وشك الانهيار؟



بالرغم من تهافت العدد الكبير من الناس لطلب الآيفون الجديد من خلال موقع الشركة والذي تسبب في توقف موقع الشركة لبعض الوقت كما أجبر بعض شركات الاتصالات الامريكية كشركة (AT&T) في تأجيل موعد شحن هواتف الآيفون 5 بسبب نفاذ الحصة المخصصة لها من شركة أبل، إلا أن هناك بعض المؤشرات السلبية التي نستنتجها بعد المؤتمر السابق والتي اعتقد شخصيا انها قد تتسب في خسارة الشركة لمكانتها السوقية عاجلا أم آجلا. بداية بات واضحاً بعد المؤتمر الاخير للشركة النقص الكبير الذي أوجده رحيل ستيف جوبز كملهم للافكار الابداعية وقائد لعامل الابهار في تدشين الاجهزة الجديدة. فالرئيس الحالي يأتي بخبرة وخلفية مهنية تصنيعية أكثرمن إتصافه بمهارات القيادة الامر الذي كان واضحا في اسلوب تدشين المنتجات والتي أهتم فيها بالتفاصيل التقنية أكثرمن الملامح الابداعية. السبب الثاني هو فقدان شركة أبل لقدرتها الامنية في التكتم على منتجاتها فقد تأكدت معظم الاشاعات التي سبقت تدشين المنتجات الجديدة بعكس ما كان يحدث في السابق والتي لم يستطع احد فيها آنذاك التنبأ بأسماء المنتجات ناهيك عن مكنوناتها. ثالثا هو سعي شركة أبل للتفرد بعيدا عن التحزبات التقنية والذي اصبح واضحا في سعيها لتطوير منتجاتها دون النظر في الاتفاقيات الدولية. فإلى متى يمكن لها العمل بمعزل عن هذه التجمعات؟ انظر مثلا إلى المنفذ الجديد الذي جاء في الايفون الجديد بمسمى (Lightning) والذي يهدد بإلغاء جميع الاكسسوارات السابقة لأجهزة أبل إن لم يقوم المستخدمين بشراء محول خاص لها بقيمة تتراوح بين 30 و 50 دولار. فمعظم اصحاب الايفون القديم لا يفكروا بشراء الجديد لما يتضمنه ذلك من تبعات مادية، خصوصا وأنهم سوف يحصلون على التحديث الجديد لنظام التشغيل (iOS6) قريبا والذي يعتبر من أكثر مميزات الايفون الجديد. كما أن هناك الاجهزة الاخرى من الشركات المنافسة والتي تتفوق في ميزاتها عن جهاز الايفون الجديد والتي من المفترض أن تعرض باسعار منخفضة كجهاز نوكيا لوميا 920 وأجهزة موتورولا الجديدة من نوعية الرازر (Razr). كل ذلك مما يجعل الأيفون الجديد أشبه برولكس الهواتف الذكية، فمقتني الرولكس لا يهتموا عند شرائهم للساعة بمعرفة الوقت اكثر من اهتمامهم بتصميم وجاذبية الساعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق