الجمعة، يناير 14، 2011

وبدأ صراع الألواح


أُفتتح يوم الخميس الماضي معرض الإلكترونيات الإستهلاكية (CES) الدولي في مدينة لاس فيجاس الأمريكية والتي ينتظره سنوياً الكثيرين من محبي التقنية، كما تخطط له معظم شركات التكنولوجيا لتقديم كل ما هو جديد في هذا العالم سريع التطور. يعد هذا المعرض من أهم المعارض العالمية في عالم التقنية (إن لم يكن أهمها على الإطلاق) بحيث تحرص على حضوره جميع شركات التقنية لما يحظى عليه المعرض من تغطية إعلامية وتحليلية كبيرة تساهم في رسم توجه صناعات التقنية المستقبلية في العالم. الغريب في الأمر أن شركة أبل (Apple) الأمريكية قررت عدم المشاركة في هذا المعرض هذا العام، الأمر الذي أوجد فراغاً كبيراً خصوصاً مع شغف الكثيرين في معرفة جديد الشركة في أمور التقنية. فهناك توقعات بنسخة جديدة من الجهاز اللوحي آي باد (iPad 2) وهناك كذلك توقعات بتدشين نسخة جديدة من جهاز الآي فون ليستخدم على شبكة شركة الإتصالات الأمريكية فيرايزن (Verizon) والذي قد يدعم تقنية التطوير طويل المدى (LTE). وهناك توقعات أخرى على مستوى أجهزة الحاسوب من نوع ماك (Mac) بمختلف أنواعها. كل هذا الكم من التوقعات التي آثرت شركة أبل عدم الإفصاح عنها في هذا المعرض، ربما رغبةً منها في الإحتفاظ ببعض الخصوصية والسرية في أمور منتجاتها، خصوصاً بعدما أصبح واضحاً تقليد بقية الشركات لمنتجاتها الناجحة.

أكثر ما تم تدشينه من منتجات في هذا المعرض والذي يغطي عدة فئات من الأجهزة الإلكترونية الإستهلاكية كان في قسم الأجهزة اللوحية بحيث قدمت معظم شركات التقنية تقريباً نسختها من هذا النوع من الأجهزة. إتصفت معظم هذه الأجهزة بمزايا مختلفة رغم إستخدامها لنفس أنظمة التشغيل والتي جائت غالباً من نوع أندرويد والقليل منها إستخدمت نظام ويندوز من مايكروسوفت. تسعى هذه الشركات جاهدةً لتقديم ما يسمونه بقاتل الآي باد (iPad Killer)، وكأن هذا الآي باد أصبح هو معيار الجودة التي تجاهد شركات التقنية للوصول إليه ناهيك طبعاً عن تخطيه. كل ذلك بعدما إستطاعت شركة أبل أن تستحوذ على 95% من سوق الحواسيب اللوحية في العالم بعد مبيعاتها الكبيرة من جهاز الآي باد والتي تخطت حاجز ال 6 ملايين جهاز مع نهاية عام 2010 منذ تدشين المنتج في إبريل الماضي. الأمر الذي قد يعطي مؤشراً مستقبلياً عن مستقبل الحواسيب في الأعوام القليلة القادمة كما أشرنا إليها في مقالة سابقة بعنوان "هل مستقبل الحواسيب في آي باد؟".

من أهم الأجهزة المعروضة في هذا الجانب والذي أثار كثيراً من الإعجاب في المعرض هو جهاز موتورولا زووم (Xoom) والذي يأتي بمواصفات جبارة كالمعالج ثنائي النواة (Dual Core) بسرعة 1 جيجاهيرتز وذاكرة عشوائية (RAM) بحجم 1 جيجا بايت. أظف إلى ذلك إحتوائه على نظام التشغيل الجديد من جووجل الخاص بالأجهزة اللوحية من نوع أندرويد 3.0 والمسمى بعسل الزهر (Honeycomb). تجدر الإشارة أن هذا الجهاز هو نتاج تعاون مشترك بين كل من شركة موتورولا المشهورة بجودتها في تصنيع الأجهزة (Hardware) وشركة جووجل من خلال نظام تشغيلها المطور خصيصاً للأجهزة اللوحية. هذا بالإضافة إلى كم آخر من (الألواح) من أمثال جهاز بلايبوك (PlayBook) من شركة بلاكبيري وجهاز ستريك 7 (Streak 7) من شركة ديل (Dell) وأجهزة أخرى من شركتي توشيبا (Toshiba) وسامسونج (Samsung). كل ذلك مما ينذر بمنافسة شديدة مع جهاز الآي باد والذي ربما تعتزم شركة أبل تدشين نسختها المعدلة منه بعد عدة شهور لإحباط جميع المحاولات الحالية (لقتله).

من جانب آخر، أسهم تزايد الإهتمام بالأجهزة اللوحية إلى تغيير منظومة حوسبة الأجهزة إلى التطبيقات الصغيرة على شاكلة متاجر التطبيقات (App Store) المتوفرة حالياً في معظم أجهزة الهواتف الذكية. وقد بدأت فعلاً بعض الشركات بتوفير هذا الخيار للحواسيب، أولها هي شركة أبل والتي دشنت نسختها الجديدة من متجر التطبيقات لحواسيب ماك المحمولة والمكتبية على غرار متجر التطبيقات الخاص بهواتف الآي فون وأجهزة الآي باد. فأصبح بإمكان مطوري التطبيقات تطوير نسخ من برمجياتهم خاصة بالحواسيب المكتبية والمحمولة. كما أطلقت شركة أمازون (Amazon) أيضاً متجراً للتطبيقات في الإنترنت خاص بأجهزة أندرويد خصوصاً مع تزايد الطلب على هذه النوعية من الأجهزة سواءاً الهواتف الذكية أو الحواسيب اللوحية. كل يذلك بما يرسم الطريق للتحول التدريجي إلى حوسبة السحاب وإلغاء الحوسبة المركزية في أجهزة الحواسيب، مما يهدد بتغيير جذري في شكل أنظمة التشغيل في المستقبل كما أشرنا إليه سابقاً في مقالة "جووجل تهدد مايكروسوفت في عقر دارها". نصيحتي لكم أخواني وأخواتي القرّاء بمتابعة جديد التقنية ومستقبلها في معرض الإلكترونيات الإستهلاكية سواءاً عن طريق موقع المعرض الخاص (www.cesweb.org) أو مختلف مواقع التقنية والتي توفر تغطية شاملة لأهم المعروضات على رأسها موقعي إنجاجت (www.engadget.com/ces) وسي نت (ces.cnet.com).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق