تعرضت بلادنا الحبيبة قبل أسابيع قليلة لأنواء مناخية صنفت كإعصار من الدرجة الثالثة والذي عرف بإسم إعصار بت (Phet). نحمد الله سبحانه وتعالى على إنقشاع هذا البلاء وعلى رجوع الأمور إلى مجاريها الطبيعية والتي إن دلت على شيء، لدلت بعد رحمة الله وفضله إلى قوة وعزيمة الإنسان العماني وإلى جهود الحكومة الرشيدة في حماية منجزات هذا البلد الكريم. قد يراود اليوم الكثير من الناس هاجس تكرار مثل هذه الأنواء المناخية في الأعوام المقبلة، كوننا شهدنا إعصاراً سابقاً في عام 2007 والذي عرف بإسم إعصار جونو. نعلم جميعاً بأن الأمر جميعاً بيد الله سبحانه وتعالى، فعلينا في البداية أن نكثر من الدعاء والتضرع للمولى عز وجل أن يحفظ بلادنا وجميع بلاد المسلمين من الأنواء المناخية والأعاصير والكوارث الطبيعية. بعد ذلك يجب أن نأخذ بالأسباب المادية والتي قد تجنبنا مساوئ مثل هذه الأحداث أو تقلل من الأضرار البشرية والمادية في حال وقوعها لا سمح الله. سنقوم في هذه المقالة بسرد بعض التقنيات المقبلة (تحت الدراسة والتطوير) والتي تهدف للسيطرة أو الحد من الأعاصير الطبيعية.
دعونا في البداية نشرح ببساطة ما هو المقصود بالإعصار وما هي أهم مصادر قوته؟ تختلف الأعاصير التي تتشكل في فصل الصيف أو الخريف عن تلك الأعاصير والعواصف التي تحدث في الفصول الأخرى بغض النظر عن التشابه في التأثير كالرياح القوية والأمطار والفيضانات. فالإعصار المداري لا يحتوي على واجهة محددة، مما يجعل التنبوء بإتجاهه من الأمور الصعبة كما شاهدنا في إعصار بت الأخير. كما أن رياح الإعصار تضعف بالإرتفاع، فهي أقوى ما تكون في الأسفل مما يجعلها أكثر تدميراً. أظف إلى ذلك أن من أهم مصادر قوة الإعصار هي في الحرارة الناشئة أو الكامنة في عمليات تكثف مياه البحر، مما يجعله يضعف كثيراً عند دخوله في اليابسة لإفتقارة لهذه الطاقة. من هذا كله، توصل بعض العلماء إلى تقنية جديدة تهدف للحد من الأعاصير كما يلي.
بدأ الباحثين والعلماء في الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً بعد الأحداث المأساوية لإعصار كاترينا في عام 2005 بالبحث عن ما إذا كان بالإمكان التعامل مع الأعاصير قبل دخولها لليابسة بتقنيات معينة تهدف لإلغاء تكون الأعاصير مثلاً أو إبطالها فور تكونها أو حتى التقليل من حدتها. ففي شهر يوليو من عام 2005، نشرت مجلة الإكونومست (Economist) بحثاً للعالم (Moshe Alamaro) من معهد ماساشوستس للتقنية يقترح فيه إمتصاص أو سرقة مصدر قوة الأعاصير (الإحترار في البحر الناشئ عن عمليات التكثيف) بإستخدام إعصار مداري صغير مفتعل بواسطة الإنسان (صناعي) لتبريد منطقة البحر الكائنه بين اليابسة والإعصار القادم. تأتي هذه الفكرة مشابهة لأحد طرق التعامل مع حرائق الغابات، حيث يعمد المختصون بحرق مساحات معينة بين المناطق المأهوله بالسكان ومناطق الحرائق. فحين تصل هذه الحرائق إلى ذلك المكان لا تجد ما تأكل وبطبيعة الحال تخمد (تأكل نفسها). يتضمن المقترح تسيير بارجات في البحر تحمل على ظهرها محركات نفاثة موجهة للأعلى. تقوم كل بارجة بإحداث تيارات متصاعدة لتجبر ماء البحر على التبخر وبالتالي تقليل درجة حرارة المنطقه. الأمر الذي يساعد كثيراً على تقليل حدة الأعاصير وربما إلى تحويلها إلى منخفضات جوية (نظرياً على الأقل). حضيت هذه التقنية بدعم الرئيس التنفيذي السابق لشركة مايكروسوفت (Bill Gates). ففي يوليو من العام الماضي أعلن جيتس عن عدة براءات إختراع مبنية حول هذه التقنية بالمساعدة مع عدة علماء للتقليل من حدة الأعاصير.
وفي سلوفاكيا، قام بعض العلماء بتطوير مقترح آخر كذلك للمساهمة في تقليل الأضرار الناجمه عن الأعاصير أسموها "عجلة التكنولوجيا المضادة للأعاصير". تسعى هذه التقنية للحد أو للتقليل من سرعة الأعاصير الصاعدة والتي ينتج عنها ضخ مياه البحر من أسفل سطح البحر إلى أعلى السطح ومن ثم إنتشارها بسرعه في رياح الإعصار القوية مما يجعلها أكثر تدميراً. تعتمد هذه التقنية على تطوير عجلة عملاقة بشكل معين تدور بسرعه وإتجاه معين (عكس حركة الإعصار) تهدف للتقليل من سرعة دوران الإعصار المداري ومن ثم تقليل حدته.
طبعاً جميع هذه التقنيات تعتبر نظرية إلى الآن ولا تخلى من الكثير من النقائص بالإضافة إلى التكلفة المادية والتي قد تقدر بمئات الملايين من الدولارات. أظف إلى ذلك المخاطر المصاحبة والتي تقتضي في كثير من الأحيان الإبحار بإتجاه الإعصار أو على الأقل تحت تاثيره مما قد ينتج عنه عواقب وخيمة. أعاذنا الله من شر الأعاصير والكوارث وحفظ لنا عماننا الحبيبة وسلطاننا المفدى من كل سوء ومكروه (آمين).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق