الاثنين، ديسمبر 03، 2012

لماذا لا نعمل من المنزل؟


قد لا تكون فكرة العمل من المنزل بجديدة على الكثيرين منا، فالعالم اليوم مليء بمثل هذه الوظائف التي تعطي أيا منا الفرصة للعمل من المنزل بشكل كامل او جزئي. فأصبحت شبكة الانترنت مليئة بالعديد من المواقع الالكترونية التي نستطيع من خلالها الحصول على وظائف لا تحتاج لأكثر من حاسوب شخصي موصل بالانترنت وبعض البرمجيات. لذلك نرى اليوم كبرى الشركات العالمية تعمد لرفع انتاجيتها وتقليل مصاريفها التشغيلية بالاستعانة بمثل هذه الوظائف. فشركة آي بي أم (IBM)  الأمريكية توظف 42% من اجمالي موظفيها من منازلهم وأكثر من نصف موظفي شركة سن مايكروسيستم (Sun Microsystem)  يعملون من البيت ايضا، وبنفس النسق نجد توجه الشركات الكبرى ايضا كشركة جوجل وساب (SAP) الالمانية وغيرها من الشركات التي تسعى لتوفير المرونة المطلوبة للموظف في العمل لرفع الفاعلية والانتاجية وخفض التكاليف. لذلك لم يعد العمل من المنزل اليوم حكرا فقط على الامهات أو النساء الحوامل، بل اصبح جزءا من استراتيجية الاعمال في العالم واصبحت الحكمة من ورائه واضحة. فالتركيز ليس في مكان العمل بقدر ما هو في انجاز العمل (الانتاجية) في الوقت المناسب وبالشكل المطلوب. الامر الذي يجعلنا نتفكر في كيفية الاستفادة من مثل هذه التجارب العالمية في السلطنة والتي قد تساعدنا في حل الكثير من المشاكل. فإن كان بإمكان الموظف الحكومي مثلاً اليوم اتمام العمل المطلوب من بيته، فليكن ذلك ولنساهم في تقليل الحوادث وازدحام الشوارع وترشيد مصاريف الماء والكهرباء في العمل. ناهيك طبعا عن تقليل عدد ومساحات المكاتب في العمل والتي اصبحت تقاس وتسعر بالمتر المربع في بعض المواقع. الامر الذي قد يعود ايضاً على الموظف نفسه بفوائد اقتصادية واجتماعية كتوفير مصاريف النقل وحضانة الاطفال وربما عاملات المنزل، بالاضافة الى توفير نوعية الوقت المطلوبة للاعتناء بالاطفال وزيارة الأرحام لتقوية النسيج الاجتماعي في المجتمع.

عند التأمل في مهام معظم الوظائف الحكومية والتجارية اليوم نجد الكثير منها لا تحتاج لحضور الموظف الى العمل خصوصا مع التطور الكبير لتقنية الاتصالات والمعلومات. فهناك المصممون بأنواعهم، وموظفو مراكز الاتصالات ومنسقو الاقسام التي تنحصر مهامهم في كتابة وطباعة التقارير وهناك مدققو الحسابات ومقدمو الاستشارات الادارية والتخصصية ومحللو البيانات وغيرهم كثير ممن لا يتعاملون مع الزبائن بشكل مباشر. ليس ذلك فحسب، فهناك وظائف خصوصا في القطاع الحكومي لا تحتوي على وصف دقيق للعمل ولا يعلم صاحبها حدود مسؤولياته وواجباته غير كونه "موظفا" أو "موظفا اداريا" أو "منسقا" أو "مشرفا" وغيرها من الاسماء التي لا توحي بعمل محدد ومهم. فإن كانت مهام الوظيفة تقتصر على استخدام الحاسوب أو في مخاطبة الزبائن عبر الهاتف أو من خلال احدى الوسائل الالكترونية أو ليس لها اهمية اصلا، فلماذا لا يعمل الموظف من البيت، ام هي مسألة مساواة بين الموظفين في مسألة الحضور؟ ولماذا يا ترى اصبحنا نركز على تسجيل الحضور والانصراف اكثر من تركيزنا على قياس انتاجية الموظف وزيادتها؟ فكم من الموظفين الذين لا تزيد انتاجيتهم في العمل اكثر من ساعة والباقي اهدار للمصادر والطاقات؟ الا نرى العديد من الموظفين اليوم يخصصون جل اوقات العمل للاحاديث الاجتماعية وتناول الاطعمة؟ اليس هناك الكثير من المتسللين أو المتأخرين عن العمل، والذين يستخدمون اوقات العمل لأعمالهم الخاصة دون ان يلاحظ احد؟ فما فائدة حضورهم اصلاً؟

لذلك اخواني واخواتي القراء علينا اليوم التفكر في كيفية الاستفادة من الموظف وقدراته في رفع انتاجية العمل بغض النظر عن زمان ومكان العمل. من هنا قامت شركة أكسنتر (Accenture) المتخصصة في الاستشارات الادارية بالنظر في اعمال بعض المؤسسات بهدف تفكيك مهام اعمالها وتمييز المهام المرنة القابلة للانجاز من المنزل لاعطاء المديرين القدرة على تخصيص مهام العمل لكل موظف على حسب ظروفه وقدراته. طبعا يجب ان يراعى هنا تطوير وصف عمل دقيق يلزم الموظف بجدول زمني لتحقيق اهداف العمل والتي قد تحتاج للمتابعة الدورية من قبل المسؤول المباشر على شكل اجتماعات اسبوعية أو شهرية أو باستخدام انظمة الكترونية لتحقيق التعاون الالكتروني المطلوب بين مجموعات العمل المختلفة. الأمر الذي انتج لنا ثقافة جديدة في ادوات التوظيف ومزيجا من الموظفين على شكل عاملين بشكل دائم داخل العمل وبشكل دائم من المنزل وآخرين بشكل جزئي. تجدر الاشارة ايضا الى ان العمل من المنزل قد لا يكون بالبساطة والمتعة التي قد يتخيلها البعض، فهناك الكثير من الملهيات التي قد تعترض الموظف في البيت. كما ان العمل من المنزل يحتاج الى الكثير من الانضباط في انجاز العمل في الوقت المناسب وبالشكل المطلوب، ناهيك طبعا عن ضرورة اتصاف الموظف بالقدرة على العمل الفردي بمعزل عن مساعدة الزملاء. الأمر الذي يجعل فكرة العمل من المنزل ليست مناسبة للجميع وتحتاج لتقنين اولوياتها والتي من وجهة نظري يجب ان تعطى للنساء والامهات واصحاب الاحتياجات الخاصة اولاً.

هناك تعليق واحد:

  1. alowaisiyousef@yahoo.com4 ديسمبر 2012 في 10:12 ص

    شكرا دكتور و بصراحة طرح راقي و ملفت جدا و التركيز على الحضور و الانصراف أصبح الشغل الشاغل لصانعي القرار وأرق يقلق راحتهم دونما معرفة الانتاجية هل علينا تتبع الحضور و الانصراف ام مدى ما يحققه الشخص (الموظف)من عمل يفترض أن يقوم به فالحاصل أين هم من بعد بداية الدوام؟!!!!؟ الى نهاية الدوام كيف يقاس الانتاج لدى متخذي القرار في بعض الشركات الكبرى يجب على الموظف أن يقوم بأرسال بريد الكتروني لرئيسة عما قام به من عمل بذلك اليوم وهذا لا يكلف الموظف عناء.المستغرب كيف يقيم أداء الموظف واقصد بالدوائر الحكومية ورقة نهاية العام يكتبها الرئيس او المدير و الملاحظ الجميع سواسية جميل جدا كيف لمتخذ القرار أن يكرم المتفاني المخلص و أن يأخذ بيد من يحتاج الى تقويم !!!!!!!!!!!

    ردحذف