الاثنين، يناير 24، 2011

أسباب النجاح


(نشرت هذه المقالة في موقع مدارسنا.نت (www.madarisna.net) في قسم تربويات في الثاني من شهر يناير لعام 2011م)

يقال إن للنجاح لذةً لا يدركها إلا الناجحون وأن من إستطعم هذه اللذة مرة في حياته لن يرضى عنها بديلاً أبداً. مع ذلك نرى الناجحون في الحياة قلة ربما لصعوبة الصبر على متطلبات النجاح العديدة كما يقول الشاعر الأسدي "لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله ... لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر". أو ربما لتدني الهمة عند البعض ورضاهم بالقليل من الأعمال والزهيد من الإنجازات. رغم ذلك فهناك أيضاً من لا يبلغ النجاح رغم صبره وسعيه وعلو همته، فما هو السبب في ذلك يا ترى؟

جميعنا نحب النجاح ونتمناه في جميع أمور حياتنا ولكن أغلبنا يجهل أهم أسبابه والتي تنبع من التخطيط السليم لمختلف جوانب الحياة والتركيز في الأمور ووضع الأولويات. فالفرد منا يريد أن يكون عبداً طائعاً، ومديراّ ممتازاً، وأباً فذاً، وزوجاً صالحاً، وإبناً باراً، وربما تاجراً ناجحاً كل ذلك في آن واحد. للأسف نادراً ما يتأتى ذلك بسبب نظرة المجتمع اليوم القاصرة في مواصفات الشخص الناجح والتي غالباً ما تغطي جانباً واحداً من أمور الدنيا كالعمل أو المستوى التعليمي أو المستوى المادي أو حتى المستوى الديني. فنرى الكثيرين ممن يطلق عليهم ناجحين اليوم، هم في الأصل ناجحين في جانب واحد من جوانب الحياة ولا ندري كيف هم في بقية الجوانب. فكم من الناس إغتروا بالنظرة المهنية في الحياة، فنراهم متفوقين بشكل كبير في أعمالهم أو علومهم ومقصرين مع ربهم وأولادهم ومجتمعهم. فهناك من يُطلق عليه ناجحاً فقط لأن جهة عمله لا تستطيع الإستغناء عنه يوماً واحداً، أو بسبب كثرة إستثماراته المالية أو تحصيله العلمي من الشهادات والخبرات، رغم فشله في أمور قد تكون أكثر أهمية. فهل هذا هو النجاح الحقيقي؟

يجب علينا أن نضع نصب أعيننا أهم جوانب الحياة كالجانب الديني (والذي عادةً ما يشمل بقية جوانب الحياة) والجانب الإجتماعي والجانب العلمي والجانب العملي والجانب الصحي وليس جانب واحد فقط. فلن نصل إلى حلاوة النجاح إلا بالتركيز على الأولويات والتخطيط السليم لمختلف جوانب الحياة. فقد وهبنا الله سبحانه وتعالى أربع وعشرين ساعة في اليوم حسب التقسيم الحديث للوقت وعلينا تقسيمها بين مختلف جوانب الحياة دون إفراط ولا تفريط. فالناجح في نظري هو من إستطاع تنظيم وقته بين أموره الدينية والإجتماعية والعلمية والعملية والصحية والترفيهية. فنجده حاضراً في المسجد ومتفوقاً في العمل ومساهماً في المجتمع، وفوق ذلك يتبع نظام غذائي سليم ويداوم على بعض التمارين الرياضية. هذا هو الأسلوب الأنجح والأسعد في نظري ولكن كيف؟ لن يتأتى ذلك إلا بالتركيز على الأولويات والتوازن في العطاء والبذل في مختلف جوانب الحياة. لا أقصد هنا أن نساوي بين مختلف الجوانب، بل على العكس تماماً ركزوا على الجانب الذي تحبون وإعلموا أن هناك حدود دنيا وعظمى للعطاء في مختلف جوانب الحياة يجب علينا معرفتها ومراعاتها وعدم تجاوزها أو تجاهلها، عندها فقط نصل للنجاح.


هناك تعليق واحد:

  1. جميل جداً دكتوري العزيز..
    بالفعل نظرتنا قاصرة لمفهوم النجاح!
    فإذا سألنا مجموعة من الناس من مجتمعنا اليوم حول مفهوم الشخص الناجح لا اتوقع ان تتجـاوز الآراء التميز العلمي والمالي والوظيفي!

    بالفعل لو راجعنا يوميات الناجحين الحقيقيين سنجد ان هاؤلاء الأشخاص يعطون كل شيء حقه!

    لا املك سوى ان اقول الهمني الله وايـاكم سبل النجاح والتميز الحقيقي في هذه الحياة الدنيا.

    شكراً لك دكتور حافظ على هذا المقال المميز،بإنتظار كل جديد منك.
    :)

    ردحذف